خاشقجي وروسيا:من يتذكرسيرغي كريسبال؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

قد يكون لرقعة الشطرنج الدولية، التي وضعت عليها قطع الجثة، ما يفسر أكثر مغزاها لدى الدول في اللعبة الكبيرة.

تركيا، لا يحركها العدل الكبير الذي تريده، وإلا ما كانت لتبدأ بالسياسة وتنهيها بالسياسة..
بالنسبة لروسيا، تخفي قضية خاشقجي قضية سيرغي سكريبال!
وهي القضية التي تم فيها اتهام موسكو بمحاولة قتل عميلها الذي هرب إلى المعسكر الغربي، وأصبح، في عرف القوانين الجاسوسية خائنا..
بالطبع، في قضية العميل الروسي، المحاولة كانت دون الجثة
ولم يمت العميل ولا ابنته ..
لكن هذا الفارق في الجثة وفي التدابير المصاحبة للقضية، لا وزن له في التقدير الروسي، الذي يعتبر بأن العملية فيها اشتغال على محاصرة موسكو، وقتها والوقت وقت مونديال ومعركة سورية وتكريس التفوق العسكري في الفضاء..
يكاد توالي الأحداث يعطي الموقف الروسي كل المصداقية، من حيث بناء أواليات التحليل..
**
لنتذكر من القضية توارد المواقف الغربية
فقد حدث، بعد تسميم الجاسوس بنية قتله هو وابنته أن تداعى الغرب إلى موقف موحد..
ففي إطار عمل منسق بين عدة دول غربية، أعلنت واشنطن طرد 60 دبلوماسيا روسيا على خلفية قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال. وتزامنا مع الإعلان الأمريكي، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن 14 دولة بالاتحاد الأوروبي قررت طرد دبلوماسيين روس. كما أعلنت كندا عن قرارات مماثلة. من جانبها، توعدت الخارجية الروسية بالرد بالمثل على تلك الإجراءات.
ومن آخر ما يتعلق بالقضية ولم يغلق بعد هو ما صرح به جون بولتون، المستشار الرئاسي في قضايا الأمن القومي الأمريكي الذي أجرى محادثات في موسكو هذا الأسبوع بقوله إن واشنطن تبحث ما إذا كانت ستفرض عقوبات إضافية على روسيا بسبب تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته في بريطانيا.
والواضح أن روسيا، التي لعبت بذكاء فريد في قضية الانقلاب الذي جرى في تركيا، واستفردت تقريبا بأنقرة التي غيرت مواقفها من الروس، ثم في القضية الروسية منذ ذلك الحين، تلعب بالذكاء نفسه، بحيث ترى في القضية الحالية أيضا، جانبا لا يمكن التغاضي عنه، وهي توافق الدولة السعودية في ما تقدمه من روايات وجانبا آخر لا تريد أن تتركه للعبة الغربية وحدها..
وروسيا، اختارت في هذه القضية، موقفا يسلط الضوء الكثير على لب القضية في اللعبة الجيواستراتيجية وحسابات الآخرين…
أول موقف رسمي قطع مع التوجه العام لدى الغرب، هو ماعبر عنه الكرملين يوم الجمعة عن» اعتقاده بأن العائلة المالكة في السعودية غير متورطة في جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي بعد اتصال بحث خلاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القضية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز».
ولدى طرح أحد الصحافيين سؤالا حول ما إذا كان الكرملين مقتنعا تماما بعدم تورط العائلة المالكة السعودية في جريمة القتل التي وقعت في اسطنبول أجاب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأن هذا السؤال «غير ملائم».
وقال بيسكوف «لقد أصدر الملك السعودي بيانا رسميا، كذلك فعل ولي العهد السعودي (الأمير محمد بن سلمان) وليس هناك ما يدعو لعدم تصديقهما».
ومساء الخميس أجرى بوتين محادثة هاتفية مع العاهل السعودي بحثا خلالها «ملابسات قضية خاشقجي»، بحسب بيان الكرملين…
الموقف الروسي المتماهي مع السعودية، يجعل من موسكو الحليف والجدار الآسيوي أمام الجبهة الغربية، التي تتجاوز في القضية حسابات الحق والعدل إلى الصفقات – التي لا تتجاوز مصالحها فيها ـ سنعود إلى موقف فرنسا منذ البداية وإلى حدود تصريح ماكرون عن القضية والسلاح…
الواضح أن المحرك والدوافع التي تقف خلف العواصم الغربية ليست بالضرورة هي التي تحرك الكثير من الباحثين عن حقيقة الاغتيال، ولا يمكن أن تخرج القراءة بالفعل عن شبكة من المصالح التي تجد في اللحظة الحالية متنفسا لها ومناسبة للتحقق..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 31/10/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *