الوعاء العقاري أهم عقبة واجهت المشاريع الكبرى للدارالبيضاء ..وغياب التواصل جعل الشائعات تستأسد عل فضاءاتها

 

جل المشاريع الكبرى التي تندرج ضمن مخطط التنمة للدارالبيضاء شارفت على الانتهاء، ولكن مشاريع منها اعترضت وأخرت عملية إنجازها إكراهات مختلفة، على رأسها مشكل الوعاءات العقارية، هذه هي أهم خلاصة خرج بها اللقاء الذي نظمته لجنة قيادة مخطط تنمية الدارالبيضاء 2015/2020 ، وهو اللقاء الذي ترأسه الوزير المنتدب لدى وزير الداحلية نورالدين بوطيب، بغية تدارس سير الأشغال وتقييم إنجاز المشاريع التي تندرج ضمن هذا المخطط الذي وقعت بشأنه العديد من الاتفاقيات أمام الملك في شتنبر 2014.
اللقاء عرف مشاركة كل المعنيين بمخطط تنمية الدارالبيضاء، من وزارات مساهمة ومؤسسات بالإضافة مسؤولين من المدينة والجهة ، حيث سجل المجتمعون أن وتيرة أشغال البرامج المندرجة في إطار هذا المخطط تسير بوثيرة إيجابية ، رغم أن بعض البرامج عرفت تأخرا نظرا لإشكاليات مرتبطة بالوعاء العقاري ..كل التصريحات التي أعقبت هذا اللقاء ذهبت في هذا الاتجاه سواء على لسان وزراء أومسؤولين بالمدينة ، حيث قال بعضهم أن اللقاء كان مناسبة للوقوف على المشاريع التي اعترضت عملية إنجازها بعض الإكراهات ، خاصة المرتبطة بإنجاز المرافق العمومية، خصوصا في المناطق ناقصة التجهيز وهي المرافق التي يعترض عملية إنجازها في بعض الأحيان تعثرات معظمها مرتبط بالوعاءات العقارية، كما ذهبت التصريحات إلى أن اللقاء سجل بأن بعض المشاريع المندرجة ضمن المخطط، تم إنجازها في ظروف جيدة ووفق البرامج المسطرة لها، من بينها مشاريع ترتبط بالبنية التحتية للتنقل الحضري داخل المجال الحضري للدارالبيضاء، وجزء مهم من مشاريع التأهيل الاجتماعي لعدد من الأحياء ناقصة التجهيز وكذا مشاريع الكورنيش وحديقة الجامعة العربية وغيرها ..وقد تم خلال اللقاء الاتفاق على إيجاد حلول للمشاكل التي تعترض تحقيق الأهداف المسطرة ضمن الاتفاقيات المتخللة للبرنامج ككل..
المخطط التنموي للعاصمة الاقتصادية خصص له غلاف مالي بأكثر من 33 مليار درهم، وانطلق في سنة 2015 وتخللته عشرة اتفاقيات تهم إرساء نظام جديث للنقل العمومي بالعاصمة الاقتصادية، وتعزيز البنيات التحتية الطرقية وتحسين ظروف حركة المرور وتطوير البنية التحتية الرياضية والثقافية، وتمويل برنامج التسويق المجالي بالدارالبيضاء ووضع برنامج مندمج للتأهيل، مع إعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز وبناء المرافق العمومية التي تندرج في إطار عملية مكافحة أحياء الصفيح بالدارالبيضاء الكبرى ومواءمة تدبير خدمات توزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير السائل وصون وتثمين الثراث..
يعد هذا اللقاء من أهم اللقاءات التي عقدت بخصوص برنامج تنمية الدارالبيضاء ، منذ انطلاق البرنامج في 2015، حيث لم يسبق تقديم أي تقييم علني على الأقل بخصوص المراحل التي قطعتها الأشغال، والتعثرات التي تعترض بعضها، الأمر الذي جعل الأسئلة تتناسل حول مستقبل المخطط التنموي خاصة مع اقتراب سنة 2020 أي سنة انتهاء الأشغال، خصوصا مع الإخفاقات التي عانت منها معظم شركات التنمية التي قدمت على أنها الآلية التي ستعمل على تنفيذ تفاصيل هذا المخطط، الذي تريده الدولة أن يجعل من الدارالبيضاء عاصمة للمال والأعمال ، التساؤلا ستجد مبررا لها، عندما يرى البيضاوي أن عملية إعادة تأهيل بعض المناطق كدوار المكانسة وسيدي احمد بن الحسن لم تتم الى الآن، بسبب عدم تصفية العقارات التي ستنجز عليها المشاريع في المنطقة، وكذلك الشأن بالنسبة لبعض المشاريع كمنظومة النقل الحضري، التي مازالت متعثرة إلى حدود الآن إذ مازالت المدينة تحتضن أردأ وسائل نقل عبر الحافلات ومازالت حفلات بدون ترخيص تجوب أحياءها وشوارعها ، ومازالت خطوط الطراموي لم تكتمل إذ من المفروض أن يتم إنجاز ستة خطوط في حدود سنة 2020 ولم نتمكن ونحن على مشارفها من إنجاز سوى خطين، مع خلق ارتباك في بعض المحطات بسبب تغيير المركبة المفروضة على الركاب منذ انطلاق الخط الثاني وهو ما يعني أن الدراسات القبلية لم تكن جيدة، وما زاد من حدة الشكوك لدى المتتبعين خصوصا هو البطء في إنجاز الأشغال المتعلقة بإصلاح مركب محمد الخامس، الذي أقفل لما يقارب السنتين حيث خصص له اعتماد مالي بقيمة 22 مليار سنتيم في إطار ذات المخطط ومع ذلك لم تتم هذه الإصلاحات إلى حدود الآن، حيث حرم البيضاويون من الفرجة وتكبدت الفرق التي تجري مبارياتها فيه خسائر مادية، بالإضافة تكبدها مشاق البحث عن ملاعب في مدن أخرى قصد إجراء مبارياتها، حيث اعتبر المتتبعون أن مجرد إصلاح وفرت له الدولة مبلغا قد نبني به ملعبا جديدا ومع ذلك ، لم يوفق المدبرون في إتمامها ، ومما زاد الطين بلة هو التضارب في تصريحات المسؤولين حول موعد افتتاحه ناهيك عن تفاصيل أشغاله ، وهنا نستحضر مثالا عن الارتباك الذي تسببت في عملية إصلاح المركب للمسؤولين في المدينة حتى أضحى هذا الارتباك محط سخرية في مواقع التواصل الاجتماعي… عندما فتح المركب لاحتضان المباريات المؤهلة للفريق الوطني لمونديال 2018 ، بعدما كان قد أقفل أبوابه لمدة طويلة بدعوى الإصلاح عندما دخل الجمهور للمركب قصد مؤازرة الفريق سيكتشف بأن الإصلاحات المتحدث عنها ليست في المستوى المطلوب، وظلت الفيديوهات بخوص الثغرات الإصلاح المتحدث عنه تنشر في كل المواقع تصاحبها موجة سخرية ..في هذه الفترة ولأول مرة ومحاولة منها لتهدئة غضب البيضاويين، ستصدر شركة الدارالبيضاء للتهيئة بلاغا تقول فيه بأن الأشغال مازالت لم تنته بالمركب، وبأن ماتم إنفاقه لم يتجاوز 13 مليار سنتيم من أصل 22 مليارا المخصصة لتلك الإصلاحات، بعد هذا البلاغ ستزداد موجة الامتغاض والسخرية والغضب، لتخرج الولاية ببلاغ تقول فيه، بأن الأشغال مازالت لم تتنته وبأن حجم الأموال التي أنفقت لم تتجاوز 10 ملايير سنتيم، هنا وقع مشكل من يصدق المتلقي الشركة أم الولاية؟ ننتظر المؤسسة صاحبة ملكية المركب الرياضي محمد الخامس فقد ترجح كفة هذا عن ذاك، ستتوجه بعض وسائل الإعلام بالسؤال لنائب العمدة المكلف بالقطاع الثقافي والرياضي والاجتماعي، لتأتي الضربة القاضية للمتلقي، فالأخير سيصرح بأن الأشغال المتحدث عنها ليست أصلا في علم المجلس ولا مكتبه المسير بالشكل الرسمي، بل إن الشركة التي تباشر الأشغال، لم تأت حتى إلى المصالح الجماعية للحصول على تراخيص الإصلاح كما تفعل جميع الشركات تطبيقا واحتراما للقانون ونفى علمه أيضا حتى بالرقم المالي الذي أنفق في مرحلة الإصلاح تلك ، جواب نزل كالثلج على جل المتتبعين الذين شعروا أنهم أمام مسؤولين لا ينسقون فيما بينهم وتتضارب تصريحاتهم وأقوالهم بشكل خطير ، علما أن الوالي هو رئيس مجلس تلك الشركة ورئيس مجلس المدينة عضو في ذلك المجلس، اكثر من هذا وذاك فإن مكتب الوالي ومكتب رئيس مجلس المدينة لا يتباعدان إلا بخطوات معدودة؟ هذا الارتباك أعاد إلى سطح الأحداث مشكل الحق في المعلومة وأيضا مشكل التواصل عند المسؤولين، الذين لم يضعوا خطة تواصلية مواكبة للمشاريع التي تدخل ضمن المخطط التنموي للعاصمة الاقتصادية، ما جعل التأويلات تأخذ أبعادا متعددة خاصة أمام هفوات المدبرين المتكررة وحتى الفجة أحيانا، ويكفي أن ندكر منها على سبيل الحصر أن شركة الدارالبيضاء للتهيئة ليست شركة للتنمية المحلية وإنما شركة خاصة، وهو الخبر الصادم الذي أعلنه رئيس مجلس المدينة خلال دورة فبراير من السنة الحالية ، وهنا وجب الوقوف عند أمر خطير وهو أن المدبرين والمسؤولين عن المدينة ظلوا يقدمونها منذ 2008 تاريخ إحداثها على أنها شركة للتنمية المحلية ؟؟ وهو ما يطرح سؤال المصداقية هنا ؟
ضعف التواصل حول مخطط مهم جعل الإشاعة تستأسد على أجواء المدينة ، ولعل الخبر الشائعة المتعلق بالقنطرة المعلقة يبقى وصمة على جبين المسؤولين إذ حتى خرجت الأمور عن السيطرة وأضحى الاعتقاد عند الجميع بأن هذه القنطرة تشوبها عيوب تقنية ، ساعتها تحرك المسؤولون لفتج المرور بهذه القنطرة حتى تتوقف الشائعات، فكم من الشائعات تكفينا ليتم التواصل العملي مع المدبرين؟؟


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 16/05/2019