حكاية  أول  أغنية : فنانون  مغاربة يسترجعون  البدايات : فاطمة الزهراء الحلو: «أحلى طريق» صالحة لكل زمان ومكان

للبدايات سحرها  الخاص ،تبقى  دائما عالقة  في الذاكرة والوجدان،  مثل ظلنا  القرين،لصيق بنا في الحل والترحال،  مهما  كانت الإخفاقات أو  النجاحات فلن  يستطيع  الزمن  طيها.
البدايات كانت  دائما  صرخة  اكتشف  معها  المرء  لغز  الحياة،
وككل  بداية  أو أول خطوة تحضر  الدهشة  بكل  ثقلها، نعيش  تفاصيلها  بإحساس  مغاير  تماما  ،وهو  الإحساس الذي  يكتب له الخلود  ،نسترجعه  بكل  تفاصيله  وجزيئاته، كلما ضاقت  بنا  السبل  أو ابتسم لنا الحظ وأهدانا  لحظة فرح  عابرة.
البدايات  في كل شيء،  دائما  هناك  سحر  غامض  يشكل برزخا  بين  الواقع  وماتتمناه  النفس  الأمارة  بالحياة والمستقبل الأفضل.
في هذه  الزاوية  نسترجع  بدايات  فنانين  مغاربة عاشوا  الدهشة في أول عمل  فني  لهم،  واستطاعوا  تخطي  كل  الصعوبات كل  حسب  ظروفه  المحيطة  به، ليبدع لنا  عملا  فنيا  ويهدينا أغنية تشكل  اليوم  له مرجعا  أساسيا في مسيرته  الفنية   ،وتشكل لنا  لحظة  بوح  من خلال  استرجاع  عقارب  الزمن  إلى  نقطة  البدء،  وتسليط  الضوء على ماجرى.

 

دخلت الفنانة فاطمة الزهراء الحلو عالم الفن بشكل احترافي سنة 1985، لكن قبل ذلك، كان الفن والطرب يجريان في دمي منذ الطفولة، تقول فاطمة الزهراء، حيث كانت موهبتي بارزة وتتطلب فقط من يصقلها ويقدمها للجمهور.
وتسترسل قائلة إن «أول أغنية في مشواري الفني كانت مع الأستاذ الملحن عبدالله عصامي والشاعر عمر التلباني من خلال أغنية «أحلى طريق «، أغنية عاطفية مكتوبة بطريقة جميلة وسلسة، تتطرق لموضوع الحب، لكن كلماتها ليست كلمات مباشرة  «.
وتتذكر الفنانة فاطمة الزهراء الحلو أنه لم تكن ثمة من كواليس بمعنى الكلمة صاحبت ولادة هذه الأغنية، لكن قبل ذلك كان الموسيقار الراحل أحمد البيضاوي قد أعجب بصوتها بعد أن طلب أن يختبره بصحبة الفرقة الموسيقية.
وتكشف الفنانة المغربية فاطمة الزهراء الحلو أنها «في البداية كنت سأتعامل مع الأستاذ عبد القادر الراشدي، لكن ولظروف معينة لم يتم ذلك»، وتضيف « وتبقى أغنية «أحلى طريق « من بين أجمل الأغاني التي أديتها، إذ تركت صدى طيبا لدى الجمهور في تلك الفترة، وأجزم أنها مازالت صالحة لكي يسمعها الجمهور اليوم، فهي صالحة لكل زمان ومكان، بحكم  أنها تتضمن كلمات راقية وموضوعا إنسانيا لايموت، بالإضافة إلى اللحن المميز، وقد أذيعت في العديد من الإذاعات العربية بما فيها إذاعة» bbc « وكذلك في أوروبا…».
وكمعظم الفنانين، تقول فاطمة الزهراء الحلو، واجهتني صعوبات في البداية، حيث كان مشكل الإنتاج معضلة حقيقية، خاصة في تلك الفترة من منتصف الثمانينيات، فالتكلفة المادية كانت فعلا باهظة إذا ما أراد الفنان إخراج عمل فني إلى حيز الوجود بمواصفات جيدة وبمستوى عال، خاصة في ظل غياب شركات للإنتاج، وهي المعضلة التي مازالت قائمة لحد الآن في المغرب، فلا يوجد دعم حقيقي للفنان حتى يتمكن من  العطاء تشجيعا للأغنية المغربية، في الوقت الذي تعرف فيه انتشارا وقبولا في العالم العربي.
«أحلى طريق « بمجرد أن تم إطلاقها، لاقت تجاوبا من طرف الجمهور والوسط الفني، رغم أن هذا الوسط  كما يعلم الكثير ممن لهم علاقة به،  ليس دائما مفروشا بالورود، فأصعب وسط هو الوسط الفني، حيث  الدسائس والمؤامرات، وبفضل الله والثقة التي وضعها فيّ الجمهور وأيضا الصدق الذي يطبعني، قاومت كل ذلك، هذا لا يعني أنه لايوجد هناك أناس محترمون في الوسط الفني وقفوا إلى جانبي وساعدوني على الاستمرار في مسيرتي الفنية.
وبخصوص تقبل عائلتها دخولها الميدان الفني تقول فاطمة الزهراء إنها في الوقت الذي لاقت الترحاب من طرف الجمهور، كان هناك رفض تام من طرف العائلة التي لم تتقبل هذا الأمر، واستنكرت ولوج إحدى بنات الحلو الوسط الفني رغم أن والدها رحمه الله لم يكن ضمن فئة المعترضين  .
وتتذكر الفنانة فاطمة الزهراء الحلو أن هذه الأغنية تطلبت منها مبلغا مهما لإنتاجها، لكنه يبقى عملا رائعا، تقول، واعتبره من الأغاني الخالدات، لأنه يتوفر على كل مقومات الطرب، كما كان العزف للجوق الملكي برئاسة المايسترو الراحل عبد السلام خشان، ومازلت إلى يومنا هذا أفتخر بهذه الأغنية، إذ من الصعب أن يتكرر مثل هذا العمل اليوم بمثل ذلك المستوى.
وعما إذا كانت قد تعاملت في ما بعد مع نفس الأسماء التي وقعت معها عملها الفني الأول، تقول فاطمة الزهراء: « لقد استمرت الصداقة بيني وبين كل من تعاملت معهم، فكل واحد له تميزه وبصمته الخاصة، كما حرصت على التجديد والتعامل مع فنانين شباب، سواء على مستوى الكلمات أو اللحن أو التوزيع، وقبل تعاملي مع  الشباب، تعاملت مع الأساتذة عزالدين منتصر، شكيب العاصمي… لكن لابد من مسايرة  العصر، إذ غنيت الأغنية الملتزمة والعاطفية كما تغنيت بالطبيعة، وغنيت عن الطفولة والسلام والأرض العربية، وآخر أغنية كانت لي بعنوان «أنا إنسان» ضد الميز العنصري كيفما كان شكله ولونه وكيفما كان الانتماء العرقي والديني للإنسان، فخورة جدا لأنني تعاملت مع عمالقة الفن مثل الموسيقار أحمد البيضاوي وعبدالله عصامي  ومحمد مازري وغيرهم الذين تعلمت منهم وأضافوا إلى مسيرتي الفنية الشيء الكثير …».


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 16/05/2019

أخبار مرتبطة

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

لا يمكن إلا أن نلحظ نوعا من بين الذات لدى نبوئيي وادي السيلكون. تابع «بتيرتيال» و»ايلون ماسك» دراستهما، معا، بجامعة

      بعد أن كان حكرا على الدول، بات السباق نحو الفضاء، من الآن وصاعدا، واحدا من انشغالات أصحاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *