كيف يساهم الأدب في التنمية الثقافية بالجهة ؟

سعيا الى تعبئة الفاعلين الثقافيين والمؤسسات والجمعيات الثقافية بالجهة ، وفي إطار مواصلة جلساتها التشاورية التي انطلقت منذ سنتين، عقد منتدى المواطنة بشراكة مع مجلس جهة الدار البيضاء سطات، يوم الجمعة 19 اكتوبر 2018بمقر مقاطعة الحي المحمدي، لقاء يندرج في إطار فتح وتعميق الحوار حول الآليات الكفيلة بترجمة مشروع ثقافي للجهة يساهم فيه كل الفاعلين المعنيين باقتراحاتهم وتصوراتهم للنموذج الثقافي الذي يتساوق ومفهوم الجهوية الموسعة الذي لا يزال في مرحلته التأسيسية بجهة الدار البيضاء.
اللقاء الذي ركز على محور «مساهمة الأدب في التنمية الثقافية بالجهة»، وعيا بما للأدب المكتوب من دور في الإشعاع الثقافي وما يمكن أن يفتحه من إمكانات في تنمية الثقافة المحلية والجهوية والوطنية، عرف مشاركة العديد من الكتاب والمبدعين والنقاد المغاربة الذين أثروا الساحة الثقافية الوطنية بإنتاجاتهم، بالاضافة الى مسؤوولين بالجهة مسكونين بالهم الثقافي والابداعي ومؤمنيين بدورهم في تحريك عجلة الاقتصاد من خلال ما أصبح يعرف بالصناعات الثقافية.
عبد العالي مستور، رئيس منتدى المواطنة ، وفي تقديمه للقاء المدني الخاص بالكتاب والمبدعين اعتبر أن الهدف من هذه اللقاءات هو بسط الاقتراحات وفق رؤية ومقاربة تشاركية، تهدف الى تجميع أكبر قدر من وجهات النظر التي تغني ملف المنتدى في مرافعاته التي استمرت لسنتين مع المجالس المنتخبة من أجل تقديم مشرع ثقافي متكامل يليق بأكبر جهة في المغرب. وأكد مستور أن الحاجة الى هذا المشروع الثقافي نابعة من كون أن غياب الحاضنة الثقافية والتأطير الثقافي هو أكبر خطر يتهدد المجتمعات لأن العمل الثقافي يبقى هو الناظم لكل القيم المجتمعية أيا كانت طبيعتها.
وشدد مستور على أن مبادرة الملتقى المدني الثقافي بالجهة تنطلق من تثمين الفعل الثقافي ومبادرات الفاعلين لإيمان المنتدى بوجود كتاب ومبدعون يحملون هم تحصين الثقافة المغربية، مضيفا أن المبادرة تضع من بين أهدافها وضع الثقافة في موقعها الحقيقي ضمن مسلسل الجهوية التي تبقى في أساسها مطلبا ثقافيا، وهو ما دفع المنتدى الى فتح حوار مع الجهة لجعل تجربة الجهوية تنطلق من الدينامية الثقافية، ملمحا الى غياب أي أدبيات للتنمية الثقافية بالجهة لأن الفئة الأقل ترافعا عن حقوقها وعن سياسات القطاع هي فئة المثقفين، كما أن هذا القطاع يفتقر الى ترسانة قانونية تحميه وتؤطره، مشيرا الى أن المطمح اليوم هو إنجاز تقرير أولي حول رصيد وموارد الجهة ثقافيا من أجل توفير أدبيات مرجعية تكون أساسا لأي تفاوض مستقبلي.
بدوره خلص القاص والشاعر وعضو المنتدى سعيد منتسب، في تشخيصه للوضع الثقافي بالجهة، الى أنه وضع لا يرقى الى انتظارات المثقفين، مشيرا الى أن عقد هذا اللقاء الذي خصص للكتاب والأدباء يتغيا ربط هذه الفئة بواقعها الجهوي للمساهمة في هذا النقاش الدائر اليوم والذي فتحه المنتدى مع الجهة حول التنمية الثقافية، كل من زاويته، واعتبر منتسب أن تجميع الرؤى والأفكار من شأنه التأسيس لبيئة حاضنة للفكر والابتكار لبناء الثقافة ومن خلالها بناء الإنسان في آخر المطاف، متسائلا عن نبل مأسسة الفعل الثقافي في شقه الإبداعي .
جل التدخلات التي تقدم بها الأدباء من مختلف حقولهم الابداعية: (شعر، قصة، رواية، نقد..) لامست أوجه القصور وضعف الانفتاح على ماهو ثقافي بالجهة كما بجميع الجهات، مع ما تشكله أزمة المقروئية من خطر على اندثار الأدب المكتوب، مسجلين الطابع الفلكلوري والتراثي في التعامل مع المعطى الثقافي. كما توقفت بعض المداخلات عند صعوبة اختراق الثقافي من خلال الفاعل السياسي الذي لا يحمل خلفية ثقافية تشجع الفعل الثقافي وتأثير هذه التباينات بين الفاعلين السياسيين على تسريع وتيرة العمل في هذا الباب.
ولم تقف التدخلات عند تشخيص الوضع، بل حاولت تقديم تصورات واقتراحات لتنشيط الحركة الثقافية بالجهة من بينها: مساهمة الجهة في النهوض بالمكتبات المدرسية ، تعزيز حضور الكتاب في الفضاءات العمومي، خلق مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لترويج الكتاب، امتلاك وعي بالجهة كمفهوم مستقبلي، إنجاز أنطولوجيات ومونوغرافيات للمثقفين بالجهة لتحويلها الى قاعدة بيانات ومعلومات، وضع مذكرات قانونية تنظم العمل بين الفاعل الثقافي والسياسي، الشراكة التمثيلية من خلال شراكات وازنة مع الجهة، تحويل مقرات الجهة الى حاضنة للفعل الثقافي لتغيير صورة المواطن عنها، إصدار كتاب التنمية الثقافية لجهة الدار البيضاء سطات، النهوض بقطاع النشر والتوزيع وبرنامج جهوي للدعم العمومي للطبع والنشر والتوزيع والترويج ،الاستثمار الجهوي للمعرض الدولي للكتاب للتعبئة والتوعية والتربية والترويج الثقافي، تنظيم معارض جهوية ثقافية للكتاب والإنتاجات الثقافية …
يذكر أن الجهة وفي إطار تشجيع الثقافة والأدب المكتوب ، أطلقت بشراكة مع اتحاد الناشرين المغاربة، أربع جوائز أدبية، اختارت أن تطلق عليها أسماء شخصيات مغربية  بارزة ذات مكانة ورمزية: جائزة محمد زفزاف، جائزة إدريس الشرايبي، جائزة محمد الزرقطوني، جائزة الطيب الصديقي وتعنى هذه الجوائز بالدراسات الادبية والرواية باللغات العربية والفرنسية والأمازيغية، وبالترجمة.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 22/10/2018