الملتقى الدولي حول النموذج التنموي يشدد على أهمية : بناء الإنسان والانخراط في اقتصاد المعرفة الجواهري يحذر من التفريط في التوازنات الاقتصادية تحت ضغوط الانتظارات الاجتماعية

وجه عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، تحذيرا شديد اللهجة حول أهمية المحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية، وضرورة الحرص عليها، خصوصا في ظرفية تتميز باستنفاذ إمكانيات النموذج التنموي، وما نتج عن ذلك من تنامي ضغط انتظارات المواطنين وحجم الخصاص في المجال الاجتماعي، والتي زادت وسائل التواصل والربك بالشبكات الاجتماعية من حدتها وتضخيمها في الإدراك الشعبي.
وشدد الجواهري، خلال الملتقى الدولي الذي نظمته جمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية حول إعادة النظر في النموذج التنموي، على أن الطابع الاستعجالي والملح لهذه الضغوط يتطلب من الدولة إيجاد هوامش ووضع تدابير مستعجلة للاستجابة إليها، مشيرا إلى أن تقويم اختلالات النموذج التنموي يشكل ورشا «طويل النفس»، وأن آثاره لا يمكن ترقبها في الأجل القريب. وعبر عن تخوفه من التضحية بالتوازنات الكبرى من أجل اتخاذ تدابير في هذا الاتجاه، مشيرا إلى أن أي انزلاق على مستوى عجز الميزانية والمديونية العمومية سيكون له وقع سيء على صورة المغرب وتصنيفه لدى وكالات التنقيط العالمية ومؤسسات التمويل الدولية، وبالتالي على جاذبية البلد وثقة الفاعلين. وأضاف «لا يجب بأي حال من الأحوال أن نسمح بالعودة ببلدنا إلى وضعية الثمانيات، وبرامج التقويم الهيكلي».
وفي تعقيب على تدخل الجواهري، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة الذي شارك في الملتقى نيابة عن رئيس الحكومة، موجها كلامه لوالي بنك المغرب، إن «الحكومة ليس في نيتها ولا سياستها أن تعيد النظر في التوازنات الاقتصادية الكبرى في أي اتجاه يمكن أن يمس بها بما يؤدي إلى المساس بالسيادة كما تقدمتم»، مضيفا «أنتم تعرفون أن العمل جار على تقليص عجز الميزانية».
ومن جانبه أعلن نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، عن مشروع تنظيم المناظرة الوطنية للتنمية البشرية بشكل سنوي، من أجل إشراك جميع المتدخلين في التتبع والتقييم ورسم الآفاق، تجسيدا لتحقيق هدف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المتمثل في تجميع وتظافر كل الطاقات والنوايا الحسنة في هذا المجال.
كما أشار بوطيب إلى دخول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مرحلتها الثالثة والتي تتمحور بشكل أكبر حول بناء وتطوير الرأسمال البشري.
من جانبه أشار أحمد رحو الرئيس المدير العام لبنك القرض العقاري والسياحي إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص للتحول الرقمي الذي غير العديد من المفاهيم، خاصة على مستوى علاقات العمل، إضافة إلى إعداد الشباب لمهن المستقبل.
ودافع صلاح الدين مزوار، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، عن التوجه الليبرالي، داعيا إلى فسح المجال بشكل أكبر للقطاع الخاص وضرورة انسحاب الدولة من الأنشطة والخدمات التي يمكن للقطاع الخاص أن يوفرها. وقال «نحتاج إلى أكسيجين»، في إشارة إلى أن استمرار تدخل الدولة في الاقتصاد يخنق القطاع الخاص.
وفي المقابل دافع مصطفى الكثيري، رئيس جمعية الاقتصاديين المغاربة عن فضيلة التخطيط، مذكرا بمختلف المراحل التاريخية التي قطعها المغرب في المجال الاقتصادي منذ الاستقلال، ومختلف الأفكار الاقتصادي التي سادت في كل مرحلة وحصيلتها.
ودعا المشاركون في الجلسة الأولى للملتقى إلى إيلاء اهتمام خاص للتتبع والتقييم، مشيرين إلى أن من أبرز اختلالات النموذج التنموي عدم إنجاز المشاريع داخل آجالها المحددة أو عدم أكمالها، ووجود إشكالية في قيادة الإدارة لمشاريع متوسطة وطويلة المدى. كما شدد المشاركون على ضرورة تخليق الحياة العامة ومكافحة الرشوة.
وخصصت الجلسة الثانية للملتقى، حول موضوع «أية رؤية سياسية للنموذج التنموي الجديد؟»، للأمناء العامون للأحزاب السياسية، وتميزت على الخصوص بتدخل إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، والذي قدم
التصور التنموي الذي بلوره حزب الاتحاد الاشتراكي استنادا إلى التراكمات النضالية والسياسية المهمة التي تبرزها أدبيات ووثائق الحزب. وشدد لشكر على أن العمل من أجل نموذج تنموي جديد مسألة استراتيجية تستلزم الجرأة في الطرح والشجاعة في المقاربة، وتستهدف محو الفوارق الطبقية وإرساء نموذج تنموي عادل ومنصف، يمر عبر تكافؤ الفرص في التعليم.
فيما نقش خبراء أكاديميون وممثلو المجتمع المدني خلال الجلسة الثالثة أهمية القضايا المتعلقة بالتعليم والشباب، و الحكامة الجيدة و النمو الاقتصادي في صياغة النموذج التنموي الجديد للمملكة.


الكاتب : مواسي الحسن

  

بتاريخ : 22/10/2018