‮«مول الحانوت‮»،‮ ‬تحية للمناضل الطبقي‮‬ على الطريقة الصامتة‮!‬

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

التجار‭ ‬الصغار‭ ‬والمتوسطون‭ ‬والمهنيون،‭ ‬ونقابتهم‭ ‬مدرسة‭ ‬مغربية

‭ ‬في‭ ‬الصبر
‭ ‬وفي‭ ‬الصمود‮…
وفي‭ ‬العيش‭ ‬الرشيد
‭ ‬وفي‭ ‬الاقتصاد‭ ‬المستقل‭ ‬والتضامني
وفي‭ ‬السياسة‭ ‬أيضا‮.‬
‭‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬يفهم‭ ‬المسؤولون‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬‮…‬فوتوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬قطعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬المغربية‮… ‬‭‬ومساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المغربي‮..‬
يمكن‭ ‬لأي‭ ‬سوسيولوجي‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬بدون‭ ‬كبير‭ ‬عناء‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النسيج‭ ‬من‭ ‬التجارة‭ ‬الوطنية،‭ ‬يشكل‭ ‬الجدار‭ ‬الأخير‭ ‬للوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه التفكك‭ ‬الذي‭ ‬يصيب المجتمع‭ ‬ونظامه‭ ‬الإنتاجي‭ ‬وجداره‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬الهشاشات‭.‬
أظهرت‭ ‬المعركة‭ ‬الأخيرة‭ ‬جانبا‭ ‬واضحا‭ ‬غير‭ ‬محتاج‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬قراءة‭ ‬سحرية،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬الحكومي‭ ‬الذي‭ ‬أراد‭ ‬مواصلة‭ ‬الدوس‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النسيج،‭ ‬بمواصلة‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬العولمة‭ ‬والعابرة للمساحات‭ ‬الكبرى،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬الصفة‭ ‬المصغرة‭ ‬لها‭ ‬في‮ ‬شكلها التركي‭) ‬محلات‭ ‬بيم،‭ ‬وبيم‭ ‬تعني‭ ‬السيد‭ ‬بالتركية)‭ ‬،‭‬قد‭ ‬أحيى‭ ‬فيها‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬الصامدة،‭ ‬وآليات‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬المسوغات‭ ‬الضريبية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬خلف‭ ‬القرار‭ ‬الحكومي‭ ‬بالفوترة‭ ‬الالكترونية‭ ‬والمقاولة‭ ‬الموحدة‮!‬
‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬الذاتية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حق‭ ‬الوجود،‭ ‬لم‭ ‬تختف‭ ‬أبدا‭ ‬وقد‭ ‬استعصت‭ ‬في‭ ‬سابق‭ ‬العهود‭ ‬على‭ ‬آلات‭ ‬رهيبة،‭ ‬وأكثر‭ ‬منها‭ ‬عنفوانا‭ ‬وترهيبا،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬إضرابات‭ ‬1981، ‬عندما‭ ‬التحق‭ ‬التجار‭ ‬ونقابتهم‭ ‬بالحركة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الشامخة،‭ ‬وتم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بقسوة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬القسوة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬حركات‭ ‬الشارع‮.‬
لقد‭ ‬أعطى‭ ‬التجار‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للإضراب‭ ‬العام‭ ‬وقته‭ ‬باعتباره‭ ‬دعوة‭ ‬إلى‭ ‬مساءلة‭ ‬شرعية‭ ‬النظام‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬اتخذ‭ ‬قرارات‭ ‬لا‭ ‬شعبية‮…‬،‭ ‬منذئذ‭ ‬لم‭ ‬تدخر‭ ‬قوى‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومنها‭ ‬قوى‭ ‬التسلط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬أي‭ ‬جهد‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تفكيك‭ ‬أو‭ ‬شل‭ ‬حركية‭ ‬النقابة‭ ‬المعبرة‭ ‬عنهم‭ ‬أو‭ ‬اختراقها‭ ‬من خلال‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬لتكتلات‭ ‬ضيقة‭ ‬فيها‭‬‮…‬
ونفس‭ ‬هذه‭ ‬الآلية‭ ‬أشهرت‭ ‬قوتها‭ ‬كقوة‭ ‬ناعمة،‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬المقاطعة‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنتجات،‭ ‬فكان‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬التجار،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يدعوا‭ ‬إلى‭ ‬المقاطعة،‭ ‬لا‭ ‬كأفراد‭ ‬ولا‭ ‬كنقابة،‭ ‬فإن‭ ‬تعاملهم،‭ ‬كشف‭ ‬بالملموس‭ ‬قوتهم‭ ‬خلال‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬شكل‭ ‬نضالي‭ ‬جديد،‭ ‬يستوجب‭ ‬الصبر‭ ‬والصمود‭ ‬والفعالية‮…‬‭.‬
‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬اختزاله،‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬ما‭ ‬تم اعتباره‭ ‬نضال‭ ‬التعويض‭ ‬و«البديل‮ ‬الاحتجاجي‮»‬‭‬ الذي‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الصغار‭ ‬من‭ ‬التجار‭ ‬فائدة‭ ‬للكبار،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬أحد‭ ‬الوزراء؟
هل كلمة البلبلة وصف دقيق للاحتجاج؟
طبعا‭ ‬كلا،‭ ‬ولكن‭ ‬المستغرب‭ ‬هو‭ ‬ألا‭ ‬نستحضر‮ ‬‭ ‬طبيعة‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬نتحدث‭ ‬عنه،‭ ‬ويعقب ذلك‮ ‬تصريحات‭ ‬‮ ‬تفوق‭ ‬التصور،‭ ‬تشبه‭ ‬اتهام‭ ‬الأساتذة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬العهد‭ ‬السابق‭ ‬بتحريض‭ ‬التلاميذ‮!!!!‬
‮ ‬هذه الوصفة‭ ‬وصلت‭ ‬متأخرة‭ ‬‮…‬‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬النضال‭ ‬الطبقي‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬الصامتة‮!‬
كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬التجار‭ ‬الصغار،‭ ‬هم‭ ‬مجرد‭» ‬مفوترين»‮‬‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬التجار‭ ‬الكبار، ‬كما لو أن القضية‮ ‬حقا،‭ ‬تقف عند إخضاع‭ ‬التجار‭ ‬الكبار‭ ‬و‮‬طلب‭ ‬ودهم،‭ ‬وكما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬القضية هي‮ «‬بيعة وشرية‮‬‭ «‬يضع‮ ‬قواعد‭ ‬الضريبة‭ ‬فيها‮ ‬‭ ‬أو‭ ‬يدافع‮ ‬عنها‮…‬‭ ‬‮ ‬من لا‮ ‬يدفعونها‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬ببيوعاتهم الخاصة‭ ‬‮…!‬
إن الدولة،‮ ‬التي‮ ‬تفكر بالطريقة هاته،‮ ‬عليها ان تعيد تعريف طريقتها في‮ ‬الحوار‮ ‬و تأمرنفسها‮ ‬بأن تتواضع للجلوس مع المعنيين والاستماع إليهم وترك الوصفات الجاهزة خارج حقل التداول والتفاوض‮…!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 25/01/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *