أصيلة تلج موسمها الثقافي الأربعين من بوابة إفريقيا

الرئيس السينغالي ماكي صال: المغرب لم يغادر يوما أسرته الإفريقية
محمد بن عيسى: نجحنا، كأفارقة، في تحطيم جدار الصحراء الكبرى الوهمي

 

شكل حدث افتتاح موسم أصيلة الثقافي في دورته الأربعين يوم الجمعة 29 يونيو، لحظة مفعمة بالأحاسيس التي توثق لمسيرة ثقافية وإنسانية امتدت منذ 1978 الى اليوم، مسيرة ارتقت بمدينة صغيرة الى واجهة المحافل الثقافية بالعالم، كما جاء في كلمة أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة محمد بنعيسى، في افتتاح أولى ندوات جامعة المعتمد بن عباد حول» أعطاب الاندماج الإفريقي»، والتي تميزت بحضور الرئيس السينغالي ماكي صال باعتبار الدورة تحتفي بإفريقيا ضيف شرف لهذه السنة، والذي تشكل زيارته ثالث زيارة لرئيس سنغالي للمنتدى بعد زيارة الرؤساء ليوبولد سيدار وعبدو ضيوف.
وأضاف بنعيسى أن حفاظ المنتدى على استمراريته بنفس المستوى، وعلى مدى أربعة عقود، إنجاز يفتخر به المغرب الثقافي، بالنظر الى ما تواجهه الرهانات الثقافية من مقاومات، مشيدا بجهود كل أبناء اصيلة الذين حافظوا للمهرجان على ألقه وإشعاعه طيلة أربعين سنة مضت.
وشدد محمد بن عيسى على أن المنتدى كان سباقا إلى تناول قضايا فكرية وسياسية منذ انطلاقه ، هي اليوم محط تجاذب وتفكير مثل حوار الحضارات، ومستقبل افريقيا وآليات ضمان اندماجها، وهو ما تؤكدهحضور شخصيات وازنة افريقية الى ندوات اصيلة كالشاعر والرئيس سسيدار سنغور، والذي يشكل حضور الرئيس السنغالي الحالي ماكي صال فعاليات الدورة الأربعين منه، امتدادا واستمرار للإيمان بفكرة الأفق المشترك لأبناء القارة السمراء، مضيفا «إننا ، وأقصد الأفارقة، نجحنا في تحطيم جدار الصحراء الكبرى الوهمي». .
من جهته ، وفي كلمته الافتتاحية لموسم أصيلة لهذه السنة، شدد الرئيس السنغالي ماكي صال على عمق العلاقات المغربية السنغالية، وهي علاقات تستمد قوتها من الروابط الإنسانية والروحية، مضيفا «جلالة الملك وأنا سنظل وفيين للإرث الذي خلفه من سبقونا ونعمل يوميا من أجل إغنائه ونقله الى الأجيال المستقبلية».
وأكد صال أن خلاصة 55 سنة، ومنذ تأسيس منظمة الوحدة الافريقية في 1963، كانت مليئة بالإنجازات والاخفاقات، وهو ما يدفع الى التفاؤل أكثر بمستقبل التعاون الافريقي – الافريقي والتحلي بالنفس الطويل، لاستكمال مسيرة خط بداياتها الأولى رواد وقادة آمنوا بأهمية الانفتاح والتلاقح بين أبناء هذه القارة، داعيا الى «عبور الكثبان الرملية وتفادي السراب» ، ولافتا الى ما تمنحه اليوم مدينة أصيلة من إلهام لتحقيق هذا الطموح نحو الاندماج والتكامل، في ظرفية تتطلب تجمعا قاريا ومتضامنا يجنب القارة السمراء المخاطر المستقبلية.
ولم يفت الرئيس السنغالي صال الإشارة الى أن موضوع الندوة الافتتاحية «الاندماج الافريقي» يأتي في سياق عودة المغرب الى أسرته الطبيعية التي لم يغادرها قط، بل حافظ على علاقته معها في إطار الاحترام والتعاون، مشيرا الى أن المغرب كان دوما ولايزال، منذ الاشغال التحضيرية لمنظمة الاتحاد الافريقي في 1999 في صلب الحلم الإفريقي الكبير. كما اعتبر أن موضوع الاندماج يعود بالذاكرة الى أصداء النداء الذي أطلقه الرئيس والشاعر السنغالي الراحل ليوبولد سيدار سنغور من أصيلة بمعية الأمير الأردني الحسن بن طلال سنة 1982حول التعاون والحوار بين الدول الافريقية، داعيا الدول الإفريقية للتنازل عن جزء من سيادتها الوطنية من أجل إنجاح مشروع البناء المشترك.
بدوره نوه وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في كلمته بما يقدمه منتدى أصيلة الثقافي من إمكانات للحوار والتبادل المنتج بين رجالات الفكر والثقافة من مختلف الجنسيات، ما جعله يحافظ منذ انطلاقه على إشعاعه الدولي إذ استطاع الموسم الثقافي لاصيلة جذب نخب دولية من مختلف المشارب لإغناء وتقديم مقترحات حول العديد من القضايا العربية والدولية، في تفاعل مع يجري إقليميا وجهويا ودوليا.
وأضاف بوريطة أن موضوع الندوة يؤكد أن إفريقيا في حاجة الى إرادة متفائلة لتحقيق تقدمها ، محيلا على رؤية جلالة الملك في تعاطيه مع قضايا التنمية بالقارة السمراء في الوقت الذي لم يول قادة آخرون اهتماما لهذه القارة، معتبرين أي انفتاح عليها مغامرة محفوفة بالمخاطر ، ومتجاهلين كل ما تعد به هذه القارة من فرص وإمكانات للتنمية بهدف تقدم شعوبها. وأكد بوريطة أن السبيل الأوحد لتحقيق الاندماج الإفريقي هو ذاك المبني على تصورات اقتصادية بالدرجة الأولى تعضد المقاربات السياسية، مشيدا بالتعاون المغربي – السنغالي المبني على الواقعية والنضج قبل العاطفة والروابط الثقافية والروحية، وهو مثال ناجح لتعاون جنوب – جنوب الذي يحرص المغرب منذ 2014 على ترسيخه.
من جانبه شدد وزير الثقافة والاتصال، محمد الأعرج، على الآفاق الإفريقية الواعدة، الفرص التي تقدمها القارة لتحقيق التنمية المستدامة، والخروج من واقع الازمات التي تعيش على إيقاعه العديد من الدول الافريقية، مشيرا الى دور الحيوي للحامل الثاقفي في تسريع عجلة هذه التتنمية، والذي تمتلك القارة كل وسائله، بتنوعه وغناه.
ولم يفت الاعرج الاشارة الى وجود بعض الإرادات المجهضة لكل حلم بالتغيير داخل القارة التي عانت كثيرا من الإرث الاستعماري الذي استنزف خيراتها، مشيرا الى ان القارة اليوم بدأت تعي أن قوتها تكمن في تكتلها ووحدتها، وهي القوة التي فتئ موسم أصيلة الثقافي يركز على ما يمكن أن تحدثه من تغيير جذري في أوضاع هذ القارة.


الكاتب : مراسلة خاصة

  

بتاريخ : 02/07/2018