بعد ثلاثين سنة، لغز الطفلة المغربية إيناس، «شهيدة الA10» بفرنسا ، يجد الحل

دفنت في قبر يحمل عبارة «هنا يرقد ملاك»: 

بعد ثلاثين سنة على الجريمة، الحمض النووي يمكن من التعرف على الجناة في قضية مقتل الطفلة المغربية إيناس المعروفة ب “شهيدة الA10 الصغيرة”. لم يكن الجناة سوى والدي الضحية، ألقيا بها جثة هامدة على جنبات الطريق السيار A10، بالجنوب الفرنسي، حين تركاها ملفوفة في لحاف يغطي وجهها البريء. عيناها المغلقتان جعلاها تبدو وكأنها تغط في سبات عميق. آثار التعذيب والعض والحروق على جسمها الصغير توحي بوحشية الفاعلين. كانت تبدو سجينة كابوس مروع. لم يتم التعرف على الضحية ولا على الجناة حينها، ليتم دفنها في قبر بدون اسم وهوية يحمل عبارة “هنا يرقد ملاك”.
تعود فصول القضية إلى صيف 1987، ففي يوم 11 غشت، تم العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية، تبلغ من العمر حوالي أربع سنوات، ملقاة بجانب الطريق السيار باريس – تور. كانت الضحية ملفوفة في غطاء، وكان جسمها يحمل آثار حروق وكي وعضات بشرية. عملية التشريح أظهرت فيما بعد أن الطفلة كانت تعاني من كسور قديمة. لم يكن بالإمكان التعرف على هوية الطفلة ساعتها، فتم نسخ عدد كبير من صورها، ليتم تعميم تلك الصور على العديد من الأماكن العمومية بفرنسا وكذلك بحوالي ثلاثين دولة أخرى.
لم تفض التحقيقات إلى شيء يذكر حينها، ولم يكن بالإمكان التقدم في الأبحاث من أجل الوصول إلى الجناة أو التعرف على الطفلة المجهولة. فتم الاحتفاظ بنتائج التحليلات الجينية للضحية، ليبقى الملف جامدا لسنوات، قبل أن تتم إعادة تحريكه سنة 2016 ليدخل منعطفا جديدا رفع الغموض الذي طال ثلاثين سنة كاملة.
إعادة فتح الملف جاءت على خلفية متابعة مراهق بأعمال عنف أثبتت تحليلات بصماته الجينية مطابقتها لتلك التي عثر عليها قبل ثلاثين سنة في قميص الضحية المجهولة. ليتبين أن الأمر يتعلق بأحد إخوتها، ليتم استدعاء الأبوين، أحمد. ت وحليمة .ت ، وكلاهما من أصل مغربي، في طلاق منذ 2010، ليتبادلا الاتهامات في ما يخص مقتل طفلتهما التي علمت الشرطة لأول مرة أن اسمها “إيناس”.
“أحمد. ت” يتهم طليقته حليمة بقتل ابنتيهما إيناس، ويؤكد أنه بدوره كان ضحية تعنيف من طرفها، وأن حياته معها كانت جحيما. خلال التحقيق ذكر أحمد أنه في يوم 10 غشت 1987، عند عودته للمنزل وجد إيناس ميتة ولم تكن له الجرأة على التبليغ عن زوجته العنيفة، بينما حليمة تؤكد أن إيناس سقطت من على الدرج، وقد صرحت أن زوجها كان عنيفا معها ومع إيناس كذلك. حليمة أخفت مقتل الطفلة وبررت غيابها بادعاء أنها غادرت إلى المغرب للعيش هناك مع عائلتها.
بينما إخوة إيناس لا يتذكرون شيئا عن القضية، اللهم الأخت الكبرى التي كانت تبلغ 9 سنوات وقت الحادث، لكنها لم تستطع التكلم.
لينتهي بذلك لغز جريمة كانت قد هزت فرنسا في نهاية الثمانينات. جريمة، ظل مرتكباها يلوذان بصمت، بلا ضمير وبدون حتى أن يتحرك فيهما وازع الندم وتخليص ذاكرتهما من ثقل ما اقترفاه من جريمة في حق فلذة كبدهما.


الكاتب : محمد رزاقي

  

بتاريخ : 16/07/2018