الشاعر الإسباني خوان مارغريت : «نحن الحيوان الوحيد الذي يمتلك أوهاما»

ولد الشاعر والمهندس المعماري خوان مارغريت عام 1938 بسانوخا/ليردا برشلونة ،أستاذ مبرز متقاعد من جامعة بوليتكنيك ببرشلونة،له عدة دواوين شعرية امتشق فيها اللسانيين القشتالي والكطلاني ،حصل على عدة جوائز من بينها الجائزة الوطنية للشعر عام 2008 والجائزة الوطنية للآداب والجائزة الإيبروأمريكية بابلو نيرودا.
اتسم أسلوبه في الكتابة الشعرية بالواقعية ،عاش آثار الحرب الأهلية كما تنفس أجواء الانتقال الديمقراطي ما بعد الفرانكوية.
في قلب هذا الحوار يترجم مرارة الإخفاقات وتكسير أفق الانتظار،وخيبة الظن ، وعن كتابه الجديد : «من أجل أن تحصل على بيت، عليك أن تربح الحرب». فلنتابع .

 

في الحرب .أنت مع أحدهم تأكلان السلَطة،وفجأة هو عدوك فتقتله .

في الحرب، تقتله لأنك إلم تفعل قتلك،تأمل هذه العبارة التي قالها شاب في الثلاثين من عمره» تتضور جوعا أكثر من معلم المدرسة» هكذا كان يقال أثناء الحرب وبعدها،و أمي كانت معلمة ،يعاود التجمد عظامك إن علمت أن هذه العبارة ممكن أن تقال مرة أخرى في هذه البلاد أو في بلد بولسونارو.
تعرفت على جدي في سجون الشيك للألوية الشيوعية ،وحتى لا أطيل ،خرج من الشيك بشعر أبيض بعد أن كان قد دخلها قبل ذلك بستة أشهر بشعر أسود ثم توفي. موحش جدا من حيث أتينا .
إن فضاء هذه الأوتوبيوغرافيا لا يعرف الخوف ولا الزيف.مباشرة عرف الصبي كيف يستخدم الوحدة ليواجه الألم والمصائب بيد أنه يتوجب معاملة الذاكرة بقسوة «وإلا « يقول الشاعر « هي عذر لتبرير أن الزيف والكذب «أيضا وسيلة للبقاء على قيد الحياة اللذين يمتلكهما الحيوان الذي هو نحن،ما أسرع أن نخدع.. أن نكذب وأن نتوهم.نحن الحيوان الوحيد الذي يمتلك أوهاما.»

هل الكتاب عبارة عن سرد لكيفية انبثاق أشعار كلها مبصومة بتلك الحرب ؟

في الواقع هو بحث في لماذا كتبت هذه القصائد وليست أخر مثل ثيرنودا أو غارسيا لوركا: تلك كانت حياتي ،إنها برهنة ،ولا ترهبني الكلمة ، ففي سني لم يعد لدي ما أخسره، على أني كتبت ما كنت عليه بلدي وأنا ،وانتبهت إلى أنه لا البلد تغير كثيرا ولا أنا أيضا .
لا، لم يكن هناك تغيير كبير» كانت هناك حرب ،فرانكوية ،ديمقراطية ولكن نذهب إلى آخر نقطة ،ونرى الشيء ذاته لاشيء تغير، لم نتمكن حتى من إخراج فرانكو من وادي الساقطين «.

التجارب التي تحكي عنها تتضمن خوفا،صمتا ،هشاشة الأم و صمت الأب …

بيد أنه وضمن هذه الصعوبات هناك جمالية وهدوء ،فليس هو بالكتاب الحزين .تحدثت عن طفولة ومراهقة تتسمان بخصائص بسيطة للغاية : ليس لدي أصدقاء لأن أسرتي تتنقل من مكان إلى آخر يوميا.وعلى هذه الحال يستحيل الحصول عليهم .كذلك لم يكن لي متسع من الوقت للذهاب إلى المدرسة.
هذا الصبي وحيد . غير أن الصبي في وحدته ليس بالضرورة غير سعيد،أي ليست لدي ذاكرة الطفولة غير السعيدة.إن منحت الطفل ما يأكله ولم تعرضه للضرب ، فهو لا يعرف ما معنى أن تنتقل من مكان إلى آخر.
التعاسة يسببها الحسد، لماذا يملك الجار لعبة لا تملكها أنت وأما كذلك ؟

غياب الأم يولد لديك أيضا الشعور بالخوف؟

لكن هناك جدة تتحمله.أحكي كذلك في كتابي عن شتاء مدهش.حكاية جدتي صورت وضعها في قصيدة قصيرة وسط الحقل تتبول واقفة .تلك النسوة لم يكن يرتدين التبان ،يرفعن قليلا من تنوارتهن ثم يتبولن فترى الشلال يتساقط على الأرض .
تقول القصيدة :» هذه المرأة هي التي علمتني أننا نحتاج إلى الجرأة كي نحيا سعداء.» وهذا هو آخر سطر «وليس أدبا لأنني لم أكن أعرف القراءة.

كان مرغاريت سيكتب» إن حربا قاتلة وأخوية فرضت نفسها على الحياة وعلى السياسة في هذا البلد، أشعل إسبانيا أو كطالونيا». ثم أخيرا هل أننا مازلنا على هذه الأرض؟

إذا كان يمكن التلفظ بالنكبة سنرى أن القرن الخامس عشر إلى الآن فقط كطالونيا مرحلة مثالية للحرية ، للجمهورية، ثلاث سنوات لتجربة بلد حضاري.

إلى ماذا تحول هذا بالنسبة إلى جيلك ؟

إلى أناس يثمنون أي قسط من الحرية.لقد خدعنا بما فيه الكفاية في الانتقال من الفرانكوية إلى الديمقراطية .لقد دامت أكثر الفرانكوية ،أما الديمقراطية فقد تحطمت في أقل وقت.

ماهي أسباب هذا الانهيار؟

أكيد أن هذا المجتمع لم يتخل أبدا عن أن يكون فرانكويا. بالغنا في تقدير « شخص وصوت» حينما كنا شبابا كان الأمر يبهرنا،أما الآن فلا.كيف يمكن أن يبهر 150مليونا يصوتون على لولا سنوات بعد ذلك يصوتون على بولسونارو ؟والذي هو مثل فرانكو ثم انظر إلى فشل الاتحاد السوفيتي الذي كان بمثابة الأمل الأحمر،هناك يتقاتلون حتى في ما بينهم . هذا فشل وجب التنبيه إليه.
في كتاب مارغاريت ثمة نصف النور الخفيت للمرحلة، الأزمنة السوداء تحت ذاك الحريق المعتم كما كان يقول بريخت، ومع ذلك كان الغناء ممكنا و هناك في الختام ضوء تينيريفي حيث عاش أسعد أوقات مراهقته وربما حياته .استراحة من آلامه الأخرى.جد كان في 14 من عمره كان يحمل أكياسا في السوق وأب متحدر من أفظع حي في برشلونة حيث كان يريد أن يصير مهندسا معماريا، ففر من بلاده وقع في الأسر في سانتونيا تحت كنف راتب معلمة هي زوجته…الصبي في غضون ذلك،ينمو و ينمو حتى أضحى شاعرا، الآن يشرح صفحة ،صفحة مثل خاتمة طويلة بتطرف إنساني خريطة أشعاره .

 

وتنيريفي..

حيث استقدماني والداي.عليك أن تتصور كيف كانت سانتا كروث مقارنة مع إسبانيا الحزينة للخمسينيات» الحقيقة والجمال والعطاء ثم الأفق الأكثر رحابة مما لم أره قط في الحياة.هذا ما كتبته هناك وهذا حدث.كنز في الحياة .

عن «إلبايس»
عدد 18 02 2019


الكاتب : حاوره :خوان كروث / ترجمة وتقديم : محمد العربي هروشي

  

بتاريخ : 07/03/2019