شكرا مصطفى الدرقاوي!

 

لا مجال ها هنا والآن لتقديم الرجل، وتسطير مساره الإبداعي.. فأنتم تعرفون الرجل وقيمة الرجل… فعليه، لا يسعنا اليوم أمامكم إلا تقديم أحد التشكرات هذا المبدع المتميز علما بأن العبارة لا تسعفنا دائما، فهو أكبر وأعمق من التعبير والمباراة…
شكرا مصطفى، لأنك مثقف في زي فنان، وفنان بقبعة مثقف.. علمتنا أن نحتمل الفن نعيما وعذابا، كما علمتنا بأنه لا إبداع سينمائي بدون مرجعية ثقافية وفكرية… شكرا مصطفى!
شكرا لتواضعك الكبير، شكرا لأنك علمت الكثيرين … علمتنا أن العمل الجيد هو الذي بالنقد جدير، وعلمتنا أن الصداقات عزيزة، لكن الحقيقة أعز.
كنت دائما ودوما يا مصطفى مسلحا بالإيمان وبالطموح وبالذاتية و بالرغبة الجامحة في خلق المفاجآت عبر الصورة التي تظل أبدا في البال أغنية وحكاية.. علمتنا كيف نحترم الكاميرا مع أنها ليست من يلتقط الصورة، بل العيون الثاقبة الذكية هي من يلتقطها… شكرا مصطفى لأنك أخبرتنا بأن الصورة السينمائية والصورة الشعرية سيان، وأن على المخرج أن يكون شاعرا من البحر الطويل إلى البحر الوافر مرورا بالبحر البسيط.. وعلمتنا يا أستاذ بأنه لا وجود لفيلم جيد بدون سيناريو جيد، بشرط أن يكون هناك مخرج صاحب نظرة، ورفيق رؤية.. نعم، إبداعاتك فرضت وتفرض علينا تعدد القراءات والتأويلات والتفسيرات، فلك في خانة السينما لمسات فنية أخاذة بالمسامع والرؤى! ولك من العناوين ورود داخل الحقل السينمائي، ولو كان العنوان عنوانا مؤقتا…
إنك يا مصطفى، وبعيدا عن كل لغة التضخيم المبتذل التي تكرهها في أفلامك، إنك والحالة هذه حالة استثنائية في شعبة الفلسفة السينمائية ببلادنا.
ولهذا نشكرك، ولهذا نحبك، ولهذا نقدرك، ولهذا نحن بك معتزون.. السينما ليست فحسب فنا سابعا، همست في أذنينا يا مصطفى! بل كل الفنون تتداخل وتبني الإبداع السينمائي من اللوحة إلى الرقص مرورا بالمسرح والموسيقى… كنت يا مصطفى تدرك جسامة المسؤولية وخطورتها، ومع ذلك كان التحدي، و أعلنت أمام الجميع أن لا شيء غير العمق في الإبداع يرضي طموحك! قالوا: مجنون… وقلت: ما فائدة الفن إذا لم يكن هناك جنون!
مصطفى صديقنا متسامح… صبور.. حالم.. سخي… ودود.. وجميل في مجالساتك جمال أيام شهرزاد الجميلة ذات زمن ولى أكثر جمالا..
شكرا مصطفى لأنك علمتنا الصدق في المشاعر والتعامل مع الأحاسيس، علمتنا معنى المقاومة والمجابهة والمواجهة والتحدي، كلما علمتنا من خلال إبداعاتك معنى الدقة والتركيز، ومعنى القياس والمقاس ومعنى كلمة »إبداع«…
شكرا صديقنا وأستاذنا مصطفى، دمت سمفونية درقاوية نادرة…!
نص الشهادة التي أدلى بها الإعلامي حسن نرايس بمناسبة تكريم المخرج مصطفي الدرقاوي خلال مهرجان »السينما والمدينة« بالبيضاء.


الكاتب : حسن نرايس

  

بتاريخ : 13/08/2018