الرسوم الجمركية الأمريكية يمكن أن تؤثر على النمو الصيني

أعاد الاعلان عن فرض رسوم جمركية أميركية جديدة على منتجات صينية اطلاق مواجهة تجارية بين البلدين يمكن ان تؤثر سلبا على الاقتصاد الصيني الذي بدأ يتباطأ.
وحذرت وزارة التجارة الصينية ان الرسوم بنسبة 25% على ما قيمته 50 مليار دولار من الواردات الصنية كما أعلنها الرئيس الاميركي دونالد ترامب الجمعة “تهدد المصالح الاقتصادية وأمن الصين”.
وردت بكين على الفور باعلان تعرفات جمركية “مطابقة” لتلك التي فرضتها الولايات المتحدة مع تأكيدها أنها “لا ترغب أبدا في حرب تجارية”.
وتأتي المواجهة بين العملاقين الاقتصاديين في الوقت الذي يعاني فيه النمو الاقتصادي نتيجة جهود ادارة الرئيس شي جينبينغ من اجل الحد من الدين العام.
وعلق مارك وليامز خبير الاقتصاد لدى “كابيتال ايكونوميكس” ان “الازمة التجارية تزداد في الوقت الذي تتعزز فيه الشكوك حول الافاق الاقتصادية للصين”.
وكانت الصادرات التي تشكل المحرك الاساسي في الاقتصاد الصيني تحسنت ب12,6% في مايو بنسبة أقل بقليل بالمقارنة مع ابريل لكن افضل مما كان متوقعا (+11,1%) في الوقت الذي سجلت فيه واردات العملاق الاسيوي قفزة ب26% على مدى عام.
وأوضحت بكين الجمعة انها ستفرض رسوما على ما قيمته 34 مليار دولار من الواردات الاميركية من بينها منتجات زراعية وبحرية وسيارات اعتبارا من السادس من يوليو موعد دخول التعرفات التي أعلنها ترامب حيز التنفيذ.
وحذر لويس كويس المحلل لدى “اوكسفورد ايكونوميكس” انه “سيكون هناك تأثير على النمو في الصين والولايات المتحدة وغيرهما”.
وتابع كويس “تزايد الشكوك والمخاطر سيلقي بظلاله على ثقة المؤسسات والاستثمارات”.
وأدى تباطؤ القروض بحسب المحللين الى تراجع في الاستثمارات وحد من استهلاك الاسر.
الا ان البيع بالمفرق ازداد في مايو بنسبة 8,5% على مدى عام لكن هذا التقدم كان أقل بكثير بالمقارنة مع الاداء في ن ابريل (+9,4%) و مارس (+10,1%).
كما ازداد الاستثمار في رؤوس الاموال الثابتة والتي تعتبر مؤشرا على النفقات في البنى التحتية والعقارات بنسبة 6,1% على مدى عام في الفترة بين يناير و مايو في ما يشكل التقدم الاقل منذ العام 1999.
وكان صندوق النقد الدولي نبه في ابريل الماضي ألى انه يتوقع ان يصل النمو الاقتصادي للعملاق الاسيوي الى 6,6% في 2018 و6,4% في 2019 في تراجع واضح بالمقارنة مع 2017 (+6,9%).
وقال صندوق النقد آنذاك ان “زيادة في الرسوم الجمركية والقيود (غير الجمركية) يمكن ان يؤثر سلبا على الاسواق المالية ويعكر عمل سلسلات الانتاج… ويحد من الانتاجية في العالم والاستثمار”.
يضاف الى ذلك تدخل الدولة الذي غالبا ما ينتقده خبراء الاقتصاد. ويقول وليامز إن “تردد الحكومة في افساح المجال أمام قوى الاسواق لتقرر” مجرى الاقتصاد سيساهم في تباطؤ الاقتصاد.
ويحذر بالتالي من ان “النمو الاقتصادي للصين سيتراجع على الارجح في العقد المقبل «.
قلق وتوتر لدى المزارعين الاميركيين

ويعيش المزارعون في المناطق الريفية التي صوتت بكثافة لصالح الرئيس دونالد ترامب في أجواء من القلق والخوف المتزايد نتيجة تجدد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة.
وعلقت مجموعة الضغط “المزارعون المؤيدون للتبادل الحر” بان “الامر لم يعد نظريا بالنسبة الى المزارعين الاميركيين بل بات مصدر قلق فعلي”، ما يعكس الشعور بالعجز العام ازاء القرارات التي تصدر عن واشنطن.
وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب أعلن الجمعة رسوما جمركية جديدة على ما قيمته 50 مليار دولار من المنتجات الصينية. وردت بكين على الفور بسلسلة اجراءات مضادة تشمل خصوصا منتجات زراعية.
تقول جايمي بيير التي تزرع الصويا مع زوجها في ولاية مينيسوتا اضافة الى الذرة واللفت والقمح والبرسيم بأسف “كنا أصلا في وضع صعب ويزيد كل هذا الغموض حول التجارة من التوتر”.
وتضيف بيير “عندما يقول لنا اشخاص في غاية الذكاء يتابعون المفاوضات يوما بيوم ان الوقت حان للشعور بالقلق والاتصال بالنواب فاننا نأخذ الامر على محمل الجد”.
والصين هي المشتري الاول للصويا الاميركية فقد استوردت منها ما قيمته 12 مليار دولار في 2017 اي نحو 30% من انتاج البلاد.
وكانت عائدات المزارعين الاميركيين تراجعت في السنوات الاخيرة. وبعد تدهور بنحو 50% منذ 2013، من المتوقع ان تبلغ هذا العام أدنى مستوى منذ 2006.
ويتأثر القطاع سلبا ايضا بالمفاوضات المتعثرة حول اتفاق التبادل الحر بين دول أميركا الشمالية “نافتا” مع كندا والمكسيك اكبر مستوردين للمواد الزراعية.
تربي هوب بجيسكي الماشية وتزرع القمح في مزرعة اسرتها الواقعة في ولاية اوكلاهوما. وتقول “للاسف فان الزراعة هي القطاع الاول الذي يتضرر من هذا النوع من الاجراءات”.
وتقر بجيسكي بأن الامر منطقي “فالزراعة الاميركية تصدر الكثير والمناطق الريفية في الولايات المتحدة هدف سهل اذ ينظر اليها على انها تؤيد ترامب بكثافة”.
وتابعت بحزن “آمل فقط بان تتم تسوية هذه المسائل بطريقة مختلفة”.
أما بليك هورست الذي يزرع الذرة والصويا في منطقة اتشينسون في ولاية ميسوري فيقول “نحن مستاؤون وقلقون”. ومع انه يجد صعوبة في تحديد مدى الأثر الفعلي للعقوبات الصينية الا انه يقول “سيكون لها تبعات بالتأكيد على صادراتنا وبالتالي على ما أجنيه لقاء عملي”.
وفي خضم الموسم الزراعي لا يزال المناخ العنصر الاساسي الذي يؤثر على أسعار الذرة والقمح والصويا والقطن. لكن التهديد بعودة التوتر بين بكين وواشنطن أصاب السوق في الصميم هذا الاسبوع وتراجع سعر الصويا بأكثر من 6%.
وعلق هورست بأسف “اذا كان الطقس الحار والجاف حاليا هنا أدى الى تراجع العائدات بين 10 و20% فان الاسعار سترتفع. لكن ليس بالقدر نفسه لو لم تكن هناك هذه الرسوم!”.
واضاف “كل ذلك يؤثر على عائداتنا وسينتهي الامر بنا الى حراثة عدد أقل من الحقول وتضاؤل الصناعات الزراعية مع الوقت”.
يقول روجر جونسون رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين، النقابة الزراعية الثانية في البلاد في بيان “ندعم هدف الادارة بتقليص العجز التجاري الهائل للولايات المتحدة… لكن منظمتنا تخشى بشكل متزايد من ان هذه الادارة ليس لديها خطة لضمان عدم تحول المزارعين ومربي المواشي الى كبش فداء”.
واذا كانت الثقة بسيد البيت الابيض تتراجع بعض الشيء في الوسط الغربي، الا ان قلائل يوجهون لوما مباشرا الى ترامب حول الوضع الحالي.
وفي ميسوري يقول هورست “لا تزال هناك ثقة قوية بترامب وبقيادته للمفاوضات”، ويتدارك “لكن اذا لم يحقق اي نجاح فصبرنا سينفد عندها”.
وتقاسمه بجيسكي الشعور وتقول “عدد كبير من ناخبي ترامب يتمسكون بفكرة ان الامر مناورة وانه سيحقق غايته في النهاية”، وتقول “آمل بأن يكونوا على حق لكن في انتظار ذلك، فالقلق يستولي علي…”.
أعربت الشركات والمجموعات التجارية الاميركية والصينية عن قلقها من تداعيات النزاع التجاري المتصاعد بين القوتين الاقتصاديتين العظميين على اعمالها، بعد تجدد المواجهة التجارية بين البلدين واعلانهما فرض رسوم متبادلة.
واستأنفت الولايات المتحدة والصين مواجهتهما التجارية الجمعة مع تبادلهما اعلان فرض رسوم جمركية تبلغ نسبتها 25 بالمئة على واردات بقيمة خمسين مليار دولار، ما يقوض “التوافق” الذي تم التوصل اليه قبل أقل من شهر.
والجمعة ردت بكين على الفور على رسوم بقيمة عشرات مليارات الدولارات فرضها الرئيس الاميركي دونالد ترامب على سلع تصدرها الصين الى الولايات المتحدة، ما اطلق شرارة حرب تجارية تهدد التبادلات التجارية الضخمة بين البلدين، ومن شأنها ان تؤثر سلبا على الصادرات والشركات الاميركية العالمية الحريصة على السوق الصينية الكبرى.
وتتصدر حبوب الصويا، والذرة البيضاء، والبرتقال، واللحوم قائمة منتجات اميركية بقيمة 34 مليار دولار ستفرض عليها بكين رسوما اضافية بدءا بالشهر المقبل.
ودعت “كارغيل”، اكبر الشركات الاميركية الخاصة المصدرة للمنتجات الزراعية، الى الحوار بين واشنطن وبكين يجنب الشركات والمزارعين والمستهلكين حربا تجارية شاملة.
وقال نائب رئيس كارغيل ديفري بونر فورمرك إن “النزاع التجاري… سيؤدي الى تداعيات خطيرة على النمو الاقتصادي وخلق الوظائف وسيؤذي الشركات الاكثر عرضة للتداعيات في العالم”.
بدورها قالت متحدثة باسم شركة تجارة الحبوب آرتشر دانييلز ميدلاند إن الحوار الثنائي يجب ان يستمر، مضيفة ان الصين “سوق مهمة للصادرات الغذائية والزراعية الاميركية”.
ويأتي اعلان الجمعة في اعقاب اشهر من المفاوضات الدبلوماسية والمكوكية احيانا بين واشنطن وبكين، طرحت خلالها الصين شراء كمية اكبر من السلع الاميركية الا ان اقتراحها لم ينجح في تهدئة اعتراضات الرئيس الاميركي على العجز المتزايد في الميزان التجاري والسياسات الاميركية لتنمية الصناعة.
وعلى الرغم من فرضها رسوما مضادة واعتمادها خطابا تصعيديا تركت بكين الباب مفتوحا امام المفاوضات.
واوردت صحيفة “تشاينا ديلي” السبت ان “ادارة ترامب اثبتت مرة جديدة تناقضا وعدم استقرار”.
واضافت الصحيفة انه نظرا الى “كثرة التخبط” في الولايات المتحدة، “لا يزال من المبكر الجزم باندلاع حرب تجارية”.
وزادت المجموعات التجارية الاميركية من حدة انتقاداتها، بينما اعلنت شركات كبرى كـ”بوينغ” انها ستباشر تقييم الاثر المحتمل للرسوم.
وبلغت ايرادات بوينغ من الصين نحو 12,8 بالمئة من مجموع ايراداتها للعام 2017، وهي غالبا ما ت عتبر من بين الشركات الاميركية العالمية الاكثر عرضة لمخاطر حرب تجارية شاملة.
وقال المتحدث باسم بوينغ تشارلز بايكرز “نجري تقييما لتلك الرسوم ولتداعيات اي اجراء متبادل على امداداتنا وانشطتنا التجارية”.
وتابع المتحدث “سنستمر بالتواصل مع قادة البلدين للدفع باتجاه حوار مثمر من اجل ايجاد حل للخلافات التجارية، وتسليط الضوء على الفوائد الاقتصادية المشتركة لقطاع طيران قوي ومزدهر”.
من جهتها رحبت الجمعية الاميركية للالبسة والاحذية بتخلي ادارة ترامب عن خطة سابقة لفرض رسوم على تجهيزات اساسية ومعدات مستخدمة في القطاع، الا انها قالت الجمعة إن الاجراءات الانتقامية الصينية قد تضر بالمزارعين الاميركيين وبقطاع صناعة النسيج وقد ترفع تكاليف امدادات القطاع.
وقال رئيس الجمعية ريك هلفنباين إن “الرئيس ترامب يصر على الرسوم ويعتقد انه يملك الحرية في فرضها، لكن هناك عواقب خطيرة”. وتابع هلفنباين “على الكونغرس التدخل الآن لوضع حد لهذا الهاجس الخطير”.
ومن بين المجموعات الاميركية المعارضة للرسوم “بزنس راوندتيبل” (الطاولة المستديرة للاعمال) وغرفة التجارة الاميركية.
كذلك سيكون قطاع صناعة السيارات الاميركي، الذي ي عتبر الصين احدى اسواق النمو الرئيسية له، احد القطاعات التي ستطاولها الرسوم.
وباعت شركة “فورد” الاميركية 338386 سيارة حتى الآن في الصين في 2018، اي ما يقارب ثلث مبيعاتها في الولايات المتحدة، وكانت رحبت بخطة صينية لخفض الرسوم على قطع الغيار. وكانت وضعت خططا لخفض اسعار استيراد سيارات “لينكولن”.
لكن مصير ذلك سيكون في مهب الريح ولا سيما ان رسوما اضافية ستفرض على السيارات العاملة على الغاز والسيارات الكهربائية.


بتاريخ : 19/06/2018