يستحق الشرق أكثر من شمسه.. ومن حافة الحدود!

عبد الحميد جماهري

وجدة عاصمة الثقافة العربية
وجرادة عاصمة الثقافة الاحتجاجية
وبركان عاصمة…. الثقافة الاركيولوجية….
يستحق الشرق أكثر من شمسه
ومن ضوئه الباهر
يستحق أن يكون خارج صعوبته..
وشقاوته…
يكون حدثا يستنفر عقل البشرية،
ابتداء من هنا ووصولا إلى هناك …
من أصله في مغارات تافوغالت الشيقة،
المندسة كوصية جبلية بين المياه..
إلى ما تختزله العقول المنتجة في الرواية والشعر والفلسفة والتراث
مرورا باختبار الصبر على مواصلة الإقامة في صدور المصابين بالسيليكوز
وقدرة الهواء على أن ينبض سليما معافى في صدور الأرامل
وقدرة المستقبل على أن يستدرج الشباب إلى أمل يغالب به يأسهم..
هذا الشرق لا يرضى أن يقيم في هامشه الجغرافي، ويكتفي بالتأمل العاجز في استعصاء الحدود..
هذا الشرق يريد
وأراد من زمن بعيد
تملك الرأسمال الرمزي
والرأسمال الاجتماعي
وكان أجداده الأوائل يحرصون قبل التاريخ على أن يتملك جزءا من
الرأسمال الإنسي…
على العاصمة أن تتحول، تبعا لنوايا القرار الطيب،
إلى مركز تنشيط المبادرات الخلاقة وعاصمة لتنمية الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري وعليها أن تقدم نفسها
وأهليتها الحضارية وتنمية ما تقوم به من دور في دعم الإبداع الفكري والثقافي تعميقا للحوار الثقافي والانفتاح ..
وعليها أن تدافع عن محيطها، ليس الثقافي فقط بل القيمي والإنساني وأن تذكر بأن في جرادة ثقافة ومثقفين وأنهم أبناء الهواء العليل الذي سكن الجغرافيا..
وأن جيوشا غادرت «جيرمينال» خلفت مع ذلك شعراء مبدعين ومثقفين وأطرا من طراز رفيع ومناضلين ما زالوا يحملون سلاح الكلمة والعقل..
في جوار جرادة ووجدة يقيم جوار آخر غير التضاريس الموثقة في خرائط النقل والغابات، هناك جوار بين الفحم ورفعته الثقافية
وبين البروليتاريا ورأسمالها المادي وبين الثقافة ورأسمالها غير المادي..
ليست جرادة امتحان لقدرة الدولة على الصبر فقط، بل هي امتحان للقسوة على ترك لاءاتها المستحيلة
وامتحان لأجيال المناضلين على إنقاذ سمعة السياسة من
التجارة
والإثارة
والهروب !
في الجوار مع بركان، أيضا شارع طويل من غرب إفريقيا إلى فوهة تافوغالت، هنا حيث كان المقاومون يبنون أعشاشا لطيور الحرية ويبنون مراكب لجيش الأوديسة البسيط ويقودون المئات إلى حروب حديثة.. هنا كان الأفارقة ينسجون خيالا مشتركا للحظة الآن:
»فقد أعلنت وزارة الثقافة والاتصال أن فريقا دوليا من علماء الآثار وعلوم الجينات عثر على آثار جينات تعود ل15 ألف سنة، هي الأقدم بإفريقيا بعد إجراء أبحاث على هياكل بشرية عثر عليها مؤخرا بمغارة الحمام بتافوغالت بالمغرب الشرقي إلى جانب لُقى أثرية تعود إلى العصر الحجري القديم«.
ومعنى ذلك أن إفريقيا تعتبر مهد البشرية
وأن فيها العديد من البقايا البشرية يعود تاريخها إلى آلاف السنين
ومعناه أنه لأول مرة يتم العثور على آثار جينات بهذا القدم في القارة
وأن تافوغالت صارت أهم فضاء لدراسة خروج الإنسان العاقل من إفريقيا ….
هناك غرابة روائية ولا شك في هذا التزامن، ليست بالضرورة إحالة على تفاوت الرمزيات، بين قرارات الثقافة وقرارات الاحتجاج واختيارات شبه غرائزية للإنسان العاقل وهو يغادر غينيا بيساو …إلى بركان.
للشرق ثلاثيته التي يعيش بها بالرغم من جحود التاريخ والجغرافيا وعجز السياسة على أن تسايره في فتنته العابرة للزمن والقارات …
الشرق مكتبة
الشرق منجم
الشرق … بشرية!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 22/03/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *