استشهاد ثالث جندي مغربي بإفريقيا الوسطى في ظرف ثلاثة أشهر

 

الجيش المغربي من أكبر حماة السلم الدولي تحت يافطة الأمم المتحدة

استشهاد مغربي ثالث بإفريقيا

أفاد بلاغ للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية بأنه تم تسليم جثمان العسكري المغربي، الذي أعلن عن «فقدانه» في هجوم استهدف دورية لتجريدة القوات المسلحة الملكية ببعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى (مينوسكا)، الخميس، لتجريدة القوات المسلحة الملكية. وذكر البلاغ أن دورية تابعة لتجريدة القوات المسلحة الملكية العاملة ضمن بعثة مينوسكا، تؤمن مهمة خفر وتأمين فريق للهندسة العسكرية من الكمبودج، تعرضت لهجوم من طرف مجموعة مسلحة مجهولة، عند محور رافاي- بانغاسو على بعد 220 كلم جنوب شرق مدينة بريا، موقع تمركز تجريدة القوات المسلحة الملكية. وأوضح المصدر ذاته أن تسعة جنود بتجريدة القوات المسلحة الملكية أصيبوا بجروح في هذا الهجوم، حالة أحدهم خطيرة.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه تتم حاليا إجراءات نقل جثمان العسكري المغربي بعد استيفاء المساطر الجاري بها العمل داخل البعثة الأممية، مضيفا أنه ستتم إقامة مراسم العزاء في مكان إقامة أسرة الفقيد. كما نشرت صفحة «القوات المسلحة الملكية» على الفيسبوك، خبرا أكدت من خلاله أن ميليشيا «انتي بلانكا «، قامت بإعدام الجندي المغربي، بعدما قامت في وقت سابق بإعدام 3 جنود كانت قد احتجزتهم عقب الهجوم نفسه. وسبق للبعثة الأممية أن أكدت أن  “مجموعة مدنيين” من إفريقيا الوسطى “تتفاوض” مع المهاجمين للعثور على الجندي المغربي الذي فقد بعد الهجوم الذي وقع على بعد 470 كلم شرق بانغي بالقرب من الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، قبل أن يتأكد خبر إعدامه.
للإشارة، فالمنطقة التي وقع فيها الهجوم هي عبارة عن منطقة ادغال كثيفة في المنطقة الحدودية الملاصقة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.وكانت القافلة مكونة من الجنود الكمبودييين هم من سلاح الهندسة وكانوا غير مسلحين و كانوا تحت حماية مجموعة من الجنود المغاربة ، حيث نصبت لهم ميليشيا «أنتي بلانكا» كمينا وكان هناك اشتباك قريب جدا وقد قتل 8 من المهاجمين وأصيب عدد من الجنود المغاربة والكمبوديين أما باقي المهاجمين  فقد فروا إلى الأدغال المجاورة بعدما أخذوا معهم 4 من الجنود (3 كمبوديين وآخر مغربي ) 3 منهم قتلوا وبقي الجندي المغربي لديهم إلى أن تأكد إعدامه فيما بعد وقد أعربت منظمة الأمم المتحدة، الخميس، عن تعازيها للمغرب، وأكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، خلال مؤتمر صحافي، أن «عنصر القبعات الزرق المغربي، الذي كان في عداد المفقودين، وجد ميتا»، مضيفا «نعرب عن تعازينا لعائلته ولكل شعب وحكومة المغرب». وفي المجموع، قتل في الهجوم الذي نفذه أشخاص يشتبه في انتمائهم ل «أنتي – بالاكا» ضد دورية لبعثة (مينوسكا) خمسة عسكريين، من بينهم 4 جنود كمبوديين من قوات حفظ السلام، كما أصيب عشرة جرحى من بينهم عسكري كمبودي واحد. يذكر أن الأمين العام المساعد المكلف بعمليات حفظ السلام، جون بيير لاكروا، اتصل صباح الخميس بالسفير الممثل الدائم للمملكة المغربية بالأمم المتحدة، عمر هلال، بعد تأكيد وفاة الجندي المغربي بقوات حفظ السلام، ليعرب له عن تعاطفه ويبلغه أنه سيزور بانغي لحضور، الجمعة، حفل تأبين الجنود الخمسة من قوات حفظ السلام.
وأكد المسؤول الأممي أن تحقيقا سيتم فتحه حول ملابسات هذا الهجوم، الذي يعتبر الأكثر دموية ضد بعثة (مينوسكا)، مضيفا أننا «نعمل مع سلطات إفريقيا الوسطى لإحالة مرتكبي الهجوم على العدالة». من جهة أخرى، أدانت تشكيلة جمهورية إفريقيا الوسطى للجنة تعزيز السلام التابعة للأمم المتحدة التي يرأسها السفير عمر هلال الهجوم ضد قافلة لبعثة (مينوسكا)، والذي حدث الاثنين الماضي بالقرب من بانغاسو. ودعت التشكيلة كل المجموعات المسلحة إلى وقف العنف والانخراط في المسلسل السياسي الذي أطلقه رئيس إفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا. وحذرت التشكيلة من أن «هذه الهجمات تقوض بشكل كبير الإنجازات الإيجابية الأخيرة بالبلد»، وتشدد على أنه «يتعين محاسبة مرتكبي هذه الأفعال المشينة».كما جددت التشكيلة التابعة للجنة تعزيز السلام بجمهورية إفريقيا الوسطى «التأكيد على دعمها الكامل لجهود بعثة مينوسكا من أجل تحقيق الاستقرار بجمهورية إفريقيا الوسطى».وبهذا يرتفع عدد الشهداء المغاربة دفاعا عن الأمن في افريقيا الى ثلاثة منذ فبراير الماضي حيث سبق وأعلنت الأمم المتحدة، مقتل جنديين مغربيين يعملان ضمن نفس قوات حفظ السلام في جمهورية إفريقيا الوسطى. وقالت القوة الأممية في بيان إن الحادث وقع عندما هاجم مسلحون قافلة على بعد 60 كلم من مدينة أوبو جنوب شرقي البلاد، وفق ما أفادت «فرانس برس».وأوضحت القوة أن جنديين آخرين أصيبا في الهجوم، لافتة إلى أن المهاجمين لاذوا بالفرار. وتابعت:» الحادث وقع فيما كان الجنود الأمميون يرافقون قافلة شاحنات تقل وقودا من بلدة زيميو إلى أوبو».وفي الرباط، أكدت وكالة الأنباء المغربية الرسمية أن الهجوم أسفر عن مقتل ضابط مغربي وجندي. وتضم القوة الدولية أكثر من 10 آلاف جندي وشرطي، وهي تحاول إرساء النظام في إفريقيا الوسطى، بعد أن سادت الفوضى من جراء أعمال عنف طائفية منذ نهاية 2013. وقال رئيس البعثة الأممية بارفيه اونانغا انيانغا:» لا شيء يبرر الهجوم على جنود أمميين موجودين في إفريقيا الوسطى لمساعدة البلاد في الخروج من دوامة العنف».دان مجلس الأمن الدولي «بأشد العبارات» الهجوم الذي شنه مسلحون على قوة للأمم المتحدة في إفريقيا الوسطى، مما أسفر عن مقتل جنديين مغربيين، معربا عن تعازيه لذوي العسكريين. وعلق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس البعثة الدولية، بارفيه أونانغا إنيانغا: «لا شيء يبرر الهجوم على جنود دوليين موجودين في إفريقيا الوسطى لمساعدة البلاد في الخروج من دوامة العنف».وأضافت أن «الحادث وقع فيما كان الجنود الدوليون يرافقون قافلة شاحنات تقل وقودا من بلدة زيميو إلى أوبو».وأوضح مجلس الأمن في بيان صدر بإجماع أعضائه أن «الهجمات التي تستهدف جنود حفظ السلام يمكن أن تشكل جرائم حرب ولا بد من تذكير جميع الأطراف بالواجبات المفروضة عليها بموجب القانون الدولي الإنساني».ودعا حكومة إفريقيا الوسطى إلى «التحقيق سريعا في هذا الاعتداء وإحالة المسؤولين عنه أمام القضاء».وتعرضت قافلة للأمم المتحدة على بعد 60 كلم من مدينة أوبو جنوب شرقي إفريقيا الوسطى للهجوم، الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل جنديين مغربيين لحفظ السلام وإصابة آخرين.

جرائم حرب ضد القبعات الزرق

وقالت وكالة الأنباء المغربية الرسمية إن الهجوم أسفر عن مقتل ضابط مغربي وجندي. وتضم القوة الدولية أكثر من 10 آلاف جندي وشرطي وهي تحاول إرساء النظام في إفريقيا الوسطى، حيث سادت الفوضى من جراء أعمال عنف طائفية منذ نهاية 2013، ما استدعى تدخلا عسكريا من فرنسا. وتعيش افريقيا الوسطى في حالة حرب أهلية بين مسيحيين ومسلمين ازهقت فيها مات الأرواح، والفصيلان المتنازعان هما الجبهة الشعبية لنهضة أفريقيا الوسطى بزعامة نور الدين آدم والاتحاد من أجل السلام في أفريقيا الوسطى الذي يتزعمه علي دراس والمعروف بصلته برعاة المواشي الرحل من أبناء قومية الفولاني. وقال ديانغ في بيانه إن «الجبهة الشعبية لنهضة أفريقيا الوسطى استهدفت الفولانيين في بريا من خلال التفتيش عنهم منزلا تلو المنزل وقتلهم ونهبهم وخطفهم، وعمدت أيضا إلى احتلال أبنية فيها مستشفيات ومنعت الجرحى الفولانيين من تلقي العلاج»، مشيرا إلى تدخل جنود القبعات الزرق بعد ذلك. وتواجه أفريقيا الوسطى صعوبة في الخروج من فوضى الحرب الأهلية التي اندلعت في 2013 بعد الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه، مما أدى إلى مواجهات دامية بين متمردي سيليكا وأغلبيتهم من المسلمين، ومليشيات «أنتي بالاكا» ذات الأغلبية المسيحية
وأسهم تدخل قوة سنغاريس الفرنسية وقوة الأمم المتحدة في تقليص المجازر، لكنه لم ينجح في فرض الاستقرار في أحد أفقر بلدان العالم. والمغرب الذي شارط في أكثر من 60 تدخلا عسكريا في إطار القبعات الزرق الأممية يعد فاعلا أساسيا ضمن القوات ويعطي القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية جلالة الملك محمد السادس اهتماما للعنصر البشري من مختلف رتب الجيش، حيث
أعطى بصفته القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تعليماته إلى الحكومة، ممثلة في إدارة الدفاع، بتخصيص تعويضات يومية للتجريدة العسكرية المغربية المبعوثة لإفريقيا الوسطى في إطار مهمة أممية لحفظ السلام في ذلك البلد. وتحدد بموجبه التعويضات اليومية، للتجريدة الموجودة في جمهورية إفريقيا الوسطى.
وجاء في المرسوم أن هذه التعويضات جاءت طبقا لتعليمات الملك، والقاضية باستفادة عسكريي تجريدة القوات المسلحة، المبعوثين في إطار بعثة الأمم المتحدة إلى إفريقيا الوسطى، علاوة على مجانية التغذية والتعويض عن الأعباء الخاصة من تعويض عن التجريدة».
وفي هذا السياق حدد مشروع المرسوم التعويضات المالية اليومية، وتهم جميع الرتب كما أن القرار الحكومي يخول الحق في التعويض عن التجريدة بأثر رجعي بداية من 28 دجنبر 2013، وينتهي العمل به من تاريخ العودة إلى المغرب بصفة نهائية، موضحا أنه «يصرف التعويض للمعنيين بالأمر، بواسطة تسبيقات مالية وفق الشروط المعمول بها الخاصة بسن نظام المحاسبة المالية لوزارة الدفاع الوطني ويعتبر المغرب عضوا نشطا في الأمم المتحدة، ومتمسكا بالشرعية الدولية، وبحل الخلافات بالطرق السلمية، وهي من ثوابت الدبلوماسية المغربية، حيث مافتئ المغرب يلتزم بها حتى في قضاياه الحيوية، كما هو الشأن بالنسبة لقضية الصحراء المغربية. لقد سعى المغرب دائما إلى أن يكون حاضرا في مختلف مناطق العالم للمساعدة على إحلال السلام العالمي تحت راية  الأمم المتحدة مع تفادي المشاركة في النزاعات ذات الطابع العسكري حفاظا على علاقاته المتميزة مع كل أطراف النزاع، وتماشيا مع دعوته إلى تغليب منطق الحوار والحل السلمي على خيار اللجوء إلى استعمال القوة الذي ظل المغرب دائما يرفض استعماله.

أزيد من 60 مشاركة من أجل السلم

إن تاريخ المساهمات المغربية في عمليات حفظ السلام والمساعدة على إعمار المناطق المتضررة من الحروب يوضح بجلاء هذا النزوع نحو السلم، فرغم حضور القوات المغربية ضمن العديد من بعثات حفظ السلام الأممية في بعض بؤرالتوتر الإفريقية فإن الأهداف التي تحكمت في هذه المشاركة كانت إنسانية محضة.ولعل خير دليل على ذلك، المهام التي قام بها الجيش المغربي في أنغولا خلال السبعينات، ومساهمته في إحلال الأمن بالزايير(سابقا) في نهاية السبعينات، بعد الأحداث التي عرفهاإقليم شابا الزاييري والتي كادت أن تعصف بنظام موبوتو سسيسيكو بعد قيام مجموعات متمردة باحتلال هذا الإقليم مما كاد يعصف بوحدة البلاد، مع العلم أن مشاركة القوات المغربية جاءت استجابة لدعوة شخصية من موبوتو للمساعدة على مواجهة القلاقل التي عاشتها الزايير.
ولم تسجل أي مشاركة للقوات المغربية خلال عقد الثمانينات بسبب انشغال المغرب بالحرب في الصحراء. وعند إقدام العراق على غزو الكويت في 2 غشت 1990 وما استتبع ذلك من تهديد لكيانات الأنظمة الخليجية، قام المغرب بإرسال قوة عسكرية إلى السعودية استجابة لطلب الملك فهد بن عبد العزيز. ورغم تواجد الجيش المغربي بالمنطقة فإنه لم يشارك في المعارك التي دارت في17 يناير1991 ، حيث اقتصر دور القوة المغربية المكونة من1300 جندي على مراقبة الحدود السعودية وتقديم المساعدة التقنية والاجتماعية بقاعدة الظهران إلى غاية الإعلان عن تحرير الكويت دون أن يتورط الجيش المغربي في هذه الحرب.
وأثناء المشاركة المغربية في حرب الصومال على إثر سقوط نظام الرئيس زياد بري، فقد سجلت خسائر طفيفة في صفوف الجيش المغربي ناتجة عن هجوم تعرض له مركز صحي يعمل فيه جنود مغاربة على تقديم مساعدات طبية لبعض ضحايا الحرب الأهلية الصومالية. لكن هذه الحادثة لم تؤثر على الانطباع الإيجابي الذي تركته التجريدة المغربية لدى الشعب الصومالي خصوصا مع إنشاء مستشفى متعدد الاختصاصات بالعاصمة مقديشو. كذلك لم يتوان المغرب عن المساهمة ضمن قوات الkfor الأممية التي كان من مهامها ولا يزال ضمان الأمن وإعادة إعمار إقليم كوسوفو في البوسنة الذي عانى من حروب التطهير العرقية التي قادها النظام الصربي منذ عام1992 على إثر تفكك يوغوسلافيا الاتحادية، ولا تزال هذه المهمة الإنسانية مستمرة وتحظى فيها القوة المغربية بتقدير واحترام من طرف سكان كوسوفو. وبعيدا عن المشاركات السلمية، فقد امتنع المغرب عن الزج بجيوشه في العديد من بؤر التوتر، بل إن الجيش المغربي الذي شارك في حرب الخليج عام1990-1991 بطريقة غير مباشرة، رفض بشكل قاطع تلبية طلبات الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن بالمشاركة في الحرب الأمريكية على العراق في20 مارس2003 رغم انخراط المغرب في الحرب على الإرهاب، وذلك حفاظا على وحدة الصف العربي واحتراما لرغبة الشارع المغربي، وتماشيا مع مبدأ الحياد وعدم التدخل في النزاعات الإقليميةوالدولية إلا في إطار الشرعية الدولية، فكما هو معلوم فالحرب الأمريكية على العراق تمت دون موافقة الأمم المتحدة وخارج إطار الشرعية الدولية. إن مختلف مساهمات الجيش المغربي في عمليات حفظ السلام الأممية أبانت عن مساهمته في إحلال الأمن والسلام في المناطق المعنية.


الكاتب : إعداد محمد الطالبي

  

بتاريخ : 13/05/2017