مدير ديوان الجنرال بتشين يصدر كتابا عن «مافيا الجنرالات» في الجزائر…

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

 

هشام عبود، من مواليد باب الواد الشهير بالعاصمة البيضاء، والذي عرف سجلا لا يضاهى في العنف، في فترة الاستعمار كما إبان الحرب الأهلية..قبل أن يلتحق بالمدرسة العسكرية، في يونيو 1975، كان قد أمضى سنته الأولى في المدرسة الوطنية العليا للصحافة.
هذا التلاقح جعله يرتبط بالصحافة الصادرة عن المؤسسة العسكرية، حيث تم تعيينه في هيئة تحرير المجلة الشهرية «للجيش»، في قسم «المندوب السياسي» للجيش الجزائري.
وعن تلك الفترة يقول هشام عبود «كنت أستدعى باستمرار من طرف الأمانة العامة لوزارة الدفاع الوطني من أجل تفسير ما يرد في مقالاتنا، بعدها تم إجباري على تقديم …مضامين مقالاتنا وفهرس المقالات لرئيس المصلحة الإعلامية للوزارة، القبطان رضوان» .
بعد قرابة عقد من الزمن قرر الضابط الاستقالة من العمل، بسبب الضغوطات التي بدأت تتزايد يوما عن يوم، وقد توجه إلى أحد القادة العسكريين، وهو من الذين ورد اسمهم في الإهداء الخاص على صدر الكتاب عشوري حمودة لكي يساعده على شطب اسمه من الجيش.
بعد أيام، التقيا في ثكنة للأمن العسكري ببن عكنون، هناك استقبله بمعية محمد الطاهر عبد السلام، وهو أحد رجال جيش التحرير، الذي التحق بالجيش الوطني والاستخبارات العسكرية، حيث تولى قيادة المصلحة المتعلقة بالشرق الأوسط، وقد اشتهر اسمه كوسيط بين فصائل المقاومة الفلسطينية، وفي مفاوضات الرهائن، كما حدث بعد اختطاف طائرات «الأوبيك» مثلا..
وقد عرضا عليه مغادرة الرقابة السياسية للجيش والالتحاق بالأمن العسكري.. وهو ما سيقوم به في نهاية المطاف.
وهناك سيتولى مهمة مستشار، ثم مكلف بملف الشرق الأوسط، ثم نائب مدير مصلحة التحليل والتقييم، قبل أن يصبح مدير الديوان..
وهذه المهام كلها سمحت له، على حد قوله، بقياس درجة الخراب الذي تسبب فيه« الأخطبوط وامتداداته اللانهائية …
«»بعد أربع سنوات قضيتها في الأمن العسكري، لم أعد قادرا على تزكية نظام من هذا القبيل.في سنة 1990غادرت مكتبي وطلبت أول طلب للتشطيب علي. وقد تطلب الأمر مني أزيد من سنتين وثلاث محاولات أخرى اصطدمت كلها بعدم تفهم رؤسائي للحصول على حريتي…
يوم 6 دجنبر 1992، تحقق حلمي عندما رأيت أول عدد من صحيفتي الجهوية، «الأصيل» والتي صدرت مدة 11 شهرا قبل أن تصادرها المافيا في قسنطينة.
في يناير 1994، وبالرغم من كل العراقيل التي وضعت في طريقي، رأت يومية «الحر» الجديدة «النور، بمساعدة صحافيين شباب رفضوا المغريات التي قدمها أصحاب «الأصيل» الجدد. وقد صمدت يومية «الحر» سبعة أشهر ونصف، إلى حين صدر الأمر في 15 غشت 1994 إلى شركة الطبع في الشرق، باعتبارها شركة للدولة، بعدم طبع جريدتي…».
ويبدو من الرواية التي قدمها هشام عبود أن التوقيف كان في حكم المقرر، باعتبار الخط التحريري للجريدة، والذي أزعج السلطات الجزائرية.
إذ، يقول الصحافي، كانت هي «أول من أعلن عن تعيين ليامين زروال في رئاسة الجمهورية بتحديد اليوم والساعة التي سيتم فيها التنصيب، وهي الوحيدة التي نشرت خبر تعيين الجنرال بتشين كوزير مستشار لدى ليامين زروال، وذلك قبل الإعلان الرسمي بعشرين يوما. وقد كتب الصحافي، تحت عنوان «زروال يختار رجاله» مقالا ناريا يتحدث فيه عن خروقات بتشين ومشاركته في حملات التعذيب بعد أحداث أكتوبر 1988، والتي رافقت أول انتفاضة كبرى في الجزائر، والتي فتحت أبواب التعددية السياسية في بلاد الحزب الوحيد..كما كانت الجريدة الوحيدة التي تحدثت إلى ناصر بوضياف لكي يفضح الذين كانوا وراء اغتيال أبيه.
تحولت اليومية إلى أسبوعية من أجل التغلب على تكاليف الطبع، وبعد «15 يوما على صدور أول عدد، تم اعتقالي في مكتب المطبعة بالجزائر العاصمة، من طرف ثلاثة عناصر من الاستعلامات العامة، وكان ذلك ثاني اختطاف لي في تلك السنة، بعد اعتقالي في شهر أبريل، والذي هددني خلاله أعوان الجنرال توفيق برصاصة في الرأس، كما يروي هو نفسه.
وبعد نقله إلى مقر الأمن واستنطاقه، تم استدعاء العميد المكلف بالاستنطاق، من طرف مدير الأمن نفسه محمد وضاح بحضور ضباط من الأمن العسكري..والدرك ورئاسة الجمهورية. وقد كانوا كلهم يريدون قراءة الجزء الأول من محضر الاستنطاق مع اقتراح أسئلة لطرحها عليه……
يواصل الضابط الصحافي سيرته بالقول: «لما عاد عميد الشرطة سألني:قل لي من أنت فعلا؟ الدولة برمتها معبأة لاعتقالك؟» فقد اعتاد على الحملات المغرضة، هنا اكتشفت بأن الاعتقال لم يكن بسبب كتاباتي أو بسبب حظر صحافي ما.
وقد طرح علي الأسئلة التي طلبوا منه طرحها علي: أية علاقات لك مع حزب لله اللبناني؟ أية مساجد ترتادها؟… «والحال أنهم ادعوا بأنهم استدعوني من أجل خطأ تسرب إلى عبارة أحد الصحافيين وأعطاها معنى مغايرا، وقد عالجته بعد أن نبهني إلى ذلك الطيب بلغيش، رئيس تحرير الوطن، لما انتبه إلى الأمر في أحد الأعداد التي وزعناها على الزملاء.. ومن جهته انتبه قاضي التحقيق حجي في محكمة العاصمة إلى أن الأمر يتعلق بقضية مصطنعة وأن تهمة» «المس بالمصالح العليا للدولة والإخلال بالأمن العام ..» بعيدة كل البعد عن إقناعه، بالتالي فقد رفض التوقيع على أمر الاعتقال الاحتياطي، واكتفى بوضعي تحت المتابعة»…
كانت بداية المتابعات والتهم الجاهزة من طرف الجنرالات كافية لكي يغير رأيه ويغادر البلاد إلى… المنفى…!
(يتبع)

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 03/04/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *