في حوار مع مسعد متولي منتج فيلمي « العار» و«الكيف» وأفلام مصرية أخرى: انسحبت من السينما بسبب أجوائها وهربا من إغراءات نجماتها

في مقهى ” جروبي” الشهير وسط القاهرة، الذي يعد من أقدم المقاهي التي افتتحت في بداية القرن 19، إذ يعود افتتاح المقهى لسنة 1909 على يد السويسري جياكومو جروبى ( 1863 – 1947 )، قدم نحونا شاب ليطلب من صديقي أيمن بدرة الصحفي ورئيس القسم الرياضي بجريدة “أخبار اليوم” المصرية، تلبية دعوة والده في محل تجاري بالجوار، وكان رفقتنا علاء عزت الصحفي ب”الأهرام” ومجلة “الأهلي”.
لم يكن والد الشاب سوى الحاج مسعد متولي المنتج السينمائي الشهير في الوسط الفني المصري والعربي. تناولنا كؤوس شاي في ضيافته. ونحن نودعه، قررت العودة مجددا لرؤيته والتحاور معه بخصوص أفلامه التي قام بإنتاجها خاصة فيلمي “العار” و “الكيف”، ومعرفة السبب في انسحابه من مجال الفن، فكان أن تم الأمر بعد يومين وكان الحوار التالي:

 

p بعد مسار طويل في الفن، ما علاقتكم اليوم بالإنتاج السينمائي؟
n أولا، نرحب بجريدة “الاتحاد الاشتراكي” ونشكرها على الاهتمام بنا. اليوم أعيش بعيدا عن إنتاج الأفلام، لكني محافظ بشكل قوي على علاقات الصداقة التي تجمعني بعدد كبير من نجوم السينما المصرية، حيث لازلت ألتقي بأصحابي الفنانين وأتبادل الزيارات معهم وكذا الاتصالات الهاتفية. انسحبت من مجال الفن رغم أني حققت مكاسب وأرباحا مالية لا يمكن أن أنكر ذلك، وانسحابي كانت له مسبباته وظروفه.

p هل ممكن أن تطلعنا على هذه الأسباب؟
n أولا، يجب أن أذكر أني ولجت عالم الإنتاج لسينمائي عشقا في الفن، وتلبية لرغبة مجموعة من أصدقائي الفنانين وفي مقدمتهم المخرج الكبير علي عبد الخالق، وكانت رغبتي في تقديم الدعم حتى ننتج أفلاما تترك بصمتها في التاريخ السينمائي، وهو الأمر الذي حدث بالفعل، وكنت سعيدا بنجاح الأفلام التي أنتجتها وأبرزها فيلمي” العار” و” الكيف “. للأسف، لم أستطع مواصلة الاشتغال في هذا المجال بسبب تخوفي من الوقوع فريسة لإغراء مجموعة من الفنانات الجميلات اللواتي قدمن أدوارا في أفلامي. ولا أخفي هنا سرا وأنا أستحضر مثلا فيلم ” العار ” و كيف تفاجأت بفنانة كبيرة وهي تطلب مني الزواج بها. في تلك الفترة، ويجب أن أذكر هذا الأمر، لم تكن الفنانات تتهافتن على طلب الزواج لوسامة الرجل أو جماله، بقدر ما كان السبب يرتبط أساسا بوضعه الاجتماعي والمالي وسط المجتمع. وأجزم القول أن ” معاكسة ” المنتجين في تلك الفترة كان أمرا معروفا وظاهرة يلاحظها كل المشتغلين في السينما من منتجين ومخرجين، فتجنب الوقوع في حب وعشق نجمات السينما كان صعبا، وأنا كنت أحب زوجتي و أبنائي السبعة، ولم يكن من الممكن أن أتخلى عنهم لرغبة ذاتية، لذلك قررت الانسحاب والابتعاد.
p هل لازالت هناك اتصالات بينك وتلك الفنانة المعتزلة الآن؟
n أكيد هي من أعز الصديقات المحترمات وتربطني بها علاقة صداقة و احترام، ونتبادل في عدة مناسبات مكالمات هاتفية.
p هل من مقارنة بين سينما الثمانينيات التي اشتغلت فيها منتجا وسينما اليوم خاصة على مستوى النجوم والممثلين؟
n لا مجال للمقارنة، وأعتذر عن قول هذه الحقيقة. في الثمانينيات كانت السينما المصرية تعج بعمالقة التمثيل، من أمثال نور الشريف، محمود عبد العزيز وغيرهما من كبار النجوم، اليوم الممثل يكتفي بتشخيص دوره بدون إحساس وبدون ثقافة التمثيل ولا يهمه سوى المكسب المالي. نجوم الثمانينيات كانوا يعشقون السينما، وأتذكر أن أجورهم لم تكن عالية بالمقارنة مع أجور ممثلي اليوم، فنجوم من قيمة نور الشريف مثلا، أو محمود عبد العزيز، لم يكن أجرهم عن الفيلم يتجاوز خمسة آلاف جنيه، اليوم لا يقل عن مليون أو مليوني جنيه. كان الزمن جميلا بالفعل. كنا نحب العمل في السينما وكان حلمنا أن الفيلم ينجح ويخلد في الذاكرة وهذا ما حصل مثلا مع فيلمي ” العار” و”الكيف ” والذين لا يزال الناس يشاهدونهما بإعجاب وبانبهار.

p من من الفنانين الذين كنت تفضلهم وتحب العمل معهم؟
n في الحقيقة، كانت تربطني علاقات ود مع مجموعة من الفنانين، كنا أصدقاء ونلتقي كل يوم تقريبا. منهم المرحوم صلاح قابيل، المرحوم الحسين الشربيني، ابراهيم سعفان رحمة الله عليه، شكري سرحان وابراهيم الشامي رحمهما الله، كنا ” شلة ” واحدة يجمعنا الحب والاحترام والتقدير، إلى جانب طبعا حسين فهمي ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، وكان ينضم لنا من فترة لأخرى عادل إمام. من المخرجين، كان أقرب صديق المخرج علي عبد الخالق، ومن الكتاب محمود أبو زيد.

p بعد اعتزالك الفن، ركزت على الرياضة، كيف؟
n أنا في الرياضة قبل أن ألج مجال الفن، انخرطت في النادي الأهلي سنة 1961، ومنذ ذلك الحين وأنا حاضر مع الأهلي أدعمه بمالي، وحتى لو صرفت كل أموالي عليه سأكون سعيدا. عشت في الأهلي محبا ومدعما ولم أفكر في يوم من الأيام في الترشح لعضوية مجلس إدارته. وياما عرض علي صديقي صالح سليم ، الرئيس التاريخي للأهلي، رحمة الله عليه الانضمام لمجلس الإدارة، لكني كنت أرفض وأرد عليه أنا وأموالي رهن إشارة الأهلي بدون تحمل أي مسؤولية.


الكاتب : القاهرة: حوار عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 11/04/2019