في نسخة مسبقة من تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية : الأمين العام للأمم المتحدة يكرس مسار المائدتين المستديرتين من أجل المضي قدما نحو حل سياسي للنزاع المفتعل

 يبرز استثمارات المغرب في أقاليمه الجنوبية والهدوء والاستقرار اللذين يسودان في الصحراء المغربية

سلط الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في نسخة مسبقة من تقريره إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، الضوء على المناقشات المعمقة بين المغرب والجزائر وموريتانيا و «البوليساريو» خلال الاجتماعين الأول والثاني للمائدة المستديرة في جنيف حول سبل التوصل إلى حل سياسي وواقعي وعملي ومستدام يقوم على التوافق طبقا لقرار مجلس الأمن 2440.
وأكد غوتيريس في هذه الوثيقة على الروح الإيجابية والمناخ البناء والاحترام الذي تميزت به المائدتان المستديرتان في جنيف بحضور الأطراف المعنية كاملة، طيلة الاجتماعات (المغرب، الجزائر، البوليساريو وموريتانيا).
وذكر أمين عام الأمم المتحدة أن المائدتين المستديرتين اللتين عقدتا في جنيف جمعتا مشاركين بآراء متباينة من أجل الاتفاق على سبيل جديد عبر الحوار.
ومن هذا المنطلق، أكد الأمين العام على أهمية مسار اجتماعات المائدة المستديرة، ورحب بموافقة جميع الوفود على مواصلة هذه العملية والالتقاء مجددا بنفس الصيغة، داعيا كافة الأطراف إلى مواصلة السعي الى التوافق.
ولم ترد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة أي إشارة إلى مخططات متجاوزة، غير قابلة للتنفيذ، وغير واقعية، وتم إقبارها نهائيا من قبل الأمم المتحدة. وهو بذلك يكرس الحل السياسي الواقعي والعملي والمستدام القائم على التوافق، باعتباره السبيل الوحيد لإيجاد تسوية للنزاع حول الصحراء المغربية. وتنطبق هذه المصطلحات بوضوح على المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي أقر مجلس الأمن أولويتها وجديتها ومصداقيتها في جميع قراراته الصادرة منذ سنة 2007.
كما أكد التقرير أن الحل السياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية سيعود بالنفع على المنطقة برمتها، والتي تتحمل مسؤولية خاصة في هذا الصدد.
كما أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أعضاء المجلس أن المغرب يواصل الاستثمار في الصحراء المغربية، مشددا على أن الساكنة المحلية تستفيد بشكل مباشر من هذه الاستثمارات وتتم استشارتها بشأنها.
وأبرز غوتيريس، في هذا التقرير، الهدوء والاستقرار اللذين يسودان في الصحراء المغربية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الكبيرة التي يقوم بها المغرب في أقاليمه الجنوبية أثارت إعجاب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، هورست كوهلر، خلال زيارته في يوليوز 2018 لمدن العيون والداخلة والسمارة، كما ورد ذلك في التقرير السابق للأمين العام في أكتوبر 2018.
ويقر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بالجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في منطقة الصحراء، في إطار النموذج التنموي الجديد المرتكز على التنمية المستدامة وتشغيل الشباب.
وتشهد هذه المنطقة، التي لم تكن تحظى بأي تنمية اقتصادية قبل عودتها للوطن الأم سنة 1975، إنجاز مشاريع ضخمة بفضل استثمارات عمومية تقدر بـ8 مليارات دولار، وتشمل هذه المشاريع جميع المجالات لاسيما البنى التحتية والصناعة والخدمات والزراعة والصحة والتربية والسياحة والنهوض بالثقافة الحسانية.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، كذلك، إلى قراري البرلمان الأوروبي المعتمدين في 16 يناير و12 فبراير 2019، واللذين وافق من خلالهما على توسيع تنفيذ الاتفاق الفلاحي واتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ليشمل الصحراء المغربية.
وأورد الأمين العام، في هذا الصدد، فحوى رسالة المغرب بشأن اعتماد هذين القرارين، والذي يشكل تتويجا لمسلسل مفاوضات مع الممثلين الشرعيين لساكنة الصحراء المغربية.
وتكرس الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بهذا الاعتراف، جهود المغرب من أجل تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية لأقاليمه الجنوبية.
وفي سياق متصل، أكدت النسخة المسبقة للتقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة المقدم إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، مجددا، أن «البوليساريو» يمعن في انتهاك الاتفاقات العسكرية وقرارات مجلس الأمن، وكذا حرية تنقل المراقبين العسكريين التابعين لبعثة المينورسو.
وشجب تقرير الأمين العام قيام «البوليساريو»، على الخصوص، بأعمال البناء شرق منظومة الدفاع، التي تشكل انتهاكات للاتفاق العسكري رقم 1 ولقراري مجلس الأمن رقم 2414 و2440.
وكان هذان القراران، اللذان تم اعتمادهما، على التوالي، في شهري أبريل وأكتوبر 2018، أمرا «البوليساريو» بمغادرة المنطقة العازلة بالكركرات على الفور وعدم تشييد أو نقل أي مبنى أو بنية إلى شرق منظومة الدفاع في الصحراء المغربية.
كما أبلغ الأمين العام أعضاء مجلس الأمن، لأول مرة، بأن صور الأقمار الصناعية التي قدمها المغرب للأمم المتحدة مكنت بعثة المينورسو من رصد وتأكيد انتهاكات جديدة، لاسيما تشييد مباني مختلفة شرق منظومة الدفاع، في انتهاك صارخ للقرارين 2414 و2440.
وحذر غوتيريس أيضا «البوليساريو» من الخطر الكبير، الذي تمثله التوترات في المنطقة، والتي أثارتها المناورات العسكرية للانفصاليين في المنطقة العازلة في الصحراء المغربية.
كما سلط الأمين العام للأمم المتحدة الضوء على المظاهرات والاحتجاجات التي تعيشها مخيمات تندوف في الجزائر، بمشاركة مئات الأشخاص من ساكنة هذه المخيمات.
وأفاد تقرير غوتيريس بأنه تم تنظيم عدة مظاهرات ضد قيادة « البوليساريو»، بما في ذلك تلك التي تطالب بالكشف عن ملابسات قضية خليل أحمد، الذي اختفى في الجزائر منذ سنة 2009، فضلا عن القيود المفروضة على حيازة الممتلكات.
من جهة أخرى، دق الأمين العام للأمم المتحدة ناقوس الخطر حيال الوضع الإنساني المؤسف في مخيمات تندوف.
كما أمر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس «البوليساريو «باستقبال موظفي بعثة المينورسو في منطقة الرابوني بالجزائر، وليس شرق منظومة الدفاع في الصحراء المغربية».
وأفاد غوتيريس، في هذا التقرير، بأن الاجتماعات بين قادة «البوليساريو» والمينورسو لم تستأنف في الرابوني بالجزائر وفقا للممارسة المعمول بها منذ إحداث البعثة، معربا عن الأسف لكون طلبه السابق بهذا الشأن لم يتم احترامه من قبل «البوليساريو».
وأمر الأمين العام، في التوصيات الواردة في تقريره إلى مجلس الأمن، «البوليساريو» باحترام الممارسة الجاري بها العمل منذ سنة 1991 بعقد اجتماعات مع موظفي البعثة في مخيمات تندوف بالجزائر.
وبتبنيه لهذا الموقف الصريح والحازم الذي لا لبس فيه، يقوض الأمين العام للأمم المتحدة الادعاءات الكاذبة لـ»البوليساريو» بشأن السيطرة المزعومة شرق منظومة الدفاع في الصحراء المغربية.
كما يشهد غوتيريس أعضاء مجلس الأمن على الابتزاز غير المقبول والمناورات المرفوضة لـ»البوليساريو» إزاء المكونين المدني والعسكري للمينورسو وكذلك المجتمع الدولي.
وأبرز الأمين العام للأمم المتحدة، اليد الممدودة من قبل جلالة الملك محمد السادس للجزائر في الخطاب الملكي لـ6 نونبر 2018 بمناسبة الذكرى الـ43 للمسيرة الخضراء، مؤكدا، في هذا التقرير، أن جلالة الملك كان قد دعا إلى الوحدة المغاربية باقتراح جلالته «إحداث آلية سياسية مشتركة للحوار والتشاور» بين المغرب والجزائر «دون شروط أو استثناءات وبأجندة مفتوحة»، وهي مبادرة تعكس رغبة المملكة في المضي قدما إلى الأمام وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع بلد جار.
وأضاف التقرير أن جلالة الملك شدد، في الخطاب نفسه، على عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وهي خطوة تجسد رؤية جلالته لتنمية إفريقيا ووحدتها وتعزيز أواصر الأخوة والصداقة التي تربط المغرب ببلدان القارة.
كما أكد جلالة الملك في خطابه السامي على «المبادئ والمرجعيات الثابتة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي، والتي حددناها في خطابنا بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء. وهي نفس المرجعيات التي تؤسس لعملنا إلى اليوم».
وأبرز تقرير الأمين العام للأمم المتحدة التزام المغرب، الذي عبر عنه جلالة الملك محمد السادس، في الخطاب الملكي لـ6 نونبر 2018، بالتعاون بحسن نية مع الأمين العام ومبعوثه الشخصي، قصد إرساء مسار سياسي جاد وذي مصداقية، مع الاستفادة من دروس وتجارب الماضي.
وأشار تقرير الأمين العام إلى أن جلالة الملك جدد التزام المغرب بالمسار السياسي، وأشاد بجهود المبعوث الشخصي لعقد المائدة المستديرة الأولى، بمشاركة المغرب والجزائر، على الخصوص.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، أكد لمبعوثه الخاص للصحراء دعمه لجهود الأمم المتحدة لتسوية هذا النزاع.
وأشار التقرير إلى أن فقي أطلع المبعوث الشخصي هورست كوهلر بشأن الآلية التي تم وضعها خلال قمة الاتحاد الإفريقي في نواكشوط في يوليوز 2018. وتمت بلورة هذه الآلية في صيغة «ترويكا» تتألف من الرؤساء المنتهية ولايته والمقبل والحالي وكذا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بموجب القرار 693، بهدف «تقديم دعم فعال لجهود الأمم المتحدة». وهو ما يكرس الرعاية الحصرية للأمم المتحدة للعملية السياسية حول الصحراء المغربية.


بتاريخ : 04/04/2019