تمظهرات الخطاب الموازي البنية والدلالة قراءة في تجربة المصطفى كليتي السردية نموذجا

تـأتي القصة القصيرة المغربية كتعبير على هموم الإنسان وطموحاته، ذلك أن الأسئلة التي طرحت في البداية ارتبطت بالهوية والانتماء إلى الوطن، ثم انتقلت مع الجيل الجديد إل محاولة التجريب في الكتابة القصصية، وهكذا انبثقت صيغ متعددة راهنت على الشكل من خلال الاهتمام بتقنيات اختيار التيمات وتكييفها مع فضاء النص، ثم الاشتغال على اللغة في تعدديتها ، كحضور التشكيل والسينما والمسرح والفلسفة، وهذا منح النص القصصي حرية أكبر، تمثلت في تطوير البنية و الدلالة، ويمكن القول إن القصة المغربية استطاعت أن تلم شتات الإبداع المغربي ،إلى درجة أنها تناولت مواضيع جريئة، وأعادت التفكير في العلاقة بين الكائن الإنساني وبيئته وأشيائه، لذلك نركز في هذه القراءة + على أسئلة باتت تؤرق كتاب القصة ، وتتمثل في العتبات والخطاب الموازي، وإذا كانت جل الدراسات قد ركزت على المضامين ، فإنها لم تلغ المستوى الشكلي ، بل إن الكاتب وهو يحاول إبداع نصه فهو يختار شكله الخاص ، وبالتالي تبرز الصيغة النهائية تعبيرا عن رؤية الكاتب .
الإهداء
يظهر هذا المعطى كبنية دالة في البداية، لأنه اختياري، ويمكن اعتباره خروجا عن سياق النصوص أو مختزلا لها، أو مكملا لها، فبين أن يكون الإهداء عاما أو خاصا، تكمن العلاقة بين الكاتب ونتاجه، ونلاحظ هنا أن تحقق الإهداء يرتبط أساسا باعتباره»عتبة نصية لا تخلو من قصدية سواء في اختيار المهدى إليه /إليهم، أو في اختيار عبارات الإهداء في ارتباط بما سبق، يمكن التميز بين نوعين من المهدى إليهم، الخاصون والعامون ويقصد بالمهدى إليه الخاصLe dédicataire Privé شخصية إما معروفة أو غير معروفة لدى العموم ، والذي يهدى إليها العمل باسم علاقة شخصية، ودية ، قرابة، أو غيرهما، أما المهدى إليه العام أو العمومي  dédicataire Public Leفهو شخصية أكثر أو أقل شهرة والتي يبدي المؤلف نحوها، وبواسطة إهدائه، علاقة ذات رابط عمومي: ثقافي ، فني، سياسي، أو غير ذلك”1، وبهذا يمكن أن نقف على الإهداء كتصور ذاتي ، وليس كتخييل، لأن القاص سواء في “ موال على البال “2 الذي يهديه إلى أسرته، بدءا بسلمى،ثم محمد علي وأسامة وأخيرا امرأته، أو في “ القفة”3 حينما يتمركز حول سلمى، فهل هذا التقابل خارج بنية النصوص، أو بالأخص له رابط واحد هو وازع الأثر الذي يربط الكاتب بمحيطه الصغير العائلي؟
يقول في الإهداء الأول: إلى سلمى أول الفرح والعزيزين محمد علي وأسامة وإلى المرأة التي –طبعا –  تشغل البال»4 ، ويقول في الإهداء الثاني: « إلى روح من رحلت وتركت في الأعماق جراحا لن تندمل أبدا .. إلى طيبة الذكر إلى سلمى ذات البهاء»5، يبرز إذن أن ما هو خاص في الإهداءات لا ينفصل دلاليا عن طبيعة النص، والخطاب الذي تحمله المجموعتان .

لعبة العناوين واشتغال الخطاب الموازي
أركز هنا على العناوين الكبرى والفرعية ، ذلك أن عنوان المجموعة الأولى « موال على البال»إيقاعه وجداني، ولا يخلو من ارتباط بالذات، في حين أن العنوان الثاني: «القفة»، يمكنه احتمال الهم الاجتماعي كسؤال بديهي ، ولاغرو أن تكون العناوين متأثلة له، بحيث إن المجموعة الأولى تحضر عناوينها كبنية لها قصدية ماثلة في الذهن، ويمكن الوقوف على وظائفها كالتسمية والتعيين والإشهارية6 ، فالعنوان هنا ، هو فرض النص كقيمة وكمعنى آت7 ، بحيث لا يمكنه  أن ينجز وظيفته إلا من خلال ثلاثة عناصر، هي: اعتبار العنوان نصا، أو تحقيقه لسر الملفوظ ، أو إنتاجه لفائدة النص8، مثلا: الانتقال من الذات إلى خارجها، هو نموذج للخروج من سرابية ونوستالجيا الأصل إلى آلية المجتمع وفرض أنظمته وقهره، لذا فمحافل العناوين أيضا كنصوص موازية هي أصلا مرهونة بالمرسل والمرسل إليه ، وإذا كانت هذه المحافل في المجموعة الأولى تخفي احتمال شروخ ذوات داخل ذات واحدة، فإنها تعلن في المجموعة الثانية وعيها التام والواضح بالواقع وتفاصيله وإرغاماته، ويمكن الاستئناس بالخطاطة التالية:
عناوين ذاتية :امتدادات الظل المنكسر/ حكاية قيس وليلى/ شريط آخر المساء/ ككل صباح/ مصادرة عطر وردة الصباح/ موال على البال/ القبض على فتائل الظلام/ تكالب/ دوائر تضيق لتتسع/ أين ذهب الرفاق…
عناوين موضوعية: wanted= الإرهابي/ الميكانيكي/ القفة/ صالح في المزاد/ شكرا على تفهمكم/ « سين» يعلن عن وجوده…
عناوين فانتازية: حكاية برأس وذيل مقطوع/ حكاية عن رأس واسع النظر/ في بيتنا بوكيمون/ جردان في أحشاء محارة/ ناسي المنسي وما جرى له مع حمار الليل/ رايت العيد يبكي/ السوبرمان في الخبازات/ مرتع الضفادع/ فراشة جميلة  لكن حمقاء تحلم كثيرا…
إن البنية الموجهة للعناوين متمثلة في صيغة تحديد النوع « ومن ثم يعتمد في تصنيف خاصية التجنس على اعتبارات أساسية تخص جملة من المظاهر النصية، وهي مظاهر تتخذ من معمارية النص نمطا من أنماط التعالي النصي والذي يشمل أيضا على العبر ـ نصية(علائق النص بعنوانه الفرعي ، وبسياقه الخارجي بصفة عامة) التناص(الإستشهاد والتلميح)النصية اللاحقة(علائق التقليد) التحويل بين نصين أو نص معين وأسلوب والميتانصية كعلائق النص بتعليقه»9، وداخل هذه الأبنية بكاملها نجد عناوين صغرى في النصوص التالية:
حكاية عن رأي واسع النظر/الميكانيكي/السوبرمان في الخبازات/ حكاية دون قفل/نشرة الأخبار:ستبدأ الآن؟|/تآليل الوجه الجميل، وبما أن العناوين الصغرى تخدم العناوين الكبرى ، فإنها خدمت العنوان المركزي الذي هو بؤرة النص العام، وبالتالي صيرته علامة انزياحية ومحرفة لتوجهه العام، و» مثلما قد يأخذ الإنحراف صيغة إضافية، عبر إنشاء لعب حميمي للعمل، فقد يأخذ كذلك صيغة حذف، وذلك لاحتمال تآكل أو بتر أحد الدوال الصغرى للعنوان، بسقوطها نهائيا أو مؤقتا من الإستعمال»10، فهذا التحول الخاص باستراتيجية العنوان يضفي على النص ككل ما يسمى بوقع الآخر في جمالية التلقي، وبذلك تصبح العناوين منطوية على إحالات تارة مقامية وأخرى نصية، يمكن للمتلقي أن يسائلها ، وأن يفرض عليها فهمه وتفسيره، ولقراءة العنوان ، لابد من الوقوف على زمنيته وانحرافيته وارتباطه بمحفل المرسل إليه/المسرود إليه، ثم وظيفته ، لأن العنوان له وظائف يمكن تلخيصها في:تحديد هوية العمل ـ تعيين مضمونه ـ إبراز قيمته كإغواء القراء»11 ، وبهذا المعنى يكون القارئ الذي يستهدفه المؤلف منحصرا في دائرة أضيق من جهة الاقتصاد الأعمى للنص ،إنسان ينجز قراءة كاملة للكتاب، ويعتبر جينيت أنها قراءة خطية تصاعدية تمتد من أول الكتاب إلى آخر صفحة مكتوبة تستقر بين دفتين، وهكذا يمكن الإشارة إلى أهمية العتبات كخطاب مواز يدعم النص ويوجهه كآلية استباقية ، ونشير إلى:
ـ الغلاف، إضافة إلى العنوان و الصورة وإسم المؤلف والناشر أو غيره .
ـ الإهداء .
ـ عتبات الشكر .
ـ العناوين الكبرى والصغرى .
ـ كلمة الغلاف الأخير.

النص الموازي من النص إلى الخطاب
إن السمة الذاتية للوصف تدفع بالسرد أن يتمثل مكون التبئير بخصوص وجهة النظر، ذلك أن السارد وهو يتحول من وضعية إلى أخرى يكتشف أنه يوثق وقائع بعينها عايشها، إذ قد تثار تقاطعات بين المؤلف والسارد والبطل،» إنها تمثل ببساطة مساهمة السارد السير ـ ذاتي في عرض الوقائع التي لازالت مجهولة بالنسبة للبطل، ولكن الأول، ولهذا السبب، لا يرى نفسه ملزما بإجراء الإشارة إلى حين معرفتها من طرف الثاني فبين معلومات البطل والمعرفة الكلية للروائي (للقاص) هنا كمعلومات السارد الذي يتصرف فيها كما يريد، ولا يحتفظ بها (لنفسه) إلا لسبب واحد، ويمكن للناقد أن يعترض على مناسبة هذه الأخبار الإضافية، ولكن لا يمكنه أن يجادل في شرعيتها أو احتماليتها في محكي ذي شكل سير ذاتي»12. هذه الإشارة نلاحظها توظف بأسلوب عجائبي، يتخذ منها الكاتب /القاص ذريعة حكائية مفتوحة على الذات، خاصة عندما يربط بين السوبرمان والخبازات، فالأول شخصية خرافية مجاوزة للإنساني، منقذة وعابرة للأمكنة والأزمنة، في حين الثاني مكان بالقنيطرة يمكن ملامسته ومعايشته، إلا أن تقطيع النص « السوبرمان في الخبازات» إلى مقطعين، الأول داخل الإطار والثاني خارج الإطار، فالأول وصفي والثاني سردي، . الوصفي يراهن على عرض صورة المكان وأشيائه المؤثثة له، وكأنه يلملم عناصر سينوغرافية تعد فضاء للعرض المسرحي، أو مشهدا سينمائيا، وهذا يؤكد ارتباط المؤلف بالمسرح والسينما، فالسارد هنا يتأمل صورة المكان ويسجل كل حركاته وإيقاعاته، والسردي غير منفلت، أو مرتبط بإجراءات تحولات المشهد، لأنه حركي، ومع ذلك فليس هناك فصل بين إمكانية استعمال الوصف والسرد، إن الفرق الاكثر دلالة، ربما كان هو أن السرد يعمل، داخل التتابع الزمني لخطابه، على إعادة السيرورة الزمنية للأحداث كذلك، بينما يبدو الوصف ملزما، في نطاق العنصر المتتابع، بتعديل عرض الأشياء المتزامنة والمتجاورة في المكان: فاللغة السردية ستتميز على هذا النحو بنوع من التطابق الزمني مع موضوع الوصف، أي على العكس من اللغة التي تكون، في هذا الموقف. لغة خصوصية بشكل لا رجعة فيه»13، ثم إن هذه الخصوصية تنفتح على الخطاب أيضا وعلى النص الذي يشكله، إذ أن هذا الأخير، مادام يتكون من نسيج بنيوي على مستوى الصوت والتركيب والدلالة، فإنه بمعنى من المعاني، يتضمن خطابه الذي يتخذ لنفسه خلفية تثوي فيها اختلالات وتناقضات اجتماعية ونفسية ومعرفية.
لنتأمل إذن عنوان» أين ذهب الرفاق»14، الذي يبدأ الترقيم لمقاطعه من رقم 5 إلى رقم 1  في مجموعة «موال على البال»، أما اختيار الشخوص فهو الآخر عبارة عن حروف (س) و(ح)و( ق)، إذا اجتمعت كونت معنى السحق الذي هو محور النص، أما في نص»wanted = الإرهابي»15 فيوظف الكاتب / القاص أسماء من الموروث العربي القديم المترجم عن الأدب الفارسي، ويتجلى في كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع، ونفس التناول نجده في» حكاية بذيل ورأس مقطوع»16، وحكاية» عن رأي واسع النظر»17. هذه الحكايات يستثمر فيها الكاتب نصوصا مقطعية، لكنها تتتابع حكائيا في أسلوب مسترسل، إضافة إلى استحضار مكون الحكي في جل النصوص، نص حكاية» قيس وليلى»18، والتنوع الحكائي الشعبي والخرافي والأسطوري والواقعي والتاريخي، والثقافي، مثلا: « في بيتنا بوكمون»19، ونص « الميكانيكي»20، ونص» ناسي المنسي وما جرى له مع حمار الليل»21، فهذا الاختيار يبدو أنه مرتبط برؤية منفتحة على عوالم متداخلة ومتعددة في نفس الآن، وليست مبنية على أساس التضييق، فالسارد الذي يلتزم بالسرد من منظور محايث، يكتفي برؤيته البرانية التي يطل من خلالها على الآخر وعلاقاته بالزمان والمكان.» إن إحدى العقد الأكثر انتشارا في التخييل المعاصر، المقدمة غالبا باسم رفض العقدة، تقوم على وصف شخصيات الساردين الذين تتغير سماتهم خلال الحكاية التي يروونها، فمنذ ان علم شكسبير للعالم المعاصر ما ضيعه اليونان على أنفسهم حينما أهملوا نمو الشخصية(قارن ماكبت ولير بأوديب)، عرفت الحكايات التي تتضمن شخصيات نامية أو متقهقرة نجاحا متزايدا، إلا أنه وجب أن ننتظر اكتشاف كل استعمالات( العاكس) بضمير الغائب كي نعرف كيف نقدم ساردا يتغير بموازاة سرده»22.
وبما أن الروائي خالق عالم بتعبير وولغ غانغ كايزر، فإن القاص في نظرنا تشده اللحظة الزمنية الأكثر ندرة في هذا العالم، وهو مانراه في تجربة القاص المصطفى كليتي، خاصة في مجموعته الأخيرة التي وسمها بعنوان  أكثر جمالا» تفاحة يانعة وسكين صدئة»23، وهو بتعبير الأديب والقاص أحمد بوزفور» رائع ودقيق»24، مثلا: « كان يا ماكان»25، « الممثلة»26،» الغميضة»27،» أنا وحبيبتي ومهند»28،» سوناتا»29، سلطة الأقنعة»30، «لوحة تأبى أن تكتمل»31، « الزوابع والتوابع»32، « الكومبارس»33، نيران صديقة»34، مسرح الدمى»35، آخر خدمات مصباح علاء الدين»36، ثم أن الشخصيات في المجموعة تقتصر على حرف واحد، هو السين، ويكاد يهيمن على المجموعة ككل، وفي بعض النصوص يحضر بقوة، وكذلك إسم «سلمى»، الذي يتكرر في أكثر من نص واحد، « إن كل الأعمال التي نقرأها تحتوي على حوار ضمني بين الكاتب، السارد الشخصيات والقارئ. إن كل واحد من هؤلاء يمكن أن يتماهى مع أحد العناصر الباقية، أو يدخل معه في تعارض تام، بخصوص أي نوع من القيم أو الأحكام: أخلاقية، ثقافية، جمالية، أو حتى فيزيائية37.

نصوص موازية من خلال المواقع الإلكترونية
يقول ذ عبد الرحيم العطري في موقع «دروب» وتحت عنوان « جديد الصحفي والقاص المصطفى لكليتي» موال على البال» نصوص قصصية من أزمنة القنيطرة»، هكذا هو المصطفى لكليتي يلتقط تفاصيل الواقع ، يدخلها إلى مطبخه القصصي، يعيد بناءها وفق منطق اللاخطة، ليهدينا نصوصا قصصية تسائل الخراب والهشاشة ، تؤسس للزمن والممكن من المستحيل، تسجل موقفا من الحياة، وتفكر في شروط الإمكان، هذا هو القاص والصحفي المغربي الذي يعتبر الكتابة قدره والقص المائز ديدنه، وإلى أن ينكشف بياض الزمن المأمول،يقول القاص والروائي مصطفى لغتيري:»القصة القصيرة عند المصطفى لكليتي تتميز بانفتاحها على الغرائبي والفانطاستيك وعالم الحيوانات دون أن تدير ظهرها لتيمات الواقع، كما أنها تعض بالنواجذ على اللغة الفصيحة التي يرصعها المجاز، وتراهن في بناء المعنى على المواقف الساخرة والفكاهة» فالقاص فيه لا يمكن أن يقتل الصحفي المتوثب دوما في أعماقه، لهذا تأتي الكتابة القصصية عنده مسكونة بالقلق التساؤلي ، معززة بعلة الأضداد ومفارقات الزمن الكفكاوي ، ومغموسة حد الامتلاء في زمن الفجيعة والألم والكوميديا السوداء».
وفي تقديمه للمجموعة «القفة» يقف مصطفى لغتيري على أبعاد مختلفة قائلا:» وقد استأثرت القضايا الاجتماعية بانشغالات القاص الإبداعية، بما يعني ذلك من تعبير عن هموم الطبقة المسحوقة، التي تحيا في الهامش، وتكتوي من قسوة الإهمال والإقصاء، ولعل إطلالة بسيطة على العناوين التي تصدرت النصوص تشي بهذا الملمح،وقد حافظت نصوص لكليتي القصصية ـكالعادةـ على لغتها الأنيقة المحتفية بفصيح القول وعذوبته، ويشار إلى أن قصص المجموعة كتبت خلال فترات متباعدة ، انطلاقا من سبعينيات القرن الماضي ومرورا بالثمانينيات والتسعينيات، وصولا إلى العقد الأول من الألفية الثالثة «،ويضيف « أمام هذا الجيل المثابر والمؤمن بإبداعه ، حققت القصة القصيرة في المغرب تطورا لاريب فيه إبداعا ووفرة إنتاج، بل استطاعت أن تزحم الشعر والرواية على مكانتيهما التقليديتين،وتخلف ـ بالتالي ـ حالة قصصية ملفتة، استقطبت المزيد من الأقلام الشابة ، ولفتت اهتمام النقاد، فأنشئت ورشات للكتابة القصصية، وألفت كتب نقدية ، وأنجزت أنطلوجيات وملفات عامة ومتخصصة ، نتيجة لذلك يحق لنا أن نستبشر خيرا بمستقبل هذا الفن الجميل، ونراهن على هذا الجيل الجديد، بجعل المغرب ـ على الأقل عربياـ بلدا قصصيا بامتياز» .
نستنتج أن المصطفى لكليتي يراهن على إبرام ميثاق قرائي نقدي وسخروي، يعيد ترميم الواقع وبناء صورته،فالقصة التي تسعى إلى التقاط اللحظة في عفويتها ، لا يمكنها أن تتجاوز امتلاك تقنية التبئير ، خاصة عندما يصبح القاص متلصصا عن قصد أو عن غيره على الآثام والهموم،بل وحاملا لإزميل نحات إغريقي يربك إيقاع الزمن بتوليد الحياة من رحم الأسطورة والكون ، بهذا تبرز في القصة أسئلة لا نتوخى منها تقديم إجابات، وإنما نحاول من خلالها تلمس بعض الإشارات المنفلتة ضمن إشكالات كبرى ، فهل بناء النص يعتبر نوعا من الإفصاح عن الفكرة؟ إنها كتابة تستفيد من اليومي والرسائل والمذكرات واليوميات والدراسات الوصفية الإثنوغرافية والمحادثات العامة العادية والسرود الشفوية والأمثال والنكتة ولازمات الحكي الشعبي.
إنها أيضا الموضوعات المتداولة حاليا ، فالكتابة ليست عملية آلية، ولا هي تدوين لأحداث كما في الكتابات التاريخية او التقارير الطبية او السياسية، إنها شكل من أشكال التعبير، فليس صدفة تغيرت أشكال الكتابة، لكن بالنسبة لمفهومها فإنه لا يقف فقط عند حدود المظاهر الخارجية للنص، إنه وعي قوي بمحتوى الأشكال وأبعادها الدلالية، والكتابة مفهوم كذلك يخلخل المسلمات وينتقل بمفهومها من منطقة الظل والجمود إلى أخرى مشمسة و حية .

إحالات
1ـ عبد الفتاح الحجمري.عتبات النص البنية والدلالة. منشورات الرابطة. الطبعة الأولى1996. ص ص 26 ـ 27 .
2 ـ المصطفى لكليتي . موال على البال. المطبعة السريعة.الطبعة الأولى. القنيطرة.2008.
3 ـ المصطفى كليتي . القفة .دار الحرف للنشر والتوزيع .الطبعة الأولى . القنيطرة 2009 .
4 ـ5 ـ6 ـ عبد الفتاح الحجمري . عتبات النص …مرجع سابق ص 18 .
7 ـ نفسه. ص9 .
8 ـ نبيل منصر .الخطاب الموازي للقصيدة العربية المعاصرة. دار ثوبقال للنشر. البيضاء . الطبعة الأولى2007. ص 43 .
9 ـ نفسه. ص45 .
10 ـ11ـ نفسه . ص44 .
12ـ نظرية السرد من وجهة النظر إلى التبئير. تر ناجي مصطفى الحوار صفحة 73.
13ـ طرائق تحليل السرد الأدبي. منشورات اتحاد كتاب المغرب.الطبعة الأول. الرباط 1992.ص78.
14ـ موال على البال م س. ص7.
15ـ نفسه.ص 13
16ـ نفسه. ص 19.
17ـ نفسه. ص 25.
18ـ نفسه.ص57.
19ـ نفسه.ص69.
20ـ نفسه.ص93.
21ـ نظرية السرد….م س. ص48.
22ـ المصطفى كليتي. تفاحة يانعة وسكين صدئة. دار الوطن. ط1 .2013.
23ـ نفسه . الصفحة الأخيرة.
24ـ نفسه. ص7.
25ـ نفسه. ص16.
26ـ نفسه. ص 23.
27ـ نفسه. ص30.
28ـ نفسه. ص 74.
29ـ نفسه. ص32.
30ـ نفسه ص 41.
31ـ نفسه.ص45.
32ـ نفسه. ص 67.
33ـنفسه .ص73.
34ـ نفسه. ص83.
35ـ نفسه.ص84.
36ـ نفسه. ص85.
37ـ نظرية السرد….م س.ص46.


الكاتب : محمد صولة

  

بتاريخ : 19/05/2017