كابسولات رمضانية

تقزز إشهاري
نشمئز، كما نشعر بالتقزز كمشاهدين، عندما تتكرر أمامنا الوجوه المعلنة في تكرار ممض ومستفز ..
فهل تشعر تلك الوجوه الإشهارية نفسها بالتقزز وهي تشاهد نفسها بملل راقصة ومائلة في إعلانات العقار والاتصال والأسواق وعلى مدى 24/24 من زمن الإرسال على القنوات التلفزية في رمضان ؟ أكاد أشك في ذلك
فما يكاد الإشهار ينتهي، حتى يعود من جديد، وما بين الإشهار والإشهار إشهار. وسواء كانت الوجوه المعلنة من طينة الفنانين المحترفين، أو من فصيلة عاد طاح بها السقف، لا بد أنها ستشعر بالتقزز والاشمئزاز وستشفق على نفسها وعلى مشاهديها، وهي تبرز بين الفينة والأخرى تنط تارة وتقفز تارة أخرى في جميع الوصلات الإشهارية قبل الآذان وبعده وبشكل مكرور ومستفز ؟

نعمة التيليكوماند
لنتفق أولا أن مشاهدة قنوات التلفزيون المغربية أمر إختياري، و غير إجباري، و أن التكنولوجيا منحتنا نعمة لذيذة اسمها التيليكومند، كما أن سماوات الله المفتوحة تنغل بمليون قناة و قناة …
لكن، عندما نسمع عن الأجور المرتفعة التي تدفع من أموال دافعي الضرائب، و نقرأ عن هرطقات و خزعبلات تكلفتها بملايين الدراهم و بالعملة الصعبة من جيوبنا، تدفع في غفلة من هيئات و تنظيمات حماية المال العام لأشباه الفنانين و نظرائهم الموسميين، نظير حركات و رقصات مخدومة و منحولة على المقاس في جميع برامج هذه القنوات التلفزية في رمضان نصعق، و يرتفع منسوب الذل و نصاب بضغط الدم و نكاد نتجلط ؟؟
فالرجل الذي يهرطق طيلة السلسلة، ويردد كالببغاء كلام حلقيات جامع لفنا، يتقاضى ما بين 25 و300 مليون من السنتيمات … والمرأة التي ..على بالكم …. بينما نجد أستاذا أفنى عمره في تدريس الرياضيات و الفيزياء يقزم راتبه مطلع كل شهر، و تتأجل تعويضات ملفه المرضي إلى أجل غير مسمى، أو كاتبا صحفيا يدون كلاما نقيا صافيا و نبيلا لا يتقاضى درهما واحدا مقابل جهده الفكري، بل يظل ينتظر حتى تجود إحدى المؤسسات أو الجمعيات، لتقيم له حفل توقيع إصداره الجديد يمول نصفه من ماله الخاص..
مايبثه التلفزيون الواحد بصيغة الجمع قبل أو أثناء رمضان ياسادة ممول من جيوبنا نحن دافعي الضرائب، وعليه، وجب أن تكون أعماله موجهة وذات هدف نبيل، تؤطرها المتعة وتحف بها الفائدة…
اليوم كما الأمس و غدا، نضع أيدينا على قلوبنا خوفا على مستقبل البلد، لأن المستفيد الأول و الأخير من صفقات برامج و منتوج رمضان هو الثلاثي التقليدي المقاولات الأسرية، و شركات الإشهار الأسرية … و تلفزة تعمم التفاهة الموسمية بصفقات موسومة بالنصب و الالتباس ….

قفص اقتصادي
سؤال يقض مضجعي، و لم أستطع إيجاد جواب يشفي غليلي، واش لي مواطن من الدرجة الثالثة، باغي سكن اقتصادي يستر ولادو في مناطق معروفة، يتوفر على مطبخ مصدي، وزليج مفاكم، و أبواب خشبية مشقوقة من الدرجة العاشرة، وعتبة دار تحتاج إلى صيانة قبل الدخول إليها يحتاج إلى وصلة إشهارية؟ واش كاين شي هبيل أو صكع باغي غي السترة باش ما عطا الله كايبقى يعاين حتى يجي رمضان، و يسمع مغنيي الأعراس و الكازينوهات الإشهار ديال باهرة باهرة قبل الآذان وبعدو عاد يشري قفص اقتصادي ؟؟؟

ألحان زمان
رواد الأغنية المغربية في الزمن الجميل، كانوا يكتبون كلماتهم الصادقة النابعة من القلب، و يلحنوها بحس إبداعي نبيل، ويوجهونها إلى الجمهور العاشق للفن النبيل بالدرجة الأولى في سهرات جماهيرية حاشدة، ثم الإذاعة والتلفزيون بعد ذلك..
أما أغاني شباب اليوم، فيكتبون أغانيهم بالمساحيق و السراويل الممزقة، و داخل العلب الليلية على إيقاع وشركات العقار و حفاظات الرضع.. .. رمضان و جشع الإشهار دجن الأغنية و أصابها في مقتل … و لله في أمره شؤون


الكاتب : إعداد: عزيز باكوش

  

بتاريخ : 16/05/2019