كتاب جديد لخالد فارس يعيد التفكير في الممارسة التربوية التعلمية : مدخل الى علم التدريس

اعتبر الدكتور عبد الرحمان طنكول كتاب « مدخل لعلم التدريس « للدكتور خالد فارس قيمة علمية ومعرفية مضافة سيدفع إلى إعادة التفكير ليس فقط في الممارسة التربوية التعلمية أوعلى صعيد مختلف البنى التي تقوم عليها ، وإنما أيضا على المستوى التصوري الإبستمولوجي والمنهجي
وأضاف الرئيس الأسبق لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، في تقديمه بمدرج مركز التكوينات والملتقيات مولاي سليمان الجمعة 19 أبريل 2019 خلال حفل توقيع الإصدار الجديد من سلسلة المعرفة التربوية  للدكتور خالد فارس المفتش العام المكلف بالشؤون التربوية بوز ارة التربية الوطنيةنظمته الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة فاس مكناس أن الكتاب يتوقفه عند مختلف المفاهيم المستعملة وتفكيكها يقدم جهدا هاما و يسهل للأستاذ المدرس أو المفتش أو الباحث عملية استيعاب الجهاز المفاهيمي الذي يرتكز على المستوى الإبستيمولوجيأي الجهاز المفاهيمي.
ويرىالعميد الأسبق لكلية الآداب – جامعة سيدي محمد بن عبد الله  بفاسأن هذه الظاهرة وإن كانت تعود إلى مبادرات فردية وأحيانا إلى مساهمة الجانب المؤسساتي فقد أخذت تساعد على ظهور الكثير من الدراساتالبحثية الجادة تنصب في مجملها على الثالوثالديداكتيكي المتعلم المعرفة والأستاذ محاولة أن تجد حلولا لمختلف المعضلات التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي
المتحدث ذاته قام بتشخيص دقيق لهذه الدراسات مقدما نماذج منها اهتمت بموضوع البيداغوجيا بمختلف طرائقها ورهاناتهاكما نجد عند عدد من الأساتذة الأكاديميين موسى الشامي عبد الحق منصف الغالي أحرشاو الخمار العلميوهي دراسات كان لها دور كبير في اقتراح و بناء تصور جديد . لأن مشكل البحث في المغرب يضيف ذ طنكولهو عدم التمكن من استيعاب الأجهزة المفاهيميةخاصة في مجال حساس واستراتيجي مثل التربية والتعليم
وفي تشخيصه للكتاب أكد ذ طنكول حرص المؤلف انطلاقا من بداية الكتاب الى نهايته على بناء المستوى الإبستسمولوجي،اذ كل المفاهيم بجميع معانيها ودلالاتها وأبعادها حرص المؤلف على تقديمها والإحالة على مراجعها . مبديا أسفه لإقدام بعض الأطاريح على نشر 20 صفحة للمراجع أغلبها غير مقروء وغير موظف ،مبرزا أن المراجع التي لا توظف في بناء الأطروحة لا تفيد وهو ما نلاحظه في كتاب خالد فارس حيث أن المراجع الهامة جدا هي المشار إليها في الكتاب، ولا داعي لإغراق الكتاب بالمراجع يضيف المتحدث
وحول أهمية البناء المنهجي في الكتاب سجل رئيس تحرير مجلة اتحاد كتاب المغرب “آفاق” سابقا التسلسل الوارد في تقديم الأفكار مما هو قليل الأهمية، إلى ما هو في مستويات عليا من الأهمية في بناء ابستيمولوجي وبناء ميتودولوجيمحكم ،وهو ما يؤكد أن الباحث يقدم المادة المعرفية بطريقة محكمة لا تقتصر على تسيهل تمكن القارئ منها فحسب ، بل و نقلها وتقاسمها أيضا ،مؤكدا أن هناك منهج صارم واضح المعالم وأهدافه هو أن يستوعب القارئ العمليةوبإمكانه أن يوظفها في معرفته أو تدريسه. و هو التصور الذي ينبغي ان تكون عليه الممارسة التعليمية التعلمية أي الحرص على جعل المعرفة أداة تطبيقية ، ذلك أن غياب البحث التطبيقي في مقابل وجود بحث أساسي نظري، هو ما يعاب على أصحاب العلوم الاجتماعية يقول ذطنكول.
ورغم انشغالات المؤلف الإدارية فقد بقى وفيا للممارسة التربوية والبحث فيها وهو نموذج لما ينبغي أن يكون عليه المسؤول الإداري الذي يقدم النموذج ويحفز الهمم و يجعلنا نخرج من الخطاب الديماغوجي أو الخطاب الأيديولوجي حول التعليم لنتعامل معه كعلم ايبستيمي . وهذا يحيلنا يضيف ذ طنكولعلى مسؤولية أكبر ويجعلنا في خدمة هذا المجال الاستراتيجي الذي في غياب العناية به، لا يمكن أن نبني مجتمعا حضاريا كفيلا برفع كل التحديات الجيوستراتيجية. وهي تحديات عويصة وكبيرة وفي المستقبل ستزداد أكثر حدة . وتأسف كون أغلب المقارباتلاتتعامل مع التعليم كعلم ، بل تتعامل معه كمادة ، وهذا تبخيس له يضبفطنكول متسائلا ،فإلى متى نبخس للتعليم علميته؟وختم بالدعوة إلى ترجمة الكتاب إلى اللغات الفرنسية والانجليزية ..، وقد يفيد على جميع المستويات حتى داخل داخل الجامعة المغربية شاكرا مدير الأكاديمية والكاتب العامفاسحا المجال للدكتور خالد فارس لتقديم عرض مقتضب حول مؤلفه.
وفي معرض تعقيب الدكتور خالد فارس على مداخلات زملائه وأساتذته اعتبر الكتاب مساهمة متواضعة من أجل الاشتغال على أمر كان يؤرقه ، كيف سيضع أداة مبسطة في متناول المدرس والمدرسة ،وكل مهتم تربوي وهو يعي بما يمارس ، موضحا أن العملية التربوية والفعل التدريسي ليس محايدا بل ممارسة تتداخل في أشياء كثيرة منهاج مكتوب ،منهاج منطوق، منهاج مطبق منهاج ضمني عند المدرس وعند المتعلم مضيفا في ذات السياق ،إذ كلما وعى المدرس بما يمارس ، كلما استطاع أن يصل إلى الأهداف المرسومة وهو على علم وعلى دراية بالمسارات وبالنتائج المتحققة ، وكلما كان ناقلا بشكل ميكانيكي فهو مدرس مقلد نمطي ميكانيكي والمتعلم سيتجاوزه وسيتحداه ويحلل الوضعية المشكلة .ونبه إلى الانفصام الحاصل بقوله من العيب أن يكون المدرس لم يخرج من بيداغوجيا الأهداف، ويطالب المتعلم أن يشتغل بمقاربة بالكفايات مضيفا أن هذا الانفصام غير مقبول في هذه اللحظة الزمنية ،لأن الفعل التربوي والتعليمي يحتاج إلى العقلنة والتدبر كما يحتاج إلى تحليل المكونات الخفية والمتلبسة وهي التي أشار إليها المؤلف في المداخل الخمسة
وفيما يتعلق بالممارسة التعليمية التعلمية أوضح فارس أنها تتم بشكل مندمج مع علوم لها أسسها ولها نظرياتها ، وبما أننا نشتغل في الحقل التربوي هناك فرق بين العلوم الحقة والظاهرة الإنسانية .
وحول التوصيف العلمي للكتاب، أوضح الدكتور خالد فارس أن هناك مجموعة من الشروط إذا اجتمعت في الفعل التربوي، تمنحه صفة العلمية. مضيفا أنه عندما تتوفر مجموعة من الشروط كأن يكون عندنا إطار نظري ممثل في الرؤية الاستراتيجية ، وكذلك الاختيارات الكبرى المؤطرة للمناهج المغربية ، عندما تكون لدينا أطر مرجعية تحدد ماهي الجوانب التي يجب الاعتماد عليها سواء من حيث المقاربات أو من حيث أسئلة التصريف أو من حيث الوصول إلى أهداف معينة في نهاية الموسم الدراسي أو السن أو نهاية الدراسة ،عندما تكون عندنا عدة تنفيذية من كتاب مدرسي من توجيهات ومذكرات، عندنا ممارسة تنفيذية قابلة للمشاهدة وهو ما يقوم به المدرس ويراقبه المؤطر التربوي تكون عندنا نتائج قابلة للقياس بما يسمى بالمؤشرات
ويرى خالد فارس أن من العيب أن تكون الفنون و بعض الأنشطة قد صارت علما ، فيما التدريس الذي يبني الأجيال ، وهو آلية استراتيجية تحقق استقرار الدول وآفاقها المستقبلية لا ينشد أن يكون علما ، وقال أن كتابه ينسجم مع والوظائف الخمس للمدرسة كما حددتها الأمم المتحدة، البعد التربوي التنشيئي الحامل للتربية والثقافة ، البعد التعليمي التعلمي، البعد المتعلق بمنظومة القيم تقوم على الاختيار على الديمقراطية المواطنة والتسامح الانصاف المساواة ، أي كل القيم الكونية التي تمثل ما وصلت إليه الإنسانية من منتوج جميل يتبناه الذوق الإنساني الرفيع .


الكاتب : عزيز باكوش

  

بتاريخ : 09/05/2019