دون ترخيص ولا مصادقة على التصميم : هدم مآثر تاريخية بتارودانت والفريق الاتحادي يطالب بحماية البنايات القديمة وترميمها

 

استفاقت ساكنة مدينة تارودانت صبيحة يوم الثلاثاء 27 نونبر 2018 على ايقاع هدم بعض المعالم التاريخية وسط المدينة القديمة «الرحبة» أمام صمت المسؤولين.علما بأنه بعد الشروع في الهدم الأول للموقع المستهدف، احتج فاعلون جعويون في عين المكان وتم ايقاف الهدم ، لكن بعد أزيد من شهر، ورغم قرار محضر اجتماع بالعمالة الذي أقر بالترميم والصيانة بدل الهدم ، فوجئ الجميع بالاجهاز على ما بقي من الهدم ، وعلى اثر ذلك عبر بعض متتبعي الشأن المحلي عن قلقهم من هذا التصرف الانفرادي الذي يضرب في العمق جمالية المدينة العريقة التي تشكل ارثا حضاريا بأسوارها وأبراجها وبناياتها القديمة. وتساءل جمعويون عن غياب المجلس البلدي وممثلي الأمة للدفاع عن مصالح المواطنين والحفاظ على المآثر التاريخية وصيانتها وجلب الاستثمار وتنميته، علما بأن الموضوع أثاره كل من الفريق الاشتراكي بمجلس النواب و مجلس المستشارين من خلال توجيه أسئلة كتابية للوزراء المعنيين.
وفي السياق نفسه توصلنا بتصريح من الفريق الاتحادي بالجماعة الترابية بتارودانت جاء فيه « أن مبادرة تدخلنا جاءت بعد توصلنا كفريق اتحادي بتظلمات وتخوفات من بعض التجار بالموقع المعني بالهدم ..وبعد تنقلنا لمعرفة الموضوع عن قرب ومعاينة الحالة فوجئنا بأن الامر يهم منطقة وبنايات تراثية تدخل فيما تبقى من النسيج العتيق على قلته …لهذا اصبح الموضع اكثر من التظلم، أي أننا أمام اتلاف لجزء من تراث المدينة، فطالبنا بإيقاف عمليات الهدم الى حين حل كل الاشكالات وحماية البنايات القديمة واخضاعها للترميم والصيانة وليس الهدم الكلي ..وسجلنا تعمدا وقصدا هدفه هو ربح الوقت لهدم ما تبقى ..فاضطررنا لطرح الموضوع بمكتب باشا المدينة ثم بمكتب الكاتب العام ليتقرر عقد لقاء تقني للاستماع الى ملاحظاتنا واقتراحاتنا ..ليتبين لكل اعضاء اللجنة المجتمعة بمكتب الكاتب العام للعمالة أن المشروع غير مصادق عليه وان عمليات الهدم غير مرخصة وان جزءا مما اقدمت الشركة على هدمه لا علاقة له بالمشروع غير المصادق عليه، اي انها عملية غير قانونية …ولقد احطنا الجميع في اللقاء بان غايتنا في الوقت الذي تتجه فيه السياسة الملكية الى الاهتمام والترميم واعادة الاعتبار للمدن العتيقة بمراكش والرباط وفاس …والى حماية التراث اللامادي والعمران العتيق، ان هدفنا هو: ان يرجع التصميم ودراسته لملاءمته بالخصوصيات العمرانية التاريخية وبالمواد التقليدية …و أن المحلات التجارية المبنية بالإسمنت كان من المفترض تهيئتها وصيانتها واخضاعها هي كذلك لنسق البناء القديم في ما يخص الواجهة والابواب … وان ترمم المحلات التي طالها الهدم وتصان ليرجع اليها اصحابها … وان يهيأ كناش للتحملات يهم كيفيات الترميم والصيانة والبناء وشروط وضوابط كل ذلك … .وأن تقوم المصلحة المعنية، اي ادارة التجهيز بتارودانت بإعداد ملفها كاملا واتباع المساطر القانونية في هذا الباب …ولابد ان نشير هنا الى أن السلطة المحلية أمرت خلال الاجتماع بإيقاف الورش للاعتبارات القانونية اعلاه ،وعلى رأسها عدم الترخيص لا للهدم ولا لتنفيذ المشروع …وان يتم التعجيل باستدعاء المهندس المعماري للمشروع لصياغة تقنية وفنية للملاحظات التي أكد عليها كل من ممثلي قسم التعمير بالعمالة والوكالة الحضرية والتي سبق توثيقها في محضرين سابقين …مع التأكيد على ضرورة احترام الملاحظات المطروحة واعتمادها وحماية حقوق التجار المستغلين لتلك المحلات…..وتقرر تشكيل لجنة لتتبع الملف حتى يحقق الأهداف والغايات المسطرة في مثل هذه الأوراش التراثية…».
كما عقد اجتماع بالعمالة حضره ممثل الفريق الاتحادي يوم الأربعاء 28 نونبر 2018، و ممثل للأوقاف و الشؤون الاسلامية، ولوزارة التجهيز و الوكالة الحضرية ومهندسان من العمالة مكلفان بقطاع التعمير، وباشا المدينة، حيث قدم مصطفى المتوكل دفوعات ومرافعات بشأن الموضوع، وخلص الاجتماع إلى:
«ان التصميم الخاص ببناء المسجد لم يصادق عليه بعد..- أنه لم يتم اعتماد ولا ادخال الملاحظات المدونة في محاضر اجتماعات سابقة طلب فيها من التجهيز والمهندس مراجعة واعتماد التعديلات في التصميم ووضع كناش تحملات يهم ضوابط البناء والترميم في البناء القديم والتراثي واحترام المقاييس المعمول بها في هذا الباب – لاوجود لأي قرار يرخص بالهدم في موقع التدخل – ان أعمال الهدم طالت مقاطع مهمة وتراثية تعتبر هي اخر ما تبقى من سوق الغزل والنسج بتارودانت وهي غير معنية حتى في البرنامج المسطر لا بالهدم ولا بالترميم وتم اخراج التجار من محلاتهم دون ضمانات ولا طريقة تدبير عيشهم طوال المدة التي ستستغرقها اعمال البناء…- ان اجراءات قطع الكهرباء الخاصة بالمحلات تمت خارج الضوابط المعمول بها بين المكتب الوطني للكهرباء والمتعاقدين ..- كل عمليات التدخل من هدم وغيره كانت خارج القانون وخارج كل المساطر المعمول بها في مجال التعمير بما فيها المساطر الخاصة بالمساجد ….كما اتضح ان لا الوكالة الحضرية ولا مصلحة التعمير بالعمالة توصلتا بالملف الكامل للمشروع حتى يخضع للدراسة النهائية والتصديق ليشرع بعد ذلك في اجراءات الترخيص للهدم ثم الترخيص بالبناء». ليختتم الاجتماع بإصدار الباشا لقرار شفوي بإيقاف كل العمليات في الموقع بصفة تامة لعدم توفر أي ترخيص أو مصادقة.وطالب كل من ممثل الوكالة الحضرية والمهندس المسؤول عن التعمير باستدعاء المهندس المعماري المكلف بالمشروع وكل التقنيين بالقطاعات المتدخلة لاستكمال دراسة الموضوع والاشكالات المطروحة، ومطالبة الجهة المعنية بإنجاز المشروع بتقديم الملف والتعديلات وكناش التحملات الضابط لعمليات التدخل في احترام تام لخصوصية المباني التراثية ترميما وصيانة وبناء حسب الحالة.. .كما اعلن وتقرر ان تقوم وزارة التجهيز بترميم واصلاح وتهيئة المحلات التي طالها تهديم جزئي وإزالة للأبواب رغم أنها خارج برنامج التدخل، حتى يعود أصحابها الى محلاتهم .».


الكاتب : عبد الجليل بتريش

  

بتاريخ : 03/12/2018