عودة بند المصالحة ما بين المعارضة من داخل الحقل والمعارضة من خارج المشروعية.. 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

بعد بلاغ الأغلبية حول السعى إلى خلق شروط نفس جديد من المصالحة مع الريف، بعد الأحكام الصادرة في حق أهله من نشطاء الحراك، جاء الدور، في التوقيت والشرطية السياسية نفسها، على المعارضة الوطنية ممثلة في حزب الاستقلال.

فقد اختار أمينه العام نزار بركة أن يكون في الموعد، في المكان المحدد للموعد..أيضا، ولهذا أطلق من الحسيمة، بعد زيارة الناظور، فكرة الاعتذار عن مسؤولية الحزب الذي يرأس قدره الوطني منذ رحيل حميد شباط، إذا ما ثبتت هذه المسؤولية.
لقد كانت الفكرة قوية، واسترعت متابعة قوية، وبدا أنها تدخل في دائرة واسعة من ممارسة السياسة باعتماد أخلاق المسؤولية.
كما أن الخطوة تذكر بحقائق لا يمكن أن نغفلها:
** الاستقلال الذي تزامن مع الأحداث هو الرحم الوطنية الجامعة للحركة السياسية في البلاد، وفي الفترة التي نتحدث عنها (58/59) كان هو الاسم السياسي للحركة الوطنية والحاضنة التاريخية لكل ما سيأتي من بعد (من يسار اليسار إلى يسار الوسط…) ، وبالتالي فإن الإعلان عن المسؤولية أو الاعتذار عنها يهم الجميع بهذا القدر أو ذاك.. ويجعل العودة إلى المصالحة ذات وعاء وطني كبير..
** الفترة كانت فترة تلاطم رهيب، فالدولة المغربية كانت تتبرعم وتتكون ضمن تناقضات كبيرة، كما أن الجيش المغربي، في تلك الفترة، كان محط تنازع كبير بين مكوناته، من قدماء الجيش الفرنسي الطامعين في السلطة، وبعض مارشالات الحروب الإسبانية، وجزء كبير من المقاومين ..
**الدولة والجيش والحزب، في تلك الفترة والقوى المعتمة التي لم تكن تظهر بوجوهها السافرة دوما، بقدر ما تدفع نحو التأثير (القوة الثالثة بتعبير الراحل محمد عابد الجابري)، كلها كانت متراكبة في تلك الفترة من القهر السياسي السلطوي للريف..
** الريف اليوم هو عنوان انقسام في مشروع المعارضة :هناك المعارضة اليسارية التي تتابع »شهادتها» على أحداث التاريخ، وتنحاز إلى مطالب أهله بتنطيم الوقفات، كما أن الريف هو محور نشاط معارضة خارج النظام تقوم بها العدل والإحسان….
وقد يكون الريف حصان طروادة لدخول العدل إلى حلبة المصالحة، من زاوية المنازعة السياسية والترافع ضد الأحكام..
لقد كان واضحا منذ مدة أن الحقل السياسي لم يكتمل بعد، وأن ذلك يجعله عرضة لإعادة التوازنات باستمرار، وقد يكون الوقت قد حان، في نظرها، لكي تجرب العدل والإحسان الدخول إلى المصالحة التي دعت إليها الحكومة والاستقلال من باب تعميمها..
كما قد تكون مناسبة لكي تكون ضيفة، بدعوة منها هي نفسها إلى مائدة أي حوار وطني مرتقب. …
والحال أننا نذكر النقاش الذي كان قد جعل من الإسلاميين «عناصر مستثناة« من المصالحة التي كانت في جوهرها مصالحة وطنية في صلبها التاريخ الشرس لليسار والمعارضة، وإن كانت قد شملت بعضا من تجاوزات خارج الدولة نفسها..
عودة بند المصالحة إلى جدول الأعمال الوطني، لا يبدو مثل طارئ سياسي، أو نقطة عبور لا ظلال لها…،
بقدر ما أن كل شيء يدل على أن هناك نقطة استرجاع بقوة لما يحدث في الريف أساسا..
لقد كان الريف فصلا قويا في هذا الباب، عندما نحت إرادة الإنصاف والمصالحة نحو الاكتمال.. وكان أن تضمنت البعد المجالي، حيث الذاكرة والتاريخ والجغرافيا تشكل جرحا واحدا.
واليوم يتبين بأن دسترة توصيات المصالحة والإنصاف والمسافات التي قطعناها ليست كافية لكي ندخل في زمانها العادي، بل يبقى للسياسي دوره المحوري في تفعيلها ميدانيا..
وأن ماضينا ليس بعيدا بالقدر الذي نعتقده،
وأن المصالحة كبند مفتوح هي نوع من عدم المجازفة بالدخول في الاستعصاء مجددا….

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/07/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *