إصلاح الحقل التربوي والتعليمي لا يمكنُ أن يكون إصلاحاً قطاعيّاً وإِنما هو مشروع إصلاح مجتمعي بنيوي شامل

«مشروع القانون الاطار مشروع يهم مستقبل أمة ويهم قضية وطنية محورية و حسن تنزيله يحتاج إلى تعبئة مجتمعية» فكرة التقى عندها كل المتخلين في الندوة التي نظمها مجلس النواب حول مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي تحت شعار «من أجل تعبئة مجتمعية حول الإصلاح» يوم الثلاثاء 23 اكتوبر 2018 تميزت بكلمات رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ورئيس مجلس المستشارين حكيم بن شماش، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي.
وعرفت عروضا مهمة تناولت ارهاصات تنزيل القانون الاطار وصعوبات صياغته في القانون العام و نواقصه .إلا أنها اتفقت جميعها على أن إنجاح هذه المحطة تتطلب تعبئة واسعة وانخراط المجتمع بأكمله .

الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب
أرفض مطلقاً محاكمةَ وخَدْشَ صورةِ المدرسةِ العمومية، لكنها في حاجة إلى تجديد عميق

 

نُدَشِّنُ اليوم حواراً وطنيّاً حول مشروع القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، مازلتُ مقتنعاً بأَنَّ إصلاح حَقْلِنا التربوي والتعليمي لَيْسَ ولا يمكنُ أن يكون إصلاحاً قطاعيّاً، وإِنما هو مشروع إِصلاح مجتمعي بنيوي شامل، واسع، مُرَكَّب وعميق. وهو إصلاحٌ أفقي وعمودي في الآنِ نفْسِهِ. كما أَنَّه إِصلاحٌ يتطلب تعبئة كافة إِمكانيات الدولة والمجتمع تعبئةً وطنيةً حقيقية ينخرط فيها الجميع بدون استثناء، من حكومةٍ وأحزابٍ ونقاباتٍ وقطاعٍ خاص ومجتمعٍ مدني ونسيجٍ أُسَرِي. وفي هذا الإطار، وبهذه الروح – واعتماداً وتفعيلاً والتزاماً بتوصية الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030 التي أَقَرَّها جلالة الملك والتي تدعو إِلى تحويل اختياراتها الكبرى إلى قانونٍ-إطارٍ يُجَسِّد المعنَى الملموس لتعاقُدٍ وطني مُلْزِمٍ للجميع ويلتزم به الجميع في أفقٍ من الحرص الوطني على نسقنا التربوي التعليمي في ترابطاته المختلفة والمتعددة، خصوصاً في علاقته بمشروعنا المجتمعي الوطني في المغرب وأهداف التنمية البشرية والمُسْتَدَامة، وأساساً ما صَدَرَ عن منظمة الأمم المتحدة من أهدافٍ للتنمية المستدامة، وبالأَخص الهدف الرابع من أجلِ ضمانِ «تعليمٍ جيدٍ ومنصفٍ وشاملٍ للجميع، وتعزيز فُرَصِ التعلُّم مدى الحياة للجميع» الذي تابعت وتُتَابِعُ منظمةُ اليونيسكو آفاقَ تنفيذِهِ عالميّاً، كما هو واضح في إِعلان إنْشْيون بجمهورية كوريا الصادر عن المنتدى العالمي للتربية في ماي 2015.
إن مشروع هذا القانون-الإِطار يأتي لِيَضَعَ أولوية إِصلاحِ منظومةِ التربية والتكوين في صدارة الأولويات الوطنية كما هو منصوص على ذلك في الديباجة مولياً الاعتبار لاِلْتقاءِ إِراداتِ مُخْتَلَف مكونات أُمتنا، دولةً ومجتمعاً، وترصيد المكاسب، وتجاوُز الاختلالات الحالية التي بات المعنيون جميعاً يدركونها ويعرفُونها ويُلِمُّون بأسبابها، بناءً على جملة من التشخيصات العلمية الفاحصة الرصينة، ويَسْعَوْن مَعاً سَوِيّاً إلى ضمان إِصلاحها من أجل إِرساء مدرسة مغربية جديدة، مفتوحة أمام الجميع، ومنفتحة على العصر الحديث ومنجزاته العلمية والتقنية، ومستَوْعِبة للثقافة الإنسانية وروح الابتكار والإِبداع.
ومن هُنَا، ومن مَوْقِعِنَا البرلماني اليوم، أَودُّ أن أُلِحَّ على معنى التفكير في السلطة التشريعية كسلطةٍ داعمةٍ، كسلطةٍ مُوَاكِبةٍ لا بالمعنى الرَّقَابي للعمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية – وهذا دورٌ دستوريٌّ بديهي – وإِنما كسلطة منخرطة في هذا المشروع الإِصلاحي الشامل الذي يرعاه جلالةُ الملك ونؤمن به جميعاً باعتباره ركيزةً من ركائز النموذج التنموي الجديد.
وإِذا كنتُ دائماً من الذين يرفضون مطلقاً محاكمةَ وخَدْشَ صورةِ المدرسةِ العمومية في المغرب، وأنا وغَيْري من أبناءِ وبناتِ هذه المدرسة لنَعْتَزُّ بها، بعطاءاتها وأجيالها وتضحياتِ أُسْرَتِها التربوية والتعليمية والإِدارية منذ بدايات عهد الاستقلال إلى اليوم – فإِنني أدرك مع الكثير من الفاعلين بأن هذه المدرسة باتَتْ في حاجةٍ إلى تجديدٍ عميق وشامل في رُوحِها وأدائها ومناهجها ومقَرَّراتِها وتَعَلُّماتِها. ففي ظل تحولات العصر، والتغيرات السوسيولوجية والثقافية والعلمية والتكنولوجية الحديثة، أصبح علينا أن نطرح السؤال حول نَجَاعَةِ نظامِنا التربوي التعليمي وفعاليتِهِ، سواء من حيثُ الحكامةُ أو من حيث الأَداءُ الداخلي والأداءُ الخارجي، بمعنى هل تحقق هذه المنظومة الأهداف المُسَطَّرة على مستوى مكتسبات التلاميذ والطلبة ؟ هل لخِرِّيجي هذه المنظومة القدرةُ على الاندماج السَّلِس في سُوقِ الشغل والإنتاج، وكذا الاستجابة لمتطلبات العمل العصرية الجديدة ولانتظارات المؤسسات الاقتصادية والمعرفية والصناعية والتقنية والتواصلية ؟
لقد بَاتَ الجميعُ اليومَ مقتنعاً بأن منظومتنا هذه لا تؤهل أَجيالنا الجديدة لمثل هذا الاندماج المطلوب في العصر، وفي سوق الشغل، وفي الإنتاج والابتكار، في عَالَمٍ شديدِ التعقيدِ والتوترِ حيث تتسارع التحولاتُ المجتمعيةُ نحو مجتمعاتِ المعرفة، وحيث يغدو التحكم في العلوم والتقنيات واللغات الإنسانية من المفاتيح الكبرى للاندماج الإيجابي في العَالَم والاستفادة من المكتسبات والإِمكانات الكونية المتاحة.
والمُؤْسِف أَيضاً – ولا أريد أن أَلُومَ أحداً بعَيْنِه أو طرفاً مَّا على ذلك، إذ إِنَّ المسؤوليةَ جماعيةٌ ومجتمعيةٌ وتاريخيةٌ وثقافيةٌ، فضلاً عن أنها مسؤوليةٌ سياسيةٌ بالتأكيد– المؤسف أن شَبَابَنا تُرِكَ أَعْزَلَ وحيداً أَمام تعبيراتِ الغُلُوِّ والتطرف الفكري وانحرافِ الرُّؤَى والاستيهاماتِ والتَّخَيُّل المجاني في ظلِّ منظومةٍ تربويةٍ تعليميةٍ لم تَجْعَلْهُ مؤهَّلاً وقادراً على تَمَلُّكِ إِمكانياتِ الحِجَاج والاستدلال بل أَحياناً غَيْرَ قادرٍ حتى على تَملُّكِ إِمكانياتِ التَّعْبيرِ البسيطة. وهو ما أَسْهَمَ بقوة خلال المرحلة الماضية في أَنْواعٍ من الاختلال مع زَمَنِ العَالَمِ المعاصر. هناك قضايا أخرى متعددة تَحْضُرُني وتَشْغَلُني كمسؤول وكفاعل سياسي مارس مهْنَةَ التدريس، وهي مهنة ملأتْ حياتي وذاكرتي ووجداني وترتبط بهُويتي ومِخْيَالي، لعل من أَبرزها مضامين المقررات التعليمية ومَدَى الحاجة إِلى مُلاءَمَتها لِمُتَطَلَّبات العصر وأَولوياته. وأَيضاً مكانة الإنسانيات في علاقتها بالعلوم والتقنيات، وهي مواد متوفرة في برامجنا التعليمية، لكنها – بالتأكيد – في حاجة إلى مراجعة بالنظر إلى ما أشرنا إِليه من حجم التحولات المتصلة بسوق الشغل وآليات الإِنتاج. لكنْ في الوقت نفْسِهِ لا ينبغي تبخيسُها أو التقليلُ من شأنِها وشأنِ المنتجين في حقولنا الفكرية والفلسفية والأَدبية والفنية، فالشعوبُ لن تعيشَ بالخبز وحدَهُ بل لابد لها من تغذيةٍ روحيةٍ وثقافية ورمزيةٍ وجَمَالية.

 

 

وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي
التسريع بالمصادقة على مشروع القانون-الإطار و التعبئة الجماعية لتطبيقه

 

المشروع جاء ليكرس مبدأ الشمولية في تفعيل الإصلاح، حيث تهم مقتضياته مختلف مكونات المنظومة، وفق نظرة مندمجة تكرس مبادئ النسقية في تطبيق الإصلاح. ومما سيزكي تفعيل هذا المبدأ، كون مختلف القطاعات المعنية بالتربية والتكوين والبحث العلمي هي مُجَمَّعَةٌ حاليا داخل قطب واحد ومنسجم، تحت إشراف سلطة حكومية واحدة تسهر على ضمان الالتقائية والنسقية والتكامل في تفعيل الإصلاح.
أما بخصوص البنية العامة للمشروع، فهو يعتمد هندسة متكاملة ترتكز على مجموعة من المحاور الأساسية وفيما يتعلق بأمد الإصلاح، فمشروع القانون-الإطار يعتمد مدى زمنيا لا يقتصر فقط على المدى القريب والمتوسط، على اعتبار أن الإصلاح التربوي الشامل والعميق هو إصلاح يتجاوز الأمد المنظور، وخاصة على مستوى مخرجات المنظومة، واعتبارا لأهمية التعليم الإلزامي في ضمان حق الطفل في التعليم، فإن هذا المشروع يسعى إلى توسيع المدى الزمني لإلزامية التعليم، برفع السن الأقصى لهذه الإلزامية إلى 16 سنة بدل 15 سنة حاليا، إلى جانب إقرار إلزامية تمدرس أطفال الفئة العمرية من 4 و5 سنوات بالتعليم الأولي مع الرفع من متوسط سنوات التمدرس، إلى 7 سنوات كحد أدنى. إعمال مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة الأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص، وكذا بدعم تمدرس الفتيات إلى جانب الأطفال في وضعية هشة، الأطفال في وضعية إعاقة، أو في وضعيات خاصة.
فيما يتعلق بالتحكم في اللغات، التي ترتبط بشكل وثيق بجودة التعلمات، فإن مشروع القانون-الإطار ينص على إرساء هندسة لغوية محكمة، ترتكز أساسا على ترسيخ استعمال اللغتين الوطنيتين الرسميتين بما ينسجم ومكانتهما الدستورية والاجتماعية، إلى جانب إرساء تعددية لغوية تدريجية ومتوازنة، خاصة من خلال تنمية تدريس اللغات الأجنبية الأكثر تداولا، وتنويع لغات التدريس ولاسيما في المواد والتخصصات العلمية والتقنية.
تعزيزا لأدوار التكوين المهني يسعى مشروع القانون-الإطار إلى تأهيل وتنويع العرض التربوي للتكوين المهني . أما بخصوص التعليم العالي، فيروم مشروع القانون-الإطار النهوض بهذا التعليم وبالبحث العلمي والابتكار كرافعة أساسية لتحقيق جودة التعليم، وتنمية الاقتصاد الوطني،. غير أن إصلاح نظام التعليم العالي يجب أن يظل منفتحا على مختلف التطورات والمستجدات اللاحقة لمرحلة إعداد وتنزيل الرؤية الاستراتيجية، وتهييئ مشروع القانون-الإطار.
فيما يخص الموارد البشرية مشروع القانون-الإطار يَبتغي الارتقاء بأدوار هذه الموارد، من خلال تجديد مهن التربية والتكوين، وتمكين المنظومة من موارد بشرية مؤهلة.
الحكامة الجيدة يتوقف عليها التفعيل الأمثل لأهداف المشروع الذي يروم تكريس آليات الحكامة الناجعة للمنظومة، من خلال تعزيز سياسة اللامركزية واللاتمركز ،
واستحضارا لمبدأ القرب، من الضروري التفعيل الكامل لأدوار الجماعات الترابية في دعم التعليم، وخاصة فيما يتعلق بالمساهمة في تدبير وتأهيل الفضاءات المدرسية، وتوفير خدمة النقل المدرسي بالوسط القروي، وتعميم التعليم الأولي.
ولتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق أهداف الإصلاح، يسعى مشروع القانون-الإطار إلى إرساء إطار تعاقدي استراتيجي شامل مع هذا القطاع، يحدد مساهمته في تطوير المنظومة،
ترسيخ المقاربة التشاركية في بلورة الإصلاح وتقوية وظيفة التتبع والتقييم
أما فيما يتعلق بمسألة التمويل، فإن مشروع القانون-الإطار يحدد مجموعة من آليات تمويل الإصلاح، تقوم أساسا على إحداث صندوق خاص لدعم العمليات المرتبطة بتعميم التعليم الإلزامي وتحسين جودته، يتم تمويله في إطار الشراكة من طرف الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية ومساهمات القطاع الخاص وباقي الشركاء. وإلى جانب ذلك، سيتم تفعيل التضامن الوطني والقطاعي، ومساهمة جميع الأطراف والشركاء المعنيين، على أساس ضمان مجانية التعليم الإلزامي .
الوزير أكد على ضرورة التسريع بالمصادقة على مشروع القانون-الإطار، من أجل التسريع بوتيرة الإصلاح، وعلى التعبئة الجماعية من أجل حسن تطبيقه.

 

سعد الدين العثماني: رئيس الحكومة
كيف يحظى القطاع بهذا الاهتمام ولانزال أمام تسعة ملايين أمي؟

كل ما قيل حول أولوية التعليم بكونه مدخلا للنهضة والتنمية صحيح،لأن قضية التعليم ليست قضية قطاعية. لكن السؤال المحوري هو كيف يحظى هذا القطاع ومنذ سنوات طويلة بكل هذه الاولوية وهذا الاهتمام ،ولازلنا أمام تسعة ملايين أمي،لازلنا نتطارح اشكاليات الجودة والتعميم،ولا زلنا نتلمس الطريق للحل.
بغض النظر عن وجهة كل واحد منا في صياغة هذا الجواب، لابد أن نتحرى التواضع ، فكثيرا ما تظهر لنا الأجوبة سهلة عندما تكون النظرة الاحادية منغلقة عن الذات، كأننا نملك الحقيقة دون غيرنا ،لابد أن نتحلى بقدر كبير من التواضع في مثل هذه القضايا الشائكة لأن مشكلة التعليم مشكلة معقدة ومركبة والمسؤولية جماعية ومشتركة، ولايمكن أن يقوم بها طرف دون الآخر.
الجسم السياسي والتعليمي والنقابي والخبراء والمجتمع المدني والاسرة كلهم مطالبون بأن يساهموا في هذا الورش الذي يحتاج الى تعبئة وانخراط شامل وجماعي.
يجب التأكيد على ترسيخ القيم المجتمعية لأنها جزء أساسي في المنظومة المجتمعية التي هي رافعة لكل إصلاح، إن لم نبن قيما اصلاحية سليمة ،لايمكن لأي مشروع اصلاحي أن ينجح.

بنشماس رئيس مجلس المستشارين:
يجب احاطة المشروع بالضمانات الكفيلة بجعله مشروعا تعاقديا ملزما

نتقاسم القناعة بأن إصلاح المدرسة العمومية تشكل رافعة لإصلاح البلاد، غير أنها لاتبلغ اهدافها دون تحويل المشاريع الى قوانين.
لهذا جاء مشروع القانون الاطار لتصبح أحكامه ملزمة للجميع و تضفي المصداقية على نجاعة الاستراتيجيات الوطنية وتشكل عاملا على النجاح، ولبلوغ ذلك لابد من توفير الشفافية والمصداقية للنص.
اصلاح التعليم هو قضية مجتمع برمته مؤسسات و دولة وفاعلين ونقابيين دون اغفال الاسرة .ينبغي الانخراط الواسع والمسؤول والصادق من اجل كسب هذا الرهان، لأن المدرسة توجد في صلب المشروع التنموي للبلاد. لقد أهدرنا الكثير من الفرص وكانت هناك كوابح لن نستطع معها ارساء العدالة الاجتماعية.
لكن لإنجاج هذا المشروع يجب احاطته بالضمانات الكفيلة بجعله مشروعا تعاقديا ملزما وسندا لرافعات الاصلاح. والامر يتطلب كل الجهود لتنفيذه وانضاج شروط أن تحظى بلادنا بمكانتها في عالم أشد قسوة . كما أنها رافد لإصلاح القطاعات الاخرى للترابط الوثيق بين التعليم والتقدم في باقي المجالات .
لابد إذن من التعبئة الجماعية المرفوقة بالحس الوطني لتحقيق الجودة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.
عبد اللطيف المودني ،الامين العام للمجلس الاعلى للتربية والتكوين:
يجب مواكبة هذا القانون الاطار بتتبع يقظ وتقييم مستمر

يمكن اعتبار هذا القانون الاطار، الاول في الاصلاحات في السياسات العمومية والاول في التشريعات المرتبطة بهذا القطاع.وهو مشروع يقع في صلب انشغالات الامة ويجسد التقاء مختلف مكونات المجتمع، كما أنه سيمكن من تحصين الاصلاح وضمان استمراريته.
لقد عرف المغرب 13تجربة إصلاح تعثرت كلها في نصف الطريق أو ربعه.
لتوضيح “الرؤية الاستراتيجية لمشروع القانون الاطار” ركز المودني على ثلاثة محاور او أسئلة جوهرية أولها : وفق أية منهجية تم إعداد الرؤية الاستراتيجية ؟ماهي المبادئ المؤسسة للرؤية ؟ماهي العمليات التي تمت لبلورة الرؤية الاستراتيجة ؟ .
أول ما قام به المجلس قبل التفكير في المدرسة الجديدة هو تقييم حصيلة تطبيق الميثاق للوقوف على وضع المنظومة التربوية ومن خلاله تم تحديد الاختلالات والتحديات ،إعمال المقاربة التشاركية حيث تمت العشرات من جلسات الاستماع مع الخبراء والفاعلين التربويين،الاسر والطلبة والتلاميذ ، استكتاب الاحزاب السياسية والنقابات و القيام بمقاربة التجارب الدولية.
أما عن المبادئ المؤسسة لاختيار الاصلاح التربوي فهي تسعة مبادئ مركزية أولها بناء مرتكزات المنظومة وملاءمتها مع الدستور والمواثيق الدولية- وضع مصلحة المتعلم ومستقبله فوق كل اعتبار – اعتماد مبدأ المساواة في المدرسة- الوظيفية في التعاطي مع الاصلاح التربوي – ضمان اتساق منظومة التربية والتكوين العلمي – رد الاعتبار للفاعلين التربويين – تأمين التربية والتكوين والبحث بتشبع الروح الوطنية والانفتاح على الكونية- اذكاء روح التضامن الوطني والقطاعي -مواكبة هذا الاصلاح بتتبع يقظ وتقييم مستمر.
المودني انطلق في جوابه الثالث من سؤالين: ماهي المدرسة التي نريد و كيف يمكن بناء هذه المدرسة المنشودة.
تقدم الرؤية الاستراتيجية الجواب من خلال التأكيد على ثلاثة نواظم :الانصاف وتكافؤ الفرص, الجودة للجميع ،الارتقاء بالفرد والمجتمع .وهي اهم النواظم والتوجهات الكونية ،في حين رصد للسؤال الثاني 23 مؤشرا .
لكن هذه الاصلاحات،يقول المودني، يجب أن تتوفر لها ضمانات التحقق : بشرية تقتضي اقتناع الجميع بالاصلاح وتملكه والانخراط في انجاحه ، ضمانات قانونية ،تواصلية وتعبوية وضمانات تمويلية وتقييمية .
فونتير بنبراهيم : المدير العام للتشريع والدراسات القانونية بالأمانة العامة للحكومة
إعداد مسودة من قبل الحكومة هو امتحان عسير من خلال التركيب وليس الاختزال

مشروع القانون الاطار ليس عاديا أنه مشروع يهم مستقبل أمة ويهم قضية وطنية محورية،لقد مرت خمسة عقود لم يتم اللجوء فيها إلى هذا النوع من القوانين إلا خمس مرات ونحن امام المرة السادسة.
إن اصلاح منظومة التربية والتكوين قضية وطنية يتعين الانخراط فيها كل من موقع المسؤولية التاريخية والوطنية.
نحن اليوم أمام خيارين إما بناء منظومة تعليمية على مراجعة عميقة ووفق رؤية استشرافية او الاستمرار في هذا المساربكل نتائجه الكارثية.
هذا المشروع ليس عاديا إنه مشروع يهم مستقبل أمة ويهم قضية وطنية محورية،وإعداد مسودة من قبل الحكومة يعتبر امتحانا عسيرا من خلال التركيب وليس الاختزال، تركيب رؤية متعددة المستويات الفلسفية والبيداخوجية والادارية. وقفنا طويلا عند مفاهيم مثل هل الفعل المضارع للحل والعمل والفعل الماضي للوصف والتعريف والتشخيص والاستعراض،في حين ليس من مهام القانون العام البحث في التشخيصات واستعراض الاطروحات الفلسفية التي تختلف باختلاف الاقلام داخل الرؤية.
النص كان امتداديا في زمن الاصلاح لكن المحلل القانوني كان عليه ان يختاراللحظات الحاسمة التي تحدد الآليات والاهداف ،فكانت العملية عسيرة.
إن عناصر البناء القانوني العام لهذا المشروع ليس سؤالا عرضيا هو سؤال المنهج ،الذي يمكن تفكيكه الى ثلاثة عناصر:
كيف يمكن بناء التصور القانوني العاكس لمشروع الاصلاح ؟ هل يعكس نص المشروع روح الاصلاح ؟كيف يتم التعامل مع رؤية الاصلاح؟ كيف تم توظيف المرجعيات المستندة في القانون
وكيف تم تصريفها.
كانت كثافة واضحة في الاستهداء بالمقتضيات الدستورية وكان لزاما التنسيق بين القانون العام والقانون الاطار وكانت الوثيقة الاساسية هي مشروع الرؤية الاستراتيجية هي التي حددت الخطوط الكبرى لمشروع القانون الاطار.الذي جاء عاكسا للاختيارات الكبرى ومترجما لها .

ذ.عبد الله الخياري
القانون الإطار لم يشر الى رافعات النهوض بالرأسمال البشري واغفل التكوين وحفز المدرس

في قراءته في “الهندسة البيداغوجية والتربوية لمشروع القانون الاطار”
اعتبر الاستاذ الخياري أن مشروع القانون الاطار الاول من نوعه في المغرب و يشكل دستورا للتربية والتعليم ، يؤسس لتعاقد وطني ملزم للسياسات التي تتوالى حتى2030 .
السؤال الذي يطرح نفسه هوهل سنبقى طيلة هذه المدة مقيدين بنفس القوانين، هل هذا الالزام يمكن ان يكون ناجعا لتنزيل الاصلاح ولم يعدل رغم ايجاد دواعي التعديل؟
فرغم ان المشروع قطع اشواطا في المصادقة، إلا أنه يمكن طرح بعض الافكار من أجل التعديل .يقول الخياري، وسأقدم ملاحظات حول مدى توفر الرؤية الشمولية ومدى وجوب تطابق كلي او جزئئ لما جاء في القانون الاطار.
ففيما يتعلق بالتعلم كحق لحقوق الانسان،
تطرق القانون الاطار إلى المستندات التي يقوم عليها مبدأ حقوق الانسان دون تخصيص الحق في التعليم، الذي يجب ان يكون المؤطر للنص، خصوصا في مايخص الانصاف .
الحق في التعليم لم ينل حقه في القانون الاطار،كما لم ينل مبدأ ولوج التربية نفس القوة التي حظي بها في الرؤية الاستراتيجية .
كما أن القانون الاطار لم يبرز ادماج التعليم الاولي وخاصة في المادة 8 التي لم تشر الى الزاميته وتعميمه.
أما فيما يتعلق بمرامي وغايات المنظومة فهناك غياب الغايات المتوخاة في المنظومة والتي حددها المشروع في الثوابت، لكن هذه الاشارة للمرجعيات لم تستحضر الرؤية الغائبة في كل مخرجاتها.
هناك أيضا غياب شامل لكلمة المشروع المجتمعي في النص مما يجعلنا نتساءل كيف نحدد الحقوق والواجبات؟
فيما يتعلق بالمنهاج ،أوكل القانون الاطار الامر الى لجنة دائمة للتجديد تتولى اعداد دلائل ومرجعيات، غير أن اهمية الورش لاتكمن في لجنة تقنية، بل الى حوار وخبراء كما يجب تحديث المنهاج الوطني، اما المقاربة البيداغوجية فقد ارجأ النظر فيها الى وضع اطار مرجعي لم يشر اليه القانون.
فيما يتعلق بالهندسة اللغوية التي جاءت بها الرؤية الاستراتيجية والتي تحدد سياسة لغوية جديدة ،فإن القانون الاطار لم يتضمنها واغفل الاطار المرجعي للتمكن من تعلم اللغات وإحداث مجلس اللغات، وعدم مراعاة القوانين التنظيمية للامازيغية .
الخياري تطرق ايضا إلى أن القانون الإطار لم يشر الى رافعات النهوض بالرأسمال البشري واغفال التكوين وتثمين وحفز واستقلالية المدرس ، كما غابت الإشارة للتحول الديمغرافي للمدرسين وربطها بالتكوين.
وفيما يتعلق بالثغرات القانونية لاحظ الخياري أن مشروع قانون الاطار لم يفصل في كل مقاصد الاصلاح،لأنه ارجأ كل ما يتعلق بالاصلاح الى لجن ونصوص يلزمها وقت طويل .كما أن
محدودية النص القانوني ستضعف قوته التشريعية وتعيق التنفيذ السليم.
وعموما فالقانون الاطار بالنسبة للاستاذ الخياري هو مجرد نوايا منشودة تفتقد للطابع الالزامي للتنفيذ .

عبد الله ساعف
على الدولة أن تضمن للجميع الحق في التعليم ،وان يتم تحديد مفهوم الاسر الميسورة

تساءل عبد الله ساعف عن الطريقة التي يجب ان نقرأ بها المشروع هل باعتباره حامل لمشروع ،أم باعتباره مجموعة قوانين ونصوص؟ هل نحن أمام نص يحمل العديد من الاشياء الجديدة أم أنه سيأخذ منحى ماسبقه من إصلاحات .
كل الدراسات التي انجزت منذ الاستقلال كانت تنطلق من فرضية ازمة التعليم ، وهناك دائما 12 نقطة لازال التذكير بها ولم تتغير عدة اشياء رغم تغير السياق.
لكي ينجح في الاصلاح على المغرب ان يخرج من مرحلة التدبير الاستثنائي ، الوضع يتطلب إصلاحا شاملا وكليا والفترة الزمنية يجب ان تكون محددة ،لكن الاستثناء دائما يلازمنا.
فتحت عدة جبهات في هذا القانون، هل الاصلاح الكلي ممكن القيام به في نفس الوقت، وما المقصود بمراكز القرار، أشك يقول ساعف، في فعالية لجنة القرار لأنها تشوش على وحدة القرار. ايضا لم تحدد المسؤولية لتسهيل عملية ربطها بالمحاسبة .
القانون الاطار ليس طبيعة مغربية، يقول ساعف، وليس تمرينا عاديا عند المشرع المغربي، حيث لم يتطرق له المغرب الا 5مرات . وهي قوانين ليست لها سمعة جيدة، حيث تم الانتفاض عليها في فرنسا في الجمهورية الرابعة.
نحن نحمل المدرسة المغربية اكثر مما تتحمله، وكأنها المسؤولة عن إصلاح كل المجتمع،فيها التربية ،حقوق الانسان ،المواطنة ..، يجب خلق التوازن وتنسيب دور المدرسة .
القانون الاطار لم يفسر في ادماج التعليم الاولي وهو المهم والجديد، لكنه لم تحدد طبيعته ، في حين يجب ان يوضع له قانون الزامي.
اما فيما يخص التمويل يقول ساعف فعلى الدولة ان تضمن للجميع الحق في التعليم ،وان يتم تحديد من هي الاسر الميسورة التي تعفى من الاداء وان تكون هناك خريطة اجتماعية دقيقة لتحديد الفئات الاجتماعية.كما يجب التعامل بالكثير من الاهمية والحزم فيما يخص التعليم الجامعي ومراقبة الدعم الذي تحظى به المؤسسات الجامعيات الخاصة اكثر من العمومية .


بتاريخ : 25/10/2018