الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي تفتح نقاشا عموميا حول المقاولة المواطنة وصيغ الاستثمار في إقليم جرسيف

نظمت الكتابة الإقليمية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجرسيف مساء السبت 22 دجنبر 2018 ورشة عمومية للنقاش والحوار حول موضوع: «المقاولة المواطنة ورهان التنمية» في مقرها الكائن بشارع مولاي رشيد – جرسيف ابتداء من الساعة السادسة مساء.
وأكد سعيد بعزيز نائب الكاتب الإقليمي للحزب، خلال هذه الورشة أن الكتابة الإقليمية بما في ذلك جميع المناضلات والمناضلين الاتحاديات والاتحاديين بمختلف التنظيمات المحلية، تدين العملية الإرهابية التي ذهبت ضحيتها سائحتان من دولتي الدانمارك والنرويج، على مستوى جماعة أمليل بجبال توبقال، وأنها تتقدم بأحر التعازي والمواساة لأسر الضحيتين وحكومتي وشعبي الدولتين، مشيرا إلى أن الإرهاب عمل مدان، وأنه لا وطن ولا دين له، مشيدا بالدور الفعال لمختلف المصالح الأمنية في فك لغز هذا الفعل الشنيع وإيقاف المتورطين، وفي حماية أمن واستقرار البلد.
وفي سياق النقاش والحوار الدائر في الورشة المنظمة حول موضوع: “المقاولة المواطنة ورهان التنمية”، تحدث المتدخل الأول أحمد وفيق عضو المجلس الوطني للحزب عن إقليم جرسيف، في مداخلة له تحت عنوان: “في الحاجة إلى انخراط المستثمر المغربي في مسلسل التنمية بحس وطني”، عن أنه لابد لمتتبع الشأن الاقتصادي بالمغرب أن يلاحظ مدى انخراط الدولة في مسلسل دعم الاستثمار والجهود المبذولة من أجل تأهيل الاقتصاد الوطني من خلال مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى خلق شروط جديدة للرفع من مناعة المقاولة المغربية في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية وتقوية تنافسية المقاولة في الأسواق الدولية والعمل على كسب حصص جديدة على مستوى هذه الأسواق، ويظهر ذلك جليا من غزارة الإنتاج التشريعي ذي البعد الاقتصادي وتطوير الجهازين الإداري والقضائي بنية تبسيط المساطر المشجعة للانخراط في الاستثمار.
وأوضح أن جلالة الملك دعا غير ما مرة إلى تكريس مبدأ المقاولة المواطنة، ويرى أحمد وفيق أن الاستثمار المواطن ،لامناص أن يتجلى في مظاهر متعددة أبرزها الحفاظ على الإمكانيات الطبيعية من مياه وغابات وأودية وغيرها، وتحقيق الأهداف الاجتماعية خاصة خلق فرص الشغل وفي مقدمتها تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، واحترام أدمية العمال والحد من الاستغلال، وإقرار المساواة في الأجر بين الذكور والإناث والانخراط في استثمارات مجددة أو مكملة للقطاعات الموجودة، وترسيخ مبادئ الاستثمار المنتج للثروة وتجاوز اقتصاد الريع المستهلك للثروة، ثم الانخراط الحقيقي في تحمل أعباء النهوض بالأوضاع الاجتماعية.
وأضاف في مداخلته، أن السائد في الإقليم، هو الاستثمار المرتبط بمنابع الريع ونهب أراضي الدولة وأراضي الجموع واستنزاف الثروات الطبيعية دون موجب حق، ولو تحت مظلة القانون أحيانا، بسبب الجمع بين المال والسلطة المكتسبة عن طريق صناديق الاقتراع، لافتا انتباه الحضور إلى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعتبر المدخل للإصلاح في المغرب هو دعم المقاولة من أجل خلق الثروة بهدف تنمية مندمجة ومستدامة
وأردف في ختام مداخلته أن انعدام المنافسة بالاقليم والتي تعتبر إحدى دعائم الاستثمار المواطن، جعل مقاولات معدودة على رؤوس أصابع اليد تحتكر الاستثمار بجرسيف وتفرض شروطها أحيانا بمباركة السلطة، إضافة إلى استعباد العاملات والعمال ونهب خيرات الإقليم ومنع أي محاولة لخلق فرص جديدة للاستثمار
وفي المداخلة الثانية تحت عنوان: “المقاولة المواطنة بين الشعار والواقع”، توقف الحسين العسري كاتب فرع جماعة جرسيف وعضو المجلس الجماعي بذات الجماعة، في البداية عند تحديد مفهومها الاقتصادي على أنها وحدة إنتاج لخلق الثروة وتوزيعها، وأنها تعتمد على عناصر متعددة أهمها التنظيم والتخطيط والهيكلة والرأس المال والتجهيز والعنصر البشري واحتراف النشاط وتوفير المحل أو الأصل التجاري، في حين في مفهومها القانوني تعني احتراف العمل التجاري استنادا إلى تنظيم مجموعة من العناصر عبارة عن وسائل مادية وبشرية ومالية ومقر وزبناء،
وزاد أن المقاولة تستهدف الربح والسعي إلى تراكمه عبر استغلال العنصر البشري والثروات الطبيعية، حيث تساهم في خلق فرص الشغل والحد من البطالة، مع ما يرتبط معهما من خرق لحقوق الشغيلة ونهب للثروات وتملص من الضرائب.
والمقاولة المواطنة حسب ذكره، تساهم في تنمية المجتمع وتراعي المصلحة العليا للوطن من جهة، وحقوق الأجير من جهة ثانية، وتعمل على تطوير قدرات المستخدمين وتحفيزهم واحترام قانون الشغل، وحينما نصل إلى المقاولة المواطنة بمفهومها الصحيح نجد بالمقابل العمال يشتغلون ليس فقط لاستمرارها بل حتى لإزدهارها.
وفي المفهوم الاجتماعي، يضيف الحسين العسري، أنها تتجاوز ما هو قانوني، فهي تتطوع في بناء المجتمع، والذي لا يجب أن يبقى شعارا أجوف، بل يجب ترجمته على أرض الواقع، فالدولة تدعم المقاولة عبر عدة مجالات أهمها تخليق الحياة العامة، والقطع مع مختلف أشكال الفساد، وتوسيع الامتيازات الضريبية، ومنافذ للتمويل والقروض، والمقاولة عليها أن تعكس هذا الدعم على الأجراء والزبناء من حيث الإنتاج والجودة، وتحقيق التنمية المستدامة التي تلبي حاجيات الحاضر دون الانتقاص من قدرات الأجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها.
وفي المداخلة الثالثة والأخيرة للنائب البرلماني سعيد بعزيز، عضو المجلس الوطني للحزب، حول موضوع: “البعد الاجتماعي للمقاولة المواطنة”، تطرق في البداية إلى الإطار التاريخي للمقاولة المواطنة بدءا من ظهورها في القرن الماضي ببريطانيا وصولا إلى فرنسا، مؤكدا أن جلالة الملك تحدث على المقاولة المواطنة الاجتماعية خلال شهر شتنبر 2000 أثناء تدشين مشروع الجرف الأصفر، مبرزا أن المقاولة المواطنة ثلاثية الأبعاد، لكونها تعتبر ملكا للمجتمع وليس رب العمل، وحمايتها والسير بها إلى بر الأمان هي مسؤولية الأطراف الثلاثة المتدخلة، وهي الدولة باعتبارها المشرفة على تنفيذ السياسات العمومية سواء تعلق الأمر بالدعم أو التأطير أو التشريع أو غيره، و رب العمل الذي يجب عليه أن يستحضر الحق والواجب وحب الوطن وتعلقه بماضيه وحاضره ومستقبله، مرتكزا على الأداء الإيجابي للمقاولة في الدورة الاقتصادية خدمة للوطن وفي سياق احترام تام للقوانين المعمول بها، بعيدا عن الاحتكار والغش وابتزاز الدولة والاعتداء على ملك الآخرين واستعباد العمال والعاملات، ثم الأجير الذي يجب أن يعتبر نفسه مسؤولا على نجاح المقاولة واستمرارها والرفع من إنتاجها بهدف ضمان قوته اليومي
وفي سياق المقاولة المواطنة الاجتماعية، أبرز أهم مظاهرها، معتبرا احترام مدونة الشغل عنصرا أساسيا في مواطنة المقاولة، ويندرج ضمن ثنائية الحق والواجب، وفي مقدمتها الحد الأدنى للأجر الذي وصل اليوم في المتوسط بالقطاع الصناعي والتجاري والخدماتي إلى مبلغ 2586.84 درهم، وفي القطاع الفلاحي 1812.98 درهم، وللأسف هذا الحد الأدنى لا تحترمه العديد من المقاولات المحلية وفي مقدمتها وحدات النسيج، في غياب تام لدور اللجنة الإقليمية ومصالح التشغيل، أضف إلى ذلك مدة العمل المحددة كحد أقصى في 44 ساعة أسبوعيا، بمتوسط ثماني ساعات في اليوم لمدة خمسة أيام ونصف، لكن عمليا يشتغلن العاملات بجرسيف لمدة 12 ساعة يوميا طيلة ستة أيام في الأسبوع أي ما مجموعه 72 ساعة، ولا تحتسب في الساعات الإضافية ولا يعوض عنها، مثلها مثل الرخص الإدارية والعطل الرسمية، وغياب لجان المقاولة ولجان حفظ الصحة والسلامة ومندوبي العمال، لذلك لا نرى في جرسيف الأسر التي تشتغل بناتها في الوحدات الإنتاجية ترتقي اجتماعيا، إذ لا وجود لأي ترقية اجتماعية لعمال وعاملات الإقليم في ظل تكريس منظور الاستعباد والاستبداد
وتوقف سعيد بعزيز مذكرا بمحطة تاريخية سوداء في تاريخ إقليم جرسيف لما حل بسهل تافراطة مجموعة من الشخصيات النافذة في التسعينات من القرن الماضي وتمكنوا من الحصول على عقارات بمساحات شاسعة، لكن بمجرد حصولهم على قروض مالية خيالية من مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب، أعلنوا افلاس مقاولتهم، ولم يفتح أي بحث قضائي أو إداري في الموضوع
ويضيف سعيد بعزيز أن التاريخ يعيد نفسه اليوم، هناك توجه نحو منح أكرية في الأراضي الجماعية لقبيلة هوارة أولاد رحو بمساحات شاسعة مقابل سومة كرائية زهيدة جدا، دون اكتراث لاستغلاليات الفلاحين الصغار، الذين أوصى جلالة الملك في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية على ترقيتهم الاجتماعية وانبثاق طبقة وسطى في الوسط القروي، ولا أي اعتبار للمناطق الرعوية خاصة أن إقليم جرسيف يندرج ضمن المناطق الرعوية وساكنته تعرف باحتراف الكسب، إذ أنه إلى وقت قريب لم تكن مصالح الفلاحة تقدم الدعم المتعلق بمخطط المغرب الأخضر في المناطق البورية حفاظا على طابعها الرعوي، كما أن مديرية الشؤون القروية سارت في نفس التوجه من أجل حماية المناطق الرعوية
وأردف أنه لم تنجز أي دراسة قبلية لهذا الاستثمار خاصة على مستوى تأثيرها السلبي على الفرشة المائية والمجال المحيط بها، ثم تأثيرها الخطير والسلبي على الفلاح الصغير، حيث يهدف المعنيون بالأمر إلى إحداث ضعيات فلاحية باستفادة مباشرة من مخطط المغرب الأخضر، أي باستثمار مربح مئة بالمئة ودون تكاليف، وبعد ذلك سيتم استغلال المنتوج الخاص بهم في وحداتهم الصناعية في حين يحكم على منتوجات الفلاحين الصغار بالكساد التي تظهر بوادره منذ اليوم حيث وصل ثمن ثمار الزيتون حوالي ثلاثة دراهم ونصف ولم تتدخل المصالح المعنية بهذا الاستثمار لتثمينه، واللجوء إلى خلق هذا النوع من الاستغلاليات الكبرى، سيجعل مصير الزيتون، هو واقع البرتقال اليوم.
وذكر أن المقاولة المواطنة لا تبتز الدولة ولا تهددها، وأن الكلام المتعلق بتمكين مستثمر من مئة هكتار تحت طائلة التوجه إلى خارج الإقليم هو شأنه، وهو في حد ذاته يتنافى وروح الاستثمار المواطن، معتزا بما قام به الحزب من إصدار بيانات وتوجيه أسئلة كتابية برلمانية، مكنت أصحاب حق الاستغلال بكل من تادرت ولمريجة من التوصل بتعويضات مالية قبل إحداث وحدات إنتاجية فوق أراضيهم، مؤكدا أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية جزء لا يتجزأ من الحركات الاحتجاجية ذات البعد الاجتماعي، وأنه مستعد لتنظيم دورات تكوينية في مجال قوانين منظومة الحماية الاجتماعية للعمال والعاملات بإقليم جرسيف.
واختتم مداخلته بقوله إن المقاولة المواطنة هي التي تستهدف التنمية في شكلها الشمولي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي بعيدا عن الابتزاز والاستعباد.


بتاريخ : 27/12/2018