بشأن «الوضع البيئي» بعين بني مطهر.. الحاجة إلى مقاربة شمولية وحماية مستدامة

لا يمكن للمتتبع استقراء «الواقع « الذي تعيشه مختلف الجماعات الترابية بنفوذ دائرة عين بني مطهر دون الحديث عن الوضع البيئي من خلال استعراض واقع القطاع الغابوي ومروج الحلفاء، والذي يتعرض، ومنذ سنوات، لتدمير ممنهج ومتواصل من طرف بعض الأشخاص الذين لا هم لهم سوى التوسع بهدف الاستحواذ على أكبر مساحة من الأراضي. توسع يتم على حساب تدمير المجال الغابوي والرعوي و اقتلاع الأشجار، كما تشهد على ذلك أكثر من واقعة عاشتها بعض هذه الجماعات التي تقلصت فيها المساحات الرعوية بشكل مخيف  دفع بالعديد من الكسابة ومربي الماشية ومعهم نشطاء من المجتمع المدني إلى دق ناقوس الخطر والتعبير عن قلقهم وتخوفهم من استمرار هذا «الغول» في الزحف في اتجاه اقتطاع المزيد من المساحات – على الرغم من المجهودات التي تقوم بها مصالح المياه والغابات ومحاربة التصحر على مستوى دائرة عين بني مطهر  والتي تعاني هي الأخرى من نقص حاد في العنصر البشري و اللوجيستي الذي يمكنها من التعامل مع الهجمات  التي يتعرض لها القطاع الغابوي –  دون الأخذ بعين الإعتبار التداعيات السلبية على البيئة بشكل عام من خلال بروز ظاهرة التصحر و زحف الرمال و أيضا التداعيات الخطيرة على  النشاط الرعوي بشكل خاص، والمتمثل في تربية الماشية التي تعتمد بالأساس على وجود مراع خصبة وبمساحات شاسعة تستطيع استيعاب الأعداد المتزايدة و الكبيرة من رؤوس الأغنام المحلية دون احتساب الكسابة القادمين من مناطق مجاورة بحثا عن «مراع حية» بسبب موجة الجفاف التي تضرب منطقة الظهرا و النجود العليا منذ سنوات و بصفة غير مسبوقة ، حسب بعض الكسابة.
هذا و يطفو على سطح «واقع التدمير» الذي يتعرض له قطاع المراعي بدائرة عين بني مطهر تحديدا و إقليم جرادة عموما، مشكل تداخل الاختصاص بين الوزارة الوصية على الأراضي الجماعية والتي مازالت تدبر بقانون يعود إلى عقود ماضية، على اعتبار أن عددا من المشاريع الغابوية تم إنجازها أو تشجيرها فوق أراض جماعية، وهو الإشكال الذي يطرح بقوة إذا علمنا أن بعض الجماعات الترابية بإقليم جرادة شهدت حالات كانت فيها الغابة عرضة للاستهداف الآدمي بالتدمير وقطع الأشجار بغية التوسع، كما أنها تطرح إشكالية تتعلق بتخليف ما تم الإجهاز عليه بغرسه مرة ثانية، وهي العملية التي لا تتم في الغالب، وبالتالي تكون النتيجة هي تقليص المساحة المغروسة و التوسع بالحرث العشوائي، إضافة إلى مشكل التصحر وزحف الرمال الذي أضحى مشكلة حقيقية في عدد من الجماعات يجب التعامل معها بحزم،  ناهيك عما تتعرض له المحميات الرعوية التي أحدثت ضمن ما بات يعرف بمشروع «فيدا»، وكلفت خزينة الدولة ملايير السنتيمات،  من استهداف من طرف «نافذين» لم تنفع أصوات الشجب والشكايات المرفوعة إلى  أكثر من جهة، في ردعهم و وضع حد لجرائمهم، وبالتالي إبعادهم إلى خارج محيط هذه المحميات.
لقد أصبح من الضروري، في ظل الواقع الذي تعيشه الأراضي الرعوية في عدد من الجماعات الترابية بإقليم جرادة و بدائرة عين بني مطهر  وبالجماعة القروية لبني مطهر تحديدا، اعتماد مقاربة زجرية حقيقية تجاه مرتكبي المخالفات، والتسريع بالتطبيق الحرفي على أرض الواقع للقانون رقم 13-113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية، والذي يضع الإطار القانوني المتعلق بتنظيم الموارد الرعوية وتثمينها واستغلالها المعقلن والمستدام وتأمين الوعاء العقاري للمجالات الرعوية وضمان حقوق الولوج لهذه المجالات و لمواردها وحسن استعمالها.


الكاتب : الطيب الشكري 

  

بتاريخ : 04/03/2019