قرار مجلس الأمن 2440 حول الصحراء يكرس دور الجزائر كطرف أساسي في العملية السياسية : مدد مهمة بعثة المينورسو ستة أشهر

 

جدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أول أمس الأربعاء، مهمة بعثة المينورسو لستة أشهر، وذلك إلى غاية 30 أبريل 2019، بدل سنة، كما في القرارات السابقة، مكرسا، مرة أخرى، تفوق مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب كحل للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية.
وشدد مجلس الأمن على «أهمية تجديد التزام الأطراف المعنية بالمضي قدما في العملية السياسية استعدادا للجولة الخامسة من المفاوضات» في إطار من الواقعية وروح التسوية»، مذكرا ب «دعمه للتوصية المتضمنة في تقرير 14 أبريل 2018 والتي تؤكد على أن الواقعية وروح التسوية ضروريان لإحراز تقدم في المفاوضات» و»تشجع بلدان الجوار على تقديم مساهمات مهمة في هذا المسلسل «.
وجاء في قرار مجلس الأمن رقم 2440 الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية وتم اعتماده بأغلبية واسعة، أن المجلس «قرر تمديد مهمة المينورسو إلى غاية 30 أبريل2019».
هذا وكانت الجريدة سباقة لطرح الموقف الأمريكي الساعي إلى تقليص مدة اعتماد المينورسو بما يتماشى ومصالح أمريكية داخلية، إذ تسعى إدارة ترامب إلى التخفيف من النفقات في المؤسسات الدولية والإسراع بإنهاء عدد من النزاعات، ولم يكن الموقف الأمريكي موجها للمغرب بل هي التزامات انتخابية للرئيس ترامب تتزامن والانتخابات التي ستشهدها البلاد في الأسبوع القادم.
وعلى مستوى آخر كرس القرار الأممي ريادة مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب في 11 أبريل 2007، منوها بالجهود «الجدية» وذات المصداقية التي يبذلها المغرب للمضي قدما في المسار الهادف إلى إيجاد تسوية لنزاع الصحراء.
ودعا القرار الأطراف إلى التحلي بالإرادة السياسية والعمل في بيئة مواتية للحوار بهدف الدفع بالمفاوضات، وبالتالي ضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ سنة 7200 ونجاح المفاوضات.
كما جدد دعوة «الأطراف والبلدان المجاورة إلى التعاون على أكمل وجه مع منظمة الأمم المتحدة ومع بعضها البعض، وتعزيز انخراطها من أجل المضي قدما نحو حل سياسي» لهذا النزاع الإقليمي.
وأقر مجلس الأمن في هذا الإطار، بأن «الحل السياسي لهذا النزاع الطويل الأمد، وتعزيز التعاون بين البلدان الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، سيسهم في الاستقرار والأمن، مما سيؤدي أيضا إلى خلق مناصب الشغل والنمو والفرص لكافة الشعوب بمنطقة الساحل.
وفي معرض تعليقه على القرار الجديد لمجلس الأمن ذكر الباحث نوفل البوعمري أن القرار الحالي جاء بعد نقاش معمق حول مختلف مضامينه، سواء تلك المتعلقة بالعملية السياسية أو بالتمديد، وأضاف البوعمري أنه لابد من التأكيد هنا على أن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في تمديد بعثة المينورسو لستة أشهر فقط لم يكن بخلفية سياسية أو يعكس تغيرا في موقفها ونظرتها للملف بل هو مرتبط بشكل مباشر برؤيتها الحالية لمختلف بعثات حفظ السلام، وعلى رأسها بعثة المينورسو التي تربط دعمها المالي بالتقدم في مهمتها السياسية، كما أن مناقشة الملف يتزامن مع سياق الانتخابات الأمريكية التي يريد ترامب الفوز فيها لضمان الولاية الثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة وللظهور بمظهر المحافظ على وعوده الانتخابية، كما أنه قرار جاء دون المنتظر من طرف الجزائر والبوليساريو التي كانت تقدم دعاية ترتكز عى أن تعيين جون بولتون سيكون لصالحها على حساب المغرب، مع العلم أنه في ظل الإدارة الحالية، ومع تعيين جون بولتون، كان وزير الخارجية المغربي قد استقبل نظيره الأمريكي الذي أعلن عن دعمه للحكم الذاتي.
وأضاف البوعمري أنه بالعودة إلى مضمون القرار بعد تجاوز نقطة تمديد مهمة المينورسو لستة أشهر فقط لأسباب تقنية كما جاء في المسودة نفسها التي أعدتها الإدارة الأمريكية، تظل مختلف التوصيات الصادرة بهذا الشأن تصب في دعم رؤية المغرب على عدة مستويات، حيث إن المغرب ظل يطالب دائما باعتبار الجزائر طرفا أصيلا في النزاع، وهو ما اقتنعت به أخيرا الأمم المتحدة في قرارها الحالي عندما أكدت من جهة على الطبيعة الإقليمية للنزاع،وعلى حضور الجزائر في المائدة المستديرة التي ستنظم بجنيف في دجنبر المقبل ليس كطرف ملاحظ كالسابق بل كطرف رئيسي على الطاولة. كما أن المغرب ظل يؤكد أن الحكم الذاتي هو الحل السياسي القابل للتطبيق، والقرار أشاد بالحكم الذاتي وأعاد التأكيد على ضرورة الوصول للحل السياسي الواقعي، ومع استحالة تطبيق الاستفتاء يظل الحل المغربي هو الحل الذي يستجيب لهذا المعيار. وأكد البوعمري أن المغرب ظل يتفاعل بشكل إيجابي مع مختلف الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، فالقرار أشاد بالتقدم الحقوقي الحاصل في المغرب عموما وفي الصحراء خصوصا وعلى تفاعل المغرب القوي والفعال مع الآليات الحقوقية الأممية.
ولا بد من الإشارة إلى أن المغرب كان قد طالب بشكل قوي بضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار ووقف مختلف الأعمال العدائية التي قامت بها البوليساريو في المنطقة العازلة محذرا من مخطط الجزائر نقل المخيمات إلى شرق المنطقة العازلة، وهو ما أكد عليه قرار مجلس الأمن عندما خاطب البوليساريو بشكل مباشر و صارم و طالبها بعدم التفكير في نقل منشآتها للمنطقة العازلة، سواء شرق الجدار العازل أو الكركرات. كما أن القرار، يضيف البوعمري، جاء مطابقا للرؤية الاستراتيجية للمغرب وللتصور الذي أكد عليه الملك في خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2015 والذي سيكون موضوع إشارة بدون أدنى شك في خطاب المسيرة الخضراء المقبل لتزامن القرار مع قرب حدث المسيرة وتزامنه أيضا مع نفس التاريخ الذي أعلن فيه الحسن الثاني سنة 1975 عن انطلاق المسيرة الخضراء.
من جهته أكد السفير الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، فرانسوا دولاتر، أمام مجلس الأمن، أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يمثل «أساسا جديا لمحادثات مستقبلية» من أجل تسوية نهائية لقضية الصحراء المغربية.
وقال دولاتر، في مداخلته لتعليل التصويت عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار 2440 الذي مدد ولاية بعثة المينورسو لمدة ستة أشهر، إن «فرنسا تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب يشكل أساسا جديا لمحادثات مستقبلية» بشأن قضية الصحراء.
وأشار السفير الفرنسي إلى أن مجلس الأمن يدعم بشكل كامل الجهود التي يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، هورست كولر، بشأن العملية السياسية، «وهو ما يؤكده النص المعتمد اليوم أيضا».
وأضاف أن كولر، وفي سياق استكمال نجاح الزيارة التي قام بها في المنطقة أواخر يونيو ومطلع يوليوز، وضع اللبنات التي سترتكز عليها المائدة المستديرة الأولية المقررة مطلع دجنبر القادم بجنيف، داعيا المشاركين في هذا الاجتماع إلى «لعب دور بناء».
وفي معرض تطرقه للوضع الميداني، أشار السفير الفرنسي إلى أن «الهدوء المسجل بفضل بعثة المينورسو يسمح بالمضي قدما على المستوى السياسي».
ورحب أيضا «بغياب تهديدات مهمة لوقف إطلاق النار، كما يسجل ذلك القرار، وكذا تحسن الوضع على الأرض منذ آخر تجديد لولاية البعثة»، مشيرا إلى أن مجلس الأمن كان قد بعث «رسائل واضحة» في أبريل الماضي، «أتت أكلها».
وخلص دولاتر إلى أن «دورنا هو التذكير بضرورة مواصلة احترام وقف إطلاق النار بشكل كامل».
كما أكد السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن القرار رقم 2440 بشأن قضية الصحراء المغربية، الذي «يكرس، للمرة الأولى، دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية السياسية»، حمل مستجدات وأكد حقائق وجدد التأكيد على معايير أساسية.
وأشار هلال، خلال لقاء صحفي بعد اعتماد القرار 2440، إلى أن «تبني هذا القرار الذي يلي القرار 2414 المعتمد في أبريل الماضي، يشكل تطورا كبيرا في معالجة قضية الصحراء المغربية من قبل مجلس الأمن»، موضحا أنه «حمل مستجدات وأكد حقائق وجدد التأكيد على معايير أساسية».
وأوضح السفير أنه على مستوى المستجدات، فإن القرار 2440، الذي يشيد بعقد مائدة مستديرة في جنيف يومي 5 و6 دجنبر 2018، «يكرس، للمرة الأولى، دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية السياسية»، مبرزا أن الجزائر «ستشارك في هذا الاجتماع بنفس الصفة أسوة بالمغرب وموريتانيا».
وأضاف أن الأمر يتعلق بخطوة «تاريخية»، حيث إن مجلس الأمن طالب الجزائر بالمشاركة في اجتماع جنيف بحسن نية ودون شروط مسبقة وبروح من التوافق موضحا أن «هذا المطلب الصريح الموجه إلى الجزائر لا يهم المائدة المستديرة بجنيف فحسب، بل يشمل العملية السياسية برمتها، إلى حين انتهائها، كما تنص على ذلك الفقرة الثالثة».
ويدعو القرار في هذا الإطار، إلى إجراء مشاورات مسبقة من أجل الإعداد الدقيق لهذه المائدة المستديرة وهو الأمر الذي ما فتئ المغرب يشدد عليه.
وفي معرض تطرقه للشق المتعلق بتأكيد الحقائق، أشار هلال إلى أن القرار الأخير يطالب «البوليساريو» بعدم العودة إلى المنطقة العازلة في الكركرات وعدم نقل أي «بنية إدارية»، مدنية كانت أو عسكرية، إلى أرض الصحراء المغربية.
وأوضح أن «هذا المطلب يرد أيضا في الجزء التمهيدي (الفقرة 14) والعملياتي (الفقرة 7)، مما يعكس الأهمية التي يوليها القرار لوضع حد للاستفزازات والأعمال المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها البوليساريو.
وأكد السفير هلال أن «هذا الأمر لا لبس فيه. فالقرار الحالي، وعلى غرار التقرير الأخير للأمين العام، يفند كليا أكذوبة ما يسمى «أراضي محررة»، التي تروجها الجزائر وصنيعتها البوليساريو.
وأشار إلى أن التزام البوليساريو أمام هورست كولر، كما سجل ذلك القرار 2440، بعدم العودة إلى منطقة الكركرات أو نقل بنيات إلى شرق منظومة الدفاع، يشكل إقرارا صريحا بأكذوبة هذه «الأراضي المحررة».
وبخصوص تجديد التأكيد على المعايير، قال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة إن القرار 2440 أكد مجددا على المعايير التي اعتمدها مجلس الأمن منذ سنة 2007، لاسيما القرار رقم 2414، الذي يدعو إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم يقوم على التوافق، مضيفا أن هذا القرار الأخير رسخ وجاهة مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي.
وأبرز أن هناك عنصرا أساسيا آخر «يتمثل في تجديد مجلس الأمن التأكيد على موقفه منذ سنة 2001 بشأن انتهاء صلاحية الاستفتاء الذي أقبر بشكل نهائي».


الكاتب : ع الساطوري - م الطالبي

  

بتاريخ : 02/11/2018