الصيف في الجديدة.. أو الحاجة إلى شواطئ مهيكلة بتفكير جماعي

تحولت الشواطئ بإقليم الجديدة الى بقع مستباحة من طرف بعض الجهات لدرجة «خوصصة» بعضها حيث تمنع فيها السباحة إلا بالمقابل، فيما حراس المواقف يفرضون أثمنة خيالية وأثناء التشكي تجد جوابا واحدا «إنه الصيف ..
خليو الناس ترزق لله..؟!)
شواطئ الجديدة التي تمتد على أزيد من مائة كيلومتر على الساحل الاطلسي من جماعة البئر الجديد الى مشارف الواليدية، تتميز أغلبها بجمالية طبيعتها ونقاوة مياهها رغم أن بعضها مازال لم يستكشف بعد، فيما مازال بعضها عرضة للإهمال.
تعتبر شواطئ الحوزية، سيدي بونعايم الجديدة، سيدي بوزيد، سيدي عابد، من بين أبرز الشواطئ بالإقليم، نظرا للمكانة التي تحتلها على الصعيد الوطني، في حين يصل بعضها الى درجة «الدولي» في منتجعات الأخرى
«الاتحاد الاشتراكي» دأبت كل سنة على التطرق لأخبار ذات الشواطئ لاستكشاف ما تم إنجازه بها بعد أن أضحى «اللواء الأزرق «هدف العديد من المسؤولين…

 

«في انتظار «استرجاع العافية المعهودة

الجديدة أو «دوفيل» المغربية كما أسماها الجنرال ليوطي ذات يوم، وهو يقف أمام شاطئها المحاط بخضرة حديقة محمد الخامس نظرا لما كانت تعرفه من هدوء وجمالية شواطئها ونظافة أزقتها، لا دليل اليوم يوحي أنها تعيش صيفها لولا تلك المفاتيح التي يحملها أطفال إعلانا عن شغور شقق معدة سلفا لكرائها لزائر منتظر أو مصطاف محتمل.
الجديدة التي كانت الى حدود الثمانينيات تغري بشواطئها وبساطة ساكنتها ورحابة صدرهم والسهر الذي كان يمتد الى حدود الساعات الاولى من الصباح وتمازج العائلات الزائرة مع العائلات القاطنة في بوتقة واحدة، كل ذلك اختفى ولم يبق منه سوى «الوهم» الذي يحتل جزءا من ذاكرة المدينة. الجديدة التي تم تصنيف جدران حيها البرتغالي قبل عشر سنوات كتراث عالمي يجب المحافظة عليه، لم تعرف أية أنشطة تذكر في ذكراه الثانية عشرة سوى زيارات مجاملة لبعض الفعاليات والهيئات الديبلوماسية الاجنبية في الوقت الذي تم تحويل الساحة المحيطة به الى ملعب لكرة القدم وبقايا سوق سيتحول في اي لحظة الى اشياء اخرى، بل إن جهات تحاول اليوم تنصيب»شويات «السردين بالقرب منها وتبقى الميزة الأساسية التي عرفها شاطئ الجديدة خلال هذا الصيف هورسم خريطة «ضعيفة» لشيء اسمه التنشيط الصيفي؟ فنصب خيام لا يمكن تصنيفه ضمن التنشيط خاصة اذا اضفنا له ما يسمى ب «اذاعة الشاطئ» التي يقال في شأن تنشيطها الشيء الكثير.
الترقيع الذي يعرفه الشاطئ كل سنة لايمكن تصنيفه سوى ضمن خانة تضييع المال العام ، حيث ان الشاطئ اصبح اليوم في حاجة ماسة الى اصلاح جذري يعيد له بسمته ويصالح ابناءه معه . بعيدا عن تزليج وتبليط يكلف مالية المؤسسات الوطنية اموالا طائلة بدون جدوى ،وبالتالي فإن الشاطئ اضحى في حاجة ماسة الى تفكير جماعي وليس الى ارتجالية في التخطيط وسرعة في التنفيذ تحت ذريعة ضيق الوقت، فيسقط كل شيء في المحظور٠
أما مياه الجديدة وإن كانت نسبيا قد عرفت تحسنا ملحوظا حسب خبرة مختبرات الدولة بعد ان تم وقف رمي نفايات الخميرة بالبحر، فإن ظاهرة التلوث تستوجب وضع حد لها حفاظا على ما تبقى لهذه المدينة من منشآت هي في حاجة إليها.
جديدة هذا الصيف تميزت بمحاربة احتلال الشاطئ من طرف اصحاب المظلات وتقسيمه الى ثلاثة قطاعات.. الا ان الجديدة التي كانت تمتلئ عن آخرها في الاسبوع الثاني من يوليوز بدأ اليأس يدب فيها حيث ظلت الى حدود الاسبوع الثالث من يوليوز دون زوار، إذ كان معتادا أن تمتلئ عن آخرها في الاسبوع الاخير منه مما يؤدي الى ارتفاع أثمنة الكراء حيث تصل الشقق الى ما يناهز (500 ده) لليلة الواحدة فيما داخل الاحياء الشعبية تتراوح ما بين 120 و250 درهما لليلة الواحدة، بينما الفنادق المصنفة تكون الحجوزات الى آخر شهر شتنبر، مما يؤشر عل ىان الجديدة ستعرف صيفا باردا رغم انها بدأت تسترجع بعضا من بريقها على مستوى السياحة الخارجية ،ويبقى مشكل الشقق المفروشة المهيأة لكل شيء مشكلا أساسيا يسيء الى سمعة المدينة أحيانا مما يستوجب محاربة هذه الظاهرة والعمل على تنظيم سوق السياحة الشعبية
إلا أن الملاحظة الأساسية هي زحف الباعة الجائلين على بعض الأماكن العمومية وسط المدينة مما يستوجب العمل على محاربة هذه الظاهرة التي تشوه الرونق العام وتخلق العديد من المشاكل على شاكلة ما يقع بشارع الزرقطوني وساحة الحنصالي٠ رغم المجهودات التي يقوم بها طاقم الملاحق الادارية مما يستوجب تضافر الجهود للقضاء على الظواهر الشائنة .
الحوزية.. لا تخلو لوائح
اللواء الأزرق من اسمه

محطة الحوزية الاسم الذي أصبح متداولا اليوم وسط رجال الاعمال والمؤسسات السياحية الكبرى والشركات العالمية المختصة في الفندقة والسياحة نظرا لما تحتضنه هذه الأرض الخلاء التي كانت الى حدود الأمس القريب موغلة في التوحش ولا تضم سوى الغولف الملكي، تعتبر اليوم من بين أجمل المصطافات على المستوى الاقليمي نظرا لجودة المياه وشساعة الشاطئ وتعرف إقبالا كبيرا من طرف زوار الجديدة أو سكانها، اضافة الى توفرها على البنيات التحتية من أماكن النظافة، مراحيض، رشاشات… وهي الخدمات التي تقدم مجانا الى المصطافين.
وتضم أكبر تجمع من المخيمات التابعة للجماعات ووزارة التربية الوطنية وبريد المغرب ووزارة الشبيبة والرياضة ، والجمعيات التربوية الوطنية ومصالح الدولة وغيرها، وقد ظلت قبلة لعدد من الزوار الذين يفوق عددهم 100000 نظرا لتوفرها على بنية أساسية ممتازة، إذ تم تهيئ العديد من الكيلومترات وذلك بتبليطها، كما تم بناء المرافق الصحية الخاصة بالنظافة والتي وضعت رهن إشارة المصطافين مجانا، وذلك من أجل النهوض بالميدان السياحي، وهو الشاطئ الذي ظل محافظا على العلامة الزرقاء للمرة السابعة عشرة على التوالي علما بأن العديد من المؤسسات الاجتماعية والمالية ظلت تدعم الجماعة في معركتها من أجل الحفاظ على نظافة الشاطئ والرقي به الى مصاف الشواطئ الدولية، حيث يعمد المسؤولون الجماعيون والفعاليات الجمعوية إلى القيام بالعديد من الأعمال التي تمكن هذا الشاطئ من احتلال المراتب المتقدمة أثناء عمليات التصنيف.
سيدي بوزيد ..
تحسن في جودة المياه

يعتبر منتجع سيدي بوزيد من بين أبرز المنتجعات على الصعيد الوطني والدولي الذي عرف هو الآخر تحسنا في جودة مياهه يصل ثمن الكراء به أحيانا الى 1000 درهم لليلة الواحدة، ويتميز شاطئ سيدي بوزيد كونه عبارة عن خلية صغيرة به شاطئ رملي يمتاز برماله الذهبية حيث يتجاوز طوله 1400 متر محاطا بأجراف صخرية، إذ أنه عبارة عن نصف دائرة ويستقطب حوالي 150000 زائر من داخل وخارج أرض الوطن وعرف هذه السنة ترسيم التجهيزات الاساسية بعد ربطه بشبكة التطهير السائل وإعادة النظر في الملك العام بهدم واجهات فيلات احتلت جزءا من الطريق العام منذ سنوات.
ويمتاز أيضا شاطئ سيدي بوزيد هذه السنة بزيارات بعض العائلات التي تفضل قضاء اليوم به والعودة الى منازلها بالجديدة والنواحي ليلا وقدرت هذه الزيارات بأكثر من 10000 زيارة يومية، والتي تصل في أوقات الذروة الى حوالي 50000 زيارة.
اما مشكل الامن فلم يعد مطروحا هذه السنة، فقد تمت الزيادة في عدد رجال الدرك، فيما يبقى عدد حراس ومعلمي السباحة قليلا، كما أنهم يفتقدون الى أدوات العمل. و الزائر لا يجد أدنى مضايقة من طرف من ألفوا مضايقة الزوا. وتبقى ممارسة رياضة الدراجات المائية من بين الوسائل التي تشكل الى حد بعيد خطرا على المصطافين خاصة وأن بعض الشباب المتهور يغامر أثناء ممارسة هذه الرياضة التي ينشط أصحابها أحيانا دون تراخيص. وتبقى سمة منتجع سيدي بوزيد أنه من بين أغلى الشواطئ على المستوى الوطني والمحلي.
الواليدية .. «بحيرة الاستثناء»

تكتسب الواليدية شهرتها من بحيرتها التي تمنحها الاستثناء والتميز، فهي تعد مسبحا جادت به الطبيعة على المنطقة لتخرجها من طابعها الفلاحي وترمي بها في أحضان سياحة مرتكزة على البحر وما يرتبط به من أنشطة ورياضات مائية تستقطب مولعين بها من داخل المغرب والخارج. هذه البحيرة، تضخ فيها مياه بحرية من أمواج تبدو هائجة وصاخبة، قبل أن تتكسر على صخور محيطة بالبحيرة، وتدخل من مدخل بحري صغير، يحولها إلى مياه هادئة تمكن البحيرة من تجديد مياهها باستمرار.
وزادت جغرافية المكان البحيرة روعة، حين أحاطتها الطبيعة بجبال صخرية عالية، حول مستثمرون البعض منها إلى مركبات سياحية شبه معلقة، ما مكن من رفع الطاقة الاستيعابية للوافدين عليها خاصة في فصل الصيف. وعلاوة على البحيرة، يوجد الشاطئ رغم صغر مجاله المائي، ويعد الموقعان، من أكثر المجالات البحرية استقطابا للمصطافين في بلادنا، خاصة في فصل الصيف، ذلك أن البحيرة شكلت سندا طبيعيا أساسيا لتثمين شاطئ الواليدية الذي اكتسب شهرة منقطعة النظير، جرى تسويقها بشكل واسع بواسطة زوار ووكالات أسفار والمكتب الوطني المغربي للسياحة وأيضا من قبل مخرجين مغاربة وأجانب صوروا بها مشاهد من أعمال فنية شهيرة.
روعة البحيرة تزداد بطيورها المهاجرة التي ترحل إليها من أماكن قصية من المعمور، لأنها منطقة رطبة مشمولة بمعاهدة رامسار الموقعة في إيران في 1971 ، والتي تشمل المناطق الرطبة بعناية خاصة للحفاظ عليها كمحميات طبيعية للطيور المهاجرة. كما أن المخطط الملكي لحماية الواليدية، رصد قبل عشر سنوات استثمارات مهمة للحفاظ على بحيرتها من التلوث، خاصة الحد من فضلات القطيع الحيواني الذي اعتاد فلاحون إطلاقه بمحيط البحيرة، وذلك بإحداث مراع كبيرة على مساحة ألف هكتار عن طريق زرع نبتة كلئية تدعى “الكضفة ” تبقي على القطيع بالأراضي الفلاحية بدل مهاجمته للبحيرة.
لكن جمال البحيرة والشاطئ   لم يشفعا  للوليدية برفع اللواء الأزرق بشاطئها إلى حين إكمال إصلاحات بالكورنيش، منها إعادة بناء الأدراج ومرافق أخرى.
سيدي عابد ..
«محطة سياحية مستقبلية»

يقع شاطئ سيدي عابد على بعد 32 كيلومترا جنوب الجديدة على الطريق الساحلية الرابطة بين الجديدة والواليدية.
ويعتبر سيدي عابد من أجمل الشواطئ بالشريط الساحلي، إلى جانب شاطئ سيدي بونعايم والحوزية وسيدي بوزيد وسيدي موسى ومريزيقة والواليدية. ويتوفر منتجع سيدي عابد على خليج بحري وشاطئ برمال نقية وذهبية، تجذب الزوار والسياح من كل مناطق المغرب، سيما أنه وجد في منطقة فلاحية، توفر الخضر والفواكه الموسمية
ويمتاز سيدي عابد أيضا بتوفره على إقامات سياحية وقربه من الجديدة والواليدية، إذ ينوع مصطافوه بين السياحة القروية والشاطئية. وسيعرف المركز ذاته مستقبلا افتتاح منطقة سياحية تدخل في باب «مخطط بلادي» الرامي إلى تنمية السياحة الداخلية.
حيث اكدت المصادر التي التقيناها، أن محطة «سيدي عابد» السياحية، تقع على مساحة 40 هكتارا وخصص لها غلاف مالي استثماري، يصل إلى 461 مليون درهم. وتبلغ سعتها الإيوائية، حسب البطاقة التقنية، 5700 سرير، موزعة على شكل إقامات فندقية أفقية وعمودية إلى جانب توفير إقامات سكنية ومخيمات دولية تتسع لاستيعاب ألفي شخص، بالإضافة إلى مرافق رياضية وتجارية وترفيهية، قد تساهم في تنمية منطقة «سيدي عابد» باعتبارها محطة  سياحية مستقبلية، لإخراجها من العزلة والتهميش. وأوضح المصدر نفسه، أن المشروع اعترضته عدة مشاكل ترتبط أساسا بالرهون والاعتراضات على نزع الأراضي، مضيفا أنه تمت تسوية جزء كبير من الوعاء العقاري وفصله عن الملك الغابوي، وتنازل مديرية المياه والغابات لفائدة الدولة.
ويشتهر «سيدي عابد» بتنظيمه لموسم سنوي، يستقطب الزوار والسياح من داخل وخارج المغرب ويتميز بفن التبوريدة، التي تتبارى حولها عدة سربات من داخل الإقليم وخارجه، كما يعتبر فرصة لتلاقي سكان الجماعة الترابية والجماعات المحيطة بها مثل أولاد عيسى وأولاد غانم وزاوية سايس. إن فصل الصيف مجرد أسابيع عابرة لا تلاحظ فيه العين كل المساوئ إلا أنه اليوم أصبح مطلوبا إعادة النظر في بعض البنيات الاساسية، لأن المواطن أصبح يبحث عن الأرقى والأجمل والأبسط، وهي أشياء توفر له الراحة كما تفتح له أبواب العودة من جديد، علما بأن الحصول على اللواء الأزرق أضحى يتطلب العديد من الإصلاحات والمراقبة طيلة السنة.

 


الكاتب : مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 23/07/2018