المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية – مراكش 2018 : الرئاسة المشتركة للمنتدى بين ألمانيا والمغرب مثال حديث لتطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى البلدين

تنعقد الدورة الحاديـة عـشرة للمنتـدى العالـمي حـول الهجـرة والتنميـة في وقـت حاسـم تحتـل فيه الهجـرة مكانـة بـارزة في الأجنـدة السياسـية الدوليـة، خاصة بعد إعـلان نيويـورك الصـادر في شتنبر 2016، وفي ظل الاسـتعدادات المتعلقة بوضع ميثاق عالمي للهجـرة وميثـاق عالمي حـول اللاجئيـن. إن المواقـف حول الهجـرة في تطـور مستمر، لكـنها تتسم بوجود اختلافات كبـيـرة. فمــن جهة، أصبحــت الهجــرة مسـألة أكثــر حساســية في البلــدان التــي تواجــه مشاكل حـادة في ما يخص الاندماج أو سـوق الشغل، في الوقـت الـذي يفقـد فيـه العديـد مـن المهاجريـن حياتهـم في البحـر وفي الصحـراء، بينمـا يسـتمر الفقـر المدقـع وعـدم المساواة بين الجنسـين والكـوارث الطبيعيـة في دفـع الأشخاص إلى النـزوح والهجـرة. مـن جهة أخـرى، نلاحظ اعترافا متزايدا بالآثار الإيجابيـة للهجـرة -عندمـا تتـم إدارتهـا بشـكل جيـد. وقـد أولت العديـد مـن الحكومـات في جميـع أنحـاء العالم اهتمامـا كبـيرا لتحقيـق أقـصى ما يمكن مـن إيجابيات الهجرة عبر العديد مـن الـشراكات الدوليـة لضـمان هجـرة مفيـدة للجميـع، وتمثل الرئاسـة المشـتركة للمنتـدى العالمـي حـول الهجـرة والتنميـة بين ألمانيـا والمغـرب مثـالا حديثا لهذه المقاربة الإيجابية.
وتعتـبر الرئاسـة المشـتركة لألمانيـا والمغـرب مبـادرة فريـدة لثلاثة أسـباب على الأقل. أولاً، فطبيعة الرئاسة المشتركة تضع شركاء الشمال والجنوب على قدم المساواة في تدبير النقاشات حول الانشغالات المشتركة المتعلقة بالهجرة. ثانياً، وللمرة الأولى، قامت هاتان الحكومتان بوضع أهداف واضحة ومركزة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية على مدى عامين (وهي الفترة التي تتزامن مع إعداد الميثاق العالمي للهجرة والتنفيذ السريع للجوانب المتعلقة بالهجرة في أهداف التنمية المستدامة). ثالثاً، أعطت الحكومتان في السنوات الأخيرة المثال من خلال تطبيق سياسات استشرافية للهجرة على مستوى بلديهما.
لقد شكّل العقد الأخير فترة انتقالية بالنسبة للمجتمع الدولي وكذا بالنسبة للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية، حيث حدثت تغييرات أساسية في الخطاب العالمي حول الهجرة منذ عام 2006، أثناء الحوار الرفيع المستوى الأول (HLD).
وقد مكن هذا الحوار من تحديد السبل والوسائل للاستفادة من الجوانب الإيجابية للهجرة الدولية، وكانت النتيجة المهمة الأخرى للحوار الرفيع المستوى هي اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الخاص للهجرة الدولية والتنمية لإحداث المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، وعلى إثر اعتماد خطة التنمية المستدامة 2030 سنة 2015 وإدراج الهدف 7.10 الخاص ب “هجرة وتنقل منظمين وآمنين ومنتظمين ومسؤولين”، فإن مساهمة الهجرة في التنمية قد أدرجت رسميا في إطار عمل الأمم المتحدة الإنمائي لأول مرة، وكذلك المؤشرات التي يمكن اعتمادها لقياس التقدم في المنهجية التي تدبر بها الهجرة بمختلف البلدان من أجل تحقيق التنمية، وتماشياً مع أهداف التنمية المستدامة، يُنظر إلى الميثاق العالمي للهجرة على أنه خطة عمل محتملة لتنفيذ الهدف 7.10، والمساهمة في تحقيق الهدف 8.8 لحماية العمال المهاجرين، ضمن أهداف وغايات أخرى، ومنذ سنة 2015، ركز المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية مجهوداته على تقييم وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة المرتبطة بالهجرة، لا سيما من خلال إنشاء فريق عمل متخصص تابع للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية يتكفل بتتبع خطة التنمية المستدامة 2030 والميثاق العالمي للهجرة.
وعلى أساس النقاشات العالمية الحالية والحوارات الموضوعاتية، فإن الرئاسة المشتركة قد حددت كأولويات:
التركيز على الروابط القائمة بين المنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، الميثاق العالمي للهجرة وأجندة 2030.
وقد تم التأكيد على ذلك في الوثيقة “الموجز الموضوعاتي 2007 – 2017” التي قدمها المنتدى خلال أطوار إعداد الميثاق العالمي للهجرة، والتي سيتم التأكيد على أهميتها خلال مناقشات الموائد المستديرة لسنة 2018.
تحليل ودراسة مساهمة المنتدى في الحوار العالمي ووضع سياسات في مجال الهجرة والتنمية، ويقترح إجراء جرد للنجاحات والتحديات التي عرفها المنتدى خلال العشر سنوات الأخيرة في ما يخص الهجرة والتنمية، وذلك بتعبئة فريق من الخبراء.
ومن المنتظر أن تتمحور النقاشات التي ستجري سنة 2018، امتدادا لسابقتها التي جرت في القمة العاشرة في برلين سنة 2017، حول موضوع “نحو عقد اجتماعي عالمي حول الهجرة والتنمية” في إطار الموضوع العام “الوفاء بالالتزامات الدولية لتحرير طاقات جميع المهاجرين من أجل التنمية”.
وخلال انعقاد القمة الحادية عشرة للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية في دجنبر 2018، سيكون الميثاق العالمي للهجرة في المراحل النهائية قبل اعتماده، بعد سلسلة من المشاورات الوطنية والإقليمية والدولية بشأن هجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وبذلك تم تدشين مرحلة مهمة نحو إرساء “عقد اجتماعي عالمي”، إلا أن اعتماد الميثاق العالمي للهجرة ليس سوى الخطوة الأولى بحيث ستكون 2019 سنة حاسمة بالنسبة للحكومات وجميع الجهات الفاعلة على المستويات المحلية والوطنية والدولية للشروع في تنفيذ “العقد الاجتماعي العالمي”.


بتاريخ : 01/12/2018