المفارقة العقارية: 2 مليون وحدة سكنية غير مسكونة مقابل عجز بنصف مليون وحدة.. في بلدان أخرى تفرض الضرائب على الشقق غير المسكونة لتحفيز استغلالها

 

بينما يقدر العجز السكني في المغرب بنحو نصف مليون وحدة سكنية، يقدر عدد الوحدات السكنية الغير مستغلة بنحو 2 مليون وحدة. وتشير دراسة للمندوبية السامية للتخطيط أن عدد الوحدات السكنية غير المأهولة ارتفع من 818 ألف وحدة في إحصاء 2004 إلى 1.79 مليون وحدة في إحصاء 2014، أي بزيادة أكثر من الضعف. وتشير الدراسة إلى أن 1.56 مليون وحدة الغير مسكونة توجد في المجال الحضري. كما أشارت الدراسة إلى أن الشقق في عمارات سكنية تشكل نسبة 41 في المائة من العدد الإجمالي للوحدات السكنية غير المستغلة.
وتبرز هذه الأرقام إحدى المفارقات الكبيرة التي يعيشها القطاع العقاري المغربي. ففي مقابل عجز سكني مزمن يقدر بنحو نصف مليون وحدة، دون احتساب الطلب الإضافي الذي يتولد كل عام عن نمو شرائح الطلب، خاصة تشكيل أسر جديدة أو ولوج أشخاص جدد للشغل والتوظيف، يوجد عدد من الوحدات السكنية خارج المعروض في السوق يناهز ثلاث أضعاف هذا العجز.
وتتعدد أسباب سحب هذه الوحدات من العرض المطروح في السوق، فجزء منها في ملكية مغاربة مقيمين بالخارج، استثمروا في شقق وعقارات في الوطن الأم، وبطبيعة الحال فهي مغلقة خلال تواجدهم خارج الوطن. لكن هناك أيضا عمليات المضاربة، إضافة إلى العديد من الأسباب والاعتبارات الأخرى، منها ما هو سيكولوجي مرتبط بالتخوف من المشاكل المرتبطة بالإيجار.
في الفترة الأخيرة اتخذت الحكومة عدة إجراءات لتجاوز هذه المخاوف، وتحفيز المالكين على عرض شققهم الفارغة للإيجار، من خلال تسهيلات ضريبية، إضافة إلى تدابير توفر لهم ضمانات أكبر.
غير أن سياق صدور هذه التدابير والتحفيزات ارتبط بشريحة معينة من المستثمرين العقاريين، والتي ظهرت أخيرا في السوق الوطنية، والمتمثلة في صناديق التوظيف المشترك في الأصول العقارية. وتستثمر هذه الصناديق في ممتلكات عقارية بهدف عرضها للإيجار. إلا أن نشاطها الأساسي يتجه إلى الاستثمار في العقار المهني (الصناعي والمكتبي) بشكل خاص، وعرضيا في الإقامات السكنية.
غير أن ظاهرة الشقق الشاغرة ليست خاصة بالمغرب، وتوجد العديد من التجارب الدولية التي تعاملت مع هذه الظاهرة بهدف التخفيف منها.
ففي فرنسا وضع نظام جبائي خاص بهذه الفئة من العقارات. وينطلق من تحديد العقار الشاغر بكونه عقار سكني غير مأهول لمدة تفوق السنة، أو أنه يستغل خلال السنة لمدة تقل عن ثلاثة أشهر. ويفرض على هذه العقارات رسم بنسبة 12.5 من القيمة الإيجارية للعقار خلال العام الأول، وبنسبة 25 في المائة خلال العام الثاني. كما حدد القانون مجال تطبيق هذه الرسوم في الجماعات المكتظة، التي تناهز ساكنتها 500 ألف نسمة، والتي تعرف ضغطا ملحوظا من حيث مستوى العجز السكني, وتصدر الحكومة بمرسوم لائحة محينة للجماعات التي يطبق فيها هذا الرسم.
وللإشارة فإن هذا التدبير من خلال تحديد حد أدنى للإقامة السنوية في العقار المعني، ثلاثة أشهر بالنسبة لفرنسا، فإنه استثنى الممتلكات الشبيهة بشقق مغاربة العالم الذين لا يقضون سوى أيام العطل في شققهم بالمغرب.
وبخصوص رصيد الوحدات السكنية المعنية، فتشير دراسة المندوبية السامية للتخطيط إلى أن 23.1 في المائة منها، أي 413 ألف وحدة سكنية توجد في جهة الدار البيضاء سطات وحدها، منها 377 ألف وحدة سكنية في الوسط الحضري. تليها جهة طنجة تطوان الحسيمة بحصة 15.6 في المائة، ثم الرباط سلا القنيطرة بحصة 11.8 في المائة، وجهة فاس مكناس بحصة 11 في المائة، ومراكش آسفي بحصة 10.8 في المائة، فجهة سوس ماسة بحصة 9.5 في المائة، والجهة الشرقية بحصة 8.5 بالمائة.


الكاتب : مواسي لحسن

  

بتاريخ : 02/04/2019

أخبار مرتبطة

كشفت الأرقام الصادمة التي جاء بها التقرير الفصلي حول سوق الشغل، الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط أمس، عن فشل ذريع

الشاحنات المغربية تتوافد على الكركارات بعدما تراجعت رسوم العبور من 46 إلى 26 ألف درهم   أكد مهنيو النقل الطرقي

يشير عالم الزراعة وولتاو تاديسي ديغو باعتزاز إلى «سنابل قمح جميلة» تغطي حقلا لاختبار بذور مقاومة للجفاف في المغرب تمثل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *