في لقاء جهوي مفتوح بعين بني مطهر : محمد بنعبد القادر يستحضر الجوانب «الحزبية، الشبابية والديمقراطية» في مسار الشهيد عمر بنجلون

ذكر محمد بنعبد القادر عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الاتحاديات والاتحاديين، ومنذ أزيد من أربعة عقود، وهم يحيون بإخلاص ووفاء ذكرى اغتيال الشهيد عمر بنجلون، مشيرا في اللقاء المفتوح الذي احتضنه المركز السوسيو ثقافي بعين بني مطهر مساء السبت 29 دجنبر 2018، إلى أنه حضر هذه الذكرى عدة مرات في محطات جامعية وشبابية وحزبية، “لكن تعتبر هذه المرة، هي الأولى التي يشارك فيها بشعور خاص ومتميز وبكثير من التأثر إحياء هذه الذكرى في البلدة التي أنجبت الشهيد عمر”، مبرزا أن هذه الأرض الطيبة أنجبت أحد الأسماء الشامخة لمغرب ما بعد الاستقلال وأحد المثقفين الكبار وأحد الأطر الكبرى لبلدنا: “خرجت من بلدة عين بني مطهر في ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة، الشيء الذي يبعث فينا جميعا شعورا خاصا، فهي ليست مجرد مراسيم روتينية فقط لتأدية واجب الوفاء بل هي لحظة مؤثرة وبطعم خاص” .
واسترسل عضو المكتب السياسي في كلمته باللقاء المفتوح الذي نظمته الكتابات الإقليمي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بجهة الشرق تخليدا للذكرى 43 لاغتيال الشهيد عمر بنجلون، قائلا: “منذ 43 سنة ونحن نترحم كل سنة على روح الشهيد ونستحضر مناقبه وخصاله وتضحياته وكذا دوره في إعطاء الانطلاقة الجديدة للحركة الاتحادية، لكن لا بد أن نتساءل من حين إلى آخر هل فعلا نحن أوفياء لذاكرة الشهيد وهل طريقة إحياء ذكراه هي الطريقة الأمثل التي تمكننا من استلهام الدروس لأحد السياسيين والقادة الكبار للحركة الاتحادية؟”، مبرزابأن أحسن طريقة هي طرح أسئلة تتعلق بطبيعة العمل السياسي وبالأخلاق السياسية، خاصة وأن الممارسة السياسية في تجربة الشهيد عمر حافلة بالدروس “لذا نشعر أننا مقصرون ولم نتعامل مع الشهيد كمرجعية وكقدوة في العمل السياسي، وأحيانا بفعل الجرح الذي لا زلنا نحمله”.
وأضاف بنعبد القادر أنهم جيل الصدمة، حيث فتحوا أعينهم والاتحاد ينطلق انطلاقة جديدة سنة 1975 بجرح انغرس في الذات الاتحادية وكان من الصعب التئامه بسرعة، “ففي وقت انعقاد المؤتمر الاستثنائي والانطلاق نحو النضال الديمقراطي بالديمقراطية وليس بشيء آخر، تأتي الصدمة ونطعن مرة أخرى في أحد القادة الكبار”، مؤكدا أنه من حق هذا الجيل “وهو يبحث ليس عن أجوبة بل عن أسئلة جديدة”، أن يستحضر تجربة عمر وهو يفكر في المؤتمر الاستثنائي من داخل السجن وعند خروجه من السجن بدأ يفرغ كل المخاض الفكري الذي كان يحمله على الورق، وبدأ في الإعداد بدينامية للتحضير للمؤتمر واستراتيجية النضال الديمقراطي، والتي كانت متميزة في تاريخ الفكر السياسي المعاصر بالمغرب .
وأكد عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه من الأفيد الاستفادة من شخصية الشهيد عمر بنجلون عبر استحضار ثلاث جوانب وهي الجانب الحزبي والجانب الشبابي والجانب الديموقراطي، مبرزا بالنسبة للجانب الحزبي بأن بصمات الشهيد معروفة في التقرير الأيديولوجي، الذي كان مهندسه، كما قام بقطيعة مع المرحلة السابقة حيث أعطى معنى الاستمرارية التي اعتبرها استمرارية النضال في ظروف متغيرة وبقوى متصارعة متغيرة، “ففهم عمر للحزب هو الحركية وليس الجمود فهو صاحب المذكرة التنظيمية سنة 1965، وهو أيضا من أصل لفكرة الاستمرارية ليس في الجمود والركود ولكن في التغيير” يقول بنعبد القادر متسائلا “هل النموذج التنظيمي السابق مازال صالحا؟ وهل الطريقة التي كنا نمارس بها الخصومات السياسية مازالت هي؟” .
وفيما يتعلق بعلاقة الشهيد بالشباب، أكد عضو المكتب السياسي أن عمر بنجلون لم يكن منظرا ولا باحثا سوسيولوجيا يدرس الحركة الشبابية “فهو نفسه كان شابا، وبالرجوع إلى التقرير الإيديولوجي نجده يقول إن الشباب بطبيعته ينفر من الغموض، والوضوح هو فضيلة سياسية وهو أيضا سلاح سياسي”، لذلك –يقول محمد بنعبد القادر- “كان عمر يرجع لإحدى خاصيات الشباب وهي الوضوح والهروب من الغموض والالتباسات وكان رجل الوضوح بامتياز يعتز به عموم اليسار”، مضيفاأنه ترك لنا تراثا ورصيدا سياسيا قويا، وترك أيضا حزبا قويا مازال موجودا “استشهد، وهو في سن الشباب، وهو ليس ثائرا من الثوار بل هو أحد الأطر العليا ببلادنا، وهو خريج المدرسة العمومية وليس مدارس الأعيان، متعدد المواهب، وهو محامي، بريدي، نقابي، سياسي، مفكر وأيضا صحافي”.
وبخصوص الجانب الديمقراطي، ذكر محمد بنعبد القادر أن الاتحاد الاشتراكي، في الوقت الذي كانت فيه الساحة السياسية العربية تعج بالمغامرات، وكان من السهل تعدد الولاءات، اختار أن يكون الخط السياسي للحزب هو النضال الديموقراطي من داخل المؤسسات، مبرزا أنه من أوائل الأحزاب التي اعتبرت الديموقراطية ليست هي الانتخابات فقط “لذلك كنا من السباقين إلى الحديث عن الديمقراطية المحلية وديمقراطية القرب وتمكين الشعب من المشاركة في بيئة تمكنه من قضاء جميع أغراضه”، لكن –يقول المتحدث- “النظام الإداري في المغرب آنذاك كان شديد التمركز، فكان هناك إلحاح من جلالة الملك في عدد من الخطب بالتعجيل بإخراج ميثاق اللاتمركز الإداري والذي بحث تقرير الإدارات في الصلاحيات التي يمكن نقلها إلى الجهات ويؤشر لتحول جذري في نموذج الإدارة، وهذا الورش محسوب على الاتحاد، كما كان محسوب علينا الميثاق الوطني لإعداد التراب الوطني إبان حكومة التناوب وأصبح الآن يتداول في اللغة السياسية بمصطلح العدالة المجالية”.
وأبرز عضو المكتب السياسي أن التحدي اليوم على الأحزاب السياسية هو إنتاج نخب جهوية حقيقية خاصة ونحن نتجه نحو إدارة لا ممركزة و”بلادنا في حاجة إلى الأطر والكفاءات”، وأشار إلى التعيينات الأخيرة التي عرفها المغرب مبرزا بأنها “تدعو إلى الاعتزاز والافتخار وتؤكد أن الاتحاد مازال نافعا ومفيدا لوطنه ومازال يعطي نضاليا وبوضوح وصمود وقدرة على العطاء…” وفي هذا الإطار ذكر أنه ردا على سؤال لأحد النواب البرلمانيين حول التعيينات في المناصب العليا “هل هي سياسية أم غير سياسية؟”، أجاب بأن “المرحوم الحسن الثاني كان يعين على رأس المؤسسات أطرا اتحادية في عز سنوات الرصاص”. وشدد على ضرورة تفكير كل الكتابات الجهوية والإقليمية للحزب في طريقة الانفتاح على الأطر، وفي تعزيز ما لديها من كفاءات بشرية حتى تتمكن من التواجد في الإدارات اللاممركزة.
وختم عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محمد بنعبد القادر مداخلته بالإشارة إلى أن هناك تأخرا في تحقيق العدالة الاجتماعية، وتأخرا في إنصاف وإدماج الشباب، داعيا إلى التفكير في آليات لتحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والمالية، مع التأكيد على أن الاتحاد كان دائما على العهد، و”سيكون مستعدا أكثر من أي وقت مضى للمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية”  .
وافتتح اللقاء، الذي عرف حضور مناضلات ومناضلين من أقاليم فجيج، بركان، جرادة، تاوريرت، دبدو، ووجدة وعدد من الفعاليات السياسية والنقابية والجمعوية من أبناء مدينة عين بني مطهر، بكلمة للكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بإقليم جرادة السهلي بونوة، تطرق فيها إلى شذرات من حياة الشهيد عمر بنجلون، وموقعه في عقل ووجدان الشعب المغربي، واختياره النضال المؤسس على الإيمان بالمشروع الاشتراكي الديمقرطي والمؤسس على الالتزام الذي يقتضي التضحيات الجسام…
وتحدث عن نضال الشهيد، وهو تلميذ صغير عندما رفض الوقوف لتحية العلم الفرنسي بمدرسة عبد الواحد المراكشي بعين بني مطهر، ثم في خلية تلامذية بالثانوية بوجدة، ونضالاته بعد التحاقه بباريس لمتابعة دراسته الجامعية… مؤكدا أنه مناضل قضى حياته في أحضان الشباب، طالبا ومثقفا سياسيا، ومناضلا خدم العمال والفلاحين وقضاياهم، ومحاميا وصحافيا، مناضلا وطنيا دافع باستماتة عن مغربية الصحراء، مناضلا مغاربيا وقوميا وأمميا ساند بقوة حرب التحرير الجزائرية، واعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية بل أم القضايا…”
وإلى جانب ذلك، أشار السهلي بونوة في كلمته إلى المسار السياسي للشهيد، مبرزا أنه صنع مساره السياسي “اعتقالا باعتقال واختطافا بسجن”، وذكر بسنوات اعتقاله والأحكام التي صدرت في حقه، ومحاولات الاغتيال التي تعرض لها… مبرزا أن مسار عمر هو “مسار المحن والآلام في لحظات رهيبة من تاريخ المغرب”…
أما كاتب فرع الحزب بعين بني مطهر الجيلالي عياد، فقدم كلمة بالمناسبة، رحب من خلالها بالحضور الذي قدم من بعض مناطق جهة الشرق إلى مسقط رأس الشهيد عمر بنجلون لتخليد الذكرى 43 لاغتياله، مشيرا إلى أن الشهيد يمثل نموذجا نضاليا صادقا يقتدى به لإيمانه بقيم وأفكار نبيلة ضحى من أجلها… كما عبر في كلمته عن مدى الاعتزاز والافتخار ببلدة عين بني مطهر التي أنجبت رعيلا من خيرة أبناء هذا الوطن، من وطنيين وسياسيين ومثقفين ورياضيين وشهداء دافعوا عن حرية وكرامة هذا الوطن، كما دافعوا عن الديمقراطية وعن مستقبل الشباب حتى يأخذوا نصيبهم من التعليم والتأطير الفكري… للحصول على الحد الأدنى من الوعي بحقوقهم وواجباتهم.
وإلى جانب ذلك، تم تقديم شهادتين في حق الشهيد عمر: الأولى قدمها المناضل محمد حرفي مرفقة بقصيدة شعرية نظمها سنة 1975، بعد بلوغه بخبر الاغتيال، والثانية قدمها رفيق طفولة ودراسة الشهيد بعين بني مطهر محمد الدادسي.
وانسجاما مع مذكرة المكتب السياسي للحزب، قدم عضو المجلس الوطني الكاتب الإقليمي لتاوريرت الهبري الهبري، مداخلة حول موضوع “مالية الجماعات المحلية”.


الكاتب : سميرة البوشاوني - الطيب الشكري

  

بتاريخ : 04/01/2019