في ظل عدم قيام المصالح الجماعية بأدوارها في «حفظ الصحة» : غابة بوسكورة «ترسل» عشرات الرضع والأطفال إلى المستشفيات والعيادات الطبية

 

مع ارتفاع درجات الحرارة في الأيام الفارطة، ولو بشكل نسبي، وحلول شهر مارس، شكلت غابة بوسكورة قبلة لعدد كبير من الأسر التي توافدت عليها من كل حدب وصوب، من داخل العاصمة الاقتصادية، خلال نهاية الأسابيع الماضية، وتحديدا يومي السبت والأحد، من أجل قضاء بضع ساعات في أحضان الطبيعية والاستفادة من خضرتها وجمالها، والبحث عن سكينة مفقودة بشوارع المدينة التي يتسيّد الضجيج يومياتها.
التوجه إلى الغابة، من أجل الاسترخاء بين ثناياها، وإطلاق العنان للأطفال من أجل اللهو والجري بين أشجارها، بعيدا عن قيود جدران المنازل الإسمنتية، ومنحهم صلاحية اللعب بالألعاب التي تم إحداثها بها أو تلك التي يجلبها عدد من المواطنين الذين يسعون لكسب دريهمات تساعدهم على العيش، شأنهم في ذلك شأن أصحاب العربات المجرورة والأرجوحات الشبكية التي تربط الأشجار فيما بينها، لا يمر بكيفية طبيعية عند فئة معينة من الأطفال، خاصة أولئك الذين يعانون من حساسية مرضية، جلدية أو تنفسية، الذين تفعل فيهم الأزهار والأعشاب والحشرات فعلتها، وتعبث بأجسادهم الفتية، سواء تعلق الأمر بالرضع أو الأطفال على حدّ سواء.
زيارة غابة بوسكورة، أعقبها ، بعد بضعة أيام معدودة، ظهور بثور جلدية على أنحاء مختلفة من أجسام عدد ليس بالهيّن من الأطفال، الذين لم يجد آباؤهم وأمهاتهم في البداية تفسيرا للأمر، ففي الوقت الذي اعتقد البعض أن الأمر مرتبط بنوع معين من الأكل، أو استهلاك مفرط للحلويات، ذهب البعض الآخر إلى ربط الأمر بالخرجة دون التأكد من ذلك، هذا الشك أصبح يقينا فيما بعد وأكّده عدد من الأطباء المتخصصين في أمراض الجهاز التنفسي والحساسية بالدارالبيضاء، ونفس الأمر بالنسبة لمجموعة من أطباء الطب العام، الذين أوضحوا لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن عياداتهم شهدت خلال المدة الأخيرة ارتفاعا في توافد أطفال يعانون من حكة وطفح جلدي، سببه طفيليات تعيش في الغابة، كما هو الحال بالنسبة لما تمت تسميته بـ «البرغوث»، مشددين على أن الأطفال المتضررين، وبحسب الحالات وتنوعها، فإن بعضهم لا يحتاج إلا لنظافة يومية، في حين أن البعض الآخر يكون في حاجة إلى بعض الأدوية من أجل معالجة الوضع حتى يعودوا إلى وضعهم الطبيعي.
وأكد متخصصون، أن تلك الحشرات غير المرئية التي تتكاثر خلال هذه الفترة في الغابات، يتم القضاء عليها ويتم كذلك تطهير الفضاءات الخضراء، التي يحج إليها الأشخاص من أجل قضاء يوم وسط «الطبيعة» باعتماد أساليب وتقنيات متوفرة، وهو أمر معمول به في العديد من الدول، ويبقى من اختصاص المصالح الجماعية التي يلاحظ تقصير كبير في قيامها بهذا العمل، وهي التي يمكن أن تباشر عمليات تطهير واسعة أياما قبل أن تشرع الغابة في استقبال أفواج الزائرين، حتى لا تتحول ساعات البحث عن راحة وسكينة إلى مقدمة لأمراض ومسلسل علاجي قد يكونون في غنى عنه لو توفر شرط التطهير؟
وأوضح طبيب اختصاصي في أمراض الجهاز التنفسي والحساسية عند الأطفال بالدارالبيضاء لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن هذه العملية البسيطة تضمن توفير فضاء آمن للزوار، كبارا وصغارا، وتسهم في تعقيم وتطهير المساحات الخضراء التي تغري بالزيارة، لافتا الانتباه إلى أن هذا الإشكال لا يقف عند حدود الغابات، مشيرا إلى أنه خلال فترة الصيف ترتفع حالات البهاق، الذي تنتشر البكتيريا المسببة له وتؤدي إلى نقل العدوى من شخص لآخر، لأنه متى أخذ شخص مريض حمام شمس على رمال الشواطئ مباشرة، ثم غادر المكان وجاء شخص آخر وقام بنفس العملية في نفس المكان فإن العدوى تنتقل إليه، لأن البكتيريا تكون حاضرة وسط الرمال، مؤكدا أنه في الدول الأوربية وعديد من الدول الأخرى، يتم تقليب الرمال ومعالجتها بمادة الكلور للقضاء على كل الجراثيم التي قد تكون حاضرة لمنع انتقالها إلى أجساد الأشخاص، وبالتالي فإن الوقاية واتخاذ الإجراءات الاحترازية هي أمر ضروري ومهم للتقليص من الحالات المرضية أو التخفيف على الأقل من حدّتها حين وقوعها، وهو ما يتطلب تفعيلا للميثاق الجماعي ومباشرة رؤساء الجماعات لصلاحياتهم في مجال الشرطة الإدارية التي تخص الحفاظ على الصحة العامة، الأمر الذي لايزال يعتريه الكثير من التردد؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 11/03/2019