بداهات تعمي..ومعرفة تقتل نفسها!

عبد الحميد جماهري

نحن الجيل الذي وصلته أكبر كمية من المعلومات
ومن الأخبار
ومن الكواليس، ولكننا ربما الجيل الأكثر عجزا عن معرفة ما يجري
أو فهم ما يجري
أو توقع ما قد يجري..
الجميع يتحدث إلينا …
الجميع يتحدث إلينا عن كل شيء..
تمطرقنا الكلمات
وتغمرنا الصور
وتتهاوى علينا الأخبار مثل سيل من عل..
ولكننا أقل قدرة على فهم ما يدور بنا
وما يدور من أجلنا
وما يدور حولنا..في هذا العجز
علينا أن نبحث عن ما يحدث لنا من شلل
وما يحدث لنا من حزن
وما قد يصيبنا من سلبية أوعدوانية، كما تحدثنا الكسندرا باديا في موضوع آخر، وبعيدا عن السياسة قريبا من المسرح!
قد تجد رجل سياسة مطلوب منه الحصول على الأجوبة من فم التماسيح يسألنا بغير قليل من الجدية:آش واقع؟
وتجد صاحب قرار لا يتردد في الرفع من منسوب الضبابية لديك بتكرار السؤال نفسه بصيغة أكثر قدرة على الإصابة: آش واقع فهاد البلاد؟
ثم تزيد حيرتك وعندما تتحدث مثل الكاتبة والمخرجة باديا الكسندرا : فوق أي أرض
وفي أي فضاء
يمكن أن ندعي تسمية الأشياء لكي نحسن الحديث إلى العالم ولا نزيد من غرابته أو بؤسه؟
أين يمكن لنا أن نستعمل كل الفيض من المعلومات ومن المشاعر والقصاصات لكي نعرف شيئا؟
أين يا ترى يمكن أن نجلس بهدوء
وباتخاذ ما يلزم من الوقت لكي نفكر
ونسمي العالم عالما
والسياسة سياسة
والغضب غضبا
والظلم ظلما
والحقيقة حقيقة..
ثم نكتشف أن كل ماصنعته البشرية لكي يتم ذلك : البرلمان، المجالس، الأحزاب والنقابات، الإعلام، الجماعات…
الأكثر ابتعادا عن هذا
والأكثر اغترابا عن حقيقة ما تنقله الأخبار
ولا نعرفه..!
عندما تسأل:
هناك حالة ضبابية أليس كذلك ؟
بلى
نعم،
طبعا،
وهل هذا سؤال؟…
ولكن إذا غامرت وقلت كيف يمكن أن نجعل ما هو غير مرئي مرئيا؟
وهذا الضبابي، أيضا ضبابيا؟
لا تجد ما يكفي من الأحلام
ولا من المواد الواقعية نفسها
ولا ما يكفي من النظر ولا ما يكفي من اليوطوبيات ولا ما يكفي من الطرق
وأقلام الرصاص والورق
لكي تعيد بناء البداهات!!

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 11/07/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *