قـصـة عـيـد الـعـرش بـالمـغـرب

 

لعيد العرش بالمغرب قصة.
وهي قصة ارتبطت دوما بسؤال السياسة وحساباتها كخيارات في التدبير منذ قرن من الزمان، أي منذ إعلان وتنفيذ الحماية على المغرب، سنة 1912، تنفيذا لقرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء الخاص بما يعرف ب «القضية المغربية» سنة 1906. وهي الحماية التي أدت إلى تقسيم الجغرافية المغربية بين الاستعمار الإسباني في الشمال والجنوب، والإستعمار الفرنسي في الوسط (الغني فلاحيا وبالمياه وبالمعادن) والاستعمار الدولي في طنجة.
وبالمقارنة بين أعياد مماثلة في مختلف ملكيات العالم، سنجد أن قصة ما يصطلح عليه ب «عيد الجلوس» (مشرقيا)، تختلف من حيث معاني الاحتفال من ثقافة سياسية إلى ثقافة سياسية أخرى. ففي الملكيات الأروبية، عموما، هو احتفال بروتوكولي عائلي، ما عدا في إنجلترا الذي هو احتفال وطني عمومي، بسبب الخصوصية التاريخية للنظام السياسي البريطاني، الذي يجعل الجالس على العرش (رجلا أو امرأة)، قائدا أعلى رمزيا للأمة، ورئيسا للكنيسة الكاثوليكية بها. وأن الاحتفال بعيد جلوسه على العرش، هو احتفال عمومي شعبي بالملكية، كمؤسسة عريقة هناك. فيما الملكيات العربية، لا يحتفل أغلبها بعيد الجلوس، خاصة في دول الخليج (وفي المقدمة منها السعودية)، ويقتصر الاحتفال بهذا العيد على المغرب والأردن.
لكن الاختلاف بين هذا العيد في عمان وفي الرباط، هو على قدر اختلاف السياقات السياسية والتاريخية لميلاد الاحتفالية هذه. بالتالي فلا تشابه بينهما بالمرة. لأن عيد العرش بالمغرب، قد ولد كقرار سياسي للحركة الوطنية المغربية. وهذه ميزته الكبرى، لأنه ترجمان لفعل سياسي وطني مغربي مقاوم للاستعمار وخططه. بل وأنه ترجمان لتحول في الوعي السياسي للمغاربة، بمعناه المديني المنظم، التراكمي، الذي يبني للفكرة الوطنية في أذهان المغاربة بتواتر المناسبات العمومية المتعددة. وكانت مناسبة عيد العرش واحدة منها، تترجم خيارات ومواقف مغربية لها معناها السياسي الواضح. بل إن إقرار الاحتفال بهذا العيد، كان ترجمانا لشكل جديد في معنى الدولة لدى النخبة المغربية حينها.
الدولة في وحدتها الجغرافية وأيضا في وحدتها السياسية من خلال ما يرمز إليه الجالس على العرش من عنوان للسيادة. وهو القرار السياسي الذي جاء ليرد على مخططات استعمارية فرنسية بالأساس، كانت تهدف إلى تقويض الوجود الدولتي القائم بالمغرب، من خلال محاولة فرض قوانين تنظيمية، تلحق المغربي بالفضاء السيادي الفرنسي، تماما مثلما كان عليه الحال بالجزائر.


الكاتب : لحسن العسبي

  

بتاريخ : 30/07/2018