انزياحات في قضية آيت الجيد/حامي الدين، تليها فرضيات ساذجة للغاية‮!‬ 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

 
… سمعنا، من القضاة كما من العديد من المواقع، إشارات إلى السجال الذي دارت رحاه تحت مسمى كبير هو خطر «دولة القضاة» ، والذي عارضته الوصاية السياسية، والحزبية، في معمعان الإصلاح والحديث عنه.. .
وتجدر الإشارة إلى أن السيد الوزير الحالي السابق، كان قد دخل، في وزارته، على مجهود كامل من الحوار الوطني للإصلاح، قاده عبد الواحد الراضي، كوزير سابق عنه، غير أنه اختار مسح الطاولة برمتها وإعادة النقاش من أوله حول إصلاح القضاء، وهو ما يعني بأنه تحمل مسؤوليته كاملة غير منقوصة في ذلك، بعد أن «جب» ما قبله من إرادات في الموضوع ومن مجهودات اكتملت قبيل مجيئه..
يحق، من باب التدرج الزمني على الأقل أن نتساءل: ألا يمكن أن نكون هنا أمام فصل من فصول هذه الثنائية ( نيابة عامة-وزارة العدل) التي أثرت في النقاش حول الإصلاح، لا سيما عند الحديث عن النيابة العامة؟
كم كان بودي لو أن قضاة، من جهة ووزراء وسياسيون من جهة أخرى تدخلوا بنقيض ما يذهب إليه عموم الزملاء في المهنة، أو بعيدا عن التكتل المفروض بقوة الاصطفاف الذي تم على الجبهة السياسية، لكن منطق الثنائيات يغلب في الحالة الراهنة…
الفرضية الثانية: يعلو وينخفض نقاش مصاحب للقضية يدور حول العدالة الانتقالية والواقع الحالي.
ومجمل الحديث فيه هو المعرب عنه في سؤال ضمني: ما هي حدود العدالة الانتقالية في قضية مقتل آيت الجيد، بعد إدانة سابقة للمتهم، ثم بعد رأي اللجنة المكلفة بالمصالحة الوطنية الشاملة؟
وهذه الثنائية، بين عدالة انتقالية، مهمتها المصالحات الكبرى في تاريخ الدولة وتاريخ المجتمع، وبين عدالة جارية، تُضْمر حق الاستفادة منها من عدمه…
وبمعنى آخر: هل تكون العدالة الانتقالية قد استوفت كل جموحها في المصالحة لكي تفتح الطريق إلى عدالة عادية، تم إصلاحها، وأن القائم على إصلاحها، هو من يشكك فيها عندما استوت للنظر في قضية، قد تكون في محكم القضايا المحسومة سابقا؟
سؤال إشكالي ولا شك، لكنه يطرح علاقة العدالة الانتقالية بما بعدها، وتدبير ذلك.
وقد كان لافتا أن يكون أحد صناع تلك اللحظات في الإنصاف والمصالحة، صلاح الوديع ممن تدخلوا وكتبوا في الموضوع، طالبا من المتهم الرئيسي دفترا أبيض حول الملف، بمعنى تقديم رواية شاملة للحادثة، كما سمعها منه…
كما لو أن أوراقا من القضية أفلتت من العدالة الانتقالية وظلت بيد المتهم نفسه، لم يصدر الحكم بإغلاق قضيته ( إغلاق الحساب بلغة الماضي solder l histoire) …
وأمامنا واقع متشابك بالفعل، وثنائيات دقيقة:
القتيل يطالب بالعدالة الحالية
والمتهم يطالب بالعدالة الانتقالية ..
قضاة ضد رجل الدولة.. يستكمل إصلاحه للقضاء بساعات إضافية في السجال السياسي..
استعارة التاريخ اليانعة
مقابل المسطرة الجنائية الجافة..
ونعود إلى السؤال الذي تفرعت عنه هذه السذاجات بانزياحاتها الصباحية:
هل الذي‮ ‬يحدث اليوم حول استدعاء ومتابعة حامي‮ ‬الدين‮، يمكن أن‮ ‬ينحصر في‮ ‬الدائرة الواضحة للعين المجردة، التي‮ ‬رسمتها البلاغات والبيانات والمقالات والمواقف المعلنة،‮ ‬أي‮ ‬في‮ ‬قراءة الجريمة بناء على‮ أو ضد المسطرة الجنائية؟
أم أن قراءات أخرى،‮ ‬من زوايا وبراديغمات أخرى‮ ‬ممكنة؟
تبدو القضية برمتها كما لو أنها عتبة، لرفع التهم الأخرى..
كما لو أن البراءة فيها ومنها فقط، ليست هي السياق الوحيد،
بقدر ما هناك تهم أخرى تبحث عن قضية!
كلٌّ يتهم الكلَّ
والكلُّ يتهم كلاًّ..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 18/12/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *