ثقب في الذاكرة …ثقب في القلب

من ثقب في الذاكرة
نطل معا …
هناك ضوء راجف
يتسلق حائطا
على الحائط خدوش وكدمات
يسقط عنها الضوء في الأبخرة
وكلما تقدمنا في الغور السحيق
صرنا معا
حائطا
ضوءا
غورا
وأبخرة

أنتِ
باب يفضي إلى اللامكان
كل مكان ليس فيه سواك
ناقص بما يكفي ليكون سجنا
مالم يكن محرابا
وتكوني آخر البتولات
الباب ذو المزلاج النحاسي
لايحميك من أحد
كل الذين تخشينهم
هم داخلك …
يستوطنونك
ويشردون أناك

أنـــا
نافذة لها صرير حاد
تلعب الريح بفردتِها المسوسة
لا تطل على البحر ولا تحجُب رذاذه
رذاذ البحر يندفع مثقلا بالبرودة والملح إلى رئتيك
تسعلين
و يفسد شَعري
فأبدو كفزاعة قش
وتغدو روحي غابة بلا طيور ملونة
ولا فراشات استوائية

أنتِ
صوت رخيم
ضئيل مرتعش
اصوات مختلطة بعيدة
قرقرة أمعاء
صوت راديو تقطعه الحشرجة
صراخ داخلي
طنين أذني أو رسالة مشفرة
عجوز يتدلى من فوق سور السطح
تكاد تبتلعه الحافة
ينتظر ابنته كي تُعِدُّ له حساء السمك الحار
مرة أخرى لم تعد هذه الليلة…
وربما لن تعود أبدا

أنـــــــا
الشعاع الذاوي
الشعاع البارد القارس
يتسلل من نفس النافذة
عبر منسج عنكبوت قديم
يتكسر على ساق تحت مغزل
أو قارورة عطر رخيص على هيئة امرأة
بياض حليبي
لامرأة
عينها تحت الشعاع شهلاء
دربتها الحياة على تجنب الثرثرة
المنشطرون بالنميمة
حين تصبح ألسنتهم أحد من شفرات ستانليس
يعلقونها في السماء
نجوما تحدق فينا بمنتهى القسوة
والعجرفة

أنتِ
آلاف الإبر تُغرز في جلدك
أنتِ ، دمية الخياط .
أصيص البابونج
عطر العطرشان
نقاب الموسلين المطرز
العم الذي يشبه المسيح
بلحية مغبرة
كانت لحيته مزورة
حين أمسكتُ بها
سقط وجهه كاملا …
كما تسقط الذنوب بعد المغفرة

أنتِ … أنا
نتحدث كمجنونتين
تحت غصن الليل
تتدلى فاكهة الحنين اشهى من حبة تين
عن حياة استحقت بجدارة أن تعاش
بعد كل ابتلاء
عن وريقات الذرى الغضة
ورائحة التنور
الوقت عين يخالط زرقتها السواد
لا ترف …
تبحلق فينا
فننام ملتصقتين
وحين أصحو لا أجد غيري
أبتسم لنفسي
تلك الأنا…
الأخرى
التي كانت تسترق النظر من ثقب في القلب


الكاتب : دامي عمر

  

بتاريخ : 08/03/2019