عن الملكية: في التفاوض أو التعاقد : في دور التطوير أو الفرملة؟ 3

عبد الحميد جماهري

الشرعية الإصلاحية للملكية

تقود الملكية، منذ عقدين تقريبا، عملية إصلاح شاملة، تعدت المفهوم الجديد للسلطة إلى المصالحة مع المعايير الكونية في تنظيمها.
لا جدال في أن التغيير الحاصل في دورالملكية، هو قراءة تاريخية لموقع المغرب الضروري في التقدم نحو الأمام، ومركزيتها لا تمتحها فقط من الشرعيات المعروفة: الدينية والتاريخية والدستورية، بل أيضا من كونها قاطرة الإصلاح، وبالتالي فهي تملك شرعية إصلاحية لا غبار عليها.
إذا اقتصرنا على الدسترة الحديثة للطبيعة الجديدة للدولة، فإن التذكير ببعض المعطيات ضروري في التقدير:
– من الذي سارع إلى المطالبة بالإصلاح، في فبراير 2011؟
باستثناء الاتحاد – وهو نفسه لم يكن هناك إجماع داخل قيادته !- الذي تقدم بورقة عمل دستورية ومذكرة للإصلاح، و لم يغامر أي حزب بمذكرة للإصلاح أو أعرب عن مشاركته الاتحاد في مذكرته!
– الحركة الإسلامية، كانت وتظل تتموقع بين اللعب من خارج الملعب الدستوري والإصلاحي أو أنها اعتبرت بأن الإصلاح ليس أولوية، وأن بناء الثقة هي الأساس، ولم تغامر كحركة سياسية – ذات وجود شرعي وقانوني- ممثلة في العدالة والتنمية بوضع مخطط للإصلاح الدستوري حتى استدعاها الملك إلى مائدة التعديل الدستوري..
– مكونات الكتلة الأخرى ظلت تردد بأن الوضعية متقدمة وأن احترام المنهجية الديموقراطية في تعيين الأستاذ عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال المرتب في طليعة الأحزاب، كاف وأن الأساس الدستوري للحكومة تم احترامه ولا شيء يدعو إلى المذكرة..
– مكونات الحقل الحزبي الأخرى لم ينتظر منها أبدا أن تلعب دورا آخر غير دور تعطيل الاندفاعات الإصلاحية وهي امتداد طبيعي للإدارة السياسية…
إذن ، تبين بأن الإصلاح رهان ملكي، وأن المساهمة الممكنة للحقل الحزبي بكل تشكلاته (اللهم ما ذكرنا كاستثناء) هي في الحوار حول الإصلاح.
وهذا معطى حقيقي، يدل بأن الفرملة تأتي في الغالب من القوى السياسية نفسها، والتي تتوزعها مرة باسم الثوابت ومرة أخرى باسم التوازن.. وقد تبين أن جزءا كبيرا من الإصلاح الدستوري المتفق عليه، هو في أغلبه، رسملة للممارسة الملكية في مجالات الحقوق والمصالحات ومفهوم السلطة والجهوية والمسألة الأمنية …إلخ.
من يفاوض ومن؟
الحقيقة أن زاوية الإصلاح ضيقة في بلاد نخبتها تخاف بالفعل أن يكون الاستحقاق معيارا في تحديد الوجود أو حتى المشاركة في الفعل السياسي!
بل لحد الساعة ما زالت الخطب الملكية هي الأقوى في الحديث عن اختلالات السياسة…
واختلالات الالتزام المواطن…
وفي ترتيب الأولويات الدستورية…
ولنا أن نذكر بمثال مجلس الوصاية الذي أعيد مقترح قانونه إلى الديوان الملكي، ككيان دستوري، لأن الحكومة السابقة اعتبرت أنه ليس من اختصاصها إلى أن أعيد مجددا إلى مقرها …كدعوة صريحة للممارسة الدستورية السليمة…
ولنا أن نسأل بوضوح: ألا تعطي الريادة في الإصلاح الحق في القوة السياسية، كما تسوغ المركزية في الدور؟..
أليس منطقيا أن الذي يقود الإصلاح هو الأولى بالسهر عليه بل قل حتى تأويله؟…
ليست أسئلة للملاججة( لاجَّ يُلاجّ ، لاجِجْ / لاجَّ ، لِجاجًا ومُلاججةً ، فهو مُلاجِج، والمفعول مُلاجَج :- ? لاجّ الشّخصُ خصمَه لجّ ؛ تمادى معه في الخصومة)، هي ليست كذلك بقدر ما هي تمرين بلاغي له قوة النفوذ السياسي، والحال أن التأزيم مقصود هنا لمنطق يعتبر بأن الإصلاح يأتي، ولا بد، من خارج الملكية ..! وهذا أمر غير منصف تاريخيا ويفسد التحليل بناء على تاريخ حديث…
(يتبع)

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 24/07/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *