مراكش: في الندوة الدولية حول «مسار الإنصاف والمصالحة في المغرب».. لابد من تفعيل توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ضمان عدم التكرار وضرورة عدم الإفلات من العقاب

جبر الضرر يجب أن يلامس في حقيقته الأوضاع الاجتماعية وعدم إهانة المواطنات والمواطنين..

عبرت غالبية التدخلات عن عدم رضاها عن أوضاع حقوق الإنسان وكذا عدم تنفيذ عدد من توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، خلال الندوة الدولية حول مسار الإنصاف والمصالحة في المغرب التي احتضنتها مراكش أيام20/ 21 / 22 أبريل 2018، تحت شعار: «من أجل عدم التكرار» والتي نظمتها هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.
ولعل بطاقة الاعتماد (بادج) المسلمة للمشاركين في الندوة تلخص كل محاورها، حيث ضمت هذه البطاقة العبارات التالية:
سيادة القانون، جبر الضرر، الحقيقة، عدم التكرار، الديمقراطية، الكرامة، عدم الإفلات من العقاب، حفظ الذاكرة، المساءلة..
وعرفت الندوة مشاركة العديد من المنظمات الحقوقية الجادة والهيئات السياسية من الصف التقدمي والوطني وبحضور ضيوف يمثلون منظمات حقوقية من تونس والبحر الأبيض المتوسط وفرنسا، وتميزت التدخلات، سواء في الجلسات العامة أو في الورشات، بالصراحة والوضوح وبتحليل عميق للواقع الذي تعيشه المنظومة الحقوقية في المغرب في ظل وضع متميز بالفساد وانتشار ثقافة الظلام وعودة الأساليب القديمة وإجهاض المشروع الديمقراطي الذي كان حلم المغاربة مع حكومة التناوب وكذا عدم تنزيل دستور 2011 على علته وإن كان متقدما مقارنة مع الدساتير التي سبقته..
وقد تم طرح العديد من الأسئلة العميقة حول مصير توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة من قبيل:
هيئة الإنصاف والمصالحة قامت بالبحث، قامت بالتحليل، وخرجت بتوصيات هامة واقترحت إصلاحات عميقة من أجل عدم التكرار، لكن هل تم، بالفعل، طي الاختفاء القسري؟ هل تم بالفعل الإنهاء مع الاعتقال التعسفي؟؟ ومع التعذيب وكل أشكاله المهينة للكرامة الانسان ؟؟ ومع الإفراط والشطط في استعمال السلطة؟ وهل أنهينا مع أسلوب تغييب الأفراد والجماعات؟؟
وتميزت أغلبية الأجوبة عن هذه الأسئلة بالنفي، بل أكدت أن نفس الانتهاكات مازالت تمارس وإن بأسلوب آخر.. وذهبت بعض التدخلات إلى حد اعتبار التجربة المغربية فاشلة مطالبة باعتذار صريح للدولة عما جرى، في حين اعتبرها البعض الآخر إيجابية شرط أن تنفذ كل توصيات الهيئة على أرض الواقع، والالتزام بعدم تكرار ما جرى، وأن جبر الضرر ليس مجرد تعويضات هزيلة، ولكن يجب أن يتجلى في حفظ كرامة المواطن والاهتمام بالمناطق المهمشة بشكل مقصود عقابا لها على ما تميزت به من تاريخ نضالي.
كما تناولت الأحزاب السياسية الكلمة وتم الإجماع على ضرورة جبر الضرر والإنهاء مع ممارسات الماضي التي يبدو أنها عادت وتجلت بالخصوص في محاكمة مواطنين طالبوا بحقهم في الكرامة، في كل من الريف وجرادة وغيرها، معتبرة أن المغرب مازال بعيدا عن المفهوم الحقيقي للديمقراطية في ظل الحياد السلبي للسلطة والريع السياسي والاقتصادي واستعمال المال والدين في الانتخابات، وطالبوا بعدم الإفلات من العقاب بالنسبة للمتورطين في جرائم سنوات الرصاص مستغربين من عدم محاسبتهم حتى أن من بينهم من لا يزال يتحمل مسؤوليات هامة بالدولة.
ومن ضمن الأحزاب التي تدخلت في هذه الندوة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تناولت باسمه عباسة قراط،عضو المجلس الوطني، كلمة جاء فيها على الخصوص:
«إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إذ نؤكد على أن مسار تسوية ملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان قد حقق العديد من المكاسب والتراكمات الايجابية، سواء تعلق الأمر بالكشف عن الحقيقة أو جبر أضرار الآلاف من الضحايا وانخراط بلادنا في مجموعة من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والدستورية والقانونية التي من شأن تفعيلها منع تكرار ما حدث في الماضي، فإننا في نفس الوقت نعتبر أن مسلسل التسوية العادلة والمنصفة والشاملة يجب أن يصل إلى نهايته الطبيعية وذلك من خلال :
الكشف عن الحقيقة الكاملة حول العديد من الملفات العالقة ومن بينها ملف الشهيد المهدي بن بركة وملف الشهيد عمر بن جلون وملف الشهيد محمد كرينة وملفات كافة الشهداء.
جبر أضرار كافة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان دون تمييز ودون قيد أو شرط.
تنفيذ كافة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، خاصة ما يتعلق باستكمال التحريات من أجل الكشف عن الحقيقة وما يتعلق بتدابير عدم التكرار.
العمل على صيانة وحفظ ذاكرة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وفق المقاربة التي بلورتها المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف.
الدفع في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية من خلال معالجة كل الملفات العالقة وتوفير كل الشروط الكفيلة بمنع تكرار انتهاكات الماضي من خلال تعزيز دولة الحق والقانون والمؤسسات الديموقراطية».
هذا وعرفت الجلسة الافتتاحية حضور وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والكاتب العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان محمد الصبار .. وعدد من الحقوقيين والمهتمين بالشأن الحقوقي في بلادنا. ويذكر أن عدد المشاركين في هذه الندوة ناهز مئة مشاركة ومشارك.


الكاتب : محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 26/04/2018