الحبيب المالكي يقدم معطيات مادية تهم الاشتغال في مجالات التشريع والعمل الرقابي والدبلوماسية البرلمانية والإدارة العصرية

أكد في ندوة صحفية على التحول الإيجابي في الثقافة والممارسة البرلمانية

في جوابه عن أسئلة الصحفيين، دافع الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، عن دور البرلماني المتعدد الاختصاصات في التشريع والرقابة والتقصي ومساءلة الحكومة، رغم قلة الإمكانيات والشروط الكفيلة بإنجاز هذا الزخم من المهام والأعمال، واستحضر نماذج مؤسسات برلمانية في دول أخرى، والتي تؤكد المعطيات اللوجيستيكية المتوفرة لها، أن البرلماني المغربي يقوم باجتهادات كبيرة واستثنائية ينبغي اليوم معرفتها والوقوف عند معالمها للحيلولة دون أي تبخيس مبني على مغالطات لعمله كممثل للأمة.

كما أجاب المالكي عن كل الأسئلة العالقة في أذهان الصحفيين بعد عرض مستفيض قدمه مستحضرا فيه كافة أوجه الاشتغال المؤسساتي البرلماني، ومن بين هذه الأسئلة غياب الوزراء والبرلمانيين والقوانين التي مازالت في طور الإنجاز والمتابعة، كقانون الإضراب وقانون الأمازيغية التي أكد فيها المالكي أنها محل تساؤل وتداول على رأس كافة اجتماعات رؤساء الفرق النيابية ومكتب المجلس .
وأشار المالكي إلى أن غياب الوزراء يجيب عنه رئيس الحكومة، في أطار تساؤلات الفرق النيابية، بأنه يخضع لنظام التشارك الحكومي، أما بخصوص غياب البرلمانيين فإنه يخضع للنظام الداخلي للمجلس الذي يطبق في حالة الغياب بندَ الاقتطاع .
وأكد الحبيب المالكي على أهمية الدورة التي أسدل ستارها هذا الأسبوع، مقارنة مع الدورات السابقة، مسجلا في الندوة الصحفية التي عقدها أمس الخميس 26/7/2018 بمقر البرلمان، لتقديم حصيلةَ الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، أن هناك تحولا إيجابيا في الثقافة والممارسة البرلمانية، مضيفا أن هذا التحول من شأنه تقوية المؤسسات الدستورية وخاصة التمثيلية منها، مؤكدا أن هذا المنحى المنطلق من تقوية المؤسسات سيساعد على الأمن والاستقرار.
وقال المالكي لوسائل الإعلام المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية، والتي حجت إلى مقر البرلمان، إن المغرب متشبع بالاختيار الديمقراطي، مضيفا أنه لا ديمقراطية بدون استقرار وأمن.
وفي هذا الصدد حرص رئيس البرلمان على أن يستحضر ما يحدث في الجوار غير البعيد، من أجل إلقاء الضوء على أهمية التجربة المغربية.
وبعد أن أبدى ترحيبه بوسائل الإعلام أكد المالكي أن هذا اللقاء أصبح تقليدا ليس فقط لتقديم الحصيلة مع نهاية كل دورة من الدورات، بل هو من عوامل تجديد التواصل مع الصحافة لمناقشة القضايا التي تهم الرأي العام. مذكرا أن المجلس أصدر 100 بلاغ إخباري، وهي بلاغات تهم أنشطة الرئاسة وبلاغات المجلس والجلسات التشريعية.
عرض الحبيب المالكي الذي قدمه أمام وسائل الإعلام والذي استند فيه إلى الأرقام، يدخل في إطار منطق القيمة الـمُضافة في أعمال المجلس، ومنطق التساؤل عن مدى تَمثل المؤسسة التشريعية لروح الدستور وأبعاده، وحمولاتِه الإصلاحية الحقوقية، وتَوَجُّهِه إلى المستقبل، وتَمَثُّلِ آثارِ العمل الرقابي والتشريعي المنجز في مجال تقييم السياسات العمومية على الحياة العامة وعلى تطور المغرب وعلى التماسك الاجتماعي وتحسين أوضاع المواطنين، وعلى العلاقة الفاعلة واليقظة بين المؤسسة البرلمانية والمجتمع، وفي هذا الصدد أكد المالكي أن عدد الأسئلة التي أجاب عنها رئيس الحكومة في الجلسات المخصصة للسياسات العامة بلغ 21 سؤالا من بين 44 سؤالا أحيلت عليه باعتبارها أسئلة تتعلق بالسياسة العامة، حيث بلغ عدد الأسئلة الشفوية التي خضعت لمسطرة الإحالة على الحكومة 972 سؤالا أجابت الحكومة عن 385 منها ومن ضمنها أجوبة عن أسئلة طرحت في دورات سابقة، فيما بلغ عدد الأسئلة الكتابية التي أحيلت على الحكومة 2140 سؤالا، توصَّل أعضاءُ المجلس ب 1150 جوابا عنها.
وفي باب الرقابة، قال رئيس مجلس النواب إن اللجان النيابية عملت على إنجاز مهامها الاستطلاعية، وأَعَدَّتْ تقارير وتوصيات حول المواضيع التي اسْتَطْلَعَتْ بشأنها وذهبت إلى أَبْعَدَ من التشخيص وجَمْعِ المعطيات والمعلومات، إلى اقتراحِ مَخَارج وبدائل وتوصيات.
وأضاف المالكي أن المهام الاستطلاعية التي تم الانتهاء منها، أو التي هي في طور الإنجاز، همت أسعار المحروقات وأوضاع السجون والمعابر إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية وظروف استقبال مغاربة العالم بالموانئ والملاعب الرياضية والرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية العمومية. مذكرا أن مكتب مجلس النواب وافق خلال هذه الدورة على إنجاز ثمان مهام استطلاعية من بين 16 طلبا أحيلت عليه برسم السنة التشريعية، مضيفا أن المجلس رسخ آلية جرد وتوثيق التعهدات الحكومية في الجلسات العامة لمجلس النواب وراسل أعضاء الحكومة بشأن كل تعهد، وقد بلغ عددها برسم الدورة الحالية 53 تعهداً مقابل 95 خلال دورة أكتوبر ليصل العدد الإجمالي للتعهدات المرصودة برسم السنة التشريعية 148 ردت الحكومة على 32 منها .
وأكد المالكي أن لجنة مراقبة المالية العامة أعدت تقريراً بشأن الحساب الخصوصي المتعلق بصندوق التنمية القروية اعتمادًا على تقرير المجلس الأعلى للحسابات في هذا الشأن وعروض وبياناتِ أعضاء الحكومة حول تدبير الصندوق.
وفضلا عن المناقشة في الجلسة العامة التي ساهمت فيها الفرق والمجموعة النيابية، أكد المالكي أن المجلس اعتمد بناء على اقتراح من اللجنة المعنية، 23 توصيةً وافقت الحكومة على 17 منها، مما يكَرِّسُ مرة أخرى منهجية التوافق والتجاوب، ويجسد قيمة الحوار حول قضايا مركزية في التنمية،
واعتبر رئيس مجلس النواب أن حصيلة المجلس أيضا نوعية، من حيث قيمة النصوصِ المصادَقِ عليها، والبالغِ عددها 34 بين مشروع ومقترح، منها 29 مشروع قانون وخمسة مقترحات قوانين ليبلغ بذلك عدد النصوص التي صادق عليها المجلس خلال السنة التشريعية 65 نصا، منها نصان خلال الدورة الاستثنائية، ويتعلق الأمر في هذه الدورة بعدد من النصوص الـمُؤَسِّسَة، كما هو الحال بالنسبة لمشروع القانون المتعلق ببنك المغرب ومشروع القانون المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة الكترونية ومواكبتها، ومشروع القانون المتعلق بمؤسسة الوسيط وذَاكَ المتعلق بمدونة التجارة وغيرها. ويتعلق الأمر بنصوص تَكْفَلُ التأطيرَ القانوني لعصرنةِ الاقتصاد والخدمات والنظام النقدي الوطني وتَسْتَشْرفُ مستقبلَ قطاعاتٍ واعدةٍ ومفتوحةٍ على العالم، مضيفا أن عدد مقترحات القوانين التي تقدمت بها الفرق والمجموعات النيابية والمحالة على اللجان الدائمة، بلغ 82 مقترح قانون. وذكر رئيس مجلس النواب أن أعضاء المجلس تقدموا بـ 570 تعديلا على مشاريع القوانين المصادق عليها خلال الدورة الحالية قبلت الحكومة 188 منها، أي بنسبة 33 %.كما ذكر المالكي أن هذه الدورة تميزت بتقديم ومناقشة تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المعنية بالتنمية القروية بشأن «مساهمة البرنامج الوطني للطرق القروية الثاني في فك العزلة عن المجال القروي والجبلي بالمغرب». وأضاف أن اختيارَ هذا الموضوع ليكونَ محورَ تقييمِ السياساتِ العمومية، كاختصاصٍ دستوريٍ حصريٍ للبرلمان، يُجسد تَوَجُّهَ المجلسِ إلى إنجاز وثيقةٍ استندتْ إلى معطيات رقمية، ومستوياتِ الإنجاز ومجالاتِ الاستهداف والإطارات الاتفاقية، لإنجاز تجهيزاتٍ حيوية بالنسبة لسكان الجبال، كخَزان ثري للقِيَمِ والخيراتِ والمواردِ والتاريخِ والحضارة.
وأكد المالكي على اختيار السياسة الوطنية في ما يتعلق بالتعليم الأولي، وكما أكدها جلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها جلالته يوم 18 يوليوز 2018 إلى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي.
ولم يفت المالكي أن يشير في عرضه إلى تشكيل اللجنة المكلفة بالعرائض والملتمسات، فيما يتم إعداد القاعدة والنظام المعلوماتيين الخاصين بتدبير عرائض المواطنات والمواطنات وملتمساتهم من أجل التشريع، ضماناً لتدبيرٍ شفافٍ لهذه المبادرات المواطنة. وتفعيلاً لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، معتبرا أن المجتمع المدني شريك أساسي في إِعمالِ هذه الصيغة الراقية من المشاركة في تدبير الشأن العام، وفي اقتراح التشريع وفي تأطيرِ مطالبِ المواطناتِ والمواطنين في صيغة عرائض.
وعن الدور الدبلوماسي للبرلمان تحدث المالكي قائلا « وإدراكا من مجلسنا للدور الحاسم للدبلوماسية البرلمانية الثنائية والمتعددة الأطراف في العلاقات الدولية وتأثير البرلمانات والمنظمات البرلمانية المتنامي في القرار الدولي، واصَلْنا إعمالَ الرؤية الجديدة في مجال العلاقات الخارجية والتعاون الدولي مكرسين مقاربات الترصيد والحضور والاستباق والمأسسة والتأطير القانوني لعلاقاتنا الثنائية مع البرلمانات الوطنية والانتقال من الظرفي إلى المُمَأْسَسِ المستدامِ. وفي هذا الصدد، عَمِلْنا على توطيد علاقاتنا مع عدد من البرلمانات الوطنية في أمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة البلقان، إذ وقعنا خلال هذه الدورة على خمس اتفاقيات ومذكرة تفاهم مع المؤسسات التشريعية في كل من صربيا والجبل الأسود وجمهورية البنين وبرلمان دول الأنديز وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب». إضافة إلى تنظيم منتديات مع كافة الشركاء في المتوسط وفي إفريقيا ونقط أخرى في العالم.
وأكد المالكي أن «الحرص النوعي والاستباقي واليقظ في الدبلوماسية البرلمانية، يتصدره اهتمام مركزي هو الدفاع عن قضية وحدتنا الترابية والتصدي لكل الادعاءات والافتراءات التي ينسجها خصومنا. وأغتنم هذه المناسبة لأُثْنِي على تعبئة أعضاء المجلس، في مكتب المجلس ورئاسات الفرق واللجان، وفي مجموعات الصداقة والشُّعَبِ الوطنية واحترافية أدائهم في الدبلوماسية البرلمانية».
وفي هذا الجانب أخبر المالكي أنه إعمالا للنظام الداخلي للمجلس، تم تشكيل المجلس لثلاث مجموعات موضوعاتية جديدة تُعنى الأولى بقضية الوحدة الترابية للمملكة والثانية بالشؤون الإفريقية والثالثة بالقضية الفلسطينية التي تعتبر انشغالا مركزيا بالنسبة للمغرب، مؤكدا أن الطريق المناصر للعدل وللشرعية الدولية يجسده المجلس في عدد من المبادرات كان منها النقاش الذي فتحه خلال جلسة 14 ماي 2018 على إثر أعمال القتل التي مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في حق عدد من أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي جانب العمل على إدارة برلمانية عصرية وقوية بموارد بشرية كفؤة، مواكبة ومنضبطة، قال المالكي إن مكتب المجلس صادق على خطة عمل جديدة للمجلس، أسستْ على التراكم، وتتضمن أكثر من 140 تدبيراً مركزيا. كما صادق مكتب المجلس على نظام جديد لإدارته سيمكن العمل به من هيكلة هذه الإدارة وفق رؤية شاملة متوجهة نحو المستقبل، تعتمد الشفافية ومبادئ الاستحقاق وتكافؤ الفرص وتأخذ بعين الاعتبار عنصر الكفاءة والمردودية والانضباط والانخراط في عمل المؤسسة.


الكاتب : من البرلمان: بديعة الراضي

  

بتاريخ : 27/07/2018