مفطرون رغما عنهم شهادات بعض من يتعذر عليهم الصوم

 

خلال أيام شهر رمضان المبارك، تعيش فئة من الناس وضعا خاصا . إنهم أولئك الذين يتعذر عليهم الصيام لمانع صحي أو لعذر شرعي أو لأنهم تقدموا في السن فلم يعد بإمكانهم تحمل مشاق الجوع والعطش. أناس مفطرون رغما عنهم، مما يخلف لديهم آثارا نفسية بليغة، خصوصا لما لشهر الصيام من قدسية ومكانة رفيعة في القلوب.
يحكي زين الدين (27 سنة، طالب) عن تجربته مع الإفطار الإجباري في رمضان بسبب قصور كلوي أصابه قبل أربع سنوات. لم يتقبل الأمر أول ما أخبره الطبيب بضرورة عدم الصيام. أحس بالنقص ودخل في أزمة نفسية جعلته ينخرط في لحظات بكاء لفترة.
بالنسبة لأفراد عائلة زين الدين، فقد تقبلوا الأمر بشكل عاد ، وبات بإمكانه تناول وجبات الأكل أمامهم دون أدنى مشكل. بالمقابل، نظرة المجتمع المسبقة لمن يفطر في رمضان هي أكثر ما يؤرقه. فأغلب الناس في الفضاء العام لا يستحضرون احتمال المرض كمانع للصيام خصوصا بالنسبة لشاب في مقتبل العمر.
من جهة أخرى، يتحدث زين الدين عن نظرة الشفقة التي يخصه بها كل من علم بسبب الإفطار. الموقف ينقلب رأسا على عقب من نظرات استهجان إلى عطف وشفقة. وهو ما لا يطيقه زين الدين فيضطر لإخفاء الأمر كلية تفاديا للإحراج.
أما السعدية، امرأة متقدمة في السن ، تبلغ من العمر75 سنة، تحكي تجربتها مع الإفطار أيام رمضان بنوع من الأسف.
تقول السعدية إن الإفطار فرض عليها من طرف أبنائها منذ ثلاث سنوات خلت. لم تستسغ الأمر وهي التي قضت أيامها طاعة لله. تقول إنها كانت مواظبة على صيام يومي الإثنين والخميس فكيف لها في آخر أيامها أن لا تصوم رمضان.
تتساءل السعدية «هل سيغفر لها الله ترك الصيام؟ مضيفة أنها تتحايل على أبنائها أحيانا وتوهمهم أنها مفطرة، لكنها تستغفلهم فترمي بالأطعمة والأدوية ولا تتناول منها شيئا. تعلق على الأمر قائلة : «  موت وحدة لي كاينة ».
بالنسبة لنوال التي تبلغ من العمر 35 سنة، والتي تشتغل بالقطاع البنكي، تقول إنها مصابة بمرض السكري، وأنها لا تصوم رمضان، كما أنها تعيش الوضع بشكل عاد كما سائر الأيام رغم صعوبة الأمر.
نوال تأخذ حقنات الأنسولين في فترات معينة من النهار، وأحيانا تتناول كوب ماء أو بعض الحلوى عندما تحس بمستوى السكري قد انخفض. بالنسبة للمشتغلين معها يتفهمون الأمر ولا يبدون أي رد فعل أو استهجان. يبقى الإشكال حسب نوال، عندما يكون أحد الزبائن واقفا ولا تنتبه للأمر، حيث يعتبر الزبون الأمر مقصودا وأنه استفزاز له كصائم. أحيانا تصدر بعض التعليقات الشاذة التي قد تتطور إلى ملاسنات. تقول نوال بخصوص هذه العينة من الناس : «كاين لي صايم بالجميل» ؟


الكاتب : محمد رزاقي (*)

  

بتاريخ : 22/05/2018