منابع بوزملان بتازة، بين الإقبال الهائل للزوار والتهميش الممنهج للمسؤولين المحليين

مع حلول فصل الصيف يكثر الإقبال على «منابع بوزملان» بجماعة آيت سغروشن ضواحي تازة، حيث يجد سكان المنطقة والنواحي ضالتهم في الاستمتاع بمياه المنابع الباردة والدافئة التي يتجاوز عددها 40 منبعا.
المنتجع الصيفي الذي أنشأته جمعية تاومات للتنمية والبيئة في صيف 2010 شهد تطورا ملحوظا في غياب تام للمسؤولين المحليين الذين ينهجون سياسة التهميش والإقصاء اتجاه المنطقة من خلال تهريب مقر الجماعة من بوزملان إلى دوار القوار بعدما رحّلوا في وقت سابق السوق الأسبوعي إلى ذات الدوار وأصبحت مداخله لا تتجاوز 100 درهم سنويا بعدما كان في بوزملان يضخ في خزينة الجماعة الملايين.
مركز بوزملان الذي يتوفر على هذا المتنفس الوحيد بدائرة تاهلة، يعرف إقصاء ممنهجا من طرف مدبري الشأن العام المحلي، ويتجلى ذلك من خلال تهميشهم للطريق المؤدية للمنطقة وتلويث المنابع وغياب علامات تعريفية لهذا المنتجع السياحي على مستوى مداخل المنطقة.
وللولوج إلى بوزملان الواقع غرب تازة ب60 كلم وشرق فاس ب45 كلم، لابد من المرور عبر الطريق الإقليمية 5401 إذا كنت قادما من الشرق، ومن الغرب الطريق الثانوية التي تحمل اسم «عين فلاج».
هذان المسلكان لا يحملان من الطريق إلا الاسم فقط، فالطريق الإقليمية التي تربط بوزملان بالطريق الوطنية رقم 6 عبر جماعة مطماطة على طول 14كلم، مهترئة وضيقة وتتسبب في مشاكل ميكانيكية للعربات التي تمر عبرها، وكذلك ومثال بالنسبة للطريق الثانوية «عين فلاج» الرابطة بين بوزملان والطريق الوطنية رقم 6 على طول ستة كيلومترات.
ورغم العديد من نداءات الفاعلين المحليين وبيانات ومراسلات الجمعيات المحلية والوقفات الاحتجاجية للساكنة للفت انتباه المسؤولين محليا وإقليما للأوضاع التي آلت إليها المنطقة، إلا أن الآذان الصماء والمتابعات القضائية للفاعلين الجمعويين والحقوقيين والسياسيين، كانت العنوان البارز لمدبري الشأن العام بهذه الجماعة الغنية بثرواتها الطبيعية والفقيرة بسوء التسيير.
حميد البوزرياني رئيس جمعية تاومات للتنمية والبيئة ،أكد في تصريح صحفي للجريدة ،أن الطُرق المؤدية لبوزملان الذي يعد أكبر تجمع سكاني بالمنطقة ومركزا لجماعة آيت سغروشن، غير صالحة بتاتا للاستعمال جراء الإهمال الذي طالها لعقود من الزمن، مشيرا إلى أن البنية التحية على مستوى الجماعة شبه منعدمة.
الفاعل الجمعوي والحقوقي أوضح في ذات التصريح، أنه بالإضافة إلى مشكل الطُرق التي تحمل الاسم فقط، هناك أيضا مشكل تلويث منابع بوزملان التي تعتبر بالإضافة إلى منتجع صيفي، المصدر الوحيد لتزويد الساكنة بالماء الشروب، مشيرا إلى أن جمعية تاومات جسدت مختلف الأشكال الاحتجاجية أمام المكتب الوطني للماء الصالح للشرب وجماعة آيت سغروشن للفت انتباه المسؤولين إلى هذه الكارثة البيئة التي تهدد صحة وسلامة المواطنين، لكن بدون جدوى.
مركز بوزملان الذي يعد واجهة آيت سغروشن استفاد من مشروع إعادة التهيئة بغلاف مالي فاق مليار ونصف المليار سنتيم، غير أن هذا المشروع عرف بعض الخروقات في الإنجاز كما أكدت ذلك الساكنة من خلال وقفاتها الاحتجاجية التي جسدتها أمام مقر الجماعة في عدة مناسبات.
الشطر الأول من المشروع توقف بعد ظهور بعض العيوب في الإنجاز ،خصوصا الشارع الرئيسي والوحيد بالمنطقة الذي يتحول إلى مسبح في فصل الشتاء، بالإضافة إلى تعثر بناء «تصفية المياه العادمة» مما أدى إلى إفراغ حمولة قنوات الصرف الصحي بالوادي الذي يعتبر شريان الحياة بحكم تزويد الساكنة بالماء الشروب، ناهيك عن الرصيف والأعمدة الكهربائية المائلة والتي لم تُركب بعد.
مظاهر الإهمال والتهميش لهذه «الجوهرة» كثيرة ومتعددة وظاهرة للعيان، فبالإضافة إلى البنية التحتية الكارثية هناك إشكال النفايات المنزلية المتناثرة هنا وهناك جراء التأخر في جمع الأزبال وإهمال الحاويات التي تصبح بعد إفراغها مرتعا لجميع أنواع الحشرات التي تشكل خطرا على حياة أطفال المنطقة.
هذا المرفق الحيوي تملصت منه الجماعة وأسندته لجمعيات المجتمع المدني التي تعاقبت عليه وأكدت فشلها في تدبيره، من خلال إعلان عدم قدرتها على مواصلة جمع الأزبال لمجموعة من الإكراهات الموضوعية.
الجمعية الحالية التي أسندت لها مهمة تدبير هذا المرفق الحساس تتهاون في القيام بمهامها، وذالك من خلال التأخير في جمع النفايات التي تُزكم أنوف الساكنة والزوار الذين يتكاثرون خلال فصل الصيف للاستمتاع بمنابع بوزملان الباردة.
ورغم كل هذه الإكراهات والمشاكل وسياسة التهميش والإقصاء التي ينهجها المسؤولون المحليون اتجاه مركز بوزملان، إلا أن كرم الساكنة وحسن ضيافتهم والمؤهلات الطبيعية ينسي الزائر صعوبة الوصول لهذه المنطقة التي حباها الله بمياه باردة صيفا ودافئة شتاء، لا بمكن للمجلس الجماعي أي يُرحلها لمكان آخر.


الكاتب : محمد بودويرة

  

بتاريخ : 15/08/2018