ما الجديد الذي يراد صنعه وتقديمه للسكان المهددين بالإفراغ بمنطقة سيدي بوزكري؟

 

من بين الملفات الشائكة التي تناوب على معالجتها ثلاثة مسؤولين ترابيين على إقليم مكناس: واليان وعامل، هو مشكل السكان المهددين بالإفراغ بمنطقة سيدي بوزكري، وهو الملف الذي يمكن أن نصف نضال السكان من أجله هذا بالملحمة. سنتان بنهارهما وليلتيهما قضى السكان معظمهما في الشارع. سنتان من التجمعات والمسيرات. محاصرات أمنية.. اعتقالات.. محاكمة عضوين من مؤسسي التنسيقية وايداعهما بسجن تولال. رغم كل هذه المحن بسهرها وقمعها واعتقالاتها وبهدر زمنها المدرسي للمتمدرسين، فإن جذوة النضال لديهم لم تنطفئ. اذ لا يعقل أن يشقى الإنسان ويفني زهرة شبابه، لادخار مبلغ من المال يقتني به بقعة، يبني فوقها قبر حياته، طمعا في استقرار أسري متواضع. ويتم البناء أمام وتحت أعين السلطات والمنتخبين، ويسجل السكان تبعا لذلك وفي نفس العنوان بالقوائم الانتخابية، وتبني الدولة بها مرافق اجتماعية من مدارس وغيرها. وبين عشية وضحاها، تصبح المنطقة الآهلة بما يقارب مئة ألف نسمة من السكان، مجرد أرض فلاحية خلاء وتصدر أحكام بالإفراغ. ومن هنا ابتدأت الملحمة حيث نظم السكان أنفسهم تحت لواء تنسيقية، سموها تنسيقية سكان سيدي بوزكري المهددين بالإفراغ. ومن هنا ابتدأت المعارك التي كان للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مناضلين، وأعلاما حزبيا، شرف السبق في مواكبة هذه المعارك، مع اعلانه الدعم المطلق واللامشروط لها، في الوقت الذي كان فيه باقي الفاعلين، يتهيبون للاقتراب من ملف لم يعرف بعد مصيره ووجهته، وذلك بالرغم عدالته.
وانطلاقا من هذا الإيمان، تم تنظيم لقاء لأعضاء التنسيقية مع الأخ الكاتب الأول للحزب، وطرح الفريق الاشتراكي أسئلة شفوية في الموضوع تحت قبة البرلمان، ومنها صارت التنسيقية تطرق كل الأبواب، ما جعل فريقين آخرين ينضمان إلى خندق المساندة، وتعددت المنابر الإعلامية في تغطيتها للموضوع. فكان أن تم إبرام اتفاقية مع الأوقاف تحت إشراف السلطة، بتاريخ 9 / 11 / 2016، تم بموجبها مراجعة ثمن البيع بما لا يضيع الأوقاف فيما كانت تملكه من الأرض، مع مراعاة الجانب الاجتماعي للسكان. وبموجب الاتفاقية، وتنفيذا لها، أخلى السكان الشارع، وتفرغوا للتحسيس والاشتغال على الجانب التواصلي والاجتماعي، وساهموا بشكل إيجابي في الجانب التقني أثناء عملية التحديد الطوبوغرافي.
وفي اجتماع للسكان أواخر سنة 2017 صرح الكاتب العام لعمالة مكناس، بأن كل شيء جاهز للتنزيل، وفي غضون أيام سيحوز كل مستحق رسم مسكنه العقاري، وأن ملف تمليك السكان لمساكنهم، في طريقه الى الطي النهائي.
من يومها والسكان ينتظرون، إلى أن فوجئوا في ظرف أسبوع، بتواتر مبادارت غير مسبوقة لبعض الجهات التي بادرت إلى عقد لقاءات تواصلية مع السكان على وجه الاستعجال، كما تحرك البعض لتدبيج مقالات كان السكان يطمحون إلى نشرها سنة 2014. ثم تقدم رؤساء بعض الفرق الممثلة بالمجلس، بطلب إدراج ملف سكان سيدي بوزكري كنقطة في جدول أعمال دورة فبراير 2019.
وهذا ما دفع السكان إلى التساؤل عن دوافع هذه التحركات، التي تريد أن تعيد النقاش في الملف، بعد أن قطع أشواطا انتهت بالتصريح بأن المشكل قد حل نهائيا؟ نهائيا.


الكاتب : حميد العكباني

  

بتاريخ : 17/01/2019