المقررة الأممية الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية تثمن جهود المغرب في الميادين المتصلة بالمساواة ومحاربة كل أشكال التمييز

في تقريرها الأولي الذي ستقدم خلاصاته خلال الدورة 41 من مجلس حقوق الإنسان، شهر يوليوز من سنة 2019

 

نشر المكتب الأعلى لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، على موقعه الرسمي يوم الجمعة 21 شتنبر 2018، تقرير المقررة الأممية المعنية بأشكال العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب، الذي شكرت فيه المغرب على الدعوة التي قدمها لزيارته ما بين 13 و 21 ديسمبر 2018، وعلى التعاون الذي أظهره تجاه جميع حيثيات هذه الزيارة، في ما يرتبط بالبحث الذي أجرته البعثة الأممية، المتعلق بتقييم جهود السلطات المحلية الرامية إلى القضاء على كافة أشكال العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب في المغرب.
وقد زارت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، الرباط، طنجة، تطوان، أكادير والدارالبيضاء، والتقت مجموعة من الفاعلين المحليين وممثلي السلطات التنفيذية من مستوى عال، فبينوا لها أهمية ما يوليه المغرب من آليات خاصة بالإجراءات التابعة لمجلس حقوق الإنسان، كما التقت ممثلي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، القوات المساعدة ومجتمعات دينية وأمازيغية، زيادة على ضحايا التمييز العنصري والعنصرية، وفريقا من ممثلي المغرب المنتمين للأمم المتحدة، الذين قدموا لها يد العون في ما يتعلق بالمعطيات المجمعة ضمن التقرير الأولي.
ويتشكل هذا التقرير الأولي، من كافة الملاحظات الموجزة والاستنتاجات الأولية، التي قامت المبعوثة الأممية بصياغتها من خلال فتح حوار حر وبناء مع الحكومة وممثلي الحق المدني الآخرين.
وقد أعلنت المقررة أنها ستقدم تقريرها النهائي الكامل، الذي سيحتوي على خلاصات واستنتاجات أكثر تفصيلا، خلال الدورة 41 من مجلس حقوق الإنسان، شهر يوليوز من سنة 2019.
وذكرت المقررة الأممية، ان المغرب وبالرغم من الجهود التي يقوم بها في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه لم يقدم أي تقرير يعبر عن تنفيذه لمقتضيات القانون الدولي، المناهض لكافة أنواع التمييز العنصري منذ سنة 2014. لكن ذكرت أنها مسرورة جدا للإعلان الذي قام به الوزير المكلف بقضايا حقوق الإنسان، الذي يفيد بأن المغرب بصدد الانتهاء من إعداد التقارير الموحدة، مع اللجنة المكلفة بالقضاء على أشكال التمييز العنصري، إذ قالت إنها تحث المملكة على تقديم هذه التقارير في أقرب الآجال.
وذكرت المقررة وجهة نظرها المتعلقة بالإطار الدستوري والقانوني والسياسي المغربي، بشأن المساواة والتمييز العنصري، إذ أعربت عن إعجابها بالتغير الطارئ على الدستور منذ سنة 2011، وعن الارتباطات الإيجابية مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة القوانين 23 – 6 – 19 –30 من الدستور، التي عملت على المحافظة على حقوق جميع الفئات السكانية المستقرة بالمغرب ومنها المهاجرون والنازحون من الحروب وحتى الأشخاص ذوي إعاقة.
وما يجدر ذكره، أن الدستور المغربي، يمكن جميع الأفراد من التمتع بكافة الحقوق الإنسانية، وأن على الحكومة المغربية مواصلة العمل دون كلل، لتنفيذ هذه الارتباطات الدولية، على غرار بقية حكومات العالم، المتعين عليها تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع.
ولم يفت المقررة الأممية أن تثني على الجهود المبذولة من طرف الحكومة والدولة المغربية في الشق المتعلق بالأمازيغية على حد سواء، من أجل الحفاظ على الإرث والهوية الأمازيغية، من خلال تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2011، وتقنين المادة 5 من الدستور التي تحدد الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد، والتي تعد كسابقة للمملكة، مكنتها من تعزيز الميثاق الدولي لحقوق الإنسان.
وأشار التقرير إلى غياب شبه تام للخدمات الإدارية باللغة الأمازيغية، خاصة في الفضاء القانوني والاجراءات القضائية، علاوة على غياب المترجمين الشفويين المتكلمين بهذه اللغة أثناء المحاكمات، ما قد يسفر عن نتائج وخيمة متعلقة بإصدار الأحكام. ولأجل ضمان المساواة والحماية في المجال القضائي، ينبغي على المغرب أن يكثف الجهود المرتبطة بتشجيع استخدام اللغة الأمازيغية، عبر توفير خدمات الترجمة الشفوية في الإجراءات القضائية والإدارية.
وفي ما يتعلق بحماية المهاجرين وطالبي اللجوء على حد سواء، فإن السياسات المغربية –التي لا تزال قيد التنفيذ- تستحق اعترافا دوليا، إذ تشكل في معظم الأحيان انخراطا مرحبا به في قضايا الهجرة، التي تحدث في مناطق كثيرة حول العالم، والراجعة بشكل جزئي إلى ارتفاع الشعبية القومية-العرقية والتيارات السياسية المحلية و الدولية.
ورحب التقرير الأولي، بالإجراءات المرتبطة بتسوية وضعية المهاجرين سنة 2014، عبر منح صفة المقيم الرسمية، لما يزيد عن 23 ألف شخص، كما نوه بإجراءات تسوية الأوضاع التي استفاد منها أكثر من 28 ألف شخص بداية سنة 2017، ما يبين الجهود الحثيثة التي يقوم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا المجال. ونوه التقرير الأولي أيضا، بالقرار الذي اتخذه المغرب مؤخرا، برفض جميع محاولات الاتحاد الأوروبي الرامية لإنشاء مراكز استقبال محلية للمهاجرين بالمغرب.
وفي ما يخص البنود المرتبطة بالأقليات الدينية ومكافحة التطرف، فإن العمل الذي قامت به الرابطة المحمدية للعلماء في هذا الشأن، باعتبارها مؤسسة دينية محترمة على الصعيدين الوطني والعربي، أمر مهم جدا لما أظهره من نتائج إيجابية في مكافحة التطرف بطريقة مبتكرة، عبر تفكيك الخطابات المتطرفة وتطوير التدخلات القائمة على تفسير الإسلام، بشكل يعزز مبادئ حقوق الإنسان بما في ذلك التسامح والمصالحة، والتي سيتم التطرق اليها بشكل مفصل أكثر ضمن التقرير النهائي. أما في ما يرتبط بالأقليات الدينية، فإن القانون المغربي، يضمن حرية المعتقد لجميع المغاربة، فاليهود المغاربة يتمتعون هم أيضا بجميع حقوقهم في المجالين الديني والجمعوي.
وقد خلص التقرير الأولي إلى مجموعة من التوصيات، ستساهم في دعم المسيرة القانونية المرتبطة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، منها ما هو موجه بشكل خاص للسلطات المغربية قصد مساعدتها على تحسين خدماتها، ومنها ما يشجع على اعتماد إطار قانوني وسياسي شامل لمكافحة التمييز العنصري، وضمان وصول جميع ضحايا هذا النوع من الاضطهاد إلى العدالة بصورة فعالة.
ومن التوصيات المقدمة في التقرير الأولي، ضمان مسارات هجرة منهجية وجديدة، زيادة على مواصلة العمل على تسوية وضعية المهاجرين بالمملكة، وتسهيل اندماجهم داخل المجتمع، وتعزيز التدابير الوقائية في مجال العمل الجمعوي والمكافحة لأشكال العنصرية، وضمان تطبيق السياسة الوطنية للهجرة على الصعيد الوطني، وزيادة تقديم المساعدات الإنسانية بشكل سريع لجميع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سياق الهجرة، مع تمكين زيارات ميدانية ودورية للمبعوثين الخاصين نحو المغرب.
وقد توجه التقرير الأولي نحو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، عبر مجموعة من الاقتراحات منها القيام بدور ريادي بغية الترويج لفهم أعمق لحقوق الإنسان، والاضطلاع بدور الريادة في العمل وتنفيذ خطة عمل وطنية لمكافحة العنصرية وكره الأجانب، دون إغفال دعم الجمعيات والسلطات المحلية بالمسودات القانونية الدولية في هذا المجال، عبر إيلاء اهتمام خاص للدورات التدريبية في حقوق الإنسان، تمكن المتدربين من التوفر على وسائل فعالة لمواكبة التغيرات الوطنية والمحلية لهذه الظاهرة.
واختتم التقرير الأولي، بإصدار مجموعة من التوصيات وجهت إلى الاتحاد الاوروبي، ووكالات الأمم المتحدة المكلفة بالمهاجرين وطالبي اللجوء. فقد تمت دعوة الجميع للعمل على نهج إقليمي، قائم على حقوق الإنسان المرتبطة بالهجرة، من خلال القنوات القانونية المتعلقة بالمهاجرين واللاجئين. وقد دعت إحدى التوصيات، إلى العمل على الحد من المطالب التي تتغيا تقييد حركة المهاجرين الأفارقة من طرف الحكومات الإفريقية، سواء على الأساسين العنصري أوالتمييزي.
وذهب التقرير إلى أن يكون أساس الأعمال الاجتماعية مبنيا على حقوق الإنسان وتطبيقها، عبر التركيز على تعزيز حقوق اللاجئين والمهاجرين في مسألة عدم التمييز، مطالبا بتقديم مساعدة إنسانية في حالة الضرورة وبشكل عاجل.

(صحفي متدرب)


الكاتب : المهدي المقدمي

  

بتاريخ : 25/12/2018