في ليلة شارك فيها نقباء، محامون، وفاعلون سياسيون من مختلف التنظيمات السياسية. شموع الوفاء تضيء حفل تكريم الأستاذ المناضل عبد الله هملي بالدارالبيضاء

 

نقباء، محامون، مناضلون، فاعلون سياسيون ومدنيون من مختلف المشارب السياسية وكذا مواطنون، جميعهم كانوا على موعد مساء الجمعة فاتح مارس 2019 بالمركز الثقافي عبد الله كنون بتراب مقاطعة عين الشق بالدارالبيضاء، مع حفل استثنائي، إنساني بامتياز، للقاء الأستاذ الحاج عبد الله هملي، المناضل الذي أعطى الشيء الكثير لحزب القوات الشعبية ولمهنة المحاماة داخليا وخارجيا، وقبل ذلك لحقل التعليم، فضلا عن إسهاماته انطلاقا من مهامه في العمل الجماعي.
حتى وهو يعاني المرض، شافاه الله وعافاه، كان الأستاذ عبد الله هملي عنصر تجميع كما عُرف عليه ذلك دوما، وكان جسرا للتواصل في ما بين الحاضرين، الذين اختلفت مرجعياتهم الحزبية والمهنية، شيبا وشبابا، نساء ورجالا، الذين منهم من لم يلتق غيره منذ سنوات عديدة، ومنهم من كان خصما سياسيا للآخر في مجلس من المجالس الجماعية، لكنهم اجتمعوا وتحلقوا وجاؤوا لعيادة المحتفى به، لتحيته والسلام عليه، ليؤكدوا جميعا أنهم جزء من أسرته الكبيرة، ولذكر مناقبه وتعداد شيمه، واستحضار موقف من المواقف التي جمعتهم به وهي كثيرة، أجمع الكل على أنها إنسانية، عنوانها النبل، والتميز بكل أشكاله وصيغه.
حفل وفاء، نظمته الكتابة الإقليمية لعين الشق الفداء، وحضره جمع غفير من المدعوين، يتقدمهم المحتفى به وزوجته الكريمة ورفيقة الدرب، المربية الأستاذة ليلى المطيري، التي يعلم الجميع مكانتها في قلب الأستاذ عبد الله هملي وموقعها المحوري في أسرته، إلى جانب أبنائه وأحفاده وشقيقه وعدد كبير من أفراد الأسرة الصغيرة والكبيرة. الجميع رافقوا الرجل في هذه اللحظة الإنسانية، والكل خاطبه إن لم يكن بالكلمة فبالدمعة، وكانت الكلمات بتعدد التعبيرات ووحدة المضمون، تبرز كل واحدة منها منسوب وحقيقة مخزون الحب والتقدير المكنون للمحتفى به. شهادات منها الرسمية التي تُليت فوق المنصة، وأخرى في القاعة لم يتم النطق بها لكن ترجمتها نظرات وتقاسيم وجوه الحاضرات والحاضرين، وعكستها دموع الوفاء التي انسكبت في صمت، وهم يستحضرون موقفا، لحظة، مناسبة جمعتهم بهذا الرجل العصامي، الذي كوّن نفسه بنفسه، والذي غادر قسرا مهنة المحاماة التي عشقها وارتمى في حضنها بعد أن عانق القسم في البداية، وجعلها وسيلة للدفاع عن المظلومين وعن الباحثين عن الحق والراغبين في العدالة، اليوم وأمس، في عز سنوات الرصاص، غادرها مجبرا بسبب المرض ورصيده حب أسرته له واحترام زملائه وأصدقائه.
حفل الوفاء الذي جرى تنظيمه على شرف الأستاذ عبد الله هملي، حضرت فيه كلمة القيادة الحزبية، في شخص عضو المكتب السياسي محمد محب، الذي بلغ الجميع وعلى رأسهم أسرة المحتفى به رسالة تحية تقدير خاصة من الكاتب الأول ادريس لشكر، الذي كان بودّه تقاسم تلك اللحظات الإنسانية مع الجميع لولا تواجده في مهمة حزبية خارج أرض الوطن، وهو الذي يعرف الرجل حق المعرفة ويكن له تقديرا خاصا عبّر عنه غير ما مرّة. واستعرض محب أشواطا نضالية جمعته بالأستاذ هملي، مستعرضا عطاءاته ونضالاته، مشددا على أن المحتفى به «كان مسؤولا حزبيا وقائدا محليا قاد معارك الإصلاح في زمن الرصاص».
وعلى نفس المنوال ذهب الأساتذة النقباء في شهاداتهم التي تفاعل معها الحاضرون بقوة، وكان لها بليغ الأثر في قلوب المتواجدين خلال تلك الأمسية، وهم الذين أبوا إلا أن يشاركوا ويساهموا في إنارة تلك الأمسية، الأساتذة درميش، بوعشرين، وحسي الذي سلّم رمزا تذكاريا للمحتفى به وأسرته.
كلمات شهدت بخصال الأستاذ عبد الله هملي الإنسانية المتميزة وبقيمته العلمية والفكرية، وبإسهاماته في مجال المحاماة على مستوى الهيئة التي تعتبر ثاني هيئة من حيث العدد بعد مصر، التي «أصبح حارس أختامها»، وكذا في المحافل الخارجية، فشكّل بذلك عنوانا للتميز، بمواقفه وآرائه المقتضبة كما والبليغة كيفا.
الأستاذ هملي، الذي يشكل قدوة للمحامين الشباب، كما أوضح الأستاذ مولاي سعيد العلوي، والذي أكد بشأنه الأستاذ عبد الكبير طبيح، المحامي وعضو المكتب السياسي، أنه «وجد نفسه ضمن الفيلق الثالث للمحاكمة السياسية التي عرفها المغرب»، مبرزا عددا من التفاصيل التاريخية والنضالية للمحتفى به. وعلى نفس المنوال سارت كلمات وشهادات أخرى، لمحامين وفاعلين، بما في ذلك كلمة الجهة المنظمة للأمسية، فضلا عن المبدعين، زجلا كمساهمة فتيحة بلمير، وكذا شعرا وغناء على أوتار معزوفات قدمها الفنان عبد الرحيم مساعد.
حفل اختتم بكلمة باسم الأسرة، ألقاها أمام الحاضرات والحاضرين، الإطار الشاب خالد هملي، إبن الأستاذ عبد الله هملي، مترجما مقولة «هذا الشبل من ذاك الأسد»، والأكيد أن من عايش ويعايش أسرة المحتفى به، يخلص وبسهولة كبيرة إلى أنه وزوجته الكريمة، تمكنا من أن يتشبع فلذات كبدهما بعدد من الشيم والخصال النادرة، التي تعكس تربية أصيلة تتأسس على القيم والأخلاق. كلمة جاءت لتترجم مكانة وقيمة وحضور الأب والمربي عبد الله هملي وسط أسرته الصغيرة والكبيرة، ولتعكس الروح التي سادت التحضير لحفل الوفاء وأثر الأمسية ومنظميها على نفوس الجميع، حيث وبعد تسليم هدايا تذكارية أبى الجميع إلا أن يتحلق حول الأستاذ الحاج عبدالله هملي، وأن يعانقوه ويلتفوا حوله وحول أسرته لأخذ صور تؤرخ لهذه اللحظة الإنسانية الرفيعة، مع عهد باستمرار الوصل وبأن تسقى بذور الوفاء حتى تينع ورودا لا تُقطف.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 04/03/2019