نقائص تدبير قطاع الماء الصالح للشرب : أثقاب مائيةدون حماية وتقصير في مراقبة وضعية الخزانات

تضمن تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2015 ، «المفرج» عن خلاصات مهامه الرقابية ، بحر الأسبوع المنصرم ، مجموعة من الملاحظات «الثقيلة» بشأن تدبير الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بإقليم القنيطرة ، قادت قضاة المجلس إلى عرض واقتراح عدد من التوصيات، في أفق تدارك النقائص المسجلة والحيلولة دون اتساع دائرة تداعياتها السلبية ، كما يستشف من «العناوين الكبرى « المستشهد بها أدناه ، والتي تكفي قراءة متأنية لسطورها، للوقوف على مدى قتامة الوضع التدبيري بهذه المؤسسة.

قامت الوكالة خلال الفترة الممتدة من سنة 2010 إلى 2015 بتعبئة حوالي 6.29 مليون متر مكعب سنويا من المياه، وذلك لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان من الماء. وقد مكن تقييم نظام إنتاج وتخزين ومراقبة جودة المياه الصالحة للشرب وكذا توزيعها من تسجيل عدد من الملاحظات تهم ، مثلا، وضعية الأثقاب.
غياب ترخيص وكالة الحوض المائي

نصت المادة 38 من القانون رقم 95.10 المتعلق بالماء والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 154.95.1 الصادرفي 18 من ربيع الأول 1416 (6 غشت 1995) على أن إنجاز الأثقاب التي يتجاوز عمقها حدا معينا يبقى مرهونا بترخيص من وكالة الحوض المائي المعنية.
ومع ذلك، وبالرغم من أن الأثقاب المنجزة بعد دخول القانون المتعلق بالماء سالف الذكر حيز التطبيق تتميز بعمق يتجاوز الحد المعين بقرار كاتب الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة المكلف بالماء والبيئة رقم08-2253 بتاريخ 2 ذي الحجة 1423 (1 دجنبر 2008) بتغيير قرار وزير التجهيز رقم 02-1555 بتاريخ10 شعبان 1423 (17 أكتوبر 2002) فإن الأثقاب أنجزت في غياب الترخيصات اللازمة. ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بالأثقاب التي تحمل الأرقام التالية: 1 و 8 و 13 و 18 و 19 و 31 و 32 و 39.
و هذه الوضعية، وفق ملاحظات المجلس الأعلى ، لا تسمح لوكالة الحوض المائي لسبو بالقيام بواجبها بالشكل اللازم في ما يتعلق بمراقبة وتتبع مستوى الفرشة المائية وكذا جودة المياه المستخرجة.
عدم التسوية القانونية للوعاء العقاري

قامت الوكالة بإنجاز أثقاب على أراضي الغير. ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بالأثقاب التي تحمل الأرقام التالية: 2و5و 6و 7و 9 و 15 و 26 و 27 و 28 و 30. وقد نتجت عن هذه الوضعية صعوبة في استغلال هذه الأثقاب في أحسن الظروف، حيث تم منع الوكالة من طرف مالكي الأراضي المحتضنة لهذه الأثقاب من بناء أسوار الحماية وغرف ضخ الكلور بالمياه المنتجة. وبالإضافة إلى ذلك،فإن إنجاز الأثقاب دون التسوية القانونية للوعاء العقاري لا يسمح للوكالة بمنع أنشطة الرعي بالمناطق المجاورة لهذه الأثقاب، مما يشكل خطرا على جودة المياه المنتجة.
-عدم إنجاز مدارات الحماية لبعض الأثقاب : خلافا لمقتضيات المادة 63 من القانون رقم 95.10 المتعلق بالماء، المشار إليها أعلاه، والتي تنص على ضرورة إحداث مدارات حماية مباشرة الأثقاب، فإن الوكالة تقوم باستغلال مجموعة من الأثقاب دون اتخاذ الإجراءات لإحداث مناطق الحماية اللازمة . ويتعلق الأمر بالأثقاب رقم 1 و 13 و 19 و 31 و 32 و 33 و 34 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40.
إضافة إلى ذلك، فإن العديد من الأثقاب محاطة ببنايات ومناطق سكنية. ففي غياب الدراسات القبلية لإحداث مدارات حماية مقربة ، كما هو منصوص على ذلك في المادة الثالثة من المرسوم رقم 675.97.2 الصادر في 6 شوال 1418 «4 فبراير 1998 « المتعلق بتحديد مناطق الحماية ومدارات المحافظة والمنع، فإن الوكالة لا تتوفر على معطيات حول الخصائص الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية لهذه المدارات، وكذا المصادر المحتملة للتلوث بمختلف نقط أخذ الماء. وغياب مدارات مباشرة ومقربة للحماية، لا يمكن الوكالة من حماية مواردها المائية من الأنشطة والمنشآت التي من شأنها أن تشكل مصدر تلوث.
نقائص بنايات بعض الأثقاب

لم تقم الوكالة بإنجاز البناءات اللازمة لحماية تجهيزات الأثقاب رقم 13 و19 و31 و32 و33 و34 و35 و36 و37و38 و39 و40 .فبالإضافة إلى أخطار التلوث الأخرى، فإن بعض هذه الأثقاب تبقى معرضة لفضلات الحيوانات.كما أن بنايات بعض الأثقاب لا تمنع دخول الحيوانات الصغيرة (الطيور والقوارض والحشرات والزواحف….)، حيث تتميز هذه البنايات بوجود نوافذ صغيرة تطل مباشرة على أحواض الكلور المستعمل لمعالجة المياه المنتجة.
وبناء عليه، فإن عدم احترام معايير حماية الأثقاب من جهة، وعدم فصل نقط أخذ الماء عن الغرفة المخصصة للكلور من جهة أخرى، تشكل خطرا على جودة المياه المنتجة.
استغلال أثقاب معرضة للتلوث

لوحظ أن الوكالة تقوم باستغلال أثقاب، على الرغم من مخاطر التلوث التي تعرفها، وذلك في غياب إجراءات تمكن من الحد من هذه الأخطار، حيث إن بعض الأثقاب غير محصنة ضد تسربات المواد الملوثة الناتجة عن الأنشطة المزاولة بالقرب منها. ففي غياب تحديد مدارات الحماية، تبقى الوكالة غير قادرة على حماية هذه الأثقاب من التلوث.وعلى سبيل المثال، وفق ملاحظات التقرير ، فإن الثقبين رقم 1 و32 يتواجدان بالقرب من محطة كهربائية ومحاطين بمواد متلاشية لأعمدة حديدية وخشبية، كما أن الثقب رقم 6 يتواجد بالقرب من محطة للمحروقات.وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوكالة تقوم بإنجاز الأثقاب في غياب المعطيات الضرورية حول الأنشطة الممارسة بالمنطقة المحيطة بالمشروع. وفي هذا الإطار، فقد قامت الوكالة بإغلاق الثقب رقم 30 بسبب رداءة جودة مياهه بعدما قامت بإنجازه بالقرب من «مرجة الفوارات»التي تعاني من مستوى عال من التلوث بسبب استقبالها كميات كبيرة من المياه العادمة.
توصيات لتفادي الأسوأ

تفاديا للأسوأ ، وتوخيا لتدارك ما يمكن تداركه ، أوصى المجلس الجهوي للحسابات مسؤولي الوكالة بما يلي:
-الحرص على الحصول على ترخيص وكالة الحوض المائي قبل إنجاز الأثقاب؛- القيام بتسوية الوضعية القانونية للوعاء العقاري قبل إنجاز الأثقاب؛ -إحداث مختلف أنواع مدارات حماية الأثقاب؛ – إنجاز بنايات خاصة بالأثقاب تمكن من حمايتها من دخول الحيوانات الصغيرة؛ – اتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف التوقف عن استغلال الأثقاب المعرضة لخطر التلوث.
وضعية الخزانات وجودة المياه

تقوم الوكالة باستغلال 13 خزانا موزعة على خمسة مجمعات هيدروليكية، وتبلغ سعة التخزين 910.66 مترا مكعبا.وقد مكنت عملية تقييم وضعية الخزانات وكذا جودة المياه المعبأة والموزعة من الوقوف على النقائص التالية:
ضعف في وتيرة تنظيف وتعقيم الخزانات المائية : لوحظ أن الوكالة لا تقوم بتنظيف وتعقيم خزاناتها المائية بشكل منتظم. فمقارنة بما تنص عليه بعض المعايير الدولية كمدونة الصحة العمومية في فرنسا حيث تلزم بتنظيف الخزانات المائية على الأقل مرة واحدة في السنة، فإن وتيرة تنظيف وتعقيم الخزانات المائية للوكالة تبقى منخفضة.فعلى سبيل المثال، فإن الخزان المرتفع ذي سعة 1.000متر مكعب المتواجد بالمجمع الهيدروليكي «الو . «والذي تم تنظيفه خلال شهر أبريل 2010 ،لم يتم تنظيفه وتعقيمه إلا في دجنبر 2015 ،أي بعد خمس سنوات وسبعة أشهر.
ومن جهته، فبعد تنظيفه خلال شهر يناير من سنة 2011 ، فإن الخزان المرتفع ذي سعة 1.000 متر مربع المتواجد بالمجمع الهيدروليكي «أ. و.»لم يتم تنظيفه وتعقيمه إلا خلال شهر دجنبر 2015 ،أي بعد أربع سنوات وعشرة أشهر.
وينتج عن التأخر في تنظيف وتعقيم الخزانات المائية تكون ترسبات على جدران وسطح الخزانات، الشيء الذي يتسبب في تدهور جودة المياه الموزعة.وبالإضافة إلى ذلك، فإن ضعف وتيرة تنظيف وتعقيم الخزانات المائية لا يسمح للوكالة بالقيام بصفة دائمة بتشخيص حالة هذه الخزانات، وبالتالي برمجة أشغال الإصلاح والتهيئة اللازمة عند الاقتضاء.
اختلالات في تعقيم المياه بعد تنظيف الخزانات

لوحظ أن الوكالة لا تخصص الوقت الكافي للتفاعل بين جدران الخزانات المائية والمواد المعقمة، وذلك خلال عمليات التعقيم التي تلي تنظيف الخزانات، مما من شأنه أن يتسبب في ضعف تعقيم الخزانات المائية بعد تنظيفها.
فحسب معطيات الوكالة، فإن هذه المدة محددة في 30 دقيقة بالنسبة للخزانين المرتفعين «أ.و.»و»الو.»وساعتين بالنسبة لباقي الخزانات. ويبقى تحديد هذه المدة غير مبني على المعايير المعتمدة في هذا المجال، من طرف الدليل المتعلق بتفتيش أنظمة التزود بالماء الصالح للشرب المنجز من طرف الوزارة المكلفة بالصحة، الذي يربط مدة التعقيم بعدة محددات كأبعاد الخزان ودرجة الحرارة و»الأس الهيدروجيني».
وبالمقارنة مع تجارب دول أخرى، ففي فرنسا مثال، حددت المدة المخصصة للتفاعل بين جدران الخزانات المائية والمواد المعقمة في 24 ساعة كحد أدنى من طرف وزارة الشؤون الاجتماعية والصحة
نقائص مراقبة جودة المياه

تقتصر الوكالة على قياس مستوى الكلور وكذا درجة تعكر المياه، ولا تقوم بمراقبة الجودة البكترولوجية للمياه قبل إعادة تشغيل الخزانات المائية بعد تنظيفها وتعقيمها، وذلك خلافا لتوجيهات الدليل المنجز من طرف الوزارة المكلفة بالصحة المشار إليه سلفا. ومن شأن إعادة تشغيل الخزانات المائية قبل التأكد من جودة المياه، أن يشكل خطرا على صحة المستهلك.
الضخ المباشر لمياه الأثقاب في شبكة التوزيع

لوحظ أن المياه المستخرجة من الأثقاب رقم 3 و28 و34 و36 يتم ضخها في شبكة التوزيع دون أن تمر عبر الخزانات المائية. ومن شأن هذه الوضعية، التي لا تتطابق مع مضمون دليل الوزارة المكلفة بالصحة ، أن تتسبب في تدهور حالة شبكة التوزيع وأن تؤثر سلبا على جودة المياه الموزعة. فضخ المياه المستخرجة مباشرة في شبكة التوزيع لا يسمح بترسب المواد الصلبة العالقة ولا يعطي الوقت الكافي لمعالجة المياه بمادة الكلور قبل وصولها للمستهلك.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضخ المباشر للمياه المستخرجة في شبكة التوزيع لا يسمح للوكالة بضبط مستوى ضغط المياه بالقنوات. ومن شأن تغير مستوى صبيب الأثقاب أن يتسبب في غياب أو نقص المياه لدى المستهلك في حالة ضعف الضغط، وتكسر قنوات المياه في حالة تجاوز مستوى الضغط الأقصى المسموح به.
تأخر في ترميم الخزانات المائية

ومن ملاحظات قضاة المجلس الأعلى ، أن الوكالة لا تقوم بإصالح وترميم الخزانات بشكل منتظم على الرغم من الحالة المتردية لبعضها. فخلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2015 لم يتم ترميم أغلب الخزانات إلا مرة واحدة «خلال سنة 2013 ،»علما بأن عملية بنائها وتشغيلها تمت قبل سنة 2003.
وعلى سبيل المثال، فإن الخزان المرتفع للمجمع الهيدروليكي «ولاد وجيه»الذي تم بناؤه وتشغيله سنة 1995 لم يخضع لأية عملية ترميم، وذلك على الرغم من حاجته إلى الإصلاح، كما تبين ذلك نتائج عملية التشخيص الذي أنجزته الوكالة في 31 يناير من سنة 2011 .وقد نتج عن غياب ترميم منتظم للخزانات المائية تدهور على مستوى البنايات وتآكل المعدات المعدنية.وفي هذا الإطار ، أوصى المجلس الجهوي للحسابات الوكالة بما يلي:
-الحرص على تنظيف وتعقيم وصيانة الخزانات المائية بشكل منتظم وكذا ضمان وقت كاف للتفاعل بين
جدران الخزانات والمواد المعقمة المستعملة؛ -القيام بمراقبة جودة المياه قبل إعادة تشغيل الخزانات بعد تنظيفها؛ -اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل وضع حد للضخ المباشر للمياه من الأثقاب نحو شبكة التوزيع.
انعدام التأهيل وتأخر في إصلاح التسربات

لا تقوم الوكالة بوضع برامج من أجل تأهيل شبكة توزيع الماء الصالح للشرب تعطي الأولوية للمناطق التي تعرف أكبر عدد من التسربات وللقنوات التي تتميز بدرجة كبيرة من التهالك. وأمام هذا الوضع، فإن الوكالة تقتصر على طلبات الأعوان المكلفين بعمليات الإصلاح من أجل القيام بتغيير قنوات الماء الصالح للشرب، وذلك في غياب أي برنامج محدد سلفا وأي تدخل استباقي. كما لوحظ أن أهم أشغال التأهيل التي همت شبكة توزيع الماء الصالح للشرب خصصت لتغيير قنوات المياه التي تعرضت لأضرار غير قابلة للإصلاح.
وهكذا، فإن الوكالة لا تعتمد على معطيات دقيقة من أجل بلورة برنامج لتأهيل شبكة توزيع الماء، وذلك على الرغم من توفرها على نظام معلومات غني بالمعطيات المتعلقة بمختلف قنوات المياه كالنوع والعمر والأبعاد وكذا نوع وعدد الإصلاحات التي خضعت لها.
تأخر في التدخل لإصلاح التسربات

بلغ عدد الإخبارات المتعلقة بتسرب المياه الصالحة للشرب التي تلقتها الوكالة 021. 47 ،وذلك خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير من سنة 2010 إلى 31 دجنبر من سنة 2015.
وعلى الرغم من توفرها على نظام معلومات مخصص لتسجيل ومعالجة الإخبارات والشكايات الواردة من مصادرمختلفة، فإن الوكالة لا تتدخل في آجال قصيرة من أجل إصلاح التسربات المعلنة. وقد بين تحليل المعطيات المتعلقة بالتسربات والمسجلة بنظام المعلومات المذكور، أن المدة المتوسطة لتدخل الوكالة من أجل إصلاح تسربات الماء بلغت يومين و11 ساعة و30 دقيقة خلال سنة 2012 مقابل يوم واحد وست ساعات خلال سنة 2015.ويرجع تأخر الوكالة في إصلاح التسربات إلى صعوبة تعبئة الشركة المكلفة بأشغال إصلاح هذه التسربات بشكل سريع وكذا إلى نقص الموارد البشرية والمادية المخصصة للمصلحة المعنية بهذه العمليات.
وينتج عن تأخر الوكالة في التدخل من أجل إصلاح التسربات هدر كميات كبيرة من الماء، الشيء الذي ينعكس سلبا على مردودية شبكة توزيع الماء الصالح للشرب.
وبناء على ما سبق من ملاحظات ، أوصى المجلس الجهوي للحسابات الوكالة بما يلي:
الحرص على إنجاز أشغال تأهيل شبكة الماء الصالح للشرب في إطار برنامج محدد مبني على معطيات
نظام المعلومات المتعلقة بمختلف عمليات الإصلاح المنجزة؛ – توفير الموارد البشرية والمادية الكفيلة بتقليص المدة اللازمة لإصلاح التسربات المائية؛ -اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تحسين تدبير الشكايات والإخبارات المتعلقة بالتسربات المائية؛ – وضع مسطرة لتحديث الخريطة الرقمية للشبكة قصد ضمان ترشيد تدخلات الوكالة على مستوى مختلف مكونات شبكة توزيع الماء الصالح للشرب.


بتاريخ : 04/05/2017