في ندوة صحافية استعدادا لمؤتمر الهجرة.. ناصر بوريطة: الهجرة بالنسبة للمغرب قضية لا يمكن أن يتم حلها أو تداركها إلا في إطار احترام سيادة الأمم

المغرب سيكون في الموعد لجعل المؤتمر الدولي حول الهجرة اجتماعا ناجحا
عقب زيارته لـ»باب اغلي» بمراكش، حيث تجري الترتيبات المتواصلة لاحتضان المؤتمر الأممي للهجرة يومي 10 و11 دجنبر 2018 رفقة وفد من الأمم المتحدة، عقد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة ندوة صحفية، زوال يوم أول أمس الخميس 8 نونبر بالمركب الثقافي لوزارة الأوقاف بمراكش، معبرا في كلمة تقديمية عن أهمية مؤتمر الهجرة الذي سينعقد تحت مظلة الأمم المتحدة للتطرق لقضية الهجرة في إطار متعدد الأطراف ومن منظور متعدد الأبعاد.
وقال إن الاجتماع سيعتمد وثيقة أساسية ومرجعية بالنسبة للمجموعة الدولية في ما يتعلق بقضايا الهجرة، معتبرا أن المغرب سيكون في الموعد لإنجاح هذا الاجتماع، وهو موعد دولي مهم للمجموعة الدولية، ويتشرف المغرب باحتضانه، كما احتضن سابقا بمدينة مراكش مجموعة من المواعيد الدولية الحاسمة.
وأضاف بأن الزيارة التي قام بها مع الوفد الأممي كانت للتأكد من أن كل الأمور تسير على مايرام، مؤكدا أن المغرب سيكون في الموعد كما كان دائما، لاحتضان اجتماع ناجح، سواء من الناحية التنظيمية أو من ناحية مساهمة هذا الاجتماع في خلق توافق دولي جديد حول قضايا الهجرة ومعالجتها في مختلف الأبعاد في إطار تعاون دولي وتحت مظلة الأمم المتحدة.
وفي معرض أجوبته عن أسئلة الصحافيين قال ناصر بوريطة إن احتضان المغرب لمؤتمر الهجرة له ثلاث رمزيات أساسية:
أولها، التزام المغرب بكل ما له علاقة بالشراكات والمبادرات المتعددة الأطراف، وأن المغرب قد اعتمد الإعلان المرتبط بالتغيرات المناخية وفي نفس الوقت يعتبر أن مسألة الهجرة يجب أن يتم تداركها في نفس الإطار، وهذا دليل إضافي بخصوص المبادرات التي لها علاقة بالمبادرات المتعددة الأطراف.
ثانيها، أن الهجرة بالنسبة للمغرب قضية لا يمكن أن يتم حلها أو تداركها إلا في إطار احترام سيادة الأمم، فالسياسات التي يتم سجنها في قلعة أو اتخاذها من طرف واحد لا يمكن إعمالها، ونحن بصدد الوصول إلى مفهوم مشترك لهذه الظاهرة التي يجب الاشتغال عليها بكل إجماع.
ثالثها، أن المغرب منذ سنة 2013 يعتبر سياسته الإقليمية لصالح الجيران سياسة رائدة، وكذا ما يتم إعماله تجاه مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وكذلك تسوية وضعيتهم، حيث وصل المغرب إلى نسبة تناهز 90 في المئة بالإضافة إلى أنه عندما قام رؤساء الاتحاد الإفريقي بتعيين جلالة الملك كفاعل أساسي في قضية الهجرة في قمة يوليوز 2017، كان ذلك من باب كل ما له علاقة بالمبادرات المتعددة الأطراف، مشيرا إلى أن استضافة المغرب لمؤتمر الهجرة تأكيد على تشبثه بكل ماله علاقة بالمبادرات والشركات المتعددة الأطراف .
وأكد أن المغرب شارك بدينامية كبيرة في إعداد الوثيقة من منطلق المرجعية المغربية في التعاطي مع هذه القضية، والمغرب مرتاح لهذه الوثيقة لمجموعة من الاعتبارات منها أنها ليست وثيقة قانونية، بل هي وثيقة سياسية تضمن مجموعة من المبادئ ومجموعة من الأهداف، تنسجم مع تصور المغرب في قضية الهجرة. مركزا على أن هذه الوثيقة ليست قائمة على الإلزام، بل قائمة على التعاون، وهذا منطلق أساسي في المقاربة المغربية. مسترسلا بالقول إن من تحديات اجتماع مراكش ليس التصفيق على هذه الوثيقة ولكن للتفكير في كيفية تحقيقها في المستقبل وأن المغرب في انسجام تام مع مضمونها الذي يأخذ بعين الاعتبار المرجعيات الأساسية لسياسة المغرب في مجال الهجرة.
وحول تنزيل الوثيقة التي ستعتمد في مراكش والتزام الدول بها أوضح ناصر بوريطة أن رهانها يتمثل في أن تجد كل دولة نفسها فيها، مضيفا أن من سمات الوثيقة المرونة الكبيرة حتى تتجاوب مع سياق كل منطقة ودولة، فهذه هي خاصية هذه الوثيقة وقوتها أيضا، مضيفا، أنه كان بالإمكان التوجه نحو وثيقة قانونية، لكن دولا كثيرة لن تطبقها، والأساسي، يقول وزير الخارجية، هو أن تكون هناك مبادئ موحدة وأهداف مشتركة وتطبيق منسجم مع سياقات هذه الدول، وبالتالي فمشكل الهجرة ليس مشكلا قانونيا فقط بل هو مشكل سياسي ولا يجب أن نضعف المقاربة السياسية، وهذه الوثيقة التي ليست ملزمة قانونيا لا يعني أنها ضعيفة، فأرضيتها السياسية تعطيها قوة.
وفي سؤال لـ»لاتحاد الاشتراكي» حول انفتاح المغرب وتحوله من دولة عبور إلى دولة استقبال وعن الإجراءات المتخذة التي تخول للمهاجر بأن تكون له إضافة إيجابية لا أن يكون عالة على المشهد أمام ما نراه في شوارعنا، قال الوزير إن في المغرب عددا من المهاجرين غير القانونيين وهذا واقع يجب التعامل معه، متسائلا: «هل يبقوا في الخفاء، مع كل المشاكل التي يمكن أن تطرح، أو من الواجب أن تعطى لهم الفرصة للخروج من الوضعية السرية التي تضعفهم ؟؟».
مضيفا أن المغرب وضع خمسة معايير لتمكين هؤلاء من وضع ملفاتهم، حيث تم وضع 60 ألف ملف، تم قبول 50 ألف منها أي بنسبة 90 في المئة، وهذا فقط من أجل تسوية الوضعية .
اما التحدي الثاني فهو الادماج، لأن هناك فرقا بين تسوية الوضعية وفق مسطرة إدارية بناء على مجموعة من المعايير، والادماج الذي يعد مشروعا أكبر، حيث سيضم الحقوق والمسؤوليات، وهناك قانون وطني للهجرة في مراحل متقدمة من الإعداد بمشاركة المنظمة الدولية للهجرة ومنظمة الأمم المتحدة باقتباس أحسن المعايير من مجموعة من الدول، هذا المشروع سيعرض قريبا على مجلس الحكومة لأن فيه مجموعة من المعطيات التي تتضمن الحقوق والواجبات، فالمغرب الذي كان دائما بلد هجرة ولديه خمسة ملايين من المهاجرين من المنطقي أن يكون من الدول الأولى التي وقعت على اتفاقية حقوق المهاجرين وعائلاتهم، لذلك لا يمكن له أن يطلب حقوقا للمهاجرين ولا يطبقها على المهاجرين الذين في أرضه، في إطار سياسة إدماج واضحة، وهناك أساس ثان وهو المسؤولية التي جعلت المغرب يتعامل بحزم مع شبكات الاتجار في البشر وشبكات الهجرة غير الشرعية .
أما الأساس الثالث فهو التعاون الدولي الذي نحن فيه اليوم من خلال استضافة مؤتمر الهجرة في الشهر المقبل.
من جهتهما قالت كل الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للهجرة الدولية لويس أربور الذي ستحتضنه مراكش والأمينة العامة المساعدة المكلفة بقسم الجمعية العامة للأمم المتحدة وتسيير المؤتمرات كاترين بولار،  بأنهما زارا، رفقة الوزير، موقع «باب اغلي» الذي سيحتضن هذا الاجتماع، بحضور رؤساء الحكومات وممثلين عن المنظمات غير الحكومية ومختلف الإدارات والوكالات الأممية، حيث سيلتقون في مكان آمن من أجل ملامسة قضية من أهم القضايا التي تطرح نفسها بحدة في القرن الواحد والعشرين حول الهجرة الدولية، وأضافتا بأن على مراكش أن تفتخر باستضافتها لهذا الموعد، وقد عبرتا عن إعجابهما بشكل كبير بموقع المؤتمر الذي سوف يكون موقعا ذا رمزية كبيرة من أجل قضايا الهجرة.


الكاتب : مراكش: محمد المبارك البومسهولي

  

بتاريخ : 10/11/2018