يكون دافعا للانتحار في حالات :الاضطراب العاطفي الثنائي القطب سادس مسبّب رئيسي للإعاقة

أغلب المرضى المصابين بمرض نفسي يقومون باستشارة طبيب العائلة قبل مراجعة الأطباء في الاختصاصات الأخرى، واغتنم فرصة تخليد العالم في 30 مارس الفارط لفعاليات اليوم العالمي لاضطراب ثنائي القطب، لمحاولة تسليط الضوء على الاضطراب بالتضامن والتربية وتقليص وصمة العار الاجتماعية، مع مقاربته من منظور طبيب العائلة الذي يستقبل هؤلاء المرضى في بداية المشوار المرضي، الذي يدوم في غالبية الحالات لعدة سنوات قبل التشخيص، وهو مايجعلني كذلك أدعو الجامعات الطبية في بلادنا من أجل العمل على الاعتناء أكثر بالطب النفسي وتعزيز وتكثيف تدريس الأمراض النفسية لطلبة الطب العام، والحرص على التكوين المستمر في الميدان النفسي لأطباء العائلة، مع تمكين هؤلاء المرضى وأفراد عائلاتهم من الاستشارة الطبية، ومنحهم الوقت الكافي للإنصات إلى معاناتهم النفسية والعضوية، بالنظر إلى أن التواصل الفعال مع أفراد الأسرة هو جزء من عملية الشفاء.
تشير الأرقام إلى أن أكثر من 5 في المئة من ساكنة العالم هي مصابة بالاضطراب العاطفي الثنائي القطب، الذي يشكّل حسب إحصائيات المنظمة العالمية للصحة السبب الرئيسي السادس للإعاقة في العالم. ويتميز هذا الاضطراب بنوبات مزاجية متكررة من فترات الكآبة و الهوس طوال مدة الحياة، وهو ينتمي إلى مجموعة غير متجانسة من الأمراض وتشمل مجموعة من الاضطرابات المزاجية. وتتميز أعراض الاضطراب العاطفي الثنائي القطب بتداخل في المشاعر من قبيل الشعور بالكآبة الشديدة واليأس الاكتبائي بعدها، فضلا عن الشعور بالبهجة، والهوس، مع عدم الاستقرار والإفراط في الأنشطة كما في النوبة الهوسية، حيث يعتبر الابتهاج غير طبيعي وقد يصيب الفرد بالأذى، كونه يدفع الشخص للقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة في بعض الأحيان.
وتكون أعراض المرض شديدة في بعض الأحيان لدرجة أنها قادرة على تدمير العلاقات الاجتماعية للمصاب، وتتسبّب في صعوبات في التركيز في المدرسة والعمل، إلى جانب المشاركة بشكل مفرط في أنشطة ممتعة وسلوكيات المجازفة أثناء حالات الهوس، مع محاولات لإيذاء نفسه نتيجة لفقدان الثقة بالنفس والشعور باليأس، تصل إلى إقدامه على الانتحار. كما تكون هذه الأعراض النفسية مصاحبة بأعراض بدنية، فقدان الشهية، النهوض مبكرا عن المعتاد، الشعور بالتعب، الإمساك وفقدان الرغبة الجنسية.
ويهدف العلاج إلى تحسين النتائج الوظيفية، وتقليص نسبة التردد والرفع من المدة الفاصلة بين النوبات، وكلما كان العلاج مبكّرا كان مفيدا، لأنه يشكل مفتاح الوقاية من تكرار النوبات ويمكّن من التغلب على التحديات التشخيصية مبكرا.
وإلى جانب العلاج الدوائي، فإن العلاج النفسي الذي يمتد لفترة تتراوح مابين 6 و 9 أشهر، هو يهدف إلى التثقيف النفسي ومراقبة المزاج والعمل على السيطرة على المزاج، مع مساعدة المريض على تطوير قدراته العامة على التعايش مع المرض، إلى جانب العلاج المعرفي السلوكي. وتتميز استشارة طبيب العائلة بسهولة الولوج والقرب الجغرافي، بالإضافة إلى الخضوع لفحص لجميع الأعضاء، وطلب الفحوصات البيولوجية والتصويرية اللازمة، مع البحث عن مرض عضوي دماغي يتمظهر بأعراض نفسية. ويقوم طبيب العائلة بفحص عام سنويا، والقيام بفحص مستوى الليتيوم في الدم كل ستة أشهر على الأقل، وفحص وظائف الغدة الدرقية والكليتين على الأقل كل خمسة عشر شهرا وغيرها من الفحوصات الضرورية.
ونختتم هذا المقال بنبرة تفاؤل، تفيد بوجود حلول شاملة لهذا المشكل الصحي الجسيم من خلال الاكتشافات الحديثة التي تشير إلى وجود تغيرات في المخيخ والعقدة القاعدية وتغير النشاط الايضي عند المصاب بالاضطراب الثنائي القطب عند التصوير بالرنين المغناطيسي بتقنية ت1 مابين، هذا الاكتشاف الذي يربط فيزيولوجيا الاضطراب العاطفي الثنائي القطب بالمخيخ والعقدة القاعدية، هو يفتح المجال واسعا لتغطية الفراغات المعرفية بهذا المرض وإيجاد علاجات جديدة لها فعالية أكثر .

نافذة:
تشير الأرقام إلى أن أكثر من 5 في المئة من ساكنة العالم هي مصابة بالاضطراب العاطفي الثنائي القطب


الكاتب : الدكتور مصدق مرابط

  

بتاريخ : 26/04/2018