مولاي حفيظ العلمي و رقية الدرهم يستعرضان بمراكش أهم تحديات التجارة الداخلية

 

«مازال قطاع التجارة يُعاني من عدة عراقيل تَحُدُّ من قدرته على رفع الرهانات التي يطرحها انفتاح الأسواق، وعلى مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، وذلك نتيجة عدم وضوح الرؤية وتعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات البنيوية التي انْعَكَسَت سلبا على فئات واسعة من التجار والمهنيين.» ذلك ما أكده مولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، يوم الأربعاء 24 أبريل الجاري ، في كلمته أمام المشاركين في المنتدى المغربي للتجارة الذي نظمته بمراكش الوزارة المذكورة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك.
العلمي أوضح أيضا، أن إشكالات القطاع التجاري تزداد تعقدا بفعل الإكراهات التي تَعْتَري سَلاسِل التوزيع، وانتشار القطاع غير المهيكل، وغياب التغطية الاجتماعية للتجار، وصعوبة الحصول على التمويل الأنْسَب لحاجيات القطاع، ونقص الكفاءات المهنية، وتَعدُّد الوُسطاء، وغياب التنظيم الـمَجالي للأنشطة التجارية، وضُعف تنافسية تجارة القرب مقارَنةً مع باقي الأنماط التجارية العصرية، وظهور أنماط تجارية جديدة أثَّرت على التجارة التقليدية وعلى صغار التجار بشكل خاص،وضعف الارتكاز بين منظومتي التجارة الداخلية والخارجية.
و أضاف أنه من الضروري إعداد استراتيجية شاملة لتأطير ومواكبة نمو هذا القطاع، استجابةً لحاجيات الفاعلين الاقتصاديين، وخصوصا التجار منهم، وذلك على غرار باقي القطاعات الأساسية في بلادنا، معترفا بأنه بالرغم من إخراج العديد من البرامج الموجهة الى القطاع، إلا أنها ظلت محدودة التأثير ولم يستشعر وجودها أغلبية المهنيين والتجار. ولعل السبب الرئيسي في ذلك أن ملف التجارة لا يمكن مقاربته ببرنامج جزئي محدود، بلْ يَسْتَلْزِم مُقَارَبَةً شمولية ومنهجية تشاركية لتحقيق نقلة نوعية وتسجيل انْعِطافة حقيقية في مسار تطور القطاع.
و أشار العلمي إلى أن المناظرات الجهوية التي نظمتها وزارته مكنت من صياغة حوالي1303 توصيات، 20 بالمئة منها تهم وضع نظام ضريبي محفز للقطاع، و 19 بالمئة منها تتعلق بدعم تنافسية القطاع وتطوير برامج لدعمه ومواكبته، و 16 بالمئة تحث على تأهيل وعصرنة المرافق والتجهيزات التجارية. إضافة توصيات تخص تعميم التغطية الاجتماعية وهيكلة القطاع، و إيجاد حل للباعة المتجولين..
و أكد مولاي حفظ العلمي أن تنمية وعصرنة القطاع التجاري رَهينَانِ بمشاركة جميع الفعاليات، من إدارات وسلطات عمومية وطنية وجهوية وجماعات ترابية ومهنيين وجامعيين ومتخصصين، من أجل تفعيل المنظور الجديد على الوجه الأكمل في إطار تشاركي وتوافقي، وبالتزام كافة الأطراف المعنية، خدمةً لاقتصادنا الوطني.
و من جهتها، أبرزت رقية الدرهم كاتبة الدولة المكلفة بالتجارة الخارجية، خلال تدخلها في الجلسة العامة الثانية من المنتدى و التي ناقشت «التحديات الجديدة، كيف يمكن مواكبة التاجر كفاعل محوري في التنمية»، الأهمية القصوى التي يحظى بها القطاع التجاري، وأدواره الاجتماعية والاقتصادية، مستعرضة التحديات التي تواجه قطاع التجارة، كالمنافسة غير العادلة لصغار التجار من قبل المساحات الكبرى، ووضع القطاع غير المهيكل وأثره، والولوج للتمويل البنكي عبر القروض، وتعدد الوسطاء الأمر الذي يقلص من هامش ربح التجار لا سيما الصغار منهم، و التغطية الصحية، والتخطيط والتهيئة المعمارية للتجارة.
و أكدت رقية الدرهم في ذات السياق، أن النهوض بقطاع التجارة هو قبل كل شيء النهوض بالفاعل الأساسي فيه وهو التاجر، والذي تسعى الوزارة من خلال هذا اللقاء والمشاورات التي سبقته في جهات المملكة ال 12، (تسعى) إلى مواكبة التاجر في مسار وضع استراتيجية شاملة للتجارة، هذه المواكبة التي تشمل التكوين ورفع الأمية الوظيفية عن فئة مهمة من التجار، والرقمنة وعصرنة القطاع في أفق التزايد المضطرد في أساليب واستخدامات التجارة الالكترونية، المواكبة أيضا في تفعيل نظام التغطية الصحية الذي حث جلالة الملك في رسالته التي وجهها إلى  المحتفلين باليوم العالمي للصحة، على ضرورة إخراج القوانين التنظيمية لتفعيل هذا النظام.
مناقشات الجلسات العامة للمنتدى، أبرزت الحاجة الملحة لاعتماد استراتيجية متكاملة قابلة للتنفيذ وتحظى بإجماع كل المتدخلين لتأهيل قطاع التجارة، و تمكين التاجر، خاصة تجار القرب، من مواجهة التحديات التي يطرحها التطور الذي يعرفه القطاع بفعل تدخل التكنولوجيات الجديدة. وكما أوضح ذلك نبيل نوري، عن النقابة الوطنية للتجار والمهنيين، فالتاجرالصغير يعيش وضعا صعبا، جراء الحيف الذي لحقه، رغم الأدوار الذي قام بها منذ الاستقلال، إذ أنه يواجه المنافسة الشرسة للأسواق الكبرى التي دخلت إلى الدروب والأزقة ، و يشكو من حرمانه من التغطية الصحية، يُضاف إلى ذلك الثقل الضريبي ومشكل الباعة المتجولين..
وكشفت المعطيات التي قدمت خلال المنتدى المغربي للتجارة، الأهمية التي يقوم بها قطاع التجارة الداخلية في تنشط الدورة الاقتصادية، فقطاع التجارة الداخلية يُعَدُّ من أهم القطاعات على المستوى السوسيو اقتصادي الوطني، حيث يساهم في الناتج الداخلي الخام بنسبة 8 بالمئة، وذلك بقيمة مضافة بلغت 84 مليار درهم سنة 2017. وهو بذلك، يَـــتَـــبَــوَّأُ المرتبة الثانية من حيثُ عددُ مناصبِ الشغل على الصعيد الوطني، ويُــــمثِّلُ نسبة 13.8 بالمئة من الساكنة النشيطة بالمغرب، أي حوالي 1.46 مليون نَـــسَـــمَـــة، كما يُعتبرُ أولَ مُشغّلٍ بالمجال الحضري ب 1.16 مليون نَــــسَـــمَـــة، أي بنسبة 21.4 بالمئة من الساكنة النشيطة الحَــــضَرِيَّة.
و يضم القطاع التقليدي 800 ألف نقطة بيع، يشكل التجار الصغار 80 بالمئة منها، و أكثر من ألف سوق، و 38 سوقا للجملة، و أزيد من 2000 مستورد. في حين يضم القطاع العصري 575 من الأسواق الكبرى، 745 علامة تجارية، يُضاف إليه النمو المتزايد للتجارة الإلكترونية التي ارتفعت بنسبة 50 بالمئة سنة 2018. و تظهر الإحصائيات أن 12,5 بالمئة من المغاربة قاموا بمشتريات عن طريق الأنترنيت. مثلما تظهر الدراسات التي أنجزت في هذا الإطار أن التجارة الإلكترونية، تشكل توجها لدى الشباب، الذين يقتنون مستلزماتهم عن طريق الهواتف أو الحواسيب، مباشرة من الخارج. وهو ما يعني أن التاجر الصغير يعاني في نفس الوقت من منافسة من الأسواق الكبرى المحفزة من الخارج، و الباعة المتجولين والتجارة الإلكترونية التي غيرت كثيرا من العلاقة بين الزبون و التاجر.
يشكل المنتدى المغربي للتجارة الذي تميز بمشاركة ما يقارب 1000 مشارك وتنظيم حوالي ثلاثين أرضية للنقاش والحوار، فرصة لإثارة الإشكاليات الرئيسة، وسبل الإصلاح التي من شأنها أن تتيح للتجارة الوطنية التمكن من كامل مقوماتها،عبر مركزة الدور المحرك الذي يؤديه التاجر المغربي في قلب هذه الدينامية، بصفته فاعلا جوهريا في التنمية.


الكاتب : عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 26/04/2019

أخبار مرتبطة

كشفت الأرقام الصادمة التي جاء بها التقرير الفصلي حول سوق الشغل، الذي نشرته المندوبية السامية للتخطيط أمس، عن فشل ذريع

الشاحنات المغربية تتوافد على الكركارات بعدما تراجعت رسوم العبور من 46 إلى 26 ألف درهم   أكد مهنيو النقل الطرقي

يشير عالم الزراعة وولتاو تاديسي ديغو باعتزاز إلى «سنابل قمح جميلة» تغطي حقلا لاختبار بذور مقاومة للجفاف في المغرب تمثل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *