مُبْدِعونَ و مُبْدِعونَ وَ مُبدِعُونَ

«ما أصناف المبدعين
في نظرك؟»

لوطرح هذا السؤال على مجموعة من المهتمين بقضايا النقد والإبداع، فسنحصل على كثير من التصنيفات المختلفة،كلّ يصنف وفق وجهة نظره. ولو طرح علي السؤال لجعلت المبدعين ثلاثة :
1ـ مبدع أصيل ، يرى في الإبداع رسالة سامية كما عند الأنبياء و كل المصلحين الساعين دوما لإصلاح ما تفسده أيدي البشر..
مبدع يرى أن الكون خلق ليسوده العدل والتآخي بعيدا عن الهمجية والتوحش واللامسؤولية ، يرى في الإبداع تحديا في كيفية إفعامه بما يتناسب ومتطلبات واقع مليء بتناقضات يفضي أكثرها إلى هضم الحقوق من قبل الأغنياء والظالمين على حساب الفقراء الأبرياء.
مبدع يرى مسؤوليته في بلورة كل ما يمكن أن يحفز نحو تحري النقد لما يعتمل في المجتمع من الثغرات المسيئة لجوهر الإنسانية والنبل .
هذا الصنف من المبدعين يواجه الكثير من الصعاب في سبيل إنجاز ما يراه مسؤولية عظيمة الشأن إزاء المجتمعات والأفراد ، ويتحمل في ذلك كل التحديات لما ترسخ في ذهنه من قناعات في مقدمتها أن المبدع الحقيقي إنسان موضوعي مهمته المساهمة في نشر العدل والأخوة والتفاعل الإيجابي، بعيدا عن الأنانية والتعصب الأعمى.
2 ـ مبدع مأجور ،وهو أداة تحت الطلب ..
مبدع موهوب مشهور لكنه ليس حرا ، إنه عبد يأتي إبداعه وفق مبتغى غيره ، فلا ينجز شيئا سوى بطلب يأتي من هذا أو ذاك ، وخطورة ما يقوم به تكمن في نصرة الحق على الباطل غالبا ، فهو بذلك مبدع مضلل يُرَقِّي ما يجب أن يدنِّيه ، ويرفع من شأن ما ينبغي عليه أن يدينه ، وبهذا فهو مناهض لما يثري الحياة إيجابيا ، وساعٍ بمن يقوده إلى التعمية بدل التبصير والتنوير ، يُساق للثناء على من لا يستحق الثناء، وهجاء البريء المستحق للمدح والشكر ، وبهاته الصفات يسير شيطانا ليته أخرس مشلول .فكل أفعاله وأقواله حاملة للتماهي في الغي والحيف وما جاورهما.
مبدع يكتشف في آخر عمره أنه أضاع هذا العمر وهو أداة بلا روح ولا إرادة ، عبد من العبيد بإرادته واختياره الأعمى.
3 ـ مبدع سلبي ، يعيش في برجه العاجي كاللقالق ، ينزل كي يحمل معه ما يقتات به ويهرع إلى عشه من جديد كي يبدع متحريا أن يكون بعيدا عن الصراع ، ولذا فهو بعيد عن نصرة المظلوم وبعيد عن تحفيز ومدح العادل . فليس في قاموسه لا مناهضة الاستعمار والاحتلال ، وليس في معجمه الإبداعي عنصر الحث من أجل العدالة الاجتماعية وإدانة الاستبداد بكل مرارته و جوره. فهو أقرب إلى الصنف الثاني ، الصنف المأجور الذي هو سلبي بلا شك ،وليته كان سلبيا فقط بل إنه يغلب غير المستحق على المستحق ، ويغير المعادلة الحقة إلى المعادلة الجائرة التي تنفع البعض على حساب البعض.


الكاتب : لحسن ملواني

  

بتاريخ : 07/05/2018

أخبار مرتبطة

  قد تحمل الحرب الإسرائيلية الجارية علnى قطاع غزة  المفكر المغربي المعروف عبدالله العروي على التفكير في كتابة الجزء الخامس

تعني الكتابة في ما تعنيه، أن تتواجد في مكان آخر بينما أنت قابعٌ في مكان مّحدد المعالم، أي أن تكون

يرتقب أن تستقبل مؤسسة»أرشيف المغرب» معرضا خاصا بمسار عبد الواحد الراضي، القيادي الراحل في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وقبله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *