في ندوة: «المجتمع المدني والجماعات الترابية» بمقاطعة الصخور السوداء

جماهري: المجتمع المدني ممر إجباري في توسيع الوعاء الديمقراطي لبلدنا
الكحيلي: تسخير فضاءات الجماعة الثقافية لفائدة جمعيات المجتمع المدني
مستور: الاتجاه السليم اليوم هو الديمقراطية، ليست كإيديولوجية بل كضرورة أمنية
قربال: الدستور المغربي أعطى للمجتمع المدنى مكانة استراتيجية

قال عبد الحميد جماهري : « تعودنا أن نناقش المجتمع المدني بعلاقاته الكثيرة، أن نطرح المجتمع المدني كلما كان هناك توجس من السياسي، واللجوء إلى المجتمع المدني كأنه تطلع إلى المزيد من الحس المدني والقيم الأخلاقية والمجتمعية والسياسية والمؤسساتية بين مختلف الفاعلين، ونلجأ إليه في الحديث عنه وكأننا نتحدث عن طموح كبير من أجل تفكير متقدم يستوجب بالضرورة الفعالة الميدانية والذكاء الترابي والشفافية ومنظومة أخلاق يحكمها التطوع لا الربحية».
وأضاف جماهري، نائب رئيس جهة الدار البيضاء- سطات في ندوة نظمتها مقاطعة الصخور السوداء في موضوع «المجتمع المدني والجماعات الترابية» مساء الجمعة الماضي: « كلما تكلمنا عن المجتمع المدني نميل إلى اعتبار أنه يقدم التشريح والدواء، وفي حالات عديدة لا يختلف كل واحد، أيا كانت مرجعيته، في الدفاع عن المجتمع المدني ومساهماته، فهو فكرة يدافع عنها الحالم والليبرالي والمعارض والنقابي والمؤسسات الدولية في تقدير وتقديم، سواء مساعدات أو في تنقيط وفي إشراك المواطنين في سياستها العمومية».
وسجل جماهري على أن المجتمع المدني هو ممر إجباري لإعادة توسيع المنظومة القيمية وفي توسيع الوعاء الديمقراطي لبلدنا، وأنه وليد الفكرة التشاركية التي جاءت عن ثلاث إشكاليات كبرى: الأولى، ضيق الوعاء الديمقراطي في إشراك أكبر عدد ممكن من الناس ومن الفئات، خصوصا في اللحظات التي تعرف انحصارا في المشاركة الانتخابية. الثانية، هو تغير مفهوم الالتزام، ونزع الطابع الانتخابوي عنه. الثالثة، هو أن الشعور العام الذي يكتسي أي فاعل، سواء داخل الدولة او داخل المنظومة التمثيلية، لابد له من شريك فعال لايمر بالضرورة عبر القنوات المعروفة.
وشدد نائب رئيس جهة البيضاء – سطات على أن هناك وعيا وإدراكا وإرادة عامة، وأنه لابد من تغيير طبيعة الدولة في المغرب، لأن الدستور في الأصل دفاع ومرافعة من أجل التغيير، وتغيير طبيعة العلاقات (نموذج التدبير، الإدارة، الاقتصادي، الاجتماعي …) لنصل إلى سلاسة دستورية، إلى إقرار قوة الديمقراطية التشاركية ومن خلالها المجتمع المدني في بناء الدولة الجديدة، وإعادة تعريف التراب المغربي، بإعطاء تسمية للتراب الوطني حتى لا يبقى هناك ميز بين الجماعات الترابية وإعطائها اسما واحدا هو الجماعات الترابية (جهة أو مدينة أو إقليم …) في أفق المغرب الجهوي الذي نطمح إليه.
وأضاف: « هناك مبررات معقولة جدا، لسنا أمام وجهة نظر تقنية فقط قد تستوجبها الحكامة أو سبل التدبير الرشيدة أو توسيع المنظومة الأخلاقية في العمل، وذلك من صلب عمل الدولة المغربية. وفي الدستور يحضر هذا كما تحضر المسالك للوصول إلى هذه الشراكة، وفي الحوار المدني حول المجتمع المدني تكريس للمبادئ الأساسية، دور التكامل بين التمثيلية التكاملية التي يمثلها المنتخبون والأحزاب. إذ لايمكن أن نتصور المجتمع المدني في مجتمع استبدادي، ونسلم نحن أن هناك شراكة مع المجتمع المدني ويجب أن ندافع عنها.
وبالنسبة للجهة هناك ثلاث أدوات أساسية في ما يخص الشراكة الترابية: الأولى، أن القانون يفرض على الجهة أن تكون لها ثلاث مؤسسات وهيئات منبثقة من المجتمع المدني ذات طبيعة استشارية، وهي موجودة في هيكلة جهة الدار البيضاء- سطات وموجودة في جميع الجهات. الثاني، العرائض من طرف المواطنين بشكل مباشر، والقانون يعطيهم الحق في تقديم عرائض لإدراج نقط تهمهم وإبداء الرأي. الثالثة وهي الجمعيات التي لها الحق في تقديم عرائض.
وختم عبد الحميد جماهري نائب جهة البيضاء- سطات والمكلف بالشؤون الثقافية بالجهة: «واقع الحال الآن، هو أننا في طور التأسيس وفي علاقة مع المجتمع المدني يسودها هذا التأسيس، وهناك مؤسسات موجودة ولها الإمكانيات في أن تشتغل، بالفعل، باستقلالية وحرية أكثر».
من جهته قال عبد المالك الكحيلي، نائب رئيس جماعة الدار البيضاء: «إن هذه الفترة هي فترة تأسيسية ننزل فيها الحوار المدني ويتم تفعيل دور المجتمع المدني في الشأن العام والشأن المحلي الترابي، وهي ملزمة بتنزيل هيئات التشاور وتلقي الخطابات من المجتمع المدني، لكن هذا غير كاف ويبقى في حسن النوايا، كما أن جاهزية المجتمع المدني في القيام بهذه المهمة والتأثير في التشريع، سواء منها الملتمسات أوالعرائض، تعرف تعثرا كبيرا، لذا نحن في حاجة إلى تفاعل بين السياسي والجمعوي لتفعيل هذه الآلية، وذلك بهدف تحسين العمل وتجويده وكذا تدبير الشأن المحلي والرقي به، كما أننا نرغب في وجود فئة متنورة لتدبير الشأن العام، مركزيا وجهويا وجماعيا، وهذا الترافع بين الطرفين سيقوي هذا التحول وينجحه نحو فعل ترابي في المستوى …».
وأضاف كحيلي: «أول ما قمنا به في مجلس المدينة هو عقد شراكة مع جامعة الدار البيضاء لكي نربط بين البحث العلمي في محاضنه وممارسة الفعل السياسي على المستوى الترابي، هذا التدبير الحر يجب أن تكون له القدرة على تصورات واضحة لتنزيل رؤاه وتصوراته، وهذه الشراكة في تفاعل إيجابي».
وسجل نائب عمدة مدينة الدارالبيضاء أن المجتمع المدني كان شريكا في إعداد برنامج مدينة الدار البيضاء وفي تنزيله، كالمحافظة على التراث المادي واللامادي وتشجيع القراءة في الفضاءات العمومية وفي الحدائق …
وختم الكحيلي قائلا إن: «تسخير فضاءات الجماعة الثقافية لفائدة جمعيات المجتمع المدني، سواء الثقافية أوالرياضية، هدفه أصلا الفاعل الأساسي وهو المجتمع المدني، والجماعة لها دور توجيهي وتنظيمي أكثر من دور التدخل للممارسة داخل هذه الفضاءات».
من جهته قال عبد العالي مستور رئيس منتدى المواطنة : «أنا منخرط في العمل الجمعوي لكي أشارك في السياسات العمومية، وأشارك في القرار، وأساهم في تعبئة المواطنين ليساهموا في القرار وهذه مسؤولية، فنحن نبني البلد ونحن أيضا ملزمون تجاه شعبنا، ويجب علينا دائما أن نطرح السؤال: هل نبني بلدنا ؟».
وأضاف: «الاتجاه السليم اليوم هو الديمقراطية، ليست كإيديولوجية بل كضرورة أمنية، فاستقرار الدول واستمرارها رهين بمدى تطور النظام الديمقراطي».
وختم رئيس منتدى المواطنة: «إن المجتمع المدني والجماعات هما مشاركة مجتمعية وتعبير عن مصالح الموطنين والمواطنات وتعبير عن طموحاتهم وتأطيرهم وتمثيلهم وكذا تعبير عن مطالبهم وخدمتهم للقرب».
ندوة المجتمع المدني والجماعات الترابية أدارها نور الدين قربال، رئيس مقاطعة الصخور السوداء والذي قدم أرضية لهذه الندوة بإشراك المجتمع المدني في تتبع السياسات العمومية وإنتاجها وتنزيلها. وقد أعطى الدستور للمجتمع المدني مكانة وأصبح شريكا استراتيجيا في المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية.


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 25/02/2019