رواية «كلاي» للروائي أحمد الكبيري.. مسار التحول إلى الإنسان الوحش

تعتبر كتابات الروائي المغربي أحمد الكبيري من النوع الذي يحتفي بالطبقات المدفونة في الهامش حيث الضجيج والبساطة، الصفيح والشوارع المكسرة، العشرة في غرفة واحدة والثلاثون على لائحة انتظار الدور لدخول المرحاض، التقشف والمجهول، أحلام الهجرة إلى باريس ولندن وروما وبرلين ومدينة الملائكة، الاكتظاظ والخبز الممزوج بالعرق والتراب والرمل، اللعب بالأعضاء الجنسية والعيش مع الأنواع بدون رغبة في العيش، القصص المتناسلة وذكريات الطفولة واللعب، الجنون والبؤس والبساطة والاقتتال مع اليومي.. الخ.
صدرت له ثلاث روايات، «مصابيح مطفأة»، و»أرصفة دافئة» و»مقابر مشتعلة» التي ترجمت في الآونة الأخيرة إلى اللغة الصينية.
في هذه الورقة، سأقدم قراءة سريعة لرواية «كلاي»، وسوف لن أحارب النقاد الذين يشهرون قواعدهم كمعاول يمكن أن تكون وسيلة للهدم، وبخاصة تلك التي تتعامل مع النص بصرامة شبيهة بمنظومة القواعد العسكرية قد تؤول تطبيقاتها على النص إلى إرباك فعل القراءة وتأخيره.
إن رواية تخبئ بين أوراقها متعة السرد والدراما والسخرية والتراث الشفوي ولعبة التشويق وتناسق الأصوات والمؤثرات التعبيرية ، ووضوح مسارات الشخوص كرواية «كلاي» ، تجسيد مباشر لحضور قواعد السرد لكنها، بالمقابل، لا تغلق النوافذ في وجه تسلسل الأحداث بتلقائية متحررة من سلطة الرقيب، فثمة أشياء يجب أن تدخل مع الهواء عبر النافذة.
تبدأ الرواية بكلمة «شكرا»، قالها كلاي، واسمه الحقيقي عادل في إشارة إلى كونه يحاول تحقيق العدالة خارج إطار قانون القاضي الذي حكم عليه بالإعدام. قال «شكرا» ليرتاح من الحياة بعد جريمته التي ذهبت ضحيتها صبية صغيرة اغتصبها وقتلها ضمن سلسلة جرائم أفلت منها قبل أن يسقط في النهاية.
تأتي التفاصيل في الرواية تعبيرا عن الأسباب التي تدخلت تدخلا قاتلا في تشكيل النفسية العدوانية لكلاي. إن أبشع صور القسوة هي الاغتصاب مع القتل، ولابد أن ثمة دوافع بشعة أدت إلى هذا السلوك العنيف.
ينطلق النص على وقع اغتصاب الطفولة، والنطق النهائي بحكم الإعدام والمطالبة برأس القاتل المغتصب والابتهاج بالعقوبة من قبل الجمهور. ولا أحد يبدي تعاطفا معه. الصحافة تكتب. النمامون يحكون قصص جرائمه الكثيرة. هكذا تتدفق الرواية، قصة وراء قصة وتتناسل عن كلاي، الشخصية المحورية في النص، الذي كان يعيش بألمانيا مع والديه حياة الترف، ووحده لون بشرته السوداء أشعره بعنصرية الألمان.
تتحدد معالم الجمال في الرواية بشكل أساسي من خلال التنويع في موضوعاتها، والانتقال المترابط بين أحداثها في قالب لغوي لا يعترف بالبناء المنضبط الصارم ، كما لا يعترف بالبناء العشوائي البسيط، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. فقد تأسست أحداث الرواية على عنصر التسلسل بدءا بالطفولة المنكوبة للبطل إلى الطفولة المغتصبة للضحية منذٌ أن التقط كلاي قانون الاغتصاب وهو في سن بين الطفولة والمراهقة عندما شاهد، ذات مرة، الحداد يمارس الجنس على امرأة بطريقة حيوانية في الحمام الخرب وتحت التهديد. بقيت الحادثة عالقة بذاكرته يستلهم منها ، مشكِّلة النواة الأولى لمشروع سيطول من عمليات اغتصاب النساء لدرجة الإدمان، لا يفرق بين شابة ومتزوجة، بين عاهرة وعفيفة، في البيت، في الشارع، في أي مكان، لا يهم.
كما تعالج الرواية مشاكل عودة المهاجر المغربي من أوربا إلى المغرب، وهو ما يطرح إشكاليات العودة للعيش بمواصفات الهوية والانتماء للأصل المتخلف. في هذا السياق تسجل الرواية معاناة أبناء المهاجرين الذين ترعرعوا في الدول المتقدمة ثم وجدوا أنفسهم، لظروف معينة، مجبرين على التأقلم مع طريقة العيش في الدول المتخلفة: مشكل عقلية الأبناء الجديدة، اليتم الأبوي، العمل والاندماج من جديد في عالم متغير، مشكل اللغة.. الخ.
وسأحاول في يلي الوقوف على بعض الموضوعات التي تناولتها الرواية بشكل مقتضب مع تقديم قراءة سريعة لأهم أحداثها بما قد يمثل مفاتيح للدخول إلى عوالم الرواية:

1 – قضية الانقلاب المعيشي

ففي لقطة ومشهد عميق ومؤثر يسخر السارد من الواقع الجديد بعد عودته من ألمانيا من خلال لعبة «بريولة» المغربية، التي تعتمد على إبعاد اللاعب لمؤخرته عن الخصوم. إنه الانتقال من اللعب المتطورة في ألمانيا إلى لعبة «احضي كرك» في الوطن الأم. الرواية27.
– كلاي، اللقب الذي التصق بالشخصية المحورية للرواية من أول شجار من شجارات الصغر، يحيلنا على أسطورة الملاكمة العالمية الأمريكي الأسود محمد علي كلاي، لكن هنا ستصنع منه الرواية مجرما خطيرا بدون عقل أحيانا. وقد لعب رفضه في المدرسة بحجة كبر سنه دورا مهما في ذلك . مما يضعنا أمام إشكالية الهدر المدرسي كدافع من دوافع الانحراف السلوكي. يلج البطل الصغير كلاي ورشة الميكانيك ليكون مثل العبد يسخره المختار ويمارس عليه سلطة الباطرون. ويشكل هذا المشهد نموذجا صارخا لضياع الطفولة وبراءتها ولعبها. لا شيء سوى السخرة وتعب الخدمة وإرادة الباطرون المتحكم. هذه الممارسات التي تدمر الإنسان وقد تصنع منه مجرما خطيرا مع تراكمات الصغر وأخطاء البشر.
– فضاء موبوء يتمثل في ورشة المختار «الخانزة»، لا ماء ولا كهرباء، لا مرحاض نظيف، المختار المعلم سكير داعر، بما يطرح مشكلة تأثير شخصية المربي في نفسية الطفل، وحدود مسؤولية المربي بالدرجة الأولى، ومدى تأثير الوسط التربوي لكلاي في هذه المدرسة/الورشة المتعفنة.
– قسوة المعلم الميكانيكي، الضرب، الخوف، الصغر، اليتم، تؤدي به إلى أن يغادر الورشة ويسب لمعلم. وهو حدث يؤسس لثورة «التلميذ» على «الأستاذ» المعلم. ثم يأتي للبيت ليسب أمه لأنها السبب في المشاكل بمغادرتها ألمانيا الحضارة إلى هذه الحفرة التي بات حلمه الوحيد أن يرحل منها مرة أخرى. يقول: «صعب أن تكون لك حياة سابقة في الجنة وبين عشية وضحاها تجد نفسك في الجحيم تنام في بلاد الحضارة والإنسانية وتستفيق في عالم الخرائب والحكرة». صفحة 37.
بالإضافة إلى ما سبق سجلت الرواية حضورا لبعض الظواهر الجديدة كظاهرة التربية على المبادئ المعكوسة، وظاهرة الميز بين ما هو أجنبي وبين ما هو محلي على المستوى الفردي الذي يحيل على بروزها كحالة جمعية عندما يحس كلاي بعنصرية رهيبة في فكر وثقافة أهل بلده لم يلمسها عند الأجانب والسياح الذين كان يترجم لهم كمرشد سياحي «مزيف».
حالة التذمر والتوتر والضغوط المتزايدة وحالة العيش المكهربة تضغط بثقلها على شخصية البطل فيدخل في قتال شرس ويجرح رأسه مع متحرش بأخته. قتال وشجار وانتقامات متبادلة وحرب عصابات يعيشها كلاي. وقائع ستتراكم في نفسيته وستركب فيها أسئلة بسيطة ومعقدة تدفعه للتساؤل، في لحظة عذاب، عن معنى حياته ووجوده، وعن السبب الذي دفع أمه إلى الهجرة بهم من النعيم الأوربي إلى الجحيم المغربي. يقول: «ألم يكن بإمكانها أن تصبر حتى نكبر قليلا وبعدها لها كامل الحرية في أن تعود لبلدها أو تبقى معنا». تساؤل مشروع يعبر عن حدود تصرف رب الأسرة في مصير أبنائه، وهل يحق له التصرف كيفما شاء بحسب أهوائه، وقد يكون في تصرفه ضياع لمستقبلهم.
– اشتغل كلاي في مقلع الأحجار، وهي البؤرة التي تمثل نموذج يوميات المعذبين في الأرض بالنسبة للفتى الذي كان يعيش الحياة بأرض الأنوار فوجد نفسه يشتغل في عمل لا تطيقه حتى بغال البادية. وهنا تغوص الرواية في حقول البادية وتراثها الشفوي الحكائي فتضفي جمالية على تفاصيل ومشاهد وصور وحوارات ومشاعر البادية المغربية في علاقتها بالمدينة والعالم.
– في حوار كلاي مع الرجل القاسي الذي أراد أن يشتري منه الباكور صورة درامية للفلاح المغربي الذي يتعذب على منتوجه حتى ينضج وفي النهاية يحكم عليه السوق وأولاد السوق والأباطرة وقانون الشّناقة وسوق العملات والبورصة ببيع منتوجه بأبخس الأثمان، وذلك عندما ينفجر كلاي غاضبا: «هذي ساعة وأنت ترون ـ تدعس ـ في السلة حتى عجنتي دين أمها، ومعمر الكفة ديال الميزان حتى للفم، وفي الآخر باغي نص كيلو…؟ «. صفحة 89.

2 – إشكالية العنف المادي

تعتبر ظاهرة العنف تيمة طاغية في رواية كلاي ، بحيث لا يخلو فصل من فصولها من هذا المكون الأسود، بما يدل على ضرورة وجوده لاستمرار الصراع كما لو أنه جزء لا يتجزأ من العالم الواقعي.
فمن خلال مجموعة من المشاهد يستطيع المتلقي اكتشاف أن العنف يولد العنف والاغتصاب والقتل. فكلاي دائما مسلح كأنه في حالة استنفار، وكأن الإنسان، وهو يحمل سلاحا، مهدد بالقتل في أي وقت. يضع في حزام سرواله سكينا. تحت وسادته سكينا. يسافر معه السكين. يخيم معه على ساحل البحر. السكين هنا لا رمزية له إلا العنف.

3 – ظاهرة الحريك

تتحول الهجرة السرية إلى أوربا إلى مطلب شعبي ملحّ كما لو أن البقاء في الوطن هو المصير الأسود. وهنا نتوقف عند موقف شخصية عمر، صديق كلاي الذي يقول: «إذا بقيت هنا إما سأقتل أو سأنتحر أو سأسجن» صفحة91. فقد حاول السارد، في الفصل الثاني عشر، أن ينقل القارئ من حالة ترك المسافة القانونية بينه وبين البطل إلى حالة التأثر والتعاطف معه، كما لو كان كلاي هو الضحية وليس هو المجرم، من خلال برهة زمنية لها دلالاتها المأساوية استدعاها لتوضيب مشاهد الهجرة السرية ، وسرده لتفاصيل الحريك بين كلاي ورفيقه عمر.
وموازاة مع حالة التشرد المؤقت في شوارع ميلانو، سنشاهد بروز عنصر ظرفي ولدته الحالة الراهنة المتعثرة للبطل المغترب وإمكانية تكيف الكائن مع الوضعيات المأزقية التي تواجهه باستمرار، من خلال تطرق الرواية لنوع جديد/قديم من التدين الذي يمكن تسميته بتدين المصلحة. ففي الفصل الثالث عشر تؤشر الرواية على توجه براغماتي لحركة التدين مرتبطة بالفائدة الشخصية التي يجنيها المتدين وليس لها علاقة بالجانب الروحي الإيماني للمقدس. نتوقف مع كلاي وعمر بعد وصولهما إلى ميلانو ومحاولتهما التخفي عن الشرطة، هنا سيلتحق كلاي، الذي لم يسجد سجدة واحدة في حياته، بالمسجد ليستفيد من الإيواء والأكل من أجل البحث عن منفذ في المجتمع الجديد، ليس حبا للعبادة، التي كره سلوكيات المنتمين إليها، بقدر ما هو انتفاع من الخطاب الديني. إنه نموذج الشاب النافر من الدين بسبب تصرفات المتدنيين المتدنية لكنه قد يستغل الدين لتحقيق مصالحه إذا تطلب الأمر ذلك.

4 – الجنس والسخرية

الجميل الممتع في كتابات الروائي أحمد الكبيري هو احتفاؤه بغريزة الجنس، ليس فقط على مستوى التشخيص والتصوير للعملية الممتعة، مع أهميتها في إثارة القارئ وجره إلى التهام الرواية عن آخرها، بل على مستوى التوظيف الفكاهي لهذه التيمة بما يخلق فسحة للترويح والضحك لديه، وأوضح مثال على ذلك نكتة المثقف ص174. وفي نفس السياق، خال كلاي وهو يرى أحدهم ينكح امرأة في إحدى الضيعات فيقول لكلاي: «اليوم سيكون شديد الحرارة». فيرد عليه: «سيكون قطعة من جهنم غير سير على اللَّه». صفحة 70. وفي لقطة مسرحية ساخرة تنطوي على إمكانية التقاء المقدس بالمدنس في انسجام وهدنة أبدية، نتوقف هنا عند الطريقة السريعة لسجود خال البطل وهو ينقر الأرض كنقرات الديك ولما انتهى من الصلاة قام ليسأل عن السبسي والمطوي (أدوات تستخدم لتدخين مسحوق مخدر القنب الهندي). انظر صفحة 84.
وفي لحظة قُبلة عابرة في الشارع العام، تقترح علينا الرواية مشهدا يعتبر في عرف الواقع مخلا بالحياء عندما يشتد شبق كلاي لقُبلة صديقته كاتي له، لينتصب عموده التناسلي مُشيِّدا خيمة كبيرة على سرواله في استغلال سافر للمِلك العمومي، خيمة أثارت فضول المغاربة، الذين لا يمكن أن تمر عليهم مثل هذه الصور دون أن يلتقطوها. إنها ثقافة الفضول والاكتشاف المرتبطة بأخلاقيات العيب والعار، بعكس العقلية الأوربية التي عاشها كلاي من قبل في ألمانيا.
إن استدعاء عنصر السخرية في الرواية يمنح النص قدرة هائلة على تطويع رغبة القارئ للتماهي مع النص، بل سيجد نفسه في كثير من اللقطات، من خلال رمزيتها وإحالاتها، متّهما رئيسيا بأحداثها، بما يشبه واقعة التلصص على خيمة خلاي.
– في الثلث الأخير من الرواية، عادة ما تُقرأ بشغف كبير، وبسرعة جنونية تريد أن تصل إلى النهاية مع ازدياد وتيرة التشويق فيها، لكن مع كلاي الأمر مختلف، كلما اتجهت نحو النهاية تتمنى لو طالت تفاصيلها أكثر، وكأنك في وضعية تذوق لوجبة لذيذة لا تريد لفصولها أن تنتهي !

5 – غواية الجنس مقابل المال

في الفصل الثامن عشر، تصوير لسقوط الإنسان في حمأة الجنس خارج نطاق الحب لحاجته إلى المال عندما يصبح كلاي عامل جنس. «كلاي» مع «إيلينا» التي اتهمته باغتصابها فيما بعد، ستحوله إلى أجير متعة لديها شهورا مقابل المال الذي تعطيه إياه، بينما زوجته «باربارا» تعاني من غيابه على سريرها مما جعله يلفق الأكاذيب عندما بدأت تراودها الشكوك. سيهجر «إيلينا» التي لم يعجبها الهجر. سيتخاصمان وترتفع أصواتهما لينتقل الموقف إلى الضرب والعنف، فتتدخل الشرطة ويحكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهم منها العنف والاغتصاب.
بعد دخوله السجن، الذي يشبه فندقا في ألمانيا، في مشهد يرسخ جاهزية الشخصية النكوصية المعقدة للسجن والجريمة والعنف والتوحش. وهناك سينخرط في العنف والعنف المضاد، وبالنهاية سيوقِّع التزاما للخروج من السجن ينص على أن يغادر ألمانيا إلى الأبد، فيعود إلى المغرب من جديد.
-تقدم الرواية شخصية كلاي بسمات تتلخص في أنه متمرد لا يلين، أسود مفتول، رياضي ملاكم مقاتل عنيف، يمارس الجنس بقوة، لا يقبل الأعمال المذلة ، يحاور بعضلاته ولكماته بشكل جيد، وساهمت الشروخ الذاتية والموضوعية للوسط في تدميره. وكمفارقة فإن اسمه الحقيقي «عادل» يحيل على محاولات الكائن لتطبيق العدالة بيده في وسط أمني فوضوي تنعدم فيه سلطة القانون، تتحكم فيه نتائج حتمية وليدة سياسات وتوجهات وهندسة اجتماعية معينة وسلوكيات وظروف قاسية وظواهر مربكة. عادل «كلاي»، بعد تهجيره مرة أخرى إلى مدينة التهميش والحرمان والعنف وفوضى الشوارع سيندفع تلقائيا إلى اقتراف الإدمان والتحول إلى إنسان عنيف يضرب أخته وأمه لأن هذه الأخيرة، في تقديره، كانت سبب المشاكل كلها برحيلها من ألمانيا وعودتها إلى المغرب لينخرط، بالموازاة مع ذلك، في سلسلة جرائم واغتصابات لنساء من كل الأعمار وفي أي وقت، في كل الأمكنة، آخرها اختطاف واغتصاب وقتل طفلة في ربيعها الرابع لينتهي به المطاف إلى مقصلة الإعدام.
لقد برهن الكاتب الروائي المغربي أحمد الكبيري في روايته «كلاي» على إيقاع سردي يزخر بالتنوع من حيث اللغة، واستثمار المثيرات الحيوية وسلطتها النفسية وتأثيرها على الشخوص، والاشتغال على اللقطات بحرفية مخرج سينمائي، والتوصيف الجمالي للجسد والفضاء والأوقات والمشاعر، والتوليد الحكائي بما أتاح لكل الشخصيات مشاركة منسجمة في شبكة العلاقات مع الشخصية المركزية في الرواية. ليس هناك شيء خارج النص. الأمر الذي سيعتقل القارئ من البداية وبمجرد ما أن يستطلع بداياتها سيتوغل في أعماقها، محكوما بأسئلتها وإحالاتها وقصصها وتداخل عوالمها الجمالية والفنية إلى ما بعد النهاية الرمزية للبطل، وبما يحمله الحكم عليه بالإعدام من موت الضمير والهوية والتاريخ والانتماء للوطن، وموت الحاضر والمستقبل وإنسانية الإنسان، الإنسان المغربي الراهن على وجه خاص.


الكاتب : محمد غزلي

  

بتاريخ : 29/03/2019