المنتدى الأول للمجتمع المدني التشاركي بمكناس : «من أجل جعل آليات الديمقراطية التشاركية رافعة للنموذج التنموي الجديد»

 

نظم الفضاء الجمعوي للتربية والتنمية بمكناس يوم الاربعاء 17 اكتوبر 2018 بقاعة الندوات التابعة لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بمكناس، المنتدى الاول للمجتمع المدني التشاركي والذي اختير له شعار «الديمقراطية التشاركية رهان التنمية المندمجة».
و«تندرج هذه التظاهرة الجمعوية – حسب المنظمين – في إطار ترسيخ مبدا الفعل التشاركي عبر إشراك الفاعلين الجمعويين والسياسيين والحقوقيين والأساتذة المهتمين في مجالات التنمية والاقتصاد محليا، جهويا ووطنيا»، وتميزت بحضور عدد من ممثلي المجتمع المدني بكل من مدن فاس – تاونات – الرباط – الحاجب – ازرو – افران-… إضافة الى حضور ممثل الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، والسلطة المحلية.
وافتتحت اشغال المنتدى بكلمة ترحيبية ألقاها رئيس الفضاء الجمعوي للتربية والتنمية حسن جبوري، وبعد تقديمه للخطوط العريضة لبرنامج اللقاء، ذكر بالظرفية السياسية والاجتماعية التي ينعقد فيها المنتدى مؤكدا على ان «انعقاد المنتدى سيصبح محطة تؤثث لفضاء المجتمع المدني بالعاصمة الاسماعيلية»، مذكرا بالاهمية التاريخية لخطاب 9 مارس 2011 الذي ادخل المجتمع المدني في مسلسل تشاوري من اجل ابداء الرأي حول بنود الدستور، و بالمسار الترافعي الذي ينتهجه الفضاء الجمعوي للتربية والتنمية بمعية فعاليات المجتمع المدني المكناسي في قضايا الشأن المحلي. و اعتبر أن الاهمية التي اولاها الدستور للديمقراطية التشاركية تعتبر مكسبا ديمقراطيا يجب العمل على تعزيزه وانزاله الى حيز التطبيق، بالإضافة الى تعزيز الديمقراطية التشاركية عبر استثمار الافاق التي يتيحها الدستور وجعل المواطن محور أي فعل سياسي تشاركي يجب ان تكون الركيزة الاساسية لكل برنامج مجتمعي للبلاد. وشكر في الاخير الداعمين الاساسين للمنتدى.
عرض خايف الله عصام الكاتب العام للفضاء الجمعوي للتربية والتنمية ومنسق مشروعه، تمحور حول مرحلة تأسيس الفضاء والسياق العام الذي أسس من اجله وانجازاته وشركائه والبرامج التي يشتغل عليها ومكوناته من جمعيات تغطي جل تراب العمالة، كما اعطى نبذة تفصيلية حول المشروع الذي ارساه الفضاء بمعية شريكه الصندوق الوطني للديمقراطية.
مداخلة الدكتور ندير الاسماعيلي، الأستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، أشادت بالجهود التي يبذلها الفضاء الجمعوي في التأسيس لفعل جمعوي تشاركي مرتكز على دعم قدرات المجتمع المدني بمعية شركائه ، وأكدت على دور الهيئات الاستشارية في دعم الأدوار التنموية للجماعات الترابية، موضحا أن هذه الأدوار “يكفلها دستور 2011 الذي جاء بمضامين جد متطورة”. ليضيف أنه من الواجب إشاعة الثقافة التشاركية لدى الفاعلين خاصة منهم السياسيين، وجعل الديمقراطية التشاركية تتسم بوظائف فعالة كالمراقبة والمحاسبة، مسجلا أن هذا النوع من الديمقراطية يحمل أوجها متعددة، واتخذ في الوقت الحالي “طابعا رقميا”.. ولاحظ أن المشاركة في اتخاذ القرار العمومي على الصعيدين المحلي والوطني من شأنها خدمة المجتمع بمختلف قضاياه كالصحة والتعليم والثقافة، وإعطاء معنى للمنحى الديمقراطي الذي يسير فيه “شريطة الارتكان لثوابت المملكة».
ومن جهته، توقف رئيس الفضاء الجمعوي للتربية والتنمية بمكناس حسن جبوري عند دلالات “الديمقراطية التشاركية رهان التنمية المندمجة” التي اتخذت كشعار للمنتدى، حيث تحمل العديد من الإشارات الهادفة والوعي براهنيته باعتبار ارتباطه بالتنمية في كل مجالاتها « . واضاف بأن «المغرب حقق في السنوات الأخيرة تطورا مهما في دينامية العمل الجمعوي، سواء على مستوى الكم أو الكيف وجعل من الفاعلين الجمعويين معبرا لتعميق الوعي بأدوار الانخراط والمشاركة وتحفيز أوسع لفئات المجتمع على الانخراط»، مسجلا في الوقت ذاته، “حصول تأخر من طرف المنتخبين في بعض الجهات لإرساء مفهوم الديمقراطية التشاركية”.
جمال مصاير الذي مثل الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ، والذي اعتذر بالنيابة عنه لظرف طارئ، أعرب في مداخلته عن شكره للفضاء الجمعوي للتربية والتنمية وشركائه “ لإتاحته الفرصة للوزارة من اجل تقديم مجموعة من النقط المهمة حول الديمقراطية التشاركية. فالسياق السياسي الخاص يتميز بمواصلة الإصلاحات المرتبطة بالتنزيل الأمثل لأحكام دستور 2011 الذي اعتبر الديمقراطية التشاركية مقوما من مقومات النظام الديمقراطي لبلادنا، ونص على عدد من آلياتها المباشرة (العرائض وملتمسات التشريع) كما نص على إحداث هيئات التشاور على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، وعلى دسترة عدد مهم من مؤسسات ومجالس الديمقراطية التشاركية»، وأضاف «أن هذا اللقاء يأتي في سياق تنموي خاص أيضا من خلال دعوة جلالة الملك إلى تحقيق تنمية متوازنة ومنصفة: «إذا كان المغرب قد حقق تقدما ملموسا يشهد به العالم، الا ان النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة والحاجيات المتزايدة للمواطنين وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات وبين التفاوتات المجالية وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية «ودعا جلالته إلى التنفيذ الجيد للمشاريع التنموية والقيام بالمتابعة الدقيقة لتقدم تنفيذ البرامج الاجتماعية والتنموية، وتحدث كذلك عن مواكبة الأشغال بالتقييم المنتظم والنزيه».
وبعد أن استعرض العرض عددا من المعطيات والمؤشرات التي رغم أهميتها (حوالي 150 ألف جمعية؛ وحوالي 350 ألف متطوع) فإنها تكشف عن مساهمة جد محدودة وضعيفة في الناتج الداخلي الخام 0.2 %، وبموارد محدودة لا تتجاوز 2 % من الميزانية العامة للدولة بمجموع مرافقها ومؤسساتها، فضلا عن وجود ضعيف في التحفيزات الضريبية لا تتجاوز 186 مليون درهم ضمن غلاف مالي يفوق 33 مليار درهم مجموع قيمة الاستثناءات الضريبية، كما أن دوره كقوة مشغلة يتسم بالهشاشة وعدم التثمين وغياب شبه كلي للحماية الاجتماعية. مما يبرز حجم التحديات الكبيرة التي يجب مواجهتها من أجل ضمان استثمار جيد لهذه الثروة التي يشكلها المجتمع المدني.
ولأجل هذه الغاية عرض المتحدث خمسة محاور أساسية أمام المشاركين في المنتدى اعتبرها إطارا للتفكير والمراجعة من أجل مساهمة فعالة للجمعيات في تطوير النموذج التنموي الوطني وتجديده وتحفيز مصادر جديدة للنمو واعتماد آليات تتيح التوزيع العادل لثمار هذا النمو تتمثل في:
«اولا: الاعتراف بدور المجتمع المدني كقوة مشغلة، والتحفيز على ذلك، مما يقتضي اعتماد إطار قانون للتطوع وتوفير أنظمة الحماية الاجتماعية للفاعلين، وتثمين المكتسبات المحققة في إطار أنظمة التكوين المستمر، واعتماد مقتضيات ضريبية منصفة وتحقق على الأقل المساواة مع الامتيازات الضريبية الممنوحة للمقاولة في هذا المجال.
ثانيا: تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني في مشروع تجديد النموذج التنموي، وخاصة في تنزيل الرافعات السبع التي طرحها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومنها رافعات تثمين الرأسمال البشري، واعتماد ميثاق اجتماعي جديد، وإعادة الاعتبار للثقافة، وتسريع الولوج الى مجتمع المعرفة.
ثالثا: إرساء آليات مشاركة الجمعيات في ضمان التقائية السياسات العمومية، باعتبار ان غياب الالتقائية يمثل نقطة ضعف مركزية تحد من أثر السياسات العمومية في انتاج الثروة والتوزيع العادل لها.
رابعا: تكوين وتأهيل قدرات هيئات التشاور العمومي وعموم الجمعيات في مجالات الديموقراطية التشاركية والتعاطي مع السياسات العمومية والترافع التنموي، مع مواكبة ذلك بالإسراع باعتماد قانون للتشاور العمومي، والتكوين المستمر.
خامسا: إصلاح شمولي للمنظومة الضريبية والمحاسباتية، لتصحيح التعاطي غير العادل وغير المنصف للنظام الضريبي الحالي، ولاسيما ما يهم تثمين الشغل الجمعوي والتطوع، واعتماد إجراءات للتخفيض الضريبي الجزافي والاعتراف بنظام محاسباتي ملائم ومبسط يأخذ بعين الاعتبار الطابع غير الربحي للجمعيات.»
المنتدى عرف كذلك مداخلات الحضور التي طالت مجالات النخب السياسية في تفعيل الحياة العامة وكذا إشراك فعاليات المجتمع المدني، كما طرحت العديد من القضايا المفاهيمية على المستوى النظري والاستراتيجي المتعلق بالتنمية المحلية واهمية فتح فضاءات للنقاش العمومي المحلي للتشاور المستمر مع كل الفعاليات المحلية. وأفضت النقاشات المختلفة الى عدة توافقات واستنتاجات صيغت على شاكلة توصيات. ويجدر بالذكر أن المنتدى ارتأى تشكيل لجنة من بين المشاركين للتتبع وتنفيذ التوصيات.
هذا وتجدر الاشارة الى ان المنتدى الاقليمي الاول للمجتمع المدني التشاركي لمدينة مكناس، فتح نقاشا هادفا ومسؤولا بين مختلف الفاعلين المحليين بعمالة مكناس، ووضع تصورا متكاملا حول توطين وإرساء مجموعة من الأهداف أهمها:
«– خلق دينامية محلية تشاورية بين جميع المتدخلين لتكثيف الجهود من أجل جعل آليات الديمقراطية التشاركية رافعة للنموذج التنموي الجديد.


الكاتب : عصام خايف الله

  

بتاريخ : 26/10/2018